الموضوع: السرطان الأحمر
عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 21-01-2012, 01:00 AM   #3
معلومات العضو
فاديا
القلم الماسي
 
الصورة الرمزية فاديا
 

 

افتراضي

من حكايا النرجسية



هل صدف ان عملت في شركة يديرها نرجسيّ ؟
هل كان احد افراد عائلتك او اصدقائك نرجسيّ؟

ان من احتكّ بأحد النرجسيين ، سيشعر حتما انه مضطر ( للمشي على قشور البيض ) ، فلا يعجبه العجب ... وسيجد دوما مبررا لانتقادك والهجوم عليك ، وان حاولت نقاشه ، سيحتمي ( بغضبه ) الذي هو قناع زائف يستعمله ليفرض على الآخرين صواب رأيه ، وليشعرهم انهم دونه .. دون عقله .. دون عبقريته ...دون مستواه

سينتهي بك الأمر عاجلا ام آجلا... الى تكسير سلة البيض والهروب الى اقرب غابة والاحتماء بين اغصان اعلى شجرة من غضبه وانتقامه ، فأنت لم تعد مصدرا لنرجسيته بعد الآن ، واذا لم تختفي عن انظاره سيحاول ان يجعلك تعيش وقتا صعبا ...، هذا ما اذكره قبل سنوات حين عملت قبل ان ابدأ بدراسة الشخصيات والنفسيات لدى احد النرجسيين ....


عندما ابتدأت العمل في تلك الشركة العجيبة ...كنت اشعر ان كل شيء يسير على دقات الساعة ... حتى الكلام والخطوات وصوت الاوراق ! ...كان شيء غريب ولكنه ساحر حقا ... هذا النظام وهذا الترتيب يشعرك انك في امان وحياتك الوظيفية كلها تحت السيطرة والنظام، زادت قناعتي بأن تلك الشركة هي ( المكان الأمثل للعمل ) عندما عرفت صدفة ان هنا بعض الموظفين الذين على مقاعدهم في الوظيفة منذ اكثر من عشرين سنة ، يا الهي .. ان هذا رائع حقا .. كم انا محظوظة في عملي هذا .. الى ان اكتشفت لاحقا انهم بحكم الزمن تحولوا الى ( مدمني نرجسية )

في بداية اجتماعاتنا المهنية ، والتي كان يديرها هذا النظام النرجسي كان هناك تشويق كبير للعمل وللمضي الى الامام والى الاتقان ..والدقة ومزيد من الدقة ...
كان يتحفنا ببعض المبادئ التي لا زحزحة عنها ... مثل ..

- نؤمن ان كل انسان معرّض للخطأ .. ولكن في نظامنا لا مجال لقبول الاخطاء !
- لا تتحمس كثيرا وتشعر انك كموظف قادر على اتخاذ اي قرار.. لا زال امامك الكثير من الوقت لتتخذ مسألة القرار في اي شيء كان ، يجب الغودة لي في كل صغيرة وكبيرة ، وحتى في اقتراحاتك .. لا مجال لقبول الاخطاء !
- انجازاتك الفردية في العمل ، انا السبب فيها ، فأنا من علّمك وفهّمك .. وانا من رسم لك الطريق وفتح لك المجال لتحقق هذه الانجازات فلا تغترّ بنفسك .. لا زلت صغيرا ...( كان يقول هذا وانا انظر الى بعض الموظفين من اتم عشرين سنة وظيفية من مجموع عمره الستين سنة ، فأقول لا بأس ، لا زال صغيرا )
- على الجميع ان يعلموا من ( دقة كعب حذائي ) انني قادم ، اكره ان لا ارى الجميع مستعدون لاستقبالي في اي وقت حضرت .
- في شركتي هذه انتم في امان لا يمكن ان تحصلوا عليه في مكان آخر ، وعليكم المحافظة على هذه النعمة .
- انا احبكم جميعا ، انتم ابنائي ، اريد مصلحتكم ، اريد ان اعلمكم ، هل ستجدون هذه العناية في مكان آخر .


وغير ذلك من القوانين العجيبة .. التي اشعرتني حقا انني ( أليس في بلاد العجائب )
ثم بدأت ارى الاشياء في ريتم عجيب آخر ، لماذا كل هذا القبول والخضوع من الجميع ، وكم كنت استاء عندما يتعرض احد الموظفين للتوبيخ والشتم واللوم جراء ( تقصير ما ) يتخيله هو ، ويقتنع به الموظف ويحاول اقصى ما لديه ان يجيد ( المشي على الخيط ) ويبالغ في انتمائه للشركة وحرصه على رضا مديرها النرجسيّ ، وان تعثّر فويل له ...







وفي قصّة قرأتها قبل وقت طويل ... ان هناك طبيب شاب ، بارع في اعمال الجراحة ، وهذا ما هيأ بيئة خصبة لازدهار نرجسيته ،
لقد كان في عمله ينشد الكمال ، وكان اذا حدث وتوفي مريض بين يديه ، يلجأ الى حديقته الواسعة ليصنع له تمثالا من حجر ويعتقد انه سيبث فيه الحياة التي فقدها المريض في غرفة العمليات .. فما كان يريده ان يموت ولا يقصد ذلك ، موته كان خطأ كبير ( هكذا يعمل عقل النرجسيّ وهكذا يتحدث ) !
وعندما اكتشف انه لن يستطيع ان يعيد اليه الحياة .. حطم كل التماثيل التي صنعها واحرق نفسه بينها .!





هذه بعض من عينات الحياة النرجسية ، قناع زائف بالأمان والحب والحرص ، يليه استحواذ كامل على الشخص المقابل عاطفيا وعقليا يسبب ادمانه على الشخص النرجسيّ وعلى مبادئه وخياراته ، يلي ذلك استنزاف النرجسي لكل طاقاته .... ليحقق مصادرا لنرجسيته وامراضه

انه الخداع ، الاستغلال ، الكذب في أسوأ درجاته ، الابتزاز ، الاستفزاز ، المزاج المتأرجح ، الانقلاب الدرامي من شخصية الى أخرى بلفتة بصر ..... هذا هو المزيج الذي يكون النرجسيّة ، كانت ما كانت اشكالها .... سواء كانت نرجسية شكلية .. تتعلق بالحفاظ الدائم على المظهر والمنظر والشباب ، أو كانت نرجسية ذهنية ،تتعلق بفرادتهم وذكائهم منقطع النظير وافضالهم على من حولهم .
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة