الموضوع: مملكة النمل
عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 09-03-2006, 12:52 PM   #2
معلومات العضو
ابن حزم
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية ابن حزم
 

 

افتراضي

و لضمان العناية الفائقة لهذا الغذاء الحيوي توجد بصفة مستمرة في حجرة الزراعة مجموعة من الشغالات تستقبل أوراق شجرة " الكريزونت " و ينظفها باعتناء ، ثم تمضغها فتحيلها إلى عجينة مبللة باللعاب و تكورها على شكل كريات صغيرة لتضيفها إلى الحافة الخارجية للمزرعة بحيث تزداد مساحتها مع تقد الزمن . و يقول العالم " جوزيف وودكراتش " أن شغال آخرين يقومون في نفس الوقت بالاحتفاظ بفطريات عش الغراب الناضجة . هذا بالإضافة إلى المجهود الخارق الذي تبذله فرقة ثالثة من الشغالة في تسلق شجرة " الكريزويت " ذات الخمسة أمتار طولاً لتنزع أوراقها و تحملها إلى الأرض ، ثم إلى العش حيث تسلمها إلى أفراد الفرقة الأولى !! فمن ألهم هذا المخلوق الصغير تلك المعجزة التي يقوم بها ( ذلك الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه و هو على كل شيء وكيل ) [ الأنعام ] .

و عن لغة النمل الخفية أثبتت أحدث الدراسات العلمية لكل نوع من أنواع الحيوانات رائحة خاصة به ، و داخل النوع الواحد هناك روائح إضافية تعمل بمثابة بطاقة شخصية أو جواز سفر للتعريف بشخصية كل حيوان او العائلات المختلفة ، أو أفراد المستعمرات المختلفة .

و لم يكن عجيباً أن نجد أحد علماء التاريخ الطبيعي ( و هو رويال وكنسون ) قد صنف كتاباً مهماً جعل عنوانه " شخصية الحشرات" .

و الرائحة تعتبر لغة خفية أو رسالة صامتة تتكون مفرداتها من مواد كيماوية أطلق عليها العلماء اسم " فرمونات " ، وتجدر الإشارة إلى أنه ليست كل الروائح " فرمونات " ، فالإنسان يتعرف على العديد من الروائح في الطعام مثلاً و لكنه لا يتخاطب أو يتفاهم من خلال هذه الروائح ، و يقصر الباحثون استخدام كلمة " فرمون " على وصف الرسائل الكيماوية المتبادلة بين حيوان من السلالة نفسها . و عليه فقد توصف رائحة بأنها " فرمون " بالنسبة إلى حيوان معين ، بينما تكون مجرد رائحة بالنسبة لحيوان آخر .

و إذا طبقنا هذا على عالم النمل نجد أن النمل يتميز برائحة خاصة تدل على العش الذي ينتمي إليه ، و الوظيفة التي تؤديها كل نملة في هذا العش .

و حينما تلتقي نملتان فإنهما تستخدمان قرون الاستشعار ، وهي الأعضاء الخاصة بالشم ، لتعرف الواحدة الأخرى .

و قد وجد أنه إذا دخلت نملة غريبة مستعمرة لا تنتمي إليها ، فإن النمل في هذه المستعمرة يتعرفها من طريق رائحتها ويعدها عدواً ، ثم يبدأ في الهجوم عليها ، ومن الطريف أنه في إحدى التجارب المعملية وجد أن إزالة الرائحة الخاصة ببعض النمل التابع لعشيرة معينة ثم إضافة رائحة رائحة خاصة بنوع آخر عدو له ، أدى إلى مهاجمته بأفراد من عشيرته نفسها .

و في تجربة أخرى عم غمس نملة برائحة نملة ميتة ثم أعيدت إلى عشها ، فلوحظ أن أقرانها يخرجونها من العش لكونها ميتة ، و في كل مرة تحاول فيها العودة يتم إخراجها ثانية على الرغم من أنها حية تتحرك و تقاوم . و حينما تمت إزالة رائحة الموت فقط تم السماح لهذه النملة بالبقاء في العش .

و حينما تعثر النملة الكشافة على مصدر للطعام فإنها تقوم على الفور بإفراز " الفرمون " اللازم من الغدد الموجودة في بطنها لتعليم المكان ن ثم ترجع إلى العش ، و في طريق عودتها لا تنسى تعليم الطريق حتى يتعقبها زملاؤها ، وفي الوقت نفسه يصيفون مزيداً من الإفراز لتسهيل الطريق أكثر فأكثر .

و من العجيب أن النمل يقلل الإفراز عندما يتضاءل مصدر الطعام و يرسل عددا أقل من الأفراد إلى مصدر الطعام ، و حينما ينضب هذا المصدر تماماً فإن آخر نملة ، وهي عائدة إلى العش لا تترك أثراً على الإطلاق .

و هنالك العديد من التجارب التي يمكن إجراؤها عل دروب النمل هذه ، فإذا أزلت جزءاً من هذا الأثر بفرشاة مثلاً ، فإن النمل يبحث في المكان و قد أصابه الارتباك حتى يهتدي إلى الأثر ثانية ، و إذا وضعت قطعة من الورق بين العش و مصدر الطعام فإن النمل يمشي فوقها واضعاً أثراً كيماوياً فوقها .

و لكن لفترة قصيرة ، حيث إنه إذا لم يكن هناك طعام عند نهاية الأثر ، فإن النمل يترك هذا الأثر ، ويبدأ في البحث عن طعام من جديد.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة