عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 04-06-2009, 06:58 PM   #4
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

الفصل الرابع


في أحكام الحيض


للحيض أحكام كثيرة تزيد علي العشرين ، نذكر منها ما نراه كثير الحاجة ، فمن ذلك ‏:‏


الأول الصلاة ‏:‏ فيحرم على الحائض الصلاة فرضها ونفلها ولا تصح منها ، وكذلك لا تجب عليها الصلاة إلا أن تدرك من وقتها مقدار ركعة كاملة ، فتجب عليها الصلاة حينئذ ٍ ، سواء أدركت ذلك من أول الوقت أو من آخره ‏.‏

مثال ذلك من أوله ‏:‏ امرأة حاضت بعد غروب الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا طهرت قضاء صلاة المغرب لأنها أدركت من وقتها قدر ركعة قبل أن تحيض ‏.‏


ومثال ذلك من آخره ‏:‏ امرأة طهرت قبل طلوع الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا تطهرت قضاء صلاة الفجر ؛ لأنها أدركت من وقتها جزءاً يتسع لركعة ‏.‏


أما إذا أدركت الحائض من الوقت جزءاً لا يتسع لركعة كاملة ، مثل أن تحيض في المثال الأول بعد الغروب بلحظة أو تطهر في المثال الثاني قبل طلوع الشمس بلحظة ، فإن الصلاة لا تجب عليها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ‏)‏ متفق عليه (15) ‏.‏فإن مفهومه إن من أدرك أقل من ركعة لم يكن مدركاً للصلاة ‏.‏


* وإذا أدركت ركعة من وقت صلاة العصر فهل تجب عليها صلاة الظهر مع العصر ‏؟‏ أو أدركت ركعة من وقت صلاة العشاء الآخرة فهل تجب عليها صلاة المغرب مع العشاء ‏؟‏

في هذا خلاف بين العلماء ، والصواب أنه لا يجب عليها إلا ما أدركت وقته ، وهي صلاة العصر والعشاء والآخرة فقط لقوله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ من أدرك ركعة من العصر من قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ‏)‏ متفق عليه (16) ، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ فقد أدرك الظهر والعصر ، ولم يذكر وجوب الظهر عليه ، والأصل براءة الذمة ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وحكاه عنهما في شرح المهذب (17) ‏.‏


· وأما الذكر والتكبير والتسبيح والتحميد ، والتسمية على الأكل وغيره ، وقراءة الحديث والفقه والدعاء والتأمين عليه استماع القرآن فلا يحرم عليها شيء من ذلك ، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكئ في حجر عائشة ‏(‏ رضي الله عنها ‏)‏ وهي حائض فيقرا القرآن (18) ‏.‏


وفي الصحيحين أيضاً عن أم عطية ‏(‏ رضي الله عنها ‏)‏ أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏ ‏(‏ يخرج العواتق وذوات الخدور والحُيض يعني إلى صلاة العيدين ـ وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحُيض المصلي ‏)‏ (19)‏.‏


*فأما قراءة الحائض القرآن الكريم بنفسها ، فإن كان نظراً بالعين أو تأملاً بالقلب بدون نطق باللسان فلا بأس بذلك ، مثل أن يوضع المصحف أو اللوح فتنظر إلى الآيات وتقرأها بقلبها ، قال النووي في شرح المهذب (20) ‏:‏ جائز بلا خلاف ‏.‏ وأما إن كانت قراءتها نطقاً باللسان فجمهور العلماء على أنه ممنوع وغير جائز ‏.‏


وقال البخاري وابن جرير والطبري ، وابن المنذر ‏:‏ هو جائز ، وحكي عن مالك وعن الشافعي في القول القديم حكاه عنهما في فتح الباري (21)‏.‏ وذكر البخاري تعليقاً عن إبراهيم النخعي لا بأس أن تقرأ الآية ‏.‏

وقال شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتاوى مجموعة ابن قاسم (22) ‏:‏ ‏(‏ ليس في منعها من القرآن سنة أصلاً فإن قوله لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن ‏)‏ حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث(23)‏.‏

وقد كان النساء يحضن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو كانت القراءة محرمة عليهن كالصلاة ، لكان هذا مما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وتعلمه أمهات المؤمنين وكان ذلك مما ينقلونه في الناس ، فلما لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نهياً لم يجز أن تجعل حراماً ، مع العلم بأنه لم ينه عن ذلك ، وإذا لم ينه عنه مع كثرة الحيض في زمنه علم انه ليس بمحرم ‏)‏ ا هـ ‏.‏

· والذي ينبغي بعد أن عرفنا نزاع أهل العلم هل يقال ‏:‏ الأولي للحائض ألا تقرأ القرآن الكريم نطقاً باللسان إلا عند الحاجة لذلك ، مثل أن تكون معلمة تحتاج إلى تلقين المتعلمات ، أو في حال الاختبار فتحتاج المتعلمة إلى قراءة القرآن لاختبارها أو نحو ذلك ‏.‏

الحكم الثاني ‏:‏ الصيام ‏:‏

فيحرم على الحائض الصيام فرضه ونفله ، ولا يصح منها لكن يجب عليها قضاء الفرض منه لحديث عائشة رضي الله عنها ‏(‏ كان يصيبنا ذلك ـ تعني الحيض ـ فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ‏)‏ متفق عليه (24) ، وإذا حاضت وهي صائمة بطل صيامها ولو كان ذلك قبل الغروب بلحظة ، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم إن كان فرضاً ‏.‏


أما إذا أحست بانتقال الحيض قبل الغروب لكن لم يخرج إلا بعد الغروب كان صومها تام ولا يبطل على القول الصحيح ، لأن الدم في باطن الجوف لا حكم له ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن المرأة تري في منامها ما يري الرجل هل عليها غسل‏؟‏ قال‏:‏‏(‏نعم إذا هي رأت الماء ‏)‏ (25)‏.‏ فعلق الحكم برؤية المني لا بانتقاله ، فكذلك الحيض لا تثبت أحكامه إلا برؤيته خارجاً لا بانتقاله ‏.‏وإذا طلع الفجر وهي حائض لا يصح منها صيام ذلك اليوم ولو طهرت بعد الفجر بلحظة ‏.‏


وإذا طهرت قبيل الفجر فصامت صح صومها ، وإن لم تغتسل إلا بعد الفجر‏.‏ كالجنب إذا نوي الصيام وهو جنب ولم يغتسل إلا بعد الفجر فإن صومه صحيح ، لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت ‏:‏ ‏(‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصوم في رمضان ‏)‏ متفق عليه (26) ‏.‏


الحكم الثالث ‏:‏ الطواف بالبيت‏:‏

فيحرم عليها الطواف بالبيت ، فرضه ونفله ، ولا يصح منها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت‏:‏‏(‏افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري‏)‏ (27)


واما بقية الأفعال كالسعي بين الصفا والمروه ، والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومني ، ورمي الجمار وغيرها من المناسك الحج والعمرة فليست حراما ً عليها، وعلى هذا النحو فلو طافت الأنثى وهي طاهر ثم خرج الحيض بعد الطواف مباشرةً ، أو في أثناء السعي فلا حرج في ذلك ‏.‏


الحكم الرابع ‏:‏ سقوط طواف الوداع عنها ‏:‏


فإذا أكملت الأنثى مناسك الحج والعمرة ، ثم حاضت قبل الخروج إلى بلدها واستمر بها الحيض إلى خروجها ، فإنها تخرج بلا وداع لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال ‏:‏ ‏(‏أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ‏)‏ متفق عليه(28)‏.‏


*ولا يستحب للحائض عند الوداع أن تأتي إلى باب المسجد الحرام وتدعو ، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم والعبادات مبنية على الوارد بل الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي خلاف ذلك ، ففي قصة صفية ـ رضي الله عنها ـ حين حاضت بعد طواف الإفاضة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها‏:‏ ‏(‏ فلتنفر إذاً‏)‏ متفق عليه (29) ‏.‏ ولم يأمر بالحضور إلى باب المسجد ولو كان ذلك مشروعاً لبينه ‏.‏


وأما طواف الحج والعمرة فلا يسقط عنها بل تطوف إذا طهرت‏.‏


الحكم الخامس ‏:‏ المكث في المسجد ‏:‏


فيحرم على الحائض أن تمكث في المسجد حتى مصلى العيد يحرم عليها أن تمكث فيه ، لحديث أم عطية ـ رضي الله عنها ـ أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏ ‏(‏ يخرج العَوَاتِقُ وذوات الخدور والحُيض‏)‏ ‏.‏ وفيه ‏:‏ ‏(‏ يعتزل الحُيض المُصلي‏)‏ متفق عليه (30) ‏.‏


الحكم السادس‏:‏ الجماع ‏:‏


فيحرم على زوجها أن يجامعها ويحرم عليها تمكينه من ذلك ‏.‏لقوله تعالى ‏:‏ ‏(‏وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ‏)‏ ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية222‏.‏‏]‏ ‏.‏ والمراد بالمحيض زمان الحيض ومكانه وهو الفرج ‏.‏ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ اصنعوا كل شيء إلا النكاح ‏)‏ ، يعني الجماع ‏.‏ رواه مسلم (31) ‏.‏


ولأن المسلمين أجمعوا على تحريم وطء الحائض في فرجها ‏.‏ فلا يحل لا مرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يُقدم على هذا الأمر المُنكر الذي دل على المنع منه كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين ‏.‏ فيكون ممن شاق الله ورسوله واتبع غير سبيل المسلمين ، قال في المجموع شرح المهذب ص 374 ج 2 ‏:‏ قال الشافعي ‏:‏ ‏(‏ من فعل ذلك فقد أتي كبيرة ‏)‏‏.‏ قال أصحابنا وغيرهم ‏:‏ ‏(‏ من استحل وطء الحائض حُكم بكفره ‏)‏ ا هـ ‏.‏ كلام النووي ‏.‏


وقد أبيح له ولله الحمد ما يكسر شهوته دون الجماع ، كالتقبيل والضم والمباشرة فيما دون الفرج ، لكن الأولى ألا يباشر فيما بين السرة والركبة إلا من وراء حائل ، لقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ ‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض ‏.‏ متفق عليه (32) ‏.‏


الحكم السابع ‏:‏ الطلاق‏:‏


فيحرم على الزوج طلاق الحائض حال حيضها ، لقوله تعالى ‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ‏**‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ من الآية1‏.‏‏]‏‏.‏ أي في حال يستقبلن به عدة معلومة حين الطلاق ، ولا يكون ذلك إلا إذا طلقها حاملا ً أو طاهراً من غير جماع ، لأنها إذا طلقت حال الحيض لم تستقبل العدة حيث أن الحيضة التي طلقت فيها لا تحتسب من العدة ، وإذا طُلقت طاهراً بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة حيث أنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع ، فتعتد بالحمل ، أو لم تحمل فتعتد بالحيض ، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة حرُم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر ‏.‏


فطلاق الحائض حال حيضها حرام ٌ للآية السابقة ، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فأخبر عمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ فيه رسوا الله صلى الله عليه وسلم وقال ‏:‏ ‏(‏ مُره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد ، وإن شاء طلق قبل أن يمس ، فتلك العدة التى أمر الله أن تُطلق لها النساء ‏)‏ (33)‏.‏


فلو طلق الرجل امرأته وهي حائض فهو آثم ، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى ، وأن يرد المرأة إلى عصمته ليطلقها طلاقاً شرعياً موافقاً لأمر الله ورسوله ، فيتركها بعد ردها حتى تطهر من الحيضة التى طلقها فيها ، ثم تحيض مرةً أخري ثم إذا طهرت إن شاء أبقاها وإن شاء طلقها قبل أن يجامعها ‏.‏


ويستثني من تحريم الطلاق في الحيض ثلاث مسائل ‏:‏


الأولى ‏:‏ إذا طلق قبل أن يخلو بها ، أو يمسها فلا بأس أن يطلقها وهي حائض ‏.‏ لأنه لا عدة عليها حينئذ ، فلا يكون طلاقها مخالفاً لقوله تعالى ‏:‏ ‏{‏فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ‏**‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ من الآية، 1‏.‏‏]‏‏.‏

الثانية ‏:‏ إذا كان الحيض في حال الحمل ، ويبق بيان سبب ذلك ‏.‏

الثالثة ‏:‏ إذا كان الطلاق على عوض ، فإنه لا بأس أن يطلقها وهي حائض ‏.‏


مثل أن يكون بين الزوجين نزاع وسوء عشرة فيأخذ الزوج عوضاً ليطلقها ، فيجوز ولو كانت حائضاً ‏.‏ لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن إمراة ثابت ابن قيس بن شماس جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ‏:‏ ‏(‏ يا رسول الله ، إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكن أكره الكفر في الإسلام ‏)‏ ‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ أتردين عليه حديقته‏؟‏ ‏)‏ قالت‏:‏نعم‏.‏فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم‏:‏‏(‏أقبل الحديقة وطلقها تطليقه ‏)‏‏.‏ رواه البخاري (34) ‏.‏ ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل كانت حائضاً أو طاهراً،ولأن هذا الطلاق افتداء من المرأة عن نفسها فجاز عند الحاجة إليه على أي حال كان‏.‏


قال في المغني معللاً جواز الخلع حال الحيض ص 52 ج 7ط م ‏:‏ ‏(‏ لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة ، والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وتبغضه ، وذلك أعظم من ضرر طول العدة ، فجاز دفع أعلاهما بأدناهما،ولذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة عن حالها‏)‏‏.‏ا‏.‏هـ‏.‏ كلامه ‏.‏


وأما عقد النكاح على المرأة وهي حائض فلا بأس به ؛ لأن الأصل الحل ، ولا دليل على المنع منه ، لكن إدخال الزوج عليها وهي حائض ينظر فيه ، فإن كان يؤَمن من أن يطأها فلا بأس ، وإلا فلا يدخل عليها حتى تطهر خوفاً من الوقوع في الممنوع ‏.‏


الحكم الثامن ‏:‏ اعتبار عدة الطلاق به ـ أي الحيض ـ ‏:‏

فإذا طلق الرجل زوجته بعد أن مسها أو خلا بها وجب عليها أن تعتد بثلاث حيض كاملة ، إن كانت من ذوات الحيض ، ولم تكن حاملاً لقوله تعالى ‏:‏ ‏ {‏وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ‏** ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية ،228 ‏.‏‏]‏‏.‏أي ثلاث حيض ‏

.‏ فإن كانت حاملاً فعدتها إلى وضع الحمل كله ‏.‏ سواءٌ طالت المدة أو قصرت ، لقوله تعالى ‏:‏‏**‏وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ‏**الطلاق‏:‏ من الآية،4‏.‏‏]‏‏.‏

وإن كانت من غير ذوات الحيض كالصغيرة التى لم يبدأ بها الحيض والآيسة من الحيض لكبر أو عملية استأصلت رحمها أو غير ذلك مما لا ترجو معه رجوع الحيض ، فعدتها ثلاثة اشهر لقول الله تعالى ‏:‏ {‏وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ‏** ‏‏[‏الطلاق‏:‏ من الآية ،4‏.‏‏]‏‏.‏

وإن كانت من ذوات الحيض لكن أرتفع حيضها لسبب معلوم كالمرض والرضاع ؛ فإنها تبقي في العدة وإن طالت المدة حتى يعود الحيض فتعتد به، فإن زال السبب ولم يعد الحيض بأن برئت من المرض أو انتهت من الرضاع وبقي الحيض مرتفعاً ؛ فإنها تعتد بسنةٍ كاملة من زوال السبب ، هذا هو القول الصحيح ، الذي ينطبق على القواعد الشرعية ، فإنه إذا زال السبب ولم يعد الحيض صارت كمن ارتفع حيضها لغير سبب معلوم ، وإذا ارتفع حيضها لغير سبب معلوم ، فإنها تعتد لسنةٍ كاملة ٍ تسعة اشهر للحمل احتياطاً لأنها غالب الحمل ، وثلاثة أشهر للعدة ‏.‏

* أما إذا كان الطلاق بعد العقد وقبل المسيس والخلوة فليس فيه عدة إطلاقاً ، لا بحيض ولا غيره لقوله تعالى ‏:‏‏ {‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ‏**‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ من الآية،49‏.‏‏]‏ ‏.‏


الحكم التاسع ‏:‏ الحكم ببراءة الرحم ‏:‏


أي بخلوه من الحمل،وهذا يحتاج إليه كلما أحتيج إلى الحكم ببراءة الرحم وله مسائل ‏:‏

منها ‏:‏ إذا مات شخص عن امرأة يرثه حملها ، وهي ذات زوج ، فإن زوجها لا يطأها حتى تحيض، أو يتبين حملها ، فإن تبين حملها ، حكمنا بإرثه ، لحكمنا بوجوده حين موت موروثه، وإن حاضت حكمنا بعدم إرثه لحكمنا ببراءة الرحم بالحيض ‏.‏


الحكم العاشر‏:‏ وجوب الغسل ‏:‏


فيجب على الحائض إذا طهرت أن تغتسل بتطهر جميع البدن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش ‏:‏ ‏(‏ فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة ، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي ‏)‏ رواه البخاري (35)‏.‏


*وأقل واجب في الغسل أن تعم به جميع بدنها حتى ما تحت الشعر، والأفضل أن يكون على صفة ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث سألته أسماء بنت شكل عن غسل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور ، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شئون رأسها ، ثم تصب عليها الماء ثم تأخذ فرصة ممسكةً ـ أي قطعة قماش فيها مسك فتطهر بها ـ فقالت أسماء ‏:‏ كيف تطهر بها ‏؟‏ فقال ‏:‏ سبحان الله فقالت عائشة لها ‏:‏ تتبعين أثر الدم ‏)‏ ‏.‏رواه مسلم (36)‏.‏


*ولا يجب نقض شعر الرأس ، إلا أن يكون مشدوداً بقوة بحيث يخشي ألا يصل الماء إلى أصوله ، لما في صحيح مسلم (37) ‏.‏ من حديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ‏:‏ ‏(‏ إني امرأة أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة ‏؟‏وفي رواية للحيضة والجنابة ‏؟‏ فقال ‏:‏ لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين ‏)‏‏.‏ وإذا طهرت الحائض في أثناء وقت الصلاة وجب عليها أن تبادر بالاغتسال لتدرك أداء الصلاة في وقتها ، فإن كانت في سفر وليس عنها ماء أو كان عندها ماء ولكن تخاف الضرر باستعماله ، أو كانت مريضة يضرها الماء فإنها تتيمم بدلاً عن الاغتسال حتى يزول المانع ثم تغتسل ‏.‏


وإن بعض النساء تطهر في أثناء وقت الصلاة ، وتؤخر الاغتسال إلى وقت آخر تقول‏:‏ أنه لا يمكنها كمال التطهر في هذا الوقت ، ولكن هذا ليس بحجة ولا عذر لأنها يمكنها أن تقتصر على أقل الواجب في الغسل ، وتؤدي الصلاة في وقتها ، ثم إذا حصل لها وقت سعة تطهرت التطهر الكامل ‏.‏
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة