عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 04-09-2004, 03:32 PM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الأخ الحبيب ( سعيد بن سعيد ) حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

لا يستبعد مطلقاً حصول مثل تلك الأفعال من قبل الجن والشياطين ، مع الحرص الكامل على التثبت والتأكد من كافة الأمنور المتعلقة بالحالة للحكم عليها بالحكم الصحيح دون التخبط والضياع 0

وقد ورد لي سؤال حول هذا الموضوع دونته في كتابي ( هداية الأنام إلى فتاوى الرقى للأئمة الأعلام ) الجزء الثاني ( تحت الطبع ) على المحو التالي :

يقول السائل : بدأت أشعر بفقدان أشياء في المنزل منذ فترة ليست بالقصيرة ، علما أنه لا يوجد أحد غريب في البيت ، ولا يوجد خادمة كذلك ، وأعيش أنا وزوجتي وطفلين صغيرين ، فما تفسير ذلك ؟

الجواب : إن المسلك المنطقي يحتم علينا قبل كل شيء التأكد من عدم وجود أيد خفية تعبث وتسرق من المنزل ، وإن ثبت غير ذلك فهذا يعني أن بعض الجن والشياطين يعبثون ويسرقون من هذا البيت ، وقد يحصل مثل هذا الأمر ، ودليل ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عندما جاء شيطان يسرق من أموال زكاة الفطر ، وكما ثبت أيضا من حديث جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم ، فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم ، وأغلقوا الأبواب ، واذكروا اسم الله ، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا ، وأوكئوا قربكم ، واذكروا اسم الله ، وخمروا آنيتكم ، واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليه شيئا ، وأطفئوا مصابيحكم ) ( متفق عليه ) 0

قال النووي : ( هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير والأدب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا ، فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان ، وجعل الله عز وجل هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه ، فلا يقدر على كشف إناء ، ولا حل سقاء ، ولا فتح باب ، ولا إيذاء صبي وغيره إذا وجدت هذه الأسباب 0 وهذا كما جاء في الحديث الصحيح أن العبد إذا سمى عند دخول بيته قال الشيطان : لا مبيت أي لا سلطان لنا على المبيت عند هؤلاء ، وكذلك إذا قال الرجل عند جماع
أهله : اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا كان سبب سلامة المولود من ضرر الشيطان ، وكذلك شبه هذا مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة ، وفي هذا الحديث الحث على ذكر الله تعالى في هذه المواضع ، ويلحق بها ما في معناها 0 قال أصحابنا : يستحب أن يذكر اسم الله تعالى على كل أمر ذي بال ، وكذلك يحمد الله تعالى في أول كل أمر ذي
بال ، للحديث الحسن المشهور فيه 0
وقوله : " جنح الليل " هو بضم الجيم وكسرها ، لغتان مشهورتان ، وهو ظلامه ، ويقال : أجنح الليل أي أقبل ظلامه ، وأصل الجنوح الميل 0 وقوله : " فكفوا صبيانكم " أي امنعوهم من الخروج ذلك الوقت 0 وقوله : " فإن الشيطان ينتشر " أي جنس الشيطان ، ومعناه أنه يخاف على الصبيان ذلك الوقت من إيذاء الشياطين لكثرتهم حينئذ 0 والله أعلم ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 160 ، 161 ) 0

قال ابن حجر في الفتح : ( قال ابن الجوزي : والحكمة في انتشارهم : أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار ؛ لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره ، وكذلك كل سواد ) ( فتح الباري – 13 / 69 ) 0

ولتلك الأرواح خاصية التمثل والتشكل والسرقة ونحوه ، وهذا يؤكد الاهتمام والمحافظة على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لتفويت الفرصة عليهم للعبث والسرقة ونحوه ، وذلك بتغطية الآنية والتسمية عليها وفعل ذلك في كل الأحوال والظروف ، والاستعانة بالله وتحصين البيوت بتلاوة القرآن والذكر والدعاء والبعد عن المعاصي والإقبال على الطاعات 0

قصة واقعية :

وأذكر قصة واقعية عايشت أحداثها بنفسي تؤكد قدرة الجن والشياطين على السرقة وفتح الأبواب ونحوه ، وهي قصة خادمة مسكينة كانت تعيش قريرة العين مطمئنة الفؤاد محبوبة من أهل المنزل وذويه ، وكانت مخلصة ومتفانية في عملها ، إلى أن جاء اليوم الذي أصبح أهل البيت يفتقدون فيه بعض الأموال وبعض الأمور العينية ، وبدأ الشك يحوم حول تلك الخادمة المسكينة ، ومع عدم وجود دليل واحد يدينها بتلك الأعمال ، إلا أنها كانت الغريبة الوحيدة في ذلك المنزل ، ومع ذلك فبعض أهل البيت لم يفكروا ولو للحظة واحدة بأنها السبب في حصول تلك الأمور ، لسمعتها الطيبة وسيرتها النظيفة ، وبدأت المشاكل تنصب عليها من كل حدب وصوب ، وأصبحت تعاني من الأمراض وعدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه البيت وأهله ، إلى أن قرروا تسفيرها ، وقبل ذلك ووفاء للسنين الطويلة التي أمضتها في هذا المنزل قرروا علاجها ، ولم يقف الطب العضوي على الأسباب الحقيقية وراء تلك الآلام ، وبعد ذلك توجهوا للرقية الشرعية ، وبعد رقية تلك الخادمة المسكينة نطق على لسانها شيطان خبيث واعترف بأنه السبب في كل ما حصل لها ، وأنه من كان يسرق من المنزل كي تتهم تلك المسكينة وتسفر إلى أهلها ، وكذلك كان سببا رئيسيا للأوجاع والآلام التي شعرت بها كي تطلب السفر والعودة إلى بلدها ، وعند سؤاله عن سبب ذلك أخبر بأن بعض أقاربها أرادوا عودتها للزواج فقاموا بسحرها عن طريق ساحر خبيث ، وبعد فترة من العلاج من الله سبحانه وتعالى عليها بالشفاء 0

وتلك قصة ترويها لنا دار اليوم للصحافة والطباعة والنشر عبر ملحقها الأسبوعي ( شواطئ وأقمار ) يوم الجمعة 27 اكتوبر سنة 2000 م الموافق 30 رجب 1421 هـ ، حيث يقول المحرر الصحفي الأخ حمدان راضي : ( اعتُقِدَ في البداية أن الأمر ضرب من المزاح الثقيل من أولاد الجيران وبين الأشقاء في عائلة ------------ ، التي تسكن في عشة متواضعة - هذا إذا كانت هناك عشة غير متواضعة – وتعتمد على راتب الأب التقاعدي 1500 ريال ، إلا أن تمزيق كتب الطفلة منيرة 00 وملابس العائلة باستمرار ، واختفاء الأشياء وانتقالها من مكان لآخر بسرعة وغيرها من المزعجات تجاوز حد المزاح ، وأصبح أمراً يومياً يحدث بشكل مزعج ومريب ، حتى تيقنت الأسرة وبعد استشارة واطلاع بعض مشايخ المدينة أن من يفعل هذه التصرفات الغريبة ليس إنسياً بل جنياً حتى أصبحت عائلة ------- وقصتها الغريبة وما يحدث لها من الغرائب حديث سكان مدينة عرعر 0
( شواطئ وأقمار ) تابعت حالة هذه العائلة المبتلاة عن قرب ، وحاولت استقصاء تفاصيل القصة أبطالها من أفراد الأسرة فماذا قالوا ؟!
تبعنا في منزلنا الجديد
في البداية يحكي عائل الأسرة مأساته وعائلته منذ شهر ربيع الأول الماضي حيث يقول : كنا نعيش في منزل سابق في هدوء وبحالة ميسورة حتى بدأنا في إحدى الليالي نسمع أصواتاً غريبة ومزعجة ونسمع معها أحياناً صوت رمي حجارة على أجزاء من المنزل ، وفي بداية الأمر اعتقدنا أنه نوع من المزاح الثقيل والمزعج من أبناء الجيران ولكن هذه الأصوات المخيفة استمرت معنا لأيام متوالية وحتى ساعات متأخرة من الليل وبعد تأكيدات الجيران لنا أنهم لم يصدروا مثل هذه الأصوات والأحجار وبعد أن نصحني بعض الأقرباء بترك المنزل والإنتقال إلى مكان آخر ، حملت أفراد أسرتي وأغراضهم وأدواتنا المنزلية المختلفة ، واخترنا هذا المكان الذي تشاهده بتواضعه وبساطته ، وحدث أن انقطع خبر هذا التضييق والإزعاج ، ولكن ما أن لبثنا في منزلنا الجديد أيام قليلة حتى عادت في المنزل الأصوات العالية والمخيفة والتي أكد عدد من المشايخ ممن زاروا منزلنا أنه من عمل الشيطان0

حكاية منيرة

وعن المواقف الغريبة التي تتعرض لها عائلة ----- يقول عائلها : ابنتي منيرة هي أكثر المتضررات من هذه الاعتداءات الخفية ، حيث تجد كل يوم كتبها ممزقة عدا القرآن الكريم ، بل وجدت أيضاً حقيبتها المدرسية و( المريول ) مشققة ، 00 وأيضاً تتعرض يومياً لسرقة مصروفها المدرسي وهي تعيش حالة عصبية عصبية لما يحدث لأغراضها خاصة الدراسية من تخريب ، وأذكر أنه في ذات يوم دراسي وبعد أن مُزقت كتبها صرفت لها مديرة المدرسة كتباً جديدة وهي أي المديرة غير مصدقة لما يحدث لمنيرة ، وللتأكد وضعت المديرة الكتب الجديدة في دولابها الخاص بإدارة المدرسة ، وفي اليوم الدراسي الثاني وحين أرادت المعلمة إعطاء ابنتي منيرة الكتب على أن تعيدها في نهاية اليوم المدرسي وحين فتحت الدولاب كانت المفاجأة المذهلة للمعلمة ، حيث وجدت الكتب ممزقة 00 هذا ما يحدث لأحد أفراد العائلة كما حكى بذلك عائلها ------- ، بل يضيف موقفاً آخر حدث أيضاً لابنته منيرة وأمام مرأى جميع أشقائها ، فيقول : ذات يوم قامت منيرة بوضع ملابسها على حبل الغسيل وما هي إلا دقائق حتى شاهدنا الملابس تمزق بالكامل وترمى على التراب 0

وقد أخذنا عائل الأسرة أيضاً بالكاميرا ليرينا جزءاً من منزله المحروق الذي يَذكُر أنه ليس قريباً من مصادر النار ، ولكن حدث ذات ليلة وهم نيام أن اندلعت النيران في هذا الجزء 0
محول كهربائي في الثلاجة

ويحكي سعد أحد أفراد أسرة ------ موقفاً آخر قد يكون جزءاً من خداع الأفلام السينمائية ، حيث يقول سعد : في أحد الأيام شاهدت المحول الكهربائي الذي احتفظ به في المنزل شاهدته يرتفع إلى الأعلى من حال نفسه دون أن يحمله أحد وبشكل مرعب كدت أن أفقد عقلي لحظتها حتى اختفى من أمام عيني وفجأة جاءت والدتي مذهولة وكانت في المطبخ وهي تصرخ من هول ما رأته ، لقد فتحت الثلاجة ووجدت محول الكهرباء بداخلها ، ويضيف سعد أيضاً بأنه يشعر بأن أحداً يقوم برمي الحجارة على فراشه ، كما يقول أشعر بأن أحداً يمسك بشعري بقوة وكأنه يريد مزاحمتي في النوم على الفراش 0

رسائل من الجن

ويضيف أحمد شقيق سعد موقفاً مر به في ظل هذه المضايقات المريبةحيث يقول في أحد الأيام قامت والدتي بتجهيز وجبة الإفطار ووضعتها في صحن وذهبتُ لدقيقة واحدة وحين عدتُ سألت الوالدة عما إذا كانت أعدت الوجبة فأجابتني بنعم وأنها وضعتها في هذا المكان ، وعندما ذهبت إلى خارج المنزل وجدت وجبة الإفطار ، كما أنني شاهدت أمامي كأس الشاي ذات مساء ينقص بالتدريج حتى فرغ من الشاي دون أن يرتفع عن الأرض0

وسألنا أحمد عن حقيقة الرسائل المكتوبة التي يجدونها في المنزل ويتحدث عنها سكان الحي ، فقال هذه فعلاً حقيقة ( أُعطيّ المحرر نموذجاً منها ) ، فكثيراً ما نجد مثل هذه الرسائل المكتوبة بخط ركيك وبأخطاء إملائية ولغوية كثيرة ومليئة بالمطالب منها مثلاً طلب بأن نقوم بذبح خروف له ولكننا لم ننفذ له ذلك ، لإيماننا بأن ذلك كفر بالله سبحانه وتعالى ، وطلب آخر مفاده أن تترك أختي منيرة المدرسة وأن هناك من سيذهب بدلاً عنها إلى المدرسة ولكننا أيضاً لم نرضخ لهذه المطالب ولن نرضخ لثقتنا في رحمة الله عز وجل 0

المحرر لم يسلم

وعن الأحداث المؤذية يضيف نصيف : أنه كثيراً ما أفقدُ أوراقاً احتفظ بها في محفظتي وأتفاجأ بعد عناء البحث أنها في محفظة أحد أبنائي ، ويحدث مثل ذلك من انتقال الأشياء من مكانها كثيراً ، كما أن قذف الحجارة والأصوات المريبة ما زالت مستمرة في منزلنا وبينما كنا نتحدث مع أفراد العائلة سمعنا أصواتاً يقشعر لها الجسم وحاصرتنا الحجارة من كل جهة 0

رأي الدين

في نهاية هذا التحقيق مع أسرة ----- التي بالكاد تعيش وبمنزلها الهش وحالتها الاجتماعية البسيطة مكابدة ما يحدث لها من إيذاء وابتلاء التقينا بشيخين قرآ القرآن في منزل نصيف وعلى أفراد الأسرة ، وأكدا أن المنزل يسكنه جن وأن ما شاهداه من مواقف وأحداث داخل الموقع يدل على هذه الحقيقة ، ويرجعان السبب إلى احتمال أن العائلة قد أذت أحد الجان وبطريقة غير مقصودة كأن سكبت عليه ماء حاراً أو نحوه ، وبالتالي فإن الجن رد على العائلة بالطريقة نفسها 0

ويقول الشيخان لهذه العائلة ومن يعيش ظرفها : عليكم بالإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى والملازمة على أداء فروض الصلاة في وقتها والمداومة على قراءة القرآن الكريم وقراءة أذكار الصباح والمساء استناداً إلى قوله عز وجل في محكم كتابه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) ( سورة الطلاق – الآية 2 ) 0

المحرر

حين ننقل مأساة عائلة ------- نؤكد من خلال ذلك ضرورة المداومة على أداء الواجبات الدينية في أوقاتها والتقرب إلى الله بالعبادة الخالصة ، كما ننقل هنا مناشدة العائلة أصحاب الفضيلة والمشايخ بالمساعدة والمؤازرة على ما هم عليه من بلاء عظيم 0 انتهى 0

قلت : لم أقصد من نقل هذه الحادثة على ما هي عليه زرع الخوف أو الرعب في نفوس القراء الأعزاء ، إنما واقع هذه الحادثة يشابه كثير من مثيلاتها في كثير من الدول العربية والإسلامية وحتى الدول الغربية ، والقصد من طرح هذه القصة إثبات هذا الأمر وأنه حقيقة وصدق وقد يقع لبعض الناس ولكنه يبقى في نطاق ضيق ومحدود ، والأهم من ذلك كله كيفية معالجة هذه المشكلة أو الظاهرة ، فلا بد أن يكون العلاج من منظور إسلامي شرعي لا من جانب اتباع السحر والشعوذة والهرطقات والخزعبلات ، ولا بد كذلك من اليقين الجازم بأن اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والاعتماد والتوكل عليه الأساس في علاج هذه الظاهرة ، كما أن اتخاذ الأسباب الشرعية والحسية المباحة فيها نفع وخير عظيم بإذن الله سبحانه وتعالى ، وسوف يتم بيان وإيضاح ذلك لاحقاً إن شاء الله تعالى ، وقبل أن أدخل في التفصيلات الخاصة بعلاج البيوت المسكونة والطريقة المثلى لذلك بناء على الخبرة العملية والتطبيقية في هذا المجال لي بعض الوقفات اليسيرة مع أحداث القصة السابقة أدونها على النحو التالي :

أولاً : مثل هذه الواقعة قد تحصل ولا ينكر مطلقاً حصول مثل تلك الأحداث بمجملها ، ولا يجوز مطلقاً أن نعطي بعض التحليلات التي قد تبنى أحياناً على حقائق علمية دون توفر الأسس الحقيقية والواقعية لها 0

ثانياً : بعض الحالات التي تتعرض لإيذاء الأرواح الخبيثة قد تبادر فوراً إلى الإنتقال من مكان إقامتها إلى مكان آخر ، وهذا خطأ يقع فيه البعض ، والواجب أن تعرض الحالة على معالج متمرس له خبرة وصولة وجولة في مثل تلك الوقائع ليقوم بدراسة الحالة دراسة علمية مستفيظة ليقف على الأسباب الحقيقية لها ، وغالباً ما يركز المعالج على معالجة الحالة في البيت الذي بدأت منه بسبب أن كثير من هذه الحالات تكون إما نتيجة تعرض العائلة لسحر ما أو أن يكون بسبب الإيذاء لأحد الجن والشياطين ، وفي كلتا الحالتين لا ينفع الانتقال من المنزل بسبب أن الإيذاء سوف يستمر وينتقل مع أهل البيت 0

يقول الشيخ أبو بكر الجزائري – حفظه الله – تحت عنوان هل الجن يؤذون الناس : ( إن أذى الجن للإنس ثابت لا ينكر ، حيث ثبت ذلك بالدليل السمعي ، والدليل الحسي ، والعقل لا يحيله ، بل يجيزه ويقره ، ولولا المعقبات من الملائكة التي أناط الله تعالى بها حفظ الإنسان لما نجا من الجن والشياطين أحد 0
وذلك لعدم رؤية الإنسان لهم ، ولقدرتهم على الانتقال والتحول بسرعة ، ولكون أجسامهم من اللطافة بحيث لا نشعر بها ، ولا نحس ، ومن هنا كان مما لا شك فيه أن بعض الجن يؤذون بعض الناس ، إما لكون الإنسان قد تعرض لهم بالأذى فآذاهم بصب ماء حار عليهم ، أو ببوله عليهم ، أو بنزوله في بعض منازلهم وهو لا يشعر ، فينتقمون فيؤذونه 0
وإما لمجرد الظلم من بعضهم ، فيؤذون الإنسان بدون سبب كما يحدث ذلك بين الإنسان وأخيه الإنسان ، إذ أحياناً يؤذي الإنسان أخاه لسبب خاص ، وأحياناً لمجرد الظلم ، كما هو مشاهد في الناس عند فساد فطرهم ، وضعف إرادتهم ، وعقولهم ) ( عقيدة المؤمن – ص 229 ) 0

ثالثاً : نقل بالتواتر بأن الأرواح الخبيثة لا تستطيع مطلقاً أن تعبث بالقرآن الكريم كما حصل مع القرآن الخاص بمنيرة ، وقد نقل لي ذات يوم أحد الجزارين الذين تعرضوا لإيذاء الأرواح الخبيثة ، أنه كان يأتي بمدخول آخر اليوم ويضعه في مكان ما ، وعندما يأتي الصباح لا يجده ، وقد قال لي فكرت كثيراً حتى اهتديت إلى فكرة ، وهي وضع المبلغ بين دفتي كتاب الله عز وجل ، وبالفعل قمت بعمل ذلك وأصبحت أجد المبلغ على ما هو عليه دون أن ينقص ريالاً واحداً 0

قلت تعقيباً على " وضع المبلغ بين دفتي كتاب الله عز وجل " : إن المسلك الشرعي الواجب اتباعه في هذه الحالة أن يلجأ العبد المسلم في مثل هذه الحالة إلى التسمية قبل وضع المال ونحوه في مكان معين ، وهذا هو الهدي النبوي الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد ثبت من حديث جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم ، فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم ، وأغلقوا الأبواب ، واذكروا اسم الله ، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا ، وأوكئوا قربكم ، واذكروا اسم الله ، وخمروا آنيتكم ، واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليه شيئا ، وأطفئوا مصابيحكم " ( متفق عليه ) 0
والسؤال الذي يطرح نفسه : هل يجوز أن يُلجأ لمثل ذلك الأسلوب وهو وضع المال ونحوه بين دفتي القرآن ؟ سألت فضيلة الشيخ إبراهيم بن محمد البريكان هذا السؤال يوم الخميس الموافق 6 شعبان 1421 هـ فأفاد – حفظه الله – أن هذا الفعل لا يجوز ويعتبر من قبيل استخدام التمائم ، فالقرآن لم يتنزل لمثل ذلك وعلى المسلم أن يلجأ إلى الطرق الشرعية لحفظ ماله ومنها التسمية على المكان الذي يوضع فيه المال وإغلاقه بإحكام ، أو أن يودع المبلغ مساءاً في حسابه الخاص وبذلك يحافظ بإذن الله تعالى على ماله دون أن تصل إليها أيدي الجن والشياطين والله تعالى أعلم ) 0

رابعاً : وأما أن تشاهد بعض الأدوات أو المعدات تتحرك من تلقاء نفسها فكل ذلك قد يحصل ولا يشك مطلقاً في حصوله ، وقد نقل الشبلي - رحمه الله - في كتابه المنظوم " أحكام الجان " ما نصه : ( قال أحمد بن سليمان النجاد في أماليه : حدثنا علي بن الحسن بن سليمان أبي الشعثاء الحضرمي أحد شيوخ مسلم ، حدثنا معاوية ، سمعت الأعمش يقول : تزوج إلينا جني فقلت له : ما أحب الطعام إليكم ؟ فقال : الأرز 0 قال : فأتيناه به فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحدا فقلت : فيكم من هذه الأهواء التي فينا ؟ قال : نعم 0 قلت : فما الرافضة فيكم ؟ قال : شرنا 0 قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي تغمده الله برحمته : هذا إسناد صحيح إلى الأعمش ) ( أحكام الجان – ص 95 ) 0

خامساً : أما عن حقيقة كتابة الرسائل من الجن والشياطين فهذا واقع حقاً ، ولا يمكن إنكاره ، وقد رأيت من ذلك الكثير ، وما يميز هذا الخط غالباً أنه يكتب بخط ركيك وكبير ، وكذلك الانحناءات تكون بشكل زوايا قائمة ، والله تعالى أعلم 0

سادساً : لا يجوز مطلقاً تلبية طلبات الجن والشياطين مهما كانت وعلى أي صفة كانت ، وقد تعرضت لهذه المسألة بالتفصيل الدقيق في هذا كتابي ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) - ( الحوار مع الجن ) تحت عنوان ( عدم الانصياع لأية أوامر أو إرشادات ) فلتراجع 0
وهذا ما قررته وتبعته هذه العائلة الكريمة ، فجزاها الله خيراً ، وأسأله سبحانه وتعالى أن يفرج عنها قريباً بإذنه ومنه وكرمه 0

سابعاً : وأما إمكانية تسلط الأرواح الخبيثة على البيوت بالحرق ونحوه فهذا أيضاً واقع فعلاً ومشاهد محسوس ومتواترٌ بين الإخوة المعالجين ، وقد رأيت من ذلك الكثير ، وما يميز هذا النوع من الحريق أنه لا يأتي على كامل محتويات المنزل ، إنما يقتصر الحريق على مساحات محددة ، وكذلك يتركز عادة أو غالباً في الزوايا الخاصة بالمنزل ، ولا يكون هناك سببٌ ظاهر حسي لمثل هذا النوع من أنواع الحريق 0

ثامناً : لا بد أن يكون المنطلق لعلاج هذه الظاهرة سواء بالنسبة لهذه العائلة الكريمة أو غيرها منطلق شرعي ، ومن ذلك الإكثار من الذكر والدعاء والمحافظة على قراءة القرآن وبخاصة قراءة سورة البقرة التي وردت بها الأدلة الثابتة القطعية على أنها تطرد الجن والشياطين من البيوت بإذن الله تعالى ، وكذلك المحافظة على الطاعات والبعد عن المعاصي ، كل ذلك كفيل بإذن الله تعالى لإزالة الغمة وتفريج الكربة ، ومن الأمور الأساسية التي لا بد أن يتبعها المعالج مع تلك الأرواح إظهار الحق وتبيانه ، ويبين لتلك الأرواح بأنها ظالمة لاتباعها ذلك المسلك ، وهذا ما سوف يتضح لاحقاً من خلال استعراض الطريقة الشرعية في العلاج ، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – هذا المفهوم حيث يقول فإن كان الإنسي لم يعلم فيخاطبون بأن هذا لم يعلم ، ومن لم يتعمد الأذى ما يستحق العقوبة 0
وإن قال قد فعل ذلك في داره وملكه عرفوا بأن الدار ملكه فله أن يتصرف فيها بما يجوز وأنتم ليس لكم أن تمكثوا في ملك الإنس بغير إذنهم ، بل لكم ما ليس من مساكن الإنس كالخراب والفلوات ) ( مجموع الفتاوى - 19 / 40 ) 0

هذا ما تيسر لي تحت هذا العنوان سائلاً المولى عز وجل أن يقينا شياطين الإنس والجن إنه سميع مجيب الدعاء 0

وتقبل تحيات :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة