عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 07-06-2007, 11:00 AM   #7
معلومات العضو
ابن حزم
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية ابن حزم
 

 

افتراضي

من طوى من إخوانك سره الذي يعنيك دونك أخون لك ممن أفشى سرك لأن من أفشى سرك فإنما خانك فقط ومن طوى سره دونك منهم فقد خانك واستخونك
=============================
النصيحة مرتان فالأولى فرض وديانة والثانية تنبيه وتذكير وأما الثالثة فتوبيخ وتقريع وليس وراء ذلك إلا التركل واللطام اللهم إلا في معاني الديانة فواجب على المرء تزداد النصح فيها رضي المنصوح أو سخط تأذى الناصح بذلك أو لم يتأذ وإذا نصحت فانصح سرا لا جهرا وبتعريض لا تصريح إلا أن لا يفهم المنصوح تعريضك فلا بد من التصريح ولا تنصح على شرط القبول منك فإن تعديت هذه الوجوه فأنت ظالم لا ناصح وطالب طاعة وملك لا مؤدي حق أمانة وأخوة وليس هذا حكم العقل ولا حكم الصداقة لكن حكم الأمير مع رعيته والسيد مع عبيده
=====================
لا تكلف صديقك إلا مثل ما تبذل له من نفسك فإن طلبت أكثر فأنت ظالم ولا تكسب إلا على شرط الفقد ولا تتول إلا على شرط العزل وإلا فأنت مضر بنفسك خبيث السيرة مسامحة أهل الاستئثار والاستغنام والتغافل لهم ليس مروءة ولا فضيلة بل هو مهانة وضعف وتضرية لهم على التمادي على ذلك الخلق المذموم وتغبيط لهم به وعون لهم على ذلك الفعل السوء وإنما تكون المسامحة مروءة لأهل الإنصاف المبادرين إلى الإنصاف والإيثار فهؤلاء فرض على أهل الفضل أن يعاملوهم بمثل ذلك لا سيما إن كانت حاجتهم أمس وضرورتهم أشد فإن قال قائل فإذا كان كلامك هذا موجبا لإسقاط المسامحة والتغافل للإخوان فيه استوى الصديق والعدو والأجبني في المعاملة فهذا فساد ظاهر فنقول وبالله التوفيق كلاما لا يحض إلا على المسامحة والتغافل والإيثار ليس لأهل التغنم لكن للصديق حقا فإن أردت معرفة وجه العمل في هذا والوقوف على نهج الحق فإن القصة التي توجب الأثرة من المرء على نفسه صديقه ينبغي لكل واحد من الصديقين أن يتأمل ذلك الأمر فأيهما كان أمس حاجة فيه وأظهر ضرورة لديه فحكم الصداقة والمروءة تقتضي للآخر وتوجب عليه أن يؤثر على نفسه في ذلك فإن لم يفعل فهو متغنم مستكثر لا ينبغي أن يسامح ألبتة إذ ليس صديقا ولا أخا فأما إذا استوت حاجتهما واتفقت ضرورتهما فحق الصداقة ها هنا أن يسارع كل واحد منهما إلى الأثرة على نفسه فإن فعلا ذلك فهما صديقان وإن بدر أحدهما إلى ذلك ولم يبادر الآخر إليه فإن كانت عادته هذه فليس صديقا ولا ينبغي أن يعامل معاملة الصداقة وإن كان قد يبادر هو أيضا إلى مثل ذلك في قصة أخرى فهما صديقان من أردت قضاء حاجته بعد أن سألك إياها أو أردت ابتداءه بقضائها فلا تعمل له إلا ما يريد هو لا ما تريد أنت وإلا فأمسك فإن تعديت هذا كنت مسيئا لا محسنا ومستحقا للوم منه ومن غيره لا للشكر ومقتضيا للعداوة لا للصداقة
====================
لا تنقل إلى صديقك ما يؤلم نفسه ولا ينتفع بمعرفته فهذا فعل الأرذال ولا تكتمه ما يستضر بجهله فهذا فعل أهل الشر
=====================

لا يسرك أن تمدح بما ليس فيك بل ليعظم غمك بذلك لأنه نقصك ينبه الناس عليه ويسمعهم إياه وسخرية منك وهزؤ بك ولا يرضى بهذا إلا أحمق ضعيف العقل ولا تأس إن ذممت بما ليس فيك بل افرح به فإنه فضلك ينبه الناس عليه ولكن افرح إذا كان فيك ما تستحق به المدح وسواء مدحت به أو لم تمدح واحزن إذا كان فيك ما تستحق به الذم وسواء ذممت به أو لم تذم
=====================
من سمع قائلا يقول في امرأة صديقه قول سوء فلا يخبره بذلك أصلا لا سيما إذا كان القائل عيابة وقاعا في الناس سليط اللسان أو دافع معرة عن نفسه يريد أن يكثر أمثاله في الناس وهذا كثير موجود وبالجملة فلا يحدث الإنسان إلا بالحق وقول هذا القائل لا يدرى أحق هو أم باطل إلا أنه في الديانة عظيم فإن سمع القول مستفيضا من جماعة وعلم أن أصل ذلك القول شائع وليس راجعا إلى قول إنسان واحد أو اطلع على حقيقته إلا أنه لا يقدر أن يوقف صديقه على ما وقف هو عليه فليخبره بذلك بينه وبينه في رفق وليقل له النساء كثير أو حصن منزلك وثقف أهلك أو اجتنب أمرا كذا وتحفظ من وجه كذا فإن قبل المنصوح وتحرز فحظ نفسه أصاب وإن رآه لا يتحفظ ولا يبالي أمسك ولم يعاوده بكلمة وتمادى على صداقته إياه فليس في أن لا يصدقه في قوله ما يوجب قطيعته فإن اطلع على حقيقة وقدر أن يوقف صديقه على مثل ما وقف عليه هو من الحقيقة ففرض عليه أن يخبره بذلك وأن يوقفه على الجلية فإن غير فذلك وإن رآه لا يغير اجتنب صحبته فإنه رذل لا خير فيه ولا نقية ودخول رجل متستر في منزل المرء دليل سوء لا يحتاج إلى غيره ودخول المرأة في منزل رجل على سبيل التستر مثل ذلك أيضا وطلب دليل أكثر من هذين سخف وواجب أن يجتنب مثل هذه المرأة وفراقها على كل حال وممسكها لا يبعد عن الدياثة
============================
الناس في أخلاقهم على سبع مراتب:
فطائفة تمدح في الوجه وتذم في المغيب وهذه صفة أهل النفاق من العيابين وهذا خلق فاش في الناس غالب عليهم
وطائفة تذم في المشهد والمغيب وهذه صفة أهل السلاطة والوقاحة من العيابين
وطائفة تمدح في الوجه والمغيب وهذه صفة أهل الملق والطمع
وطائفة تذم في المشهد وتمدح في المغيب وهذه صفة أهل السخف والنواكة
وأما أهل الفضل فيمسكون عن المدح الذم في المشاهدة ويثنون بالخير في المغيب أو يمسكون عن الذم
وأما العيابون البرآء من النفاق والقحة فيمسكون في المشهد ويذمون في المغيب
وأما أهل السلامة فيمسكون عن المدح وعن الذم في المشهد والمغيب ومن كل من أهل هذه الصفات قد شاهدنا وبلون
=====================
إذا نصحت في الخلاء وبكلام لين ولا تسند سب من تحدثه إلى غيرك فتكون نماما فإن خشنت كلامك في النصيحة فذلك إغراء وتنفير وقد قال الله تعالى ) فقولا له قولا لينا ( وقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم**( لا تنفروا ) وإن نصحت بشرط القبول منك فأنت ظالم ولعلك مخطئ في وجه نصحك فتكون مطالبا بقبول خطئك وبترك الصواب لكل شيء فائدة ولقد انتفعت بمحك أهل الجهل منفعة عظيمة وهي أنه توقد طبعي واحتدم خاطري وحمي فكري وتهيج نشاطي فكان ذلك سببا إلى تواليف لي عظيمة المنفعة ولولا استثارتهم ساكني واقتداحهم كامني ما انبعثت لتلك التواليف
===========================
لا تصاهر إلى صديق ولا تبايعه فما رأينا هذين العملين إلا سببا للقطيعة وإن ظن أهل الجهل أن فيهما تأكيدا للصلة فليس كذلك لأن هذين العقدين داعيان كل واحد إلى طلب حظ نفسه والمؤثرون على أنفسهم قليل جدا فإذا اجتمع طلب كل امرئ حظ نفسه
وقعت المنازعة ومع وقوعها فساد المروءة وأسلم المصاهرة مغبة مصاهرة الأهلين بعضهم بعضا لأن القرابة تقتضي العدل وإن كرهوه لأنهم مضمرون إلى ما لا انفكاك لهم منه من الاجتماع في النسب الذي توجب الطبيعة لكل أحد الذب عنه والحماية له

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة