عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 14-09-2021, 09:44 AM   #2
معلومات العضو
أحمد بن علي صالح

افتراضي

نهج البلاغة
وصحّة نسبة النّصوص الواردة فيه إلى عليّ رضي الله عنه، وقد قام بذلك خير قيام الدكتور صبري إبراهيم السّيّد في تحقيقه وتوثيقه للنهج ببحث يمتاز بالدقة والصبر والتأنّي- كما وصفه مقدّمه الأستاذ المحقق عبد السّلام محمّد هارون- فبعد أن أثبت نسبة نهج البلاغة إلى الشريف الرضي لا إلى لا أخيه الشريف المرتضى - قال (ص19 - 2): (كأنت نسبة ما في"نهج البلاغة"إلى الأمام عليّ مثاراً للشكّ عند العلماء والباحثين، المتقدمين والمتأخرين على مرّ العصور، كما أثار الجدل حول النّصوص ذاتها التي حواها الكتاب، فكثير من علماء القرن السادس الهجري كانوا يزعمون أن معظم ما في نهج البلاغة لا يصحّ إلى عليّ بن أبي طالب وإنما ألّفه قومٌ من فصحاء الشيعة، من بينهم السيد الرضي. ولعل ابن خلّكان أول من أثار الشكوك في قلوب الباحثين بنسبته الكتاب إلى الشريف المرتضى تأليفاً. ثم جاء من بعده الصفدي، وغيرُه من كتّاب التراجم فتابعوه على ذلك، وحينئذٍ قويَ الشك وتمكّن. يقول ابن خلكان: (وقد قيل إنه ليس من كلام عليّ وإنما الذي جمعه ونسَبه اليه هوالذي وضعه) (وفيات الأعيان) (3/ 416). ويقول الذهبي: (ومَن طالع كتاب"نهج البلاغة"جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه) (الميزان) (3/ 124).

وأهم ما نجده من أسباب للشك في نسبة النّصوص الواردة في كتاب نهج البلاغة عن القدماء والمحدثين ما يلي) ثم ساق الدكتور صبري عشرة أسباب لذلك ننقلها من كلامه بشيء من الإختصار والتصرّف:
إن في الكتاب من التعريض بصحابة رسول الله صَلّى الله عليه وسلّم ما لا يصحّ نسبته إلى عليّ رضي الله عنه.
وهوما قرّره الحافظ ابن حجر في (اللسان) (4/ 223) بقوله: (ففيه السبّ الصراح والحطّ على السيدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما).
إنّ فيه من السجع والتنميق اللفظي وآثار الصنعة ما لم يعهده عهد عليّ ولا عرفَه.
إنّ فيه من دقة الوصف واستفراغ صفات الموصوف كما تراه في الخفاش والطأووس وغير ذلك مما لم تعرفه العرب إلاّ بعد تعريب كتب اليونان والفرس الأدبية والحكمية.
إنّ فيه بعض الألفاظ الإصطلاحية التي لم تعرف إلا من بعد كالأين والكيف وكاصطلاحات المتكلّمين وأصحاب المقولات مثل (المحسوسات) و(الصفات الذاتية والجسمانية).
إنّ فيه ما يُشَمّ منه ريح ادّعاء صاحبه علم الغيب.
إنّ في خطبه مقاطع طويلة وقصيرة تروى على وجهين مختلفين يتّفقان في المعنى، ولكن يختلفان في اللفظ.
خلوّ الكتب الأدبية والتاريخية التي ظهرت قبل الشريف الرضي من كثير مما في النهج.
طول الكلام غير المعهود في ذلك الوقت كما في عهده إلى الأشتر النخعي، والمعروف عن عليّ رضي الله عنهمالتوسّط إن لم يكن الإيجاز.
ما في الكتب من الخطب الكثيرة والرسائل المتعددة التي من الواضح انها مختلقة لأغراض مذهبية شيعية.
عدم ذكر المصادر المنقول منها خطب علي رضي الله عنه ولا الشيوخ الذين رووا ذلك.
ثم ساق الدكتور صبري جواب أئمة الشيعة وغيرهم ممن يدّعي صحة نسبة ما في الكتاب إلى عليّ رضي الله عنه، عن هذه الشبهات بالتفصيل (ص28 - 65) ونقضها وبين استقامة هذه الشبهات وكونها أسباباً حقيقية واقعية تمنع من نسبة معظم ما في الكتاب إلى عليّ رضي الله عنه (ص65 - 79). وكان من كلامه أن قال (ص67): (وإذا كان بعض هؤلاء ممّن ينتسبون إلى مذهب الشيعة قد وصل به الأمر إلى الكذب على الله تعالى والخوض في آياته أفلا نتصوّر بعد هذا أن يكون البعض قد خاض أيضاً في خطب عليّ فضمّ اليها ما ليس له؟ ولما لا نجد مثل هذه الخطب إلاّ في كتب الشيعة والمتأخرين منهم ولا نجد لها ذكرا في كتب السنّة؟ ولماذا لم نعثر على كثير من هذه الخطب في بطون الكتب الأدبية المعروفة؟ وما الذي يضير علياّ ألاّ يكون له مثل هذا الكم الهائل من الخطب غير المعروفة المصدر أوالرواية؟) ثم بين الدكتور صبر بحجج واضحة أن كثيراً مما أسند إلى علي في (النهج) من خطب ورسائل وحكم تثبت نسبتها لآخرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، بل تجأوز الأمر هذه العهود إلى عهود متأخرة كالخليفة المأمون، وأكثر من ذلك نسبة أحاديث النبي صَلّى الله عليه وسلّم اليه أوحتى أقوال المسيح عليه السّلام، وكل هذا باقرار المحققين من السّنّة والشّيعة على السواء، بل من أئمة الشيعة الكثيرين أقروا بنسبة كثير منها إلى غير عليّ رضي الله عنه، وهوما نقله عنهم الدكتور صبري (ص 68 - 77).
وأخيراً يخلص الدكتور في نتائج توثيقه (ص 81) إلى أن أكثر من نصف الخطب في (النهج) لم تثبت صحة نسبتها إلى علي رضي الله عنه، وان حوالي ثلث ما فيه من الرسائل كذلك، وأكثر من ثلثي الحكم فيه لم تثبت صحة نسبتها اليه، وكذلك أكثر من نصف الغريب من الكلام فيه.
وبعد .. فهل يُمكن لأحد أن يحتجّ بما في (نهج البلاغة) خصوصاً على أهل السّنّة بعد هذا التحقيق الوافي؟
فنحن نرد عليه وننازعه بعدم صحة هذا القول عن علي، وإلاّ فليظهر لنا إسناداً صحيحاً له، إذ سيقت كلُّ هذه الخطب في ذلك الكتاب بلا إسناد مثلها مثل حاطبٍ بليل، ثم ننازعه في صحّة قوله رضي الله عنه في مثل هذه المسألة المهمّة شأنه في ذلك شأن غيره من الصحابة والتابعين، ونحن نقول: كلّ رجل يؤخذ منه ويُرد عليه إلاّ رسول الله صَلّى الله عليه وسلّم-كما قال سلفنا الصالح- فما هي الحجّة بقول عليّ؟
ولا يكفي لإثبات حجّية مثل هذا القول ما أشار اليه من الأدلّة على ذلك إجمالاً ناسباً إياها إلى رسول الله صَلّى الله عليه وسلّم، وقد تركنا الجواب عليها حتى يذكرها مفصلة بعد ذلك.

https://www.fnoor.com/main/articles....9#.YUBdQp3XKM8

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة