بقلم :د. بسام درويش
رغم أن الشيب قد غزا الرأس، ورغم مرور السنين، إلا أن البعض ما زال غارقاً في مستنقع الماضي وأوهام المستقبل، ولم يستفد من دروس الحياة. وبسبب الندم على الماضي، والخوف من المستقبل، يصاب الكثير منا بالقلق، والاضطرابات النفسية التي تؤثر على السلوك اليومي، جراء غمامة الحزن والمخاوف غير المبررة.
الصورة ليست قاتمة تماماً، ولكن البعض ارتضاها أن تكون أشد سواداً عما هي في الواقع. البعض يتخذ قرارات خاطئة اعتماداً على تجارب الماضي، وهذا يمكن أن يؤثر على كيفية استجابتنا وتفاعلنا بما سيحدث مستقبلا. ولكيلا نقع فريسة سهلة بين براثن الماضي، ينبغي العمل على فصل التجارب السيئة عن الجيدة في جانب اللاوعي، مع ضرورة التركيز على الحاضر، تمهيداً للانطلاق نحو مستقبل نصبو إليه.
مثل هذا الأمر، قد يكون صعباً ولكنّه لا يعدّ أمراً مستحيلاً، لهذا يوصي الخبراء بالتدرب على استعادة شريط الذكريات الجميلة والاحتفاظ بها، والتخلي عن شريط الذكريات السلبية، بعد الاستفادة منها واستخلاص الدروس والعبر. لهذا ينبغي التحّلي بالشجاعة لمواجهة المصاعب. والاعتياد على تقبل الأسوأ.
لو وقف كل واحد منّا أمام مرآة ذاته، لوجد أن بعضنا مازال حبيس أفكار وآراء قديمة ناجمة عن مواقف وتجارب سيئة مرّ بها، بينما بعضنا الآخر قد استفاد منها، وانطلق نحو الأمام دون النظر إلى الماضي، والغرق في مستنقعه، لأنه أدرك أن الزمن يمضي مسرعاً، ولا ينتظر أحداً.
أعمالنا، هي ردود أفعال، قد تكون انفعالية مدّمرة، وقد تكون مخطّطاً لها بتأن، بحيث يمكن أن نضمن نتائج جيدة. لو أمعنّا النظر في سلوكنا اليومي، وقمنا بتحليل الأخطاء التي نرتكبها عن قصد، أو دونه، لوجدنا أن مفتاح نجاحنا في حياتنا العملية والاجتماعية بين أيدينا نحن. قد نحتاج الى الدعم، وإلى من يقف إلى جانبنا، وليس هذا الأمر معيباً، بل هو حاجة متبادلة ما بين الأشخاص الذين يجتمعون تحت سقف واحد في البيت أو العمل.
غالباً ما يكون الدعم الذي نبحث عنه تجاه شيء ما مفقود. ولأن الحياة مليئة بالصعاب وليست مفروشة بالورود، لهذا ينبغي أن يعرف كل واحد منّا طريقة تفكيره بذاته من أجل تغييرها . لأن مفهومنا عن ذاتنا يؤثر في سلوكنا اليومي وفي علاقتنا مع الآخرين . من أجل تحسين مستوى حياتنا بمختلف جوانبها من المهم جدا التسلح بالمعرفة والصبر، وبذل الجهد، والتعلم من الأخطاء ومن تجارب الآخرين، ورفض القرارات المسبقة الصنع إن لم تكن مناسبة .
من يعيش في دائرة تجارب الماضي السيئة يعاني من التوتر والقلق والاضطرابات النفسية، التي تدخل الشخص ضمن حلقة مفرغة من الأمراض والأعراض والمتاعب النفسية والجسدية، ما يمنعه من أداء دوره الفعال ضمن المجتمع.