عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 18-12-2005, 06:24 AM   #7
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي



الأخ الحبيب والمشرف القدير ( اسماعيل مرسي ) حفظه الله ورعاه

اعلم - يا رعاكم الله - بإن العبادة حق خالص لله تعالى قد طلبه من عباده بمقتضى ربوبيته لهم . وكيفية العبادة وهيئتها والتقرب بها لا يكون إلا على الوجه الذي شرعه وأذن به ، والمسلم مطالب أن ياتي بتلك العبادة على الوجه الصفة الواردة في كتاب الله عز وجل في وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك جاء في الأحاديث الصحيحة :

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( صلوا كما رأيتموني أصلي )


( حديث صحيح - المحدث : ابن الملقن - البدر المنير - 4 / 600 )


* وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر يقول :

( لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه )


( حديث صحيح - أخرجه الإمام مسلم في صحيحه )


ولا بد أن نبين المسائل الهامة التالية :

أولاً : الأصل في العبادات التوقيف :

فلا يتعبد الله إلا بما شرعه الله في كتابه وعلى لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن العبادة حق خالص لله تعالى قد طلبه من عباده بمقتضى ربوبيته لهم . وكيفية العبادة وهيئتها والتقرب بها لا يكون إلا على الوجه الذي شرعه وأذن به ، قال تعالى : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) ( سورة الشورى - الآية 21 ) ( الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد ، رفع الحرج في الشريعة الإسلامية ضوابطه وتطبيقاته - دمشق : دار الاستقامة ، الطبعة الثانية ، 1412 هـ ص : 103 ) 0

وهذا المعنى - أعني أن " العبادات مبناها على التوقيف " ، لعموم الأدلة على ذلك ، حيث أن الدين قد اكتمل والمشرع هو الله عز وجل ، ولقوله في محكم كتابه :

( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )


( سورة المائدة - الآية 3 )


يقول تعالى في محكم كتابه :

( 000 فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ 000 )


( سورة النور – جزء من الآية 63 ) 0


يقول ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره : ( أي : عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سبيله ومنهاجه ، وطريقته وسنته وشريعته ، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله ، فما وافق ذلك قبل ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله ، كائنا من كان 0 أي : فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا ، ( 000 أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ 000 ) ( سورة النور – جزء من الآية 63 ) 0 أي : في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة ، ( 00 أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 00 ) في الدنيا ، بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك ) ( تفسير القرآن العظيم - 3 / 296 - 297 ) 0

* الحديث الثابت عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – مع أولئك النفر الذين كانوا يسبحون ويحمدون ويكبرون جماعات في المسجد فقال لهم :

( من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا عبدالله بن مسعود 000 عدوا عليكم سيئاتكم إما أنكم جئتم بأهدى مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أنكم قد ابتدعتم في الدين000 ولا أرى إلا تلك )


( ذكره الألباني في كتابه النصيحة – ص 280 )


ومن وجه لآخر أخرج الدارمي بسند صحيح أن أبا موسى الأشعري قال لابن مسعود - رضي الله عنهما جميعاً - :

( إني رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة ، في كل حلقة رجل ، و في أيديهم حصى فيقول : كبروا مائة فيكبرون مائة ، فيقول : هللوا مائة فيهللون مائة ، فيقول : سبحوا مائة فيسبحون مائة . قال : أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم و ضمنت لهم أن له يضيع من حسناتهم شيء ؟ ؟ ثم أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حصى نعد به التكبير و التهليل و التسبيح و التحميد ، قال : فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ، ويحكم يا أمة محمد ، ما أسرع هلكتكم ، هؤلاء أصحابه متوافرون . و هذه ثيابه لم تبل ، و الذي نفسي بيده أنتم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة ؟ ! قالوا : و الله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير ، قال : و كم من مريد للخير لن يصيبه ؟؟؟ )


* عن عائشة – رضي الله عنها – حيث قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( من أحدث في أمرنا هذا ، ما ليس منه فهو رد )


( متفق عليه )


قال المناوي : ( من أحدث " أي أنشأ واخترع وأتى بأمر حديث من قبل نفسه ، في أمرنا شأننا أي دين الإسلام ، ولا يخلو عنه شيء من أقوالنا ولا من أفعالنا ، " فهو رد " أي مردود على فاعله لبطلانه ، وفيه تلويح بأن ديننا قد كمل وظهر كضوء الشمس بشهادة : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دبنا ) ( جزء من سورة المائدة – الآية 3 ) 0 أما ما عضده عاضد منه بأن شهد له من أدلة الشرع أو قواعده فليس برد ، بل مقبول كبناء مدارس وتصنيف علم وغيرها 0 وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده 0 قال النووي : ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به لذلك 0 وقال الطوفي : هذا يصلح أن يكون نصف أدلة الشرع ) ( فيض القدير – باختصار – 6 / 36 ) 0) 0

* قال صلى الله عليه وسلم :

( وإياكم ومحدثـات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة )


( صحيح الجامع 2549 )


* قال صلى الله عليه وسلم :

( أنا فرطكم على الحوض ، وليختلجن رجال دوني فأقول : ربي أصحابي 0 فقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك )


( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب الرقاق ( 53 ) – برقم ( 6576 ) – وكتاب الفتن ( 3 ) برقم 7049 )


وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال :

( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم )


ثانياً : العبادات مبناها على التوقيف والاتباع :

لا على الهوى والابتداع. ففي الصحيحين عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ ) ( أبو الفضل عبد السلام بن محمد بن عبد الكريم ، التقريب والتهذيب ، دار الفتوح الإسلامية ، الطبعة الأولى ، 1995 ، ص : 81 ) 0

ذكر الإمام السيوطي في كتابه ( الأمر بالإتباع ) عند تقسيمه للبدع وعند ذكره لقسم البدع المحدثة المستقبحة فقسمها الى قسمين وثم ذكر القسم الثاني فقال : ( وأما القسم الثاني مما يظنه الناس طاعة وقربة وهو بخلاف ذلك أو تركه أفضل من فعله وهو ما قد أمر به الشارع في صورة من الصور ، ومن زمان مخصوص أو مكان معين ) ( الأمر بالاتباع - ص 153 ) 0

وهناك قاعدة شرعية في ذلك يذكرها أهل العلم وهي : ( أن ما أطلقه الشارع يعمل بمطلق مسماه ووجوده ولم يجز تقديره وتحديده ) 0

وقاعدة أخرى مشابهة للقاعدة الأولى وهي : ( ما شرع من الأعمال بوصف العموم والإطلاق لا يقتضي أن يكون مشروعا بوصف الخصوص ) ( ذكرها الشيخ سعيد بن ناصر الغامدي ص 107 كتاب حقيقة البدعة وأحكامها المجلد الثاني ) 0

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( قاعدة شرعية : شرًًٌع الله ورسوله للعمل بوصف العموم والإطلاق لا يقتضي أن يكون مشروعا بوصف الخصوص والتقييد ؛ فإن العام والمطلق لا يدل على ما يختص بعض أفراده ويقيد بعضها ، فلا يقتضي أن يكون ذلك الخصوص والتقييد مشروعا ولا مأمورا به ، فإن كان من الأدلة ما يكره ذلك الخصوص والتقييد كره ، وإن كان فيها ما يقتضي استحبابه استحب ، وإلا بقي غير مستحب ولا مكروه .
مثال ذلك : أن الله شرع دعاءه وذكره شرعا مطلقا عاما فقال : ( اذكروا الله ذكرا كثيرا ) وقال ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) ونحو ذلك من النصوص ، فالإجتماع للدعاء والذكر في مكان معين : أو زمن معين أو الإجتماع لذلك : بتقييد للذكر ، والدعاء لا تدل عليه الدلالة لعامة بخصوصه وتقييده ) ( مجموع الفتاوى - ص 196 ) 0

وقال صاحب كتاب " علم أصول البدع " : ( ومن الغلو في العبادة ـ أيضا ـ ما يفعله الصوفية من تخصيص قراءة بعض الآيات أو السور أو الأوراد بضعة مئاتٍ أو ألوف وهذا لا أصل له في السنة ) 0

وأنصحك بقراءة الموضوع التالي :

( هل من خطر لـ ( البدعة ) على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم )


ثالثاً : ومن القواعد الجامعة قاعدة العبادات :

وهي أن الله سبحانه وتعالى لا يعبد إلا بما شرع ، ولذلك كانت العبادات كلها توقيفية ، لا تعلم إلا من جهة الله تعالى ، لأنه هو الذي يعلم ما يرضيه وما لا يرضيه، وقد بين في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كل ما يتعلق بذلك ؛ فعبادة الله تكون بكتاب الله وسنّة رسوله وباتباع السلف الصالح [محمد بن علوي المالكي الحسني ) ( منهج السلف في فهم النصوص بين النظرية والتطبيق ، الطبعة الثانية ، 1419 هـ ، ص : 430 ) 0

هذا ما تيسر لي أخي الحبيب ومشرفنا القدير ( اسماعيل مرسي ) ، بارك الله فيكم وزادكم من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة