الأخت الفاضلة " أم محمد أمين " حفظك الله ..
أرجوا أن تتقبلي مداخلتي هذه ردّا على هذا الرأي ، والذي أعتبره غريباً حقيقة ، من حيث الاقتصار على مواضع الحجامة التي وردت في الأحاديث فقط ، والرد عليه في غاية الأهمية ، قبل أن يأتي شخص آخر فيقول : من السنّة أن تكون الحجامة بقرن كما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وسياق كل أحاديث الحجامة لا يدل على تحديدها عن الزيادة إطلاقا ، ومن قال ذلك فقد حجّر واسعا ، وإنما تُرك الأمر ليجتهد فيه المجتهدون على حسب حالة المريض ، وهذا ما أردت بيانه .
ولا نشك بأن مواضع الحجامة التي ذُكرت في السنة الصحيحة بأنها لا تحتاج إلى بحث ليتم إثبات فوائدها ، لأنه كلام من لا ينطق عن الهوى ، ولكن يُبحث فيها من حيث مدى فوائدها ، وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أساسيات الحجامة من حيث أوقاتها ومواضعها .
أما عن الأوقات فلا داعي لشرحها لاتفاقنا عليها ، وأما عن المواضع فإنها تنقسم إلى قسمين :
- مواضع خاصة بأمراض معينة .
- مواضع خاصة بالوقاية العامة .
أما المواضع الخاصة بأمراض معينة :
هذه بعض الأحاديث التي تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم لأسباب معينة أصابته ، وكل سبب له مواضع خاصة به .
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم في رأسه من داءٍ كان به " صحيح أبو داود .
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وجع كان به " صحيح أبو داود .
" أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم على وركه من وثءٍ كان به " صحيح أبو داود .
فلا نحتاج إلى وضوح أكثر من هذا ، وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن الحجامة على حسب المرض ، ولا داعي لأن يصاب بأوجاع في كل جسده حتى يبين لنا أين يحتجم " صلى الله عليه وسلم ".
وأما المواضع الخاصة بالوقاية العامة :
وهذه بعض الأحاديث التي تدل على أنه صلى الله عليه وسلم احتجم من غير بأس .
" كان يحتجم على هامته وبين كتفيه ويقول من أهراق من هذه الدماء فلا يضره أن لا يتداوى بشيءٍ لشيء " صحيح الجامع الصغير .
" كان يحتجم على الأخدعين والكاهل ...." الصحيحة .
قوله " كان يحتجم " يدل على مداومته صلى الله عليه وسلم على هذه المواضع ، ولم يُذكر أي سبب لحجامته في الحديث ، مما يدل على أن هذه المواضع للوقاية وفيها فوائد عظيمة .
فالحجامة الرطبة هي السنّة ، بغض النظر عن تطورها وتعدد مواضعها ، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تحُثّنا على تطوّر هذا العلم وغيره من العلوم الأخرى ، مادام أنه بعيد عن المخالفات الشرعية ، مع العلم بأن الطب النبوي ليس من العبادات التوقيفيّة ، مثل الصلاة والزكاة وغيرها .
ولا يخفى على أحد بأننا نعاصر أمراضا لم تكن في أسلافنا ، ولم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا بد من اجتهاد لهذه الأمراض بمواضع تصلح لها وبدون تغيير أساسياتها التي علمنا إياها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .
كتبـه / أبو سعــــــــود ..
علي بن حسن الحمادي