عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 07-08-2005, 08:54 AM   #5
معلومات العضو
ابن حزم
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية ابن حزم
 

 

افتراضي

السكون إلى ما يراه الرائي في نومه مع وجود تلك الاحتمالات أو الإقدام على العمل بما يراه الرائي في نومه قبل أن يعرضه على الكتاب والسنة المضمون له العصمة في اتباعها هذا مما لا يتعقل . وقد قال سيدي أبو الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى : إن الله عز وجل ضمن لك العصمة في جانب الكتاب والسنة ولم يضمنها لك في الكشف والإلهام . هذا , وهو في حال اليقظة التي هي محل التكليف ; لأن الكشف فيه أجلى من النوم فما بالك بمن هو غير حاضر العقل , وقد رفع عنه الخطاب في حال نومه . وقد كان السلف رضي الله عنهم يرون في اليقظة أشياء ثم لا يرجعون إليها إلا بعد عرضهم ذلك على الكتاب والسنة كالطيران في الهواء والمشي على الماء إلى غير ذلك , وقد قال إمام هذه الطائفة الجنيد رحمه الله إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تلتفتوا إليه فإن الشيطان يطير من المشرق إلى المغرب ويمشي على الماء , ولكن انظروا في اتباعه الكتاب والسنة , فإن الشيطان لا يقدر على ذلك أبدا أو كما قال . فإن قال قائل قد شرع الأذان بسبب المنام . فالجواب أن هذا يؤيد ما تقدم ذكره من عرض الرؤيا على الشريعة المطهرة فإذا وافقت أمضيت , وإن خالفت تركت بدليل أنهم لم يعملوا بما رأوه حتى عرضوه على صاحب الشريعة صلوات الله عليه وسلامه فشرع بما رآه عليه الصلاة والسلام . قال تعالى لم يبق بعدي من النبوة إلا المبشرات يراها الرجل الصالح أو ترى له جميع ما يرى في المنام على قسمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا سيد أجل المرسلين محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه الكرام المنتجبين.
(اعلم) وفقك الله أن مما يحتاج إليه المبتدي أن يعلم أن جميع ما يرى في المنام على قسمين: فقسم من الله تعالى, وقسم من الشيطان لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: الرؤيا من الله والحلم من الشيطان والمضاف إلى الله تعالى من ذلك هو الصالح وإن كان جميعه أي الصادقة وغيرها خلقا لله تعالى, وأن الصالح من ذلك هو الصادق الذي جاء بالبشارة والنذارة وهو الذي قدره النبي صلى الله عليه وسلم جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة, وأن الكافرين وفساق المؤمنين قد يرون الرؤيا الصادقة, وأن المكروه من المنامات هو الذي يضاف إلى الشيطان الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتمانه والتفل عن يساره ووعد فاعل ذلك أنها لا تضره. وأن ذلك المكروه ما كان ترويعا أو تحزينا باطلا أو حلما يؤدي إلى الفتنة والخديعة والغيرة دون التحذير من الذنوب والتنبيه على الغفلات والزجر على الأعمال المهلكات, إذ لا يليق ذلك بالشيطان الآمر بالفحشاء, وإنما إضافة أباطيل الأحلام إلى الشيطان على أنه هو الداعي إليها.
وأن الله سبحانه هو الخالق لجميع ما يرى في المنام من خير أو شر, وأن اختلاف الموجب للغسل مضاف إلى الشيطان, وكذلك ما تراءى من حديث النفس وآمالها وتخاويفها وأحزانها مما لا حكمة فيه تدل على ما يئول أمر رائيه إليه, وكذلك ما يغشى قلب النائم الممتلئ من الطعام أو الخالي منه كالذي يصيبه عن ذلك في اليقظة إذ لا دلالة منه ولا فائدة فيه, وليس للطبع فيه صنع, ولا للطعام فيه حكم, ولا للشيطان مع ما يضاف إليه منه خلق, وإنما ذلك خلق الله سبحانه قد أجرى العادة أن يخلق الرؤيا الصادقة عند حضور الملك الموكل بها فتضاف بذلك إليه.
وأن الله تعالى يخلق أباطيل الأحلام عند حضور الشيطان فتضاف بذلك إليه. وأن الكاذب على منامه مفتر على الله عز وجل,
قص الرؤيا على عالم أو ناصح
وأن الرائي لا ينبغي له أن يقص رؤياه إلا على عالم أو ناصح أو ذي رأي من أهله كما روي في بعض الخبر, وأن العابر يستحب له عند سماع الرؤيا من رائيها, وعند إمساكه عن تأويلها لكراهتها, ولقصور معرفته عن معرفتها أن يقول: خير لك, وشر لأعدائك, خير تؤتاه, وشر تتوقاه. هذا إذا ظن أن الرؤيا تخص الرائي, وإن ظن أن الرؤيا للعالم قال: خير لنا وشر لعدونا, خير نؤتاه, وشر نتوقاه, والخير لنا والشر لعدونا.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة