عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 11-09-2023, 05:35 AM   #6
معلومات العضو
أبوسند
التصفية و التربية
 
الصورة الرمزية أبوسند
 

 

افتراضي




من المصائب العظمى التي نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بينهم، لا أستثني أحداً منهم،
ولو كانوا علماءهم،

إلا من شاء الله منهم من أئمة الحديث ونقاده .

كالبخاري، وأحمد، وابن معين،
وأبي حاتم الرازي، وغيرهم .

وقد أدَّى انتشارها إلى مفاسد كثيرة،
منها ما هو من الأمور الاعتقادية الغيبية،
ومنها ما هو من الأمور التشريعية،

وسيرى القارئ الكريم الأمثلة الكثيرة لما ندَّعيهِ
في كثير من الأحاديث الآتية
إن شاء الله تعالى .

وقد اقتضت حكمة العليم الخبير سبحانه وتعالى أن لا يَدَعَ لهذه الأحاديث التي اختَلَقَها
المُغْرِضونَ لغايات شتى؛ تَسْري بين المسلمين
دون أن يُقَيِّضَ لها من يكشف القناع عن حقيقتها، ويبين للناس أمرها،

أولئك هم أئمة الحديث الشريف،
وحامِلو ألوية السنة النبوية الذين دعا
لهم رسول الله
– صلى الله عليه وسلم - بقوله :

( نَضَّرَ الله امرءاً سمِعَ مقالَتي؛
فوعاها، وحفظها، وبلَّغها،
فربَّ حامل فقه إلى مَن هو أفقه منه ) .

[ أخرجه أبو داود، والترمذي وصححه
- والسياق له -، وابن حبان في "صحيحه " عن ابن مسعود.
وقد ثبت عن جماعة من الصحابة بنحو .
فانظر "التعليق الرغيب " (1/63) ،
و "الصحيحة " (404) ] .



فقد قام لهؤلاء الأئمة
- جزاهم الله عن المسلمين خيراً -
ببيان حال أكثر الأحاديث من صحة،
أو ضعف، أو وضع،
وأصَّلوا أصولاً متينة،
وقعَّدوا قواعد رصينة،
مَن أتقنها وتضلَع بمعرفتها أمكنه أن يعلم درجة أي حديث، ولو لم ينصُّوا عليه،

وذلك هو علم أصول الحديث،
أو مصطلح الحديث .

وألَف المتأخرون منهم كتباً خاصة للكشف عن الأحاديث، وبيان حالها،

أشهرها وأوسعها كتاب
" المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة " للحافظ السخاوي،

ونحوها كتب التخريجات، فإنها تبيِّن حال الأحاديث الورادة في كتب مَن ليس من أهل الحديث، وما لا أصل له من تلك الأحاديث،

مثل كتاب : "نصب الراية لأحاديث الهداية" للحافظ الزيلعي،

و" المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الِإحياء من الأخبا ر"
للحافظ العراقي،

و" التلخيص الحبير في تخريج أحاديث
الرافعي الكبير " للحافظ ابن حجر العسقلاني،

و " تخريج أحاديث الكشاف " له،

و " تخريج أحاديث الشفاء " للشيخ السيوطي، وكلها مطبوعة .

ومع أن هؤلاء الأئمة - جزاهم الله خيراً -
قد سهَّلوا السبيل لمن بعدهم من العلماء
والطلاب؛ حتى يعرفوا درجة كل حديث بهذه الكتب وأمثالها، فإننا نراهم
- مع الأسف الشديد -
قد انصرفوا عن قراءة الكتب المذكورة،
فجهلوا بسبب ذلك حال الأحاديث التي حفظوها عن مشايخهم، أو يقرؤونها في بعض الكتب التي لا تتحرى الصحيح الثابت،

ولذلك لا نكاد نسمع وعظاً لبعض المرشدين،
أو محاضرة لأحد الأساتذة،
أو خطبة من خطيب؛
إلا ونجد فيها شيئاً من تلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وهذا أمر خطير،
يُخشى عليهم جميعاً أن يدخلوا بسببه تحت وعيد قوله – صلى الله عليه وسلم - :

( مَن كذب عليَّ متعمداً
فَلْيَتَبَوَّأ مقعده من النار ) .

[ حديث صحيح متواتر ] .

فإنهم، وإن لم يتعمدوا الكذب مباشرة،
فقد ارتكبوه تبعاً؛ لنقلهم الأحاديث التي يقفون عليها جميعها، وهم يعلمون أن فيها ما هو ضعيف
وما هو مكذوب قطعاً،

وقد أشار إلى هذا المعنى قول النبي
– صلى الله عليه وسلم - :

( كَفى بالمرء كَذِباً أنْ يُحَدِّثَ بكل ما سمعَ ) .

رواه مسلم في " مقدمة صحيحه " ( 1 / 8 ) ، وغيره من حديث أبي هريرة .

ثم رُوي عن الِإمام مالك أنه قال :

" اعلم أنه ليس يَسْلَمُ رجلٌ حدَّث بكل ما سمعَ،
ولا يكون إماماً أبداً وهو يحدِّث بكل ما سمع ".

وقال الِإمام ابن حبان في "صحيحه "
( ص 27 ) : " فصل : ذكر إيجاب دخول النار لمن نَسَبَ الشيء إلى المصطفى – صلى الله عليه وسلم - وهو غير عالم بصحته " .

ثم ساق بسنده عن أبي هريرة مرفوعاً :

( مَن قال عليَّ ما لم أقل
فليتبوأ مقعده من النار ) .

وسنده حسن، وأصله في " الصحيحين "
بنحوه .

ثم قال : " ذكر الخبر الدال على صحة
ما أومأنا إليه في الباب المتقدم ".

ثم ساق بسنده عن سمرة بن جندب قال :
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :

( مَن حدّثَ عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذِبَيـْن ) .

وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم في
" مقدمة صحيحه " ( 1 / 7 )
من حديث سمرة والمغيرة بن شعبة معاً،
وقال : " إنه حديث مشهور" .

ثم قال ابن حبان : " ذكر خبر ثان يدل على صحة ما ذهبنا إليه ".
ثم ساق حديث أبي هريرة الأول .

فتبين مما أوردنا أنه لا يجوز نشر الأحاديث وروايتها دون التثبت من صحتها،

وأن من فعل ذلك فهو حسبه من الكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -،

وقد قال – صلى الله عليه وسلم - :

( إن كذباً على ليس كَكَذِبٍ على أحدٍ، فمَن كَذَبَ عليَّ متعمداً فليتبوَّأ مقعده من النار ) .
رواه مسلم وغيره .

ولخطورة هذا الأمر،
رأيت أن أساهم في تقريب سبيل الاطلاع على الأحاديث التي نسمعها في هذا العصر،
أو نقرأها في كتاب متداول،
مما ليس له أصل يثبت عند المحدثين،
أو له أصل موضوع،

لعل في ذلك تحذيراً
وتذكيراً لمن يتذكر أو يخشى .

ولم أتقيد في سوقها بترتيب خاص،
بل حسبما اتفق .

ولذلك فإني أبتدئها بذكر حديثين قرأتهما في مقال نشر في العدد ( 2404 )
من " جريدة العلم " الغراء، لأحد المرشدين الفضلاء في صدد بحث له مفيد في إسراء النبي – صلى الله عليه وسلم - ومعراجه إلى السماء، والله ولي التوفيق .


_ دمشق، رمضان سنة 1374 هـ
محمد ناصر الدين الألباني

سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة
وأثرها السّيء في الأمّة ( 1 / 47 - 51 ) .












 

 

 

 


 

توقيع  أبوسند
 

يقول العلاّمة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

طالب الحق يكفيه دليل ...
... وصاحب الهوى لايكفيه ألف دليل

الجاهل يُعلّم
وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

--------------------------
حسابي في تويتر

@ABO_SANAD666



    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة