السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(*:*الزلزال ..عبرة وعظة *:*)
** وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً **
نصيحة حول الزلازل
العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحابته ومن اهتدى بهداه ، أما بعد :
فإن الله سبحانه وتعالى حكيم عليم فيما يقضيه ويقدره ، كما أنه حكيم عليم فيما شرعه وأمر به وهو سبحانه يخلق ما يشاء من الآيات ، ويقدرها تخويفا لعباده وتذكيرا لهم بما يجب عليهم من حقه وتحذيرا لهم من الشرك به ومخالفة أمره وارتكاب نهيه
كما قال الله سبحانه : ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا )
وقال عز وجل : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )
وقال تعالى : (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ )الآية .
وروى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لما نزل قول الله تعالى قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعوذ بوجهك ، قال : أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال : أعوذ بوجهك
وروى أبو الشيخ الأصبهاني عن مجاهد في تفسير هذه الآية : (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ )قال : الصيحة والحجارة والريح . ( أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ )قال : الرجفة والخسف .
ولا شك أن ما حصل من الزلازل في هذه الأيام في جهات كثيرة هو من جملة الآيات التي يخوف الله بها سبحانه عباده .
وكل ما يحدث في الوجود من الزلازل وغيرها مما يضر العباد ويسبب لهم أنواعا من الأذى ، كله بأسباب الشرك والمعاصي ،
كما قال الله عز وجل : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ )
وقال تعالى : (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ )
وقال تعالى عن الأمم الماضية : (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )
فالواجب على جميع المكلفين من المسلمين وغيرهم ، التوبة إلى الله سبحانه ، والاستقامة على دينه ، والحذر من كل ما نهى عنه من الشرك والمعاصي ،
حتى تحصل لهم العافية والنجاة في الدنيا والآخرة من جميع الشرور ، وحتى يدفع الله عنهم كل بلاء ، ويمنحهم كل خير
كما قال سبحانه : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )
وقال تعالى في أهل الكتاب : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ )
وقال تعالى : ( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ )
وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله - ما نصه : (وقد يأذن الله سبحانه للأرض في بعض الأحيان بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام ، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية ، والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه ، والندم كما قال بعض السلف ، وقد زلزلت الأرض : (إن ربكم يستعتبكم) .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد زلزلت المدينة ، فخطبهم ووعظهم . ، وقال : (لئن عادت لا أساكنكم فيها) انتهى كلامه رحمه الله .
والآثار في هذا المقام عن السلف كثيرة .
فالواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفياضانات البدار بالتوبة إلى الله سبحانه ، والضراعة إليه وسؤاله العافية ، والإكثار من ذكره واستغفاره
كما قال صلى الله عليه وسلم عند الكسوف : (فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره )
ويستحب أيضا رحمة الفقراء والمساكين والصدقة عليهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ارحموا ترحموا ) ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )وقوله صلى الله عليه وسلم : (من لا يرحم لا يرحم )
وروي عن عمر بن عبد لعزيز رحمه الله أنه كان يكتب إلى أمرائه عند وجود الزلزلة أن يتصدعوا .
نشرت في الصحف المحلية في 13/7/1416هـ منها : الرياض - والجزيرة - والمدينة - وعكاظ .
المصدر صيد الفوائد
يُتبع إن شاء الله