عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 02-09-2004, 12:43 PM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،

بخصوص الطرح الذي طرحته أخي الكريم ( الإمام الشافعي ) – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه ، فقبل أن أجيبك على ما ذكرت أنصحك ونفسي قبل أن تنكر على أي إنسان في أي مسألة شرعية أن تتوخى النقاط الهامة التالية :

1)- أن تكون ليناً رفيقاً في الطرح ، وتكون الغاية والهدف من مناقشة أصحاب الرأي الآخر أن توصل لهم الحق وتبينه لهم ، فإن عادوا فلله الحمد والمنة ، وإن كان غير ذلك ، فقد أعذرت إلى الله سبحانه وتعالى ، واعلم أخي الحبيب أن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما انتزع من شيء إلا شانه 0

2)- اعلم يا رعاك الله أن الرقية الشرعية تحصن العبد من إيذاء الجن والشياطين ، ولكن هذا الكلام لا يعني مطلقاً أن تسلط الجن والشياطين أو إصابة العبد بأي مرض روحي ( صرع ، سحر ، عين أو حسد ) قد تكون مع الذكر والدعاء والإيمان ، وشواهد ما أقول واضحة بينة من كتاب الله عز وجل وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وحديث سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد على ما نقول ، فهو أعبد الخلق وأزهدهم وأورعهم وأتقاهم ، وقد نفذ فيه سحر لبيد بن الأعصم يتقدير الله الكوني لا الشرعي ، والحديث متفق على صحته وهو في البخاري ومسلم ، وكذلك حديث أم زفر سعدية – رضي الله عنها – وبعض أهل العلم رجح أن الذي كان بها هو مس من الجن ، وكذلك حديث عثمان بن العاص – رضي الله عنه – والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجة ، وهذا يعني أن المسلم المؤمن قد يتعرض للبلاء ، والكلام لا يعني مطلقاً أن المحافظة على الذكر والدعاء والعبادة لا يحصن المؤمن بل على العكس من ذلك تماماً ، وقد يقع الابتلاء بأمر الله سبحانه وتعالى وتقديره ومشيئته 0

3)- لا يمكن تجاهل أو إنكار الخبرات والممارسات عند أهل العلم ممن أصلوا هذا العلم ووضعوا له القواعد والأسس والأحكام بناء على منهج السلف الصالح معتمدين في ذلك على الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة الأجلاء قديماً وحديثاً ، وهناك بعض الإخوة ممن لهم باع وصولة وجولة في هذا العلم وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : الشيخ وحيد عبدالسلام بالي من جمهورية مصر العربية ، الشيخ عبدالله الحداد من الكويت ، الشيخ عبدالله السدحان من السعودية ، الشيخ محمد موسى نصر من الأردن 0

وبالنسبة للمسألة التي طرحتها وهي قدرة بعض الجن والشياطين على مفارقة الجسد والعودة إليه مرة أخرى ، فسوف أذكر لك أخي الحبيب ما ذكرته حول هذه المسألة في كتابي : ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) تحت عنوان ( ربط أصابع اليدين والقدمين ) ، على النحو التالي :

بعض الأرواح التي تصيب الإنسان بالصرع قد تكون من النوع ( الطيار ) التي تتحكم بطريقة غريبة في دخول الجسد والخروج منه ، خاصة إذا علم أن المريض سوف يتعرض للرقية الشرعية ، ولهذا النوع خاصية السرعة والسهولة لفعل ذلك ، ومن هنا ترى أن بعض المعالِجين يلجأ للطلب من أهل المريض القيام بربط أصابع القدمين واليدين لمنع خروج الجني في حالة إحضاره للرقية ، وقد ثبت نفع استخدام هذا الأسلوب بالتجربة مع بعض الحالات المرضية ، وقد لا ينفع استخدامه مع بعض الحالات الأخرى ، ويبقى الأمر خاضعا للاستقراء والتجربة العملية ، ولا حرج من الناحية الشرعية بفعله لكونه لا يتعلق ولا يرتبط بمسائل وأحكام شرعية 0

وقد وقفت على كلام أورده الإمام السيوطي نقلا عن ابن الجوزي ينقل فيه كلاما قريبا من ذلك حيث يقول : ( قال ابن الجوزي : يؤخذ له جلد يحمور فيشد به إبهاما المصاب من يديه شدا وثيقا ) ( لقط المرجان في أحكام الجان – ص 165 ) 0

قلت : تعقيبا على كلام العلامة ( ابن الجوزي ) – رحمه الله – بخصوص ربط إبهام المصاب بـ ( جلد يحمور ) الأولى عدم فعل ذلك وتخصيص هذا النوع دون غيره في العلاج ، خوفا من ترسيخ اعتقادات عند العامة والخاصة بحيث يعتقد في هذه الكيفية وهذا النوع ، ولا بد من إيضاح أن المسألة برمتها تعتمد على خبرة الحاذقين والمتمرسين في هذا العلم ، وأن هذا الاستخدام وبهذه الكيفية يعتبر وسيلة حسية مباحة في العلاج والشفاء بإذن الله سبحانه وتعالى 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن لجوء بعض المعالِجين للطلب من ذوي المريض وأقربائه بربط أصابع اليدين أو القدمين حال إحضار المريض للمعالِج ، وذلك لعدم استطاعة الجني الصارع من الهروب ، خاصة إذا كان من النوع الطيار ، وقد نفع استخدام هذا الأسلوب مع بعض الحالات ، فهل يجوز استخدام ذلك في العلاج ؟

فأجاب – حفظه الله - : ( يجوز ربط أصابع يدي المصروع وأصابع رجليه بخيط أو سلك قوي ونحوه حال القراءة عليه ومخاطبة الجن ، وذلك أن الجان لا يخرج غالبا إلا من رؤوس الأصابع ، فالراقي يقصد بربط الأصابع تعذيب الجان أو تأليمه إما بالضرب والصفع ونحوه ، أو بالقراءة عليه والرقية التي يتألم بها وقد يموت معها ، ولهذا يسمع له صياح وأصوات شديدة عند الرقية والتعذيب ، فيتمنى الخروج ولا يقدر ، ويعذبونه بدخان النار أو برائحة الكبريت الأبيض الحجري بإلقائه في النار فيتقد ويخرج له رائحة قوية ، يتألم منها الجان ، فمتى أكدوا عليه أن لا يعود أبدا حلوا رباط أحد الأصابع فخرج منه وهم يسمعون صوته عند الخروج ، فيقوم المصروع سليما ولا يشعر بما حصل والله أعلم ) ( منهج الشرع في علاج المس والصرع – 275 ، 276 ) 0

قلت : تعقيبا على فتوى فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله - ( ذكر فضيلته عن استخدام بعض المعالِجين لأساليب معينة في تعذيب الجني الصارع ومنها تعذيبه بدخان النار أو استخدام رائحة الكبريت الأبيض وكل ذلك يدخل ضمن الأسباب الحسية المباحة ، فعالم الجن له ناموسه الخاص به وقد يتأثر الجن والشياطين من جراء استخدامات معينة كاستخدام الحلتيت وبعض أنواع السعوط ونحو ذلك من أمور خاضعة للتجربة والاستقراء ، وكل ذلك يدخل ضمن نطاق الاستخدامات المباحة مع توفر الشروط والضوابط التي لا بد من توفرها لاعتبار تلك الاستخدامات ضمن النطاق الحسي المباح ، ويفضل عادة الاسترشاد بأقوال أهل العلم بخصوص تلك الاستخدامات ، مع إيضاح مسألة هامة تتعلق بكافة ما ذكر وهي عدم مغالاة المعالِج باستخدام كافة الطرق المشار إليها والتركيز على الرقية الشرعية والاستخدامات التي جاءت بها السنة المطهرة كاستخدام العسل والحليب والحبة السوداء وماء زمزم ونحو ذلك من أمور أخرى 0

يقول الشيخ عطية محمد سالم – رحمه الله - : ( بمناسبة ذكر المواثيق على الهوام ، أخذها عليهم نبي الله سليمان شاهدت إنسانا يقرأ على من بهم لمم وكانت امرأة قوية جسيمة وكان بينهما شبه المضاربة وتسمع صوت رجل على لسانها00 فلما أكثر عليه من الضرب والقراءة قال المتحدث على لسانها : فك لي لأخرج ، فيقول له تكذب : فيقسم له بالله أنه يخرج ولا يعود إليها ، فإذا بالرجل يقول أعطني الميثاق ، وقل : والذي فلق البحر لموسى ، فيرد عليه ويقول أقسمت لك بالله ، فيقول له ونعم بالله ، ولكن لا بد من الميثاق ، فسمعته ينطق به ، وكانت المرأة مربوطة أصابع الإبهام الأربعة منها بخيط من الصوف ، فطلب منه أن يفك عن إبهام يدها اليمنى فأبى عليه وقال : لم أفك عنك إلا إبهام قدمها ، وفعلا فكه وبعد لحظة فإذا بتلك المرأة القوية عنيفة الحركة ، تخمد ولا حراك بها ، فأمر أخاها وكان حاضرا أن ينتظر عليها حتى تفوق 000 فسألت هذا الرجل ولماذا لم يكتف بعهد الله وطلب ما أسماه الميثاق ، والذي فلق البحر لموسى ، فقال : إنهم أي الجن لا يرون عليهم التزاما بمثل هذا العهد ، فإنه يفي به برهم وفاجرهم 00 وها نحن الآن نجد عهودا أخذها نبي الله سليمان على الهوام 000 ) ( العين والرقية والاستشفاء من القرآن والسنة – ص 70 ، 71 ) 0

والقصد من كلامي أخي الكريم أن هناك بعض المسائل المتعلقة بعالم الجن والشياطين والاقتران الشيطاني تتبع الخبرة والممارسة عند أصحاب العلم الشرعي الحاذقين المتمرسين باعتبار أنها أسباب حسية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الضوابط لاستخدام تلك الأسباب وهي على النحو التالي :

1)- أن لا يكون فيها كفر أو شرك 0
2)- أن لا يكون فيها بدعة أو معصية 0
3)- أن لا يعتقد بذاتها في العلاج والاستشفاء ، وأنها تؤثر بإرادة الله عز وجل 0
4)- أن تكون مأمونة الجانب ، بحيث لا لاتكون مخطرة على صحة وسلامة المرضى 0
5)- أن يتم عرضها على العلماء للموافقة على استخدامها في الرقية والعلاج والاستشفاء 0

ومثال ذلك : استخدام الملح الصخري في علاج البيوت المسكونة ، وكذلك استخدام عملية الفصد في إيذاء الجن والشياطين ونحو ذلك من أمور حسية مستخدمة 0

ولا بد تحت هذا العنوان أن نفرق ما بين الأمور العقدية التي تتعلق بهذا العلم ، وأن فعلها قد يقدح أو يخدش أو يدمر عقيدة الفرد بحسب حالها ، كمن يذبح للجن والشياطين ، أو من يتوسل بهم ونحو ذلك من أمور أخرى ، وبين أمور الرقية الشرعية ، وهي أمور توقيفية تعبدية كما أشار لذلك أهل العلم الأجلاء ، ولا بد أن نفرق بين الكفر والشرك والبدعة والمعصية والخطأ فيما يتعلق بالممارسات المتعلقة بالرقية والعلاج والاستشفاء فيما يتعلق بهذا العلم 0

أرجو أن يتسع صدرك أخي الحبيب ( الإمام الشافعي ) وإن وجدت شدة في بعض ما ذكرته لك فاعلم أنها شدة من المحب لأخيه ، وفقني الله وإياك للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، سائلاً المولى عز وجل أن يفتح على يديك ويجعلك ذخراً للإسلام والمسلمين ، وأنصحك أن تحاول قدر المستطاع أن تنمي قدراتك فيما يتعلق بهذا العلم في التواصل مع المؤصلين والاستفادة من خبراتهم وآراءهم الموافقة للكتاب والسنة والأثر ، كما أنصحك أخي الحبيب بقراءة كتابي : ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) فسوف يفيدك كثيراً في كثير من مسائل العلاج والاستشفاء ، والله تعالى أعلم 0

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة