عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 13-03-2005, 09:57 AM   #1
معلومات العضو
د.عبدالله
اشراقة ادارة متجددة

Thumbs up المعالجة النفسية عبر التاريخ ( 3 ) !!!

المعالجة النفسية عبر التاريخ ( 3 )
التداوي بالسحر عند الإغريق :
النصوص التاريخية التي بين أيدينا تؤكد بما لا يقبل الشك أن الإغريق أخذوا السحر عن المصرين القدماء وعن البابليين ، فاستخدموه في الطب والمعالجة النفسية ، فانتشر التطبيب بواسطة السحر والعزائم بين عامة الشعب الإغريقي .
وكان الطبيب الساحر في ذلك الوقت ينهج نهجا محددا خاصا في سلوكه الحياتي ، حيث يؤدي أعمال معينة قبل ممارسة السحر وأثناء ممارسته ، كان على الطبيب الساحر أن يغتسل في أوقات محددة ، ويدهن جسده بالزيت ، ويبتعد عن تناول بعض الأطعمة وخاصة السمك ، ويصوم في بعض المناسبات ، ويرتدي من الثياب الفضفاض الخشن الخالي من الأزرار والعقد والعراوي ، وأن يكون الساحر الطبيب مؤمنا ثابت الإيمان ، يؤدي واجبه بأمانة وإخلاص ، ويختار الوقت المناسب للقيام بمهمته .
ويذهب بعض مؤرخي الإغريق إلى القول بأن الأطباء السحرة كانوا يفضلون القيام بواجباتهم الطبية أثناء الليل ، وعند غروب الشمس ، وقبيل شروقها ، وحينما يكون القمر هلالا أو بدرا .
وكان الحكيم الساحر يحمل بعض أشياء تجعل لشخصيته شأنا ، وتسهل عليه الوصول لأهدافه ‘ كأن يمسك بيده العصا السحرية ، ويعلق على ملابسه مفاتيح وخيوطا مختلفة الألوان ، ويضرب أثناء المعالجة بالطاسات ليؤثر برنينها الموسيقي اعدادا ******ا في وسط ****** قبل أن يشرعوا في معالجتهم ، وكان هذا الإعداد يتبع عادة في معابد (( أسكبليوس )) وبخاصة في معبده في مدينة (( أبيدوروس )) التي كان المرضى يأوون إليها قادمين من كافة أنحاء البلاد الإغريقية أفرادا وجماعات .
وكانوا عندما يصلون إلى المعبد يقدمون القرابين الثمينة والهدايا القيمة ويضعونها عند مدخل المعبد ، ثم يغتسلون بماء نافورة المعبد . وعندما ينتهون من هذه التقاليد يسمح لهم بدخول رواق المعبد ليناموا فيه يوما أو عدة أيام ، ويستمعوا إلى ما يلقى عليهم من مواعظ وحكم وإرشادات تكون في أغلب الأحيان دينية وصحية واجتماعية . وبعد هذا الإعداد الهام كان يسمح لهم بدخول المعبد نفسه ، وهناك يشاهدون تمثال الإله (( إسكبليوس )) مصنوعا من الذهب والعاج ، فيؤدون الصلوات ، ويتوسلون إليه أن يشفيهم من أمراضهم وهناك أيضا يشتركون في أداء صلوات وأدعية عامة .
وبعد أن يؤدوا الصلاة بتأثر وخشوع يعودون إلى الرواق ليناموا على جلود الحيوانات التي قدموها ضحية للمعبد ، أو على جلود أخرى تعد لهذا الغرض . ويرى كل مريض في نومه أن ( أبولو ) يعالج مرضه الخاص ، فأما أن يبرئه من مرضه ، وأما أن يطالبه بتقديم ضحايا أخرى .
وكان لإسكبليوس معابد كثيرة في عهد الإسكندر الأكبر ، وأخذ أهل رومية يعبدونه منذ سنة 293 ق . م . وأقيم له معبد على شاطئ نهر التبر ، كما أقيمت له معابد في أما كن كثيرة في بلاد اليونان تشبه معبده في مدينة أبيدوروس ، منها معبد أثينا ومعبد كوس .
وفي معبد كوس هذا نشأت في سنة 600 ق . م . مدرسة طبية هي التي سميت فيما بعد مدرسة أبقراط ( 470 ـ 370 ق . م . ) ، وهي التي أصبح الطب بفضل جهود رجالها علما من العلوم الطبيعية . ويذهب مؤرخي الإغريق إلى أن هذه المدرسة كانت أول مدرسة علمية أصدرت رسائل طبية كاملة ، أشهرها رسائل عن المرض الرباني أي الصرع ، الذي كان يعتقد القدماء أنه من الله .
وقد حمل كاتب الرسالة على هذه العقيدة وقرر أن هذا المرض لا يمتاز عن غيره بشيء ، فله سبب طبيعي كغيره من الأمراض ، وإنما يعتقد الناس أنه (( رباني )) لأنهم لا يفهمونه ، ولو كانوا يصفون كل ما لا يفهمون بأنه (( رباني )) ما كانت هناك نهاية للأشياء الربانية . وبهذا الأسلوب حاول الكاتب القضاء على الخرافات التي كانت عالقة بأذهان الناس وإبعادها عن عالم الطب، ومن ذلك الحين دخل الطب في عداد العلوم التجريبية.
وعندما ظهر أفلاطون في سنة 380 ق . م تحدث في كتابه الجمهورية عن تفسير الأحلام، ونصح بأن يعزل مرضى العقول، وأن يعالجوا علاجا خاصا.
ويؤخذ من كلامه أنه أدرك تأثير الحالات النفسانية والإنفعالات في صحة الجسم في . قال على لسان طبيب يحدث سقراط : (( لا ينبغي أن تحاول علاج الجسم بدون معالجة النفس ، وإذا أردت أن تحتفظ بسلامة رأسك وصحة جسمك ، فعليك أن تبدأ بعلاج عقلك فهذا أول شيء )) .
وكذلك نلاحظ إن أفلاطون يعمد إلى توضيح العلاقة بين شفاء الجسم وعلاج النفس فيقول : (( إني أفهم أن أطباء الإغريق إذا استطاعوا علاج الجسم فإنما يفعلون ذلك بوساطة العقل ، وان مهنة الطب تشمل تطهير الجسم والعقل معا ، فإذا أهمل أحدهما فقد عرض الآخر للخطر ، فليس هناك ما يقوي العقل غير الجسم السليم ، ولكن النفس المنظمة تنظيما تاما هي التي تجعل الجسم في صحة كاملة بما لها عليه من سلطان نافذ )) .
وانطلاقا من هذه الأفكار الطبية التي شاعت في العالم القديم، ظهرت بعض التطورات العلاجية، ولكن هذه التطورات لم تمد المجتمعات الإنسانية بالكثير من المعلومات والآراء الطبية المفيدة الناجعة. وللحديث بقية ........

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة