قال صاحب غذاء الألباب شرح منظومة الآداب :
مَطْلَبٌ : الْخَيْرُ وَالشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ . وَقَدْ رَوَى الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ** إنْ يَكُنْ الْخَيْرُ فِي شَيْءٍ فَفِي ثَلَاثَةٍ : الْمَرْأَةُ وَالدَّارُ وَالْفَرَسُ ** . وَفِي رِوَايَةٍ " الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ : الْمَرْأَةُ وَالدَّارُ وَالْفَرَسُ " . وَفِي رِوَايَةٍ الشُّؤْمُ فِي أَرْبَعٍ فَزَادَ الْخَادِمَ . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، فَقِيلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُون مُسْتَثْنًى مِنْ حَدِيثِ لَا طِيَرَةَ . وَقِيلَ إنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ** قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ يَقُولُونَ الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ ، الْمَرْأَةُ وَالدَّارُ وَالْفَرَسُ ** فَسَمِعَ الرَّاوِي آخِرَ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَسْمَعْ أَوَّلَهُ ، وَهَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعَنْ أَبِيهَا . وَقِيلَ شُؤْمُ الدَّارِ ضِيقُهَا وَشُؤْمُ جِيرَانِهَا وَأَذَاهُمْ ، وَشُؤْمُ الْخَادِمِ سُوءُ خُلُقِهِ وَعَدَمُ تَعَهُّدِهِ لِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ . وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالشُّؤْمِ هُنَا عَدَمُ الْمُوَافَقَةِ . وَشُؤْمُ الْمَرْأَةِ عَدَمُ وِلَادَتِهَا وَسَلَاطَةُ لِسَانِهَا وَتَعَرُّضِهَا لِلرَّيْبِ . وَشُؤْمُ الْفَرَسِ أَنْ لَا يُغْزَى عَلَيْهَا . وَقِيلَ حِرَانُهَا وَغَلَاءُ ثَمَنِهَا . وَقَالَ الْحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ : وَمِنْ أَغْرَبِ مَا وَقَعَ لِي فِي تَأْوِيلِهِ مَا رَوَيْنَاهُ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى الْقَطَّانِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ** الْبَرَكَةُ فِي ثَلَاثٍ : فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ ** فَقَالَ يُوسُفُ سَأَلْت ابْنَ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ سُفْيَانُ : سَأَلْت عَنْهُ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ : سَأَلْت عَنْهُ سَالِمًا فَقَالَ سَالِمٌ : سَأَلْت عَنْهُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ : سَأَلْت عَنْهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ** إذَا كَانَ الْفَرَسُ ضَرُوبًا فَهُوَ مَشْئُومٌ ، وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَرَفَتْ زَوْجًا غَيْرَ زَوْجِهَا فَحَنَّتْ إلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَهِيَ مَشْئُومَةٌ ، وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَعِيدَةً عَنْ الْمَسْجِدِ لَا يُسْمَعُ فِيهَا الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ فَهِيَ مَشْئُومَةٌ ، وَإِذَا كُنَّ بِغَيْرِ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَإِنَّهُنَّ مُبَارَكَاتٌ ** . قُلْت : وَتَقَدَّمَ بُعْدُ الدَّارِ عَنْ الْمَسْجِدِ وَمَدْحُهُ فَلَعَلَّ مَا هُنَا إنْ صَحَّ لِعَدَمِ سَمَاعِ الْأَذَانِ دُونَ نَفْسِ الْبُعْدِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ . وَفِي الطَّبَرَانِيِّ وَمُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ** أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ امْرَأَةً صَالِحَةً فَقَدْ أَعَانَهُ عَلَى شَطْرِ دِينِهِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي الشَّطْرِ الْبَاقِي ** وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظٍ ** إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ نِصْفَ الدِّينِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي ** .