عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 09-08-2005, 08:44 PM   #2
معلومات العضو
مسك الختام
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي





"°o.O.o. قواعد في أسماء اللَّه تعالى .o.O.o°"




- القاعدة الأولى : أسماء اللَّه تعالى كلها حسنى :


أي بالغة في الحسن غايته ، وفي الجمال ذروته ، قال اللَّه تعالى : ** وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ** . وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه لا احتمالاً ولا تقديرًا .

قال ابن القيم رحمه اللَّه :

وهو الجميل على الحقيقة كيف لا ........ وجمال سائر هذه الأكوان

من بعض آثار الجميل فربها .............. أولى وأجدر عند ذي العرفان

فجماله بالذات والأسماء والـ ........... أوصاف والأفعال بالبرهان

وقال أيضًا :

أسماؤه أوصاف مدح كلُّها ......... مشتقة قد حملت لمعاني..

ولحسن أسماء اللَّه معنيان :
الأول : حُسْنَى في معناها وفي نفسها .............. الثاني : حُسْنَى في أثرها لمن تعبد للَّه بها

أما المعنى الأول :
فإن أسماء اللَّه كلُّها حُسْنٌ وجمالٌ ، وخيرٌ وكمالٌ ، وقوةٌ وجلالٌ .

مثال ذلك : (( الحي )) اسم من أسماء اللَّه تعالى ، متضمن للحياة الكاملة التي لم تُسْبَق بعدم ولا يلحقها زوال ولا يطرأ عليها خلل . الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها . قال تعالى : ** وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ ** [ الفرقان : 58 ] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن اللَّه لا ينام ولا ينبغي له أن ينام )).

مثال آخر : (( العليم )) اسم من أسماء اللَّه تعالى متضمن للعلم الكامل الذي لم يُسبق بجهل ولا يلحقه نسيان ، قال اللَّه تعالى : ** عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنْسَى ** [ طه : 52 ] .
وعلمه عز وجل هو العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً ، قال تعالى : ** وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ** .

الوجه الثاني :
أن أسماء اللَّه الحسنى كلها حُسن في آثارها وعواقبها. فمن ذلك :

أولاً : أن من عرفها فقد عرف الله عز وجل ، فهي حُسنى في المقصد والثمرة التي هي معرفة اللَّه عز وجل .

ثانيًا : أن اللَّه عز وجل وَعَد عليها بعظيم الثواب من دخول الجنة لمن أحصاها وحفظها ، فهي حُسنى في العاقبة والأجر لمن تعلَّمها وآمن بها وأدَّى حقَّها ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن لله تسعةً وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة )) .

ثالثًا : ومن تمام أنها حُسنى أن اللَّه تبارك وتعالى لا يُدعى إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ، قال تعالى : ** وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ** [ الأعراف : 180 ] .


- القاعدة الثانية : أسماء الله تعالى توقيفية :


أي لا مجال للعقل فيها ؛ أي لا بد وأن تكون معرفتُها من خلال الأدلة الشرعية من القرآن وصحيح السنة المطهرة .

قال السفاريني :
لكنها في الحق توقيفية ............... لنــا بذا أدلة وفيــة

وهذا لأسباب منها :

الأول : أنها من أمور الغيب التي لا يَعلمها الخلقُ إلا أن يعلمهم اللَّهُ إياها من خلال الوحي إلى الأنبياء والرسل ، قال تعالى : ** عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ** [ الجن : 26، 27 ] .

الثاني : أن عقل الإنسان قاصرٌ لا يمكنه إدراك ما يستحقه اللَّه تعالى من الأسماء ، قال تعالى : ** وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ** ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا أحصي ثناءً عليك ))( ) . لذلك يجب الوقوف في معرفة أسماء الله على الشرع ، قال تعالى : ** وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ** .

ثالثًا : لأن القول على اللَّه بغير علم من أشد المحرمات :
فتسمية اللَّه تعالى بما لم يُسمِّ به نفسه أو إنكار ما سمَّى به نفسه جناية في حقه تعالى وتَوَعَّدَ اللَّهُ من فعل ذلك بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : ** قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ** . وقال تعالى : ** وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ** [ الحج : 3، 4 ] .

وقال تعالى : ** وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَمٍ لِلْعَبِيدِ ** [ الحج : 8- 10 ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من تعمَّد عليَّ كذبًا فليتبوأ مقعده من النار )) .
هذا عقاب الكاذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف بمن يكذب على اللَّه عز وجل ؟!


- القاعدة الثالثة : ** لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ** :


قال ابن القيم رحمه اللَّه :
لا شيء يشبه ذاته وصفاته ........... سبحانه عن إفك ذى البهتان

فإن أسماء اللَّه الحسنى ، وصفاته العُلى ليس كمثلها شيءٌ من خلقه ، فينبغي الإيمان بها كما جاءت في الشرع بلا تكييف ، ولا تمثيل ، ولا تشبيه ، قال تعالى : ** لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ** [ الشورى : 11 ] .
فينبغي إجراء النصوص على ظاهرها من غير إنكار ولا تأويل والإيمان بها كما أراد اللَّه عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .

قال الشافعي رحمه اللَّه : (( آمنت باللَّه وبما جاء عن الله ، على مراد الله ، وآمنت برسول الله ، وبما جاء عن رسول اللَّه ، على مراد رسول اللَّه )).

وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللَّه في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن اللَّهَ ينزل إلى سماء الدنيا .. )) ، و(( إن اللَّه يُرى في القيامة )) وما أشبه هذه الأحاديث : (( نؤمن بها ونصدق بها ، لا كيف ، ولا معنى ، ولا نرد شيئًا منها ، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ، ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نصف اللهَ بأكثر مما وصف به نفسه بلا حدٍ ولا غاية : ** لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ** ونقول كما قال ، ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك ، ولا يبلغه وصف الواصفين ، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شُنِّعَت ، ولا نتعدَّى القرآن والحديث ، ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت القرآن )) .

فسبحان اللَّه ، كيف يشبه المملوكُ مالكَه ، والمرزوقُ رازقَه ، والمخلوق خالقَه ؟!

قال تعالى : ** أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاَ يَخْلُقُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ** [ النحل : 17 ] .
مثال ذلك : للَّه سمع ، ولكنه ليس كسمع خلقه ، فسَمْعُ الناس يكون بجارحة تطرأ عليها الأمراض ويصيبها الخلل ، ثم إذا سمعت فإنها تسمع الصوت العالي وقد لا تسمع المنخفض وتسمع القريب ولا تسمع البعيد ، وتسمع الجهر ولا تسمع السر وتختلط عليها الأصوات فلا تميز بعضها عن بعض ، ثم يذهب ما تبقى منها ويفنى بالموت ، أين هذا من سمع اللَّه جل جلاله وتقدست أسماؤه ، فإنه يسمع ما تحت الأرض كما يسمع ما فوق السماء ، ويسمع الجماعة كما يسمع الفرد ، والقريب والبعيد عنده سواء ، والسر عنده مثل العلن ، قال تعالى : ** وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ** [ طه : 7 ] ، وقال تعالى : ** وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ** [ الملك : 13 ] .

فلا تشغله الأصوات الكثيرة عن الصوت المنفرد ، ولا أصوات صاخبة عن صوت منخفص ، فإن اللَّه تبارك وتعالى يسمع دبة النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء . وانظر إلى عائشة رضي الله عنها وهي تسبِّحُ ربها لِما علمت من إحاطة سمعه بالأصوات ، فتقول : (( الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول ، فأنزل الله عز وجل : ** قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ** [ المجادلة : 1 ] )) .

مثال آخر : للَّه وجه ، ولكنه ليس كوجوه الخلق ، فمن وجوه الخلق ما يكون دميمًا ، ولو كان جميلاً ، فهو جمالٌ بشريٌ ناقصٌ تأتي عليه الأغيار ، والحوادث ، فالمرض يُذْبلُ نضرَته ، والهِرَم يطفئ وضاءته ، ثم هو على كُلِّ الأحوال إلى فناء ، أين هذا من وجه اللَّه تبارك وتعالى الذي يفيض بالجلال ويستحى من جماله الجمال ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن اللَّهَ جميلٌ يحب الجمال )) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصف جمال وجه اللَّه : (( حجابه النور ، لو كشفه لأحرقت سُبُحاتُ وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه )) ، وجماله ثابتٌ لا يتغير ، ودائمٌ لا يفنى ، قال تعالى : ** كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ** [ الرحمن : 26، 27 ] .


- القاعدة الرابعة : الأسماء الحسنى ليست أعلامًا فقط ، ولكنها تحمل صفات ومعاني :


قال ابن القيم رحمه اللَّه :
أسماءه أوصاف مدح كلها ............... قد حملت لمعاني

والاسم العلم هو ما دل على صاحبه وعرَّفه وميَّزه عن غيره ، كأن يُسمى رجلٌ (( صادق )) أو (( كريم )) ، ولكنه ليس بالضرورة أن تكون صفتُه (( الصدق )) أو (( الكرم )) ، فقد يُسمى كريمًا ويكون بخيلاً في صفته ، أو يكون اسمه (( صادقًا )) ، والكذب من صفاته .

أما أسماء اللَّه الحسنى فهي أعلام وأوصاف معًا ، تحمل معاني وتعبر عن صفات اللَّه التامَّة الكمال والجمال . فمثلاً : من أسماء اللَّه تعالى : الغفور ، والرحيم . قال تعالى : ** وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ** .

(( فهو الغفور )) فإنه يغفر الذنوب جميعًا ، قال تعالى : ** إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ** .
(( وهو الرحيم )) فرحمته وسعت كل خلقه ، قال تعالى : ** وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ** .

مثال آخر : اسمه الخالق جل جلاله فإنه يحمل صفة الخلق ، قال تعالى : ** اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ** ، وقال تعالى : ** وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ** [ الفرقان : 2 ] ، وكذلك اسمه (( الكريم )) عز وجل ، فإن الخلق جميعًا يحيون من نعمه ويُرزقون من كرمه .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سَحَّاء( ) الليل والنهار )) . وقال : (( أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يده )).


- القاعدة الخامسة : باب الصفات أوسع من باب الأسماء :


أي أن الصفات أكثر من الأسماء ، وذلك لأن كل الأسماء تحمل صفات - كما تقدم شرحه - فكل اسم تشتق منه الصفة التي يحملها ، ولكن لا يصح اشتقاق اسم من أسماء اللَّه تعالى من الصفات ، فكل اسمٍ يحمل صفة وليس كل صفة تحمل اسم .

مثال ذلك : اسم اللَّه (( الرحمن )) يحمل صفة الرحمة ؛ لقوله تعالى : ** فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ ** ، وكذلك اسمه (( العزيز )) يحمل صفة العِزة ؛ لقوله تعالى : ** إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ** [ يونس : 139 ] ، وهكذا .

ولكن في الصفات ليس كذلك .

مثال ذلك : أن للَّه صفة الكلام ؛ لقوله تعالى لنبيه موسى : ** إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي ** [ الأعراف : 144 ] ، فهل يصح الادعاء بأن من أسماء اللَّه تعالى اسم (( المتكلم )) ؟ لا يصح بالطبع ، وكذلك صفة (( المكر )) و(( الكيد )) ، فقد ثبتت بالدليل من كتاب اللَّه ، فقال تعالى : ** وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ** [ الأنفال : 30 ] ، وقال تعالى : ** إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا ** [ الطارق : 15، 16 ] ، فلا يصح أن يُقال أن من أسماء اللَّه (( الماكر )) أو (( الكائد )) . وذلك لأن أسماء اللَّه كلها حُسْنَى ، فكل ما تحمله من الصفات العُلَى ،

أما الصفات في اللغة فهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول : أن تكون صفات كمالٍ مطلق كالحياة ، والعلم ، والقدرة ، فهي تثبت لله كلها ويُنفى عنه ما يضادها من صفات النقص مثل إثبات صفة الحياة ونفي صفة الموت ، كقوله تعالى : ** وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ ** [ الفرقان : 58 ] .

الثاني : نقص مطلق كالعجز ، والموت ، والفقر ، فهي تُنْفَى عن اللَّه كلها ، ولكن يثبت لله تعالى ما يضادها .
(( مثال ذلك )) : صفة الظلم فإنها تُنفى كلها عن اللَّه تبارك وتعالى ويثبت له العدل بل الكرم ؛ لقوله تعالى : ** إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ** [ النساء : 40 ] ؛ لأن نفي النقص وحده لا يعني الكمال ، فلابد من نفي النقص وإثبات لضده .

الثالث : صفات تحتمل كمالاً من وجه ونقصًا من وجه آخر ، فيُثْبَتُ لله تعالى فيها وجوه الكمال ، ويُنْفَى عنه منها وجوه النقص .
مثال : (( المكر )) و(( الخداع )) فإنها لو كانت من ضعيف لا يقوى على أخذ حقه فهو نقص ، وإن كانت من منافق خبيث يمكر بالمؤمنين ويخادعهم لتحقيق غرض خبيث في نفسه فهو نقص وهو من مذموم الصفات وهذا وأمثاله يُنْفَى كلُّه عن اللَّه جل جلاله .
أما إن كان (( المكر )) عقوبة بالماكرين وانتقامًا من المخادعين فهو من الكمال ، وإن كان بغير ظلم ولا ضعف فهو من الكمال ، وإن كان بعد التحذير والانذار والإمهال فهو تمام العدل والرحمة ، فهذا وأمثاله يُثْبَتُ لله جل جلاله ** وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدً ** [ الكهف : 49 ] ، ** وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ ** [ فاطر : 43 ] .


- القاعدة السادسة : الأسماء الحسنى لا تزيد ولا تنقص :


فإن أسماء اللَّه الحسنى بالغة في الحسن ذروته ، وفي الكمال غايته ، كمالاً لم يسبقه نقصان ولا يأتي عليه الأغيار في الأزمان ، فالزيادة تكون أحد أمرين :

الأول : إما أن تكون الزيادة من أسماء الله حسنى أيضًا ، وهذا يستحيل في حق الله عز وجل ؛ إذ أن الأسماء الحسنى قد صُرفت كلُّها لله وحده سواءً التي سمَّى بها نفسه أو التي أنزلها في شرعه أو استأثر بها في علم الغيب عنده ، أو علَّمها لأحدٍ من خلقه .

والثاني : أن تكون الزيادة ليست من الأسماء الحسنى ، وهذا لا يليق باللَّه جل جلاله وتقدَّست أسماؤه ، وأن الشر لا يصح صرفُه لله ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( والشر ليس إليك ))( ) .


- القاعدة السابعة : هل حُصرت الأسماء الحسنى بعددٍ معين ؟؟؟ :


أسماء اللَّه تعالى غير محصورة بعدد معين ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور : (( أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو علمته أحدًا من خلقك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ... )).

وما استأثر اللَّه تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحد حصره ولا الإحاطة به ، فأما قوله صلى الله عليه وسلم : (( إن للَّه تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا، مَن أحصاها دخل الجنة )) .

فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة : إن أسماء اللَّه تسعة وتسعون اسمًا من أحصاها دخل الجنة ، أو نحو ذلك . ونظير ذلك أن تقول : عندي مائة درهم أعددتُها للصدقة ، فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة.

ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تعيين هذه الأسماء ، والحديث المروي عنه في تعيينها ضعيف.



"°o.O.o. تابعوا معنا بقية أجزاء الموضوع .o.O.o°"
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة