عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 09-11-2018, 06:01 AM   #1
معلومات العضو
اخت المحبه
مشرفة عامة ومشرفة ساحة الأخوات و العلاقات الأسرية

Smile الهدايــة والضـَلال


القرآن الكريم .. كتاب الله العزيز ..
الذي يجمع الألفاظ الظاهرة الأنيقة
والمعاني البعيدة .. ذات الدلالات العميقة ..
*
يقول تعالى في هذه الآية الكريمة :
( كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ...)
*
وهي آية قد يقف عندها بعض الناس مواقف مختلفة ..
فأما الذين لم يمس قلوبهم نور الإيمان والمعرفة
فهم يجدون فيها عذراً لجحودهم وخروجهم عن الطاعة
وأما السذج من المسلمين الذين جهلوا أبعاد القرآن
وعمق دلالاته ومعانيه فقد يقفون في حيرة . ..
ويتساءلون :
إذا كان الله هو الذي يوزع الهداية والضلال على البشر
كيف يشاء ..
فما ذنب العصاة الضالين ؟!!
***
هذا الذي يقرؤه من ينظر إلى ظاهر الألفاظ ..
وتغيب عنه حقيقتها ..!
فلا ينكشف له نورالمعاني إلا بالقراءة المتدبرة ،
والبحث والاطلاع ..
حينها تظهر الحقيقة الناصعة .. !
ليس في هذه الآية فقط..
ولكن في كل مايشكل فهمه ويختلط معناه الحكيم ..
مع تصور الذهن الساذج .. أو الجاهل ..!
***
صحيح أن الله يظل من يشاء ويهدي من يشاء..
ولكن من هم الذين يضلهم ؟
ومن هم الذين يهديهم إلى سواء السبيل ؟
***
والجواب ياتينا في حزمة من الآيات :
( إنّ الله لايهدي القومَ الظالمين ).
( إنّ الله لايهدي القومَ الفاسقين ).
( إنّ الله لايهدي القومَ الكافرين ).
( إنّ الله لايهدي من هو مُسرفٌ كذاب ).
( إنّ الذين كفروا بآيات الله لايهديهم الله
ولهم عذابٌ أليم ).
( إنّ الذين كفروا وضلوا لم يكن الله ليغفر لهم
ولا ليهديهم طريقا
إلا طريق جهنم جهنّم خالدينَ فيها أبداً ).
***
إذن .. الظالم .. والفاسق .. والكافر ..!
هؤلاء ليس لهم نصيب من الهداية والرحمة ..!
*
في حين نجد في الجانب الآخر ..
الفئة التي ربحت الهداية من الله تعالى ..
وهم أولئك الذين آمنوا به ..
واتبعوا الرسول .. والنور الذي أنزل معه ..
واستقاموا على منهج الإسلام ..
فاستحقوا الهدى .. والثبات على الهدى ..
ولأن قلوبهم مالت إلى الحق واستقرت به ..
فقد تولاهم الله وأخرجهم من الظلمات إلى النور
( ومن يؤمن بالله يهدي قلبه )
( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلماتِ إلى النور )
ويظل الله سبحانه وبمشيئته يغذي أرواحهم
بالهداية فوق الهداية ..
ويزيد قلوبهم نوراً وجلاءً وهدى فوق ماهم عليه :
( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ).
***
سُئل بن باز عن المقصود من قوله تعالى :
( يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء )
فأجاب :
على ظاهرها، الهداية بيد الله سبحانه ..
يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ليس بيد العبد،
العبد ليس بيده إلا دعاء الله والضراعة إليه,
والعمل بطاعته, والجد في الطاعة
ولكن العبد يسأل ربه الهداية..
ويحرص على أسباب الخير...
كما جاء في سورة الفاتحة:
(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)
وفي الحديث القدسي :
(كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم)
***
ماذا تعني الهداية ؟
جاءت الهداية في خطاب القرآن الكريم
للنبي صلى الله عليه وسلم في آيتين :
*
الأولى (( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ..)).
والثانية (( .. إنك لاتهدي من أحببت ..)).
*
فأثبت الهداية له مرة ، ونفاها عنه أُخرى ..!
ذلك لأن الهداية تمثل جانبان وليس جانب واحد :
الهداية بمعنى ( الدلالة ) ..
وهي تنسحب على جميع الناس ، وترمز لعالمية الإسلام
مع معرفة أن الأنبياء كافة جاؤوا من أجل هداية الناس ..
يقول تعالى :
(وأما ثمودَ فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى
فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون ).
أي مهدنا لهم طريق الهداية ..
وأضأنا لهم قناديل الرحمة تنير سبيلهم ..
وقلنا هذا طريق الخير فاتبعوه ..
فأطفأوا النور واختاروا طريق الظلام والضلال !
فماذا كان جزاؤهم ؟
لقد مزقهم الله شرّ ممزق..!!
***
والمعنى الآخر للهداية هو ( الإيصال إلى المطلوب )
وتذليل العقبات ، والمساعدة ..
وذلك يقتصر على الذين أقبلوا على الله بالطاعة ..
وصدقوا في إيمانهم ..
أولئك يهديهم الله ويوصلهم إلى المطلوب ..
أما النبي فلا يستطيع أن يوصل إلى الهداية ..
حتى إن أحب ، بل عليه فقط تبيان الطريق إليها
يقول تعالى :
( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم
بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم ).
***

وكمثل لتقريب المعنى ، وجل الله عن التشبيه :
نفرض أن الطريق إلى المسجد الوحيد
في أحدى البلاد..
والذي يقع في مفترق طرق المسافرين...
كانت تجري فيه أعمال إصلاح ضرورية ..
ولكن
في الطريق المؤدي إليه وقف المسؤول
يرشد السيارات القادمة بدقة ..
إلى كيفية الوصول للمسجد لأداء الصلاة..
متحاشين العراقيل والحفريات
وهنا على القادمين :
إما أن يتبعوا التوجيهات فيصلوا بأمان ..
في الوقت المناسب!
أو يرفضوها ويسيروا كيفما شاؤوا ...
فيتعرضوا للأخطار ، ولا يبلغواالمراد .
هذا مثل عن الدلالة ..والوصول ..!
*
كذلك القضية في الامتثال لأوامر الله سبحانه
واتباع طريق الهداية حتى بلوغ الضفة الأخرى :
( قد جاءكم من الله نورٌ وكتابٌ مبين
يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام
ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه
ويهديهم إلى صراطٍ مستقيم ).
***
وأختم بما جاء عن ابن القيم رحمه الله
وفيه الخلاصة والتوضيح والإيجاز ..
يقول :
وقد اتفقت رسل الله من أولهم إلى آخرهم ..
وكتبه المنزلة عليهم ..
على أنه سبحانه يضل من يشاء ويهدي من يشاء،
وأنه من يهده الله فلا مضل له،
ومن يضلل فلا هادي له،
وأن الهدى والإضلال بيده لا بيد العبد،
وأن العبد هو الضال أو المهتدي؛
فالهداية والإضلال [فعله سبحانه وقدره]
والاهتداء والضلال [فعل العبد وكسبه ].
***

اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ الْهُدَى، وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ، وَالْغِنَى



منقول
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة