عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 07-08-2005, 08:55 AM   #6
معلومات العضو
ابن حزم
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية ابن حزم
 

 

افتراضي

أصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا
وأن عبارة الرؤيا بالغدوات أحسن لحضور فهم عابرها وتذكار رائيها, لأن الفهم أوجد ما يكون عند الغدوات من قبل افتراقه في همومه ومطالبه مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لأمتي في بكورها وأن العبارة قياس واعتبار وتشبيه وظن لا يعتبر بها ولا يختلف على عينها, إلا أن يظهر في اليقظة صدقها أو يرى برهانها, وأن التأويل بالمعنى أو باشتقاق الأسماء, وأن العابر لا ينبغي له أن يستعين على عبارته بزاجر في اليقظة يزجره, ولا يعول عند ذلك بسمعه ولا بحساب من حساب المنجمين بحسبه. وأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتمثل به في المنام شيطان, وأن من رآه فقد رآه حقا, وأن الميت في دار حق, فما قاله في المنام فحق ما سلم من الفتنة والغرة. وكذلك الطفل الذي لا يعرف الكذب, وكذلك الدواب وسائر الحيوان الأعجم إذا تكلم فقوله حق, وكلام ما لا يتكلم آية وأعجوبة, وكل كذاب في اليقظة كالمنجم والكاهن فكذلك قوله في المنام كذب.
وأن الجنب والسكران ومن غفل من الجواري والغلمان قد تصدق رؤياهم في بعض الأحيان, وإن تسلط الشيطان عليهم بالأحلام في سائر الزمان, وأن الكذاب في أحاديث اليقظة قد يكذب عامة رؤياه, وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا, وأن العابر لا يضع يده من الرؤيا إلا على ما تعلقت أمثاله ببشارة أو نذارة أو تنبيه أو منفعة في الدنيا والآخرة, ويطرح ما سوى ذلك لئلا يكون ضغثا أو حشوا مضافا إلى الشيطان
العابر يحتاج إلى اعتبار القرآن وأمثاله
وأن العابر يحتاج إلى اعتبار القرآن وأمثاله ومعانيه واضحه كقوله تعالى في الحبل: واعتصموا بحبل الله جميعا وقوله في صفات النساء: بيض مكنون وقوله في المنافقين: كأنهم خشب مسندة وقوله: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وقوله: إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وقوله: أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا وأنه أيضا يحتاج إلى معرفة أمثال الأنبياء والحكماء.
وأنه يحتاج أيضا إلى اعتبار أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمثاله في التأويل كقوله : خمس فواسق: وذكر الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور وقوله في النساء: إياك والقوارير وقوله: المرأة خلقت من ضلع
ويحتاج العابر أيضا إلى الأمثال المبتذلة كقول إبراهيم عليه السلام لإسماعيل: غير أسكفة الباب أي طلق زوجتك. وقول المسيح عليه السلام وقد دخل على مومسة يعظها: إنما يدخل الطبيب على المريض يعني بالطبيب العالم بالمريض المذنب الجاهل. وقول لقمان لابنه: بدل فراشك يعني زوجتك, وقول أبي هريرة حين سمع قائلا يقول: خرج الدجال, فقال: كذبة كذبها الصباغون يعني الكذابين. وأنه محتاج مع الرجز والشعر إلى اعتبار معانيه ليقوى بذلك على معاني أمثال المنام كقول الشاعر:
وداع دعاني للندى وزجاجــة تحسيتها لم يعن ماء ولا خمرا
يعني بالداعي دعوة الغني وبالزجاجة فم المرأة, وكقول الآخر:
ليـس للنرجـس عهـد إنمـا الـعهـد للـآس
وكقول الآخر:
أنت ورد وبـقاء الـ ــورد شهر لا شهور
وهــــواي الآس والآ س علـى الدهر صبور
فينسبه بذلك إلى قلة بقاء الورد والنرجس ودوام الآس وبقائه, ويتأول ذلك بذلك في الرؤيا إذا جاء فيها, وأنه محتاج إلى اشتقاق اللغة ومعاني الأسماء, كالكفر أصله التغطية, والمغفرة أصلها الستر, والظلم وضع الشيء في غير موضعه, والفسق الخروج والبروز ونحو ذلك. وأنه محتاج إلى إصلاح حاله وطعامه وشرابه وإخلاصه في أعماله ليرث بذلك حسن التوسم في الناس عند التعبير

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة