عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 02-09-2004, 06:18 PM   #3
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

ثالثا : التمائم من الكتاب والأدعية المأثورة :

إن النصوص القرآنية والحديثية جاءت متضمنة على كافة الأحكام المتعلقة بالعبادات والمعاملات وكل ما ينفع البشرية ويؤمن لها السعادة الأبدية ، وفي هذين الأصلين العظيمين ما يتلائم وطبيعة الإنسان ، ويتماشى مع غرائزه وشهواته ، فوضع الأمور المتعلقة بالإنسان وحياته وعلاقته بخالقه وبالآخرين في موضعها الصحيح الذي يجب أن تكون عليه ، فالموفق من عمل بهما وبمقتضاهما فكان من الفائزين والناجين ، ومن لم يوفق لذلك كان من الخاسرين الهالكين 0

وتلك النصوص قد وضحت العلاقة بين الخالق والمخلوق ، وبين المخلوق والمخلوق ، وبين المخلوق والعالم الغيبي ، وهذه الدلالة والمعرفة توفر للإنسان نظرة ملائمة عن الكون وأحواله ، فيعيش مطمئن البال ، قرير العين ، لمعرفته بالنظام الكامل والشامل للحياة ومتطلباتها ، وهذا ما يميز المسلم عن الكافر الذي يعيش حياته بأبعاد ورؤية محدودة ، وتراه يعيش في خوف من المجهول ، واضطراب في الفكر والسلوك والتصرف ، وتخبط في معترك الحياة ، دون إدراك حقيقتها وكنهها ، وهذا يقود تلقائيا للانحراف الأخلاقي والفساد الاداري ، ويؤدي لكثير من المظاهر الهدامة كالانتحار ، والشذوذ الجنسي ونحوه ، وهذا مما يقيض تلك المجتمعات ويدمرها عاجلا أو آجلا 0

إن القرآن الكريم والسنة المطهرة نزلا برسالة سامية للبشرية ، تحمل في عنوانها الرئيسي الاعتقاد الصحيح والعمل بمقتضى التنزيل ، وكثير من الناس اليوم خالفوا اتباع هاذين الأصلين العظيمين واعتقدوا ببعض التصورات المنحرفة عن كتاب الله ، وهي تخالف في أساسها ومجملها الهدف والغاية الذي أنزل من أجله القرآن الكريم ، فنرى البعض يستخدمه عند رأس المريض والآخر تحت وسادته ، ومنهم من يعلقه في البيوت والمنازل ، ومنهم من يكتب بعض الآيات ويعلقها للحفظ والصون ، ونحو ذلك من اعتقادات خاطئة منحرفة ، ومما يثير الدهشة والاستغراب أن بعض من يفعل ذلك ، قد لا يأتي بالفرائض ناهيك عن السنن والنوافل ، ويعيش حياته في معصية الله بعيدا عن طاعته ، فهل يعقل في تلك الأحوال أن يكون استخدام القرآن على هذا النحو وبهذه الكيفية حفظ وصون وشفاء 0

وتعليق التمائم التي تحتوي على آيات من كتاب الله وأدعية نبوية مأثورة مسألة اختلف فيها السلف على قولين : فمنهم من أجازه ، ومنهم من حرمه ، وجمهور العلماء يرى المنع ، وقد روي عن ابن مسعود وابن عباس وعقبة والإمام أحمد في رواية عنه اختارها الأكثر ، ولعموم قول الرسول : ( من تعلق شيئا وكل إليه ) ( صحيح سنن الترمذي 1691 ) الذي ذكر آنفا ، وتخصيصه بتمائم غير القرآن تخصيص من غير مخصص ، والنهي عام ، وفي المنع من تعليقها سد للذريعة الموصلة إلى الشرك ، إذ أن تعليقها يفضي إلى تعليق غيرها 0

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي ويرقى ، ولو كان تعليق التمائم جائزا لأمر
به ، وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يدل على اجازة تعليق شيء من القرآن ، وحمل بعض العلماء فعل عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه تعليق لألواح القرآن ليحفظه الصبيان لا على أنه تميمة 0

إن من أجاز فعل ذلك من السلف قد عاش في عصر كانوا يدركون فيه واقع المسلمين وحالهم وتمسكهم بعقيدتهم ، دون الاعتقاد الخاطئ عند كثير منهم في استخدام هذه التمائم والتعلق بها ، علما بأن منهم من كان يدرك خطر ذلك حتى في ذلك العصر الذي كان الإسلام فيه بأوج قوته ، وأخذوا بالقاعدة الفقهية ( درء المفسدة مقدم على جلب المصلحه ) فكيف بحالنا اليوم ، وقد انتشر في هذا العصر الجهل والضياع والاعتقاد الفاسد والبدع والزيغ والضلال ، وبخاصة أن كثيرا ممن يستخدمون هذا النوع يعتقد أنه النافع الدافع للضر ، ويتشبث به ؛ وحال فقده أو ضياعه ؛ فكأنما فقد نفسه وكل ما يملك معه 0

* أقوال أهل العلم في تعليق التمائم من الكتاب والأدعية النبوية المأثورة :

* قال محمد بن مفلح -رحمه الله- : ( وكان عبدالله بن عمرو يعلم من بلغ من ولده أن يقول قبل النوم : ( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ) ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له ، فعلقها في عنقه ) " صحيح الجامع 701 " ) ( مصائب الإنسان – ص 23 ) 0

* قال المباركفوري : ( قال السيد العلامة الشيخ أبو الطيب صديق بن حسن القنوجي في كتابه الدين الخالص : اختلف العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم في جواز تعليق التمائم التي من القرآن ، وأسماء الله تعالى وصفاته ، فقالت طائفة : يجوز ذلك ، وهو قول ابن عمرو بن العاص ، وهو ظاهر ما روي عن عائشة ، وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية ، وحملوا الحديث ( يعني حديث ابن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ( صحيح الجامع 1632 ) على التمائم التي فيها شرك 0 وقالت طائفة : لا يجوز ذلك وبه قال ابن مسعود وابن عباس وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم ، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه 0 وجزم به المتأخرون واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه 0قال بعض العلماء : وهذا هو الصحيح لوجوه ثلاثة تظهر للمتأمل 0 الأول عموم النهي ولا مخصص للعموم0الثاني : سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك 0 الثالث أنه إذا علق فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك 0 قال : وتأمل هذه الأحاديث وما كان عليه السلف يتبين لك بذلك غربة الإسلام ، خصوصا إن عرفت عظيم ما وقع فيه الكثير بعد القرون المفضلة من تعظيم القبور واتخاذها مساجد ، والإقبال إليها بالقلب والوجه ، وصرف الدعوات والرغبات والرهبات وأنواع العبادات التي هي حق الله تعالى إليها من دونه ، كما قال تعالى : ( ولا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَالا يَنْفَعُكَ ولا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( سورة يونس – الآية 106 ، 107 ) ونظائرها في القرآن أكثر من أن تحصر 0 انتهى 0
قلت : - والكلام للمباركفوري - غربة الإسلام شيء وحكم المسألة شيء آخر ، والوجه الثالث المتقدم لمنع التعليق ضعيف جدا لأنه لا مانع من نزع التمائم عند قضاء الحاجة ونحوها لساعة ثم يعلقها 0 والراجح في الباب أن ترك التعليق أفضل في كل حال بالنسبة إلى التعليق الذي جوزه بعض أهل العلم بناء على أن يكون بما ثبت لا بما لم يثبت لأن التقوى لها مراتب وكذا الإخلاص ، وفوق كل رتبة في الدين رتبة أخرى والمحصلون لها أقل ، ولهذا ورد في الحديث حق السبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ؛ أنهم هم الذين لا يرقون ولا يسترقون مع أن الرقى جائزة ووردت بها الأخبار والآثار والله أعلم بالصواب 0 والمتقي من يترك ما ليس به بأس خوفا مما فيه بأس 0 انتهى كلامه بلفظه ) ( تحفة الأحوذي - 6 / 200 ، 201 ) 0

يقول الدكتور الشيخ ابراهيم البريكان – حفظه الله – في تعقيبه على كلام المباركفوري " غربة الإسلام شيء وحكم المسألة شيء آخر " : ( بل هو وجه قوي لأنه ذريعة لإهانتها في الجملة وهو كاف في سد الذريعة ، وتضافر هذه الوجوه يدل على حرمتها ) 0

* قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي :

وفي التمائم المعلقـــات000000000000000000إن تك آيات بينــــات
فالاختلاف واقع بين السلف000000000000000000فبعضهم أجازها والبعض كف

وقد شرح تلك الأبيات – رحمه الله - قائلا : ( وفي " التمائم المعلقات " أي التي تعلق على الصبيان والدواب ونحوها إن تك هي أي التمائم " آيات " قرآنية " مبينات " وكذلك إن كانت من السنن الصحيحة الواضحات " فالاختلاف " في جوازها واقع بين السلف من الصحابة والتابعين فمن بعدهم " فبعضهم " أي بعض السلف أجازها يروى ذلك عن عائشة – رضي الله عنها - وأبي جعفر محمد بن علي وغيرهما من السلف ، والبعض منهم كف أي منع ذلك وكرهه ولم يره جائزا ، منهم عبدالله بن عكيم وعبدالله بن عمر وعقبة بن عامر وعبدالله بن مسعود وأصحابه كالأسود وعلقمة ومن بعدهم كإبراهيم النخعي وغيرهم رحمهم الله تعالى ، ولا شك أن منع ذلك أسد لذريعة الاعتقاد المحظور ، لا سيما في زماننا هذا فإنه إذا كرهه أكثر الصحابة والتابعين في تلك العصور الشريفة المقدسة - والإيمان في قلوبهم أكبر من الجبال – فلأن يكره في وقتنا هذا – وقت الفتن والمحن – أولى وأجدر بذلك ، كيف وهم قد توصلوا بهذه الرخص إلى محض المحرمات وجعلوها حيلة ووسيلة إليها ، فمن ذلك أنهم يكتبون في التعاويذ آية أو سورة أو بسملة أو نحو ذلك ثم يضعون تحتها من الطلاسم الشيطانية ما لا يعرفه إلا من اطلع على كتبهم ، ومنها أنهم يصرفون قلوب العامة عن التوكل على الله – عز وجل – إلى أن تتعلق قلوبهم بما كتبوه ، بل أكثرهم يرجفون بهم ولم يكن قد أصابهم شيء ) ( معارج القبول – 2 / 510 ) 0

وقال – رحمه الله - : ( يروى جواز ذلك عن بعض السلف ، وأكثرهم على منعه كعبد الله بن عكيم ، وعبدالله بن عمرو ، وعبدالله بن مسعود ، وأصحابه – رضي الله عنهم – وهو الأولى لعموم النهي عن التعليق ، ولعدم شيء من المرفوع يخصص ذلك ، ولصون القرآن عن إهانته ، إذ يحملونه غالباً على غير طهارة ، ولئلا يتوصل بذلك إلى تعليق غيره ، ولسد الذريعة عن اعتقاد المحظور ، والتفات القلوب إلى غير الله عز وجل لا سيما في هذا الزمان ) ( كتاب 200 سؤال وجواب في العقيدة الإسلامية – ص 79 ) 0

* قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ - رحمه الله - : ( قلت هذا هو الصحيح - عدم تعليقها مطلقا - لوجوه ثلاثة تظهر للمتأمل :
الأول : عموم الأدلة ولا مخصص لها 0
الثاني : سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك 0
الثالث : أنه إذا علق فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حالة قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك ) ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد – ص 170 ) 0

* قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - : ( أما التمائم فلم يرد في شيء من الأحاديث استثناء شيء منها فوجب تحريم الجميع عملا بالاداة العامة والحجة الثانية : سد ذرائع الشرك ، وهذا أصل عظيم في الشريعة ، ومعلوم أنا إذا جوزنا التمائم من الآيات القرآنية والأحاديث المباحة انفتح باب الشرك واشتبهت التميمة الجائزة بالممنوعة 0 وتعذر التمييز بينهما إلا بمشقة عظيمة ، فوجب سد الباب ، وقفل هذا الطريق المفضي إلى الشرك 0 وهذا القول هو الصواب لظهور دليله 0 والله الموفق ) ( فتاوى المرأة المسلمة – 1 / 163 – نقلا عن فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - 87 ) 0

* قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين : ( وأما إذا كانت التمائم من القرآن أو من أدعية مباحة ، فقد اختلف العلماء في تعليقها ، سواء علقها في الرقبة أو على العضد أو على الفخذ أو جعلها تحت وسادته أو ما أشبه ذلك ، والراجح من أقوال أهل العلم عندي أنها لا تجوز لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس من حقنا أن نثبت سببا لم ترد به الشريعة ، فإن إثبات الأسباب التي لم ترد بها الشريعة كإثبات الأحكام التي لم ترد بها الشريعة ، بل إن إثبات السبب هو في الحقيقة حكم بأن هذا السبب نافع ، فلا بد من أن يثبت ذلك عن صاحب الشرع وإلا كان لغوا وعبثا لا يليق بالزمن ) ( فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين – ص 381 ) 0

* سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن جواز تعليق التمائم لعلاج الاضطرابات النفسية :

فأجاب - حفظه الله - لا يجوز تعليق التمائم ، وتجوز الرقية بالقرآن والأدعية والأوراد المأثورة وكثرة الذكر والأعمال الصالحة والاستعاذة من الشيطان والبعد عن المعاصي وأهلها ، فكل ذلك يجلب الراحة والطمأنينة والحياة السعيدة ) ( الأحكام والفتاوى الشرعية لكثير من المسائل الطبية – ص 65 ، 66 ) 0

* قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - : ( وقد يكون المعلق من القرآن ، فإذا كان من القرآن فقد اختلف العلماء في جوازه وعدم جوازه 0 والراجح عدم جوازه سدا للذريعة فإنه يفضي إلى تعليق غير القرآن ، ولأنه لا مخصص للنصوص المانعة من تعليق التمائم كحديث ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ( صحيح الجامع 1632 ) رواه أحمد وأبو داوود وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - مرفوعا ( من علق تميمة فقد أشرك ) ( صحيح الجامع 6394 ) ، وهذه نصوص عامة لا مخصص لها ) ( الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد – 1 / 83 ) 0

* قال الشيخ يوسف القرضاوي - حفظه الله - : ( وإذا اختلف السلف في مثل هذه القضية ؛ فللمسلم أن يأخذ ما يطمئن إليه قلبه من أحد الرأيين ، وإن كنت أرجح ما رآه أصحاب ابن مسعود من كراهية التمائم كلها 0
وهذا الترجيح مرده إلى جملة أمور :
أولها : عموم النهي عن التمائم ، حيث لم تفرِّق النصوص بين بعضها وبعض ، ولم يوجد مخصص 0
وثانيها : سد الذريعة ، حتى لا يُفضي إلى تعليق ما ليس كذلك 0
وثالثها : أنه علَّق ذلك ، فإنه لا بد أن يمتهنه ، بحمله في حال قضاء الحاجة ، والجنابة ونحوها 0
ورابعها : أن القرآن إنما أُنزل ليكون هداية ومنهاجاً للحياة ، لا ليتخذ تمائم وحجباً ، وما إلى ذلك ) ( موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى ومن التمائم والكهانة والرقى – ص 149 - 150 ) 0

* وقال – حفظه الله - ( اختلف السلف في تعليق التميمة التي من القرآن أو تشمل أسماء الله أو صفاته فهل هي من التمائم ؟ أم تستثنى منه ، ويجوز تعليقها ؟ والذي نختاره – والكلام للقرضاوي – هو المنع من التمائم كلها وإن كانت من القرآن ، لعدة أدلة :
أولاً : عموم النهي عن التمائم ؛ فإن الأحاديث لم تستثن منها شيئاً 0
ثانياً : سد الذريعة ، فإن الترخيص في تعليق التمائم إذا كانت من القرآن يفتح الباب لتعليق غيرها ، وباب الشر إذا فتح لا يسد 0
ثالثاً : أن هذا يعرض القرآن للامتهان ، حيث يحمله من علّقه في الأماكن النجسة ، وفي وقت قضاء الحاجة ، وفي حالة الجنابة ، والحيض ، ونحوها 0
رابعاً : أن في ذلك استخفافاً بالقرآن ومناقضة لما جاء له ، فإن الله أنزله ليهدي الناس للتي هي أقوم ، ويخرجهم من الظلمات إلى النور ، لا ليتخذ تمائم وأحرازاً للنساء والأطفال ) ( حفيفة التوحيد – ص 49 ) 0

* قال الشيخ عطية صقر : ( اختلف العلماء في جواز كتابة بعض آيات من القرآن أو أسماء الله لتكون تمائم ، فقالت طائفة بجوازه ، ونسبوا هذا إلى عمرو بن العاص وأبي جعفر الباقر ، ورواية عن الإمام وقالت طائفة بمنعه ، لحديث أحمد : " من علق تميمة 000 " 0
وجزم كثير من العلماء بقول الطائفة الأخيرة ، لعموم النص ، وسدّاً للذريعة حتى لا يكبر الصغار وهم يعتقدون أن التمائم هي التي تشفي وتحفظ دون إرادة الله ، يراجع تفسير القرطبي جزء 10 ص 318 ) ( منبر الإسلام – العدد 10 السنة 45 ، شوال 1407 هـ – يونيه 1987 م – ص 139 ) 0

* قال الدكتور إبراهيم بن محمد البريكان – حفظه الله - : ( والحق فيما يظهر مع المحرم ، لعموم الأدلة في تسمية التمائم شركا فلم تفرق بين ما كان من القرآن وبين ما كان من غيره ، ولما في إجازتها من فتح الباب أمام النوع المتفق على تحريمه فللذرائع حكم ما هي وسيلة إليه فتكون محرمة كالتمائم من غير القرآن ، ولما فيها من تعلق القلب عليها ، ومن كان هذا حاله حق عليه أن يوكل إلى ما تعلق به ، ولما في ذلك من تعريض القرآن للإهانة حال النوم ودخول الخلاء ، وتعريضها للعرق والأوساخ وغير ذلك من الأمور التي ينزه عنها القرآن ، ولأنها ذريعة الدجالين والمشعوذين لعمل التمائم الشركية بدعوى أنها من القرآن 0 قال إبراهيم النخعي : " كانوا يكرهون التمائم كلها ، من القرآن وغير القرآن " ) ( المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية – ص 151 ) 0


* محاذير استخدام التمائم المكتوبة من الكتاب والسنة :

أ - إن كتاب الله نزل برسالة سامية تؤصل في منهجها ومضمونها الاعتقاد الراسخ الصحيح أولا ومن ثم ترسخ قواعد التعامل ما بين العبد وربه ، وما بين البشر بعضهم ببعض ، ولم يكن الهدف مطلقا من هذا الكتاب العظيم أن يعلق على الصدور أو البيوت ونحوه ، بل تنزل للحفظ والفهم والتدبر والعمل بمقتضاه ، ولنا في صحابته صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ، قال ابن كثير - رحمه الله - : ( قال الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود -رضي الله عنه – قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن 0 وقال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا ) ( تفسير القرآن العظيم - 1 / 4 ) 0

ب - يخشى من التعلق بتلك التمائم والاعتقاد أن بها جلب منفعة أو دفع مضرة ، دون الاعتقاد بالله سبحانه وتعالى 0

ج - عدم الدخول بهذه التمائم إلى أماكن الخلاء ، كما أفتى بذلك العلماء الأجلاء - حفظهم الله - ، وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم الدخول بالمصحف للخلاء فأجابت : ( حمل المصحف بالجيب جائز ، ولا يجوز أن يدخل الشخص الحمام ومعه مصحف بل يجعل المصحف في مكان لائق به تعظيما لكتاب الله واحتراما له ، لكن إذا اضطر إلى الدخول به خوفا من أن يسرق إذا تركه خارجا جاز له الدخول به للضرورة ) ( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – 4 / 40 ) 0

قلت : فالحاصل أن الراجح بل الصحيح من أقوال أهل العلم عدم جواز تعليق التمائم ، وإن كانت من كتاب الله أو من الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لأسباب ثلاث ، الأول منها : عموم الأدلة ولا مخصص لها ، والثاني : سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك ، والثالث : أنه إذا علق فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حالة قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك ، والله تعالى أعلم 0
الفقرة الثانية من السؤال الثاني : وهل تستخدم كعلاج للعين ؟ وما الكيفية الصحيحة للعلاج بها ؟

الجواب : كما تم الإشارة آنفاً فإن الكيفية المذكورة في استخدام الحبة السوداء تعتبر من التمائم التي تفضي إلى الكفر المخرج من الملة ، أما الاستخدام الصحيح لها فهو استخدامها مع العسل أو الحليب أكلاً أو شرباً ، والله تعالى أعلم 0

السؤال الثالث : سمعنا بأن أثر العين يزول بموت العائن فهل هذا صحيح ؟

الجواب : لم يرد نص في الكتاب والسنة يبين أن العين تنتهي وتزول بموت العائن ، وهذه المسألة تخضع للتجربة والإثبات ، لكونها لا تتعلق بأحكام شرعية ، وقد نقل لي بعض الثقات قصص تدل على وقوع ذلك ، وأن العين تنتهي بمجرد موت العائن ، ونقل هذا الأمر تواترا ، وأذكر قصتين بخصوص ذلك :

القصة الأولى : ذكرها لي الشيخ ( صالح بن حمود التويجري ) - حفظه الله - ، نقلا عن والده العلامة ( حمود بن عبدالله التويجري ) - رحمه الله - ، وهي قصة امرأة أصيبت بالشلل ، وبقيت على ذلك الحال فترة طويلة من الزمن ، وذات يوم وأثناء طوافها ببيت الله الحرام وفي ساعة معينة شعرت بقدرة على الحركة وبقدرة الله تعالى استطاعت المرأة أن تمشي وتعود إلى سابق عهدها ، وتبين بعد ذلك أن رجل معيانا توفي بالقرية في نفس الوقت الذي استطاعت المرأة أن تمشي وأن تعود لسابق عهدها بعد أن كانت مقعدة لا تستطيع الحراك ، والله تعالى أعلم 0

القصة الثانية : ( يروى أن شخصا من قرية معينة أخذ خمسا وعشرون سنة وهو مقعد وبعد مضي تلك الخمس والعشرين سنة مات رجل في نفس القرية وبعد صلاة الفجر أحس الرجل المعقد أنه يريد أن يتحرك وبالفعل وقف الرجل على قدميه فعلم أن ذلك الرجل قد أصابه بعين ) ( نقلاً عن كتاب " العين حق " للأستاذ أحمد بن عبدالرحمن الشميمري - 42 ) 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين : هل تنتهي العين بموت العائن ؟

فأجاب – حفظه الله - : ( تواتر عن العامة والخاصة أن تأثير العين يزول بموت العائن ، فيحس المعين بتحسن وتغير ظاهر كالمحبوس عن امرأته من أثر العين يزول حبسه بموت العائن ، وكذا المصاب بمرض في بدنه أو في ماله بنقص أو سوء تصرف أو قلة ثمره أو فساد شجر أو نحو ذلك ، هكذا يتناقل الناس بينهم ، ولعل السبب أن نفس العائن متعلقة ببدنه وبقلبه فيتولد منهما ذلك الضرر بإذن الله تعالى ويزول بزوال النفس ومفارقتها للبدن ويضعف أثرها أو يبطل ) ( المنهل المعين في إثبات حقيقة الحسد والعين ) 0

وقال – حفظه الله - : ( هكذا سمعنا ويقال أن ذلك مجرب ويؤيده الواقع المشاهد ولعل الحكمة في ذلك أن نفس العائن وروحه ما دامت في جسدها فإنها متوجهة نحو المعين ولها التأثير فيه ، فمتى مات وانفصلت الروح من الجسد فالعادة أن تأثيرها يبطل فيشفى ذلك المعين بإذن الله من أثر تلك العين والله أعلم ) ( المنهل المعين في إثبات حقيقة الحسد والعين ) 0

السؤال الرابع : بعض الأشخاص يصاب بالعين في عمله أو في شيء يملكه كالسيارة أو البيت . . . وغيرها فهل يترك عمله أو بيته أو سيارته أو غيرها من أجل العين أم ماذا يفعل ؟

الجواب : من يحصل له مثل ذلك فعليه أن يعتمد ويتوكل على الله سبحانه وتعالى ، ويتخذ كافة الوسائل الشرعية والحسية في العلاج والاستشفاء ، وعليه بذل كل ما يستطيع في سبيل تحقيق ذلك ، ولا يرى بأساً ببيع السيارة أو البيت أو ترك العمل بعد اتخاذ الوسائب والأسباب المذكورة ، كي لا يحصل التشاؤم من قبل المعين ، وهنا لا بد من طرح سؤال مهم للغاية :

وهو : كيفية التوفيق بين حديث ( الشؤم في ثلاثة 000 ) وبين حديث ( لا طيرة 000 ) :

معلوم أن بعض الأحاديث الصحيحة الثابتة تبين خطورة الطيرة أو التشاؤم ، مع ورود بعض الأحاديث الصحيحة التي تنص على أن الشؤم في ثلاث 000 ومنها حديث : " الشؤم في
ثلاث : الدار ، والمرأة والفرس " ( متفق عليه ) ، ولكي نقف على حقيقة هذا الأمر والتوفيق بين تلك الأحاديث كان لا بد لنا من وقفة تأمل وإلقاء الضوء على أقوال أهل العلم بخصوص هذه المسألة المهمة :

* سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن شخص سكن في دار فأصابته الأمراض وكثير من المصائب مما جعله يتشاءم هو وأهله من هذه الدار فهل يجوز له تركها لهذا السبب ؟ فأجاب – حفظه الله – بقوله : ربما يكون بعض المنازل أو بعض المركوبات أو بعض الزوجات مشئوما يجعل الله بحكمته مع مصاحبته إما ضررا أو فوات منفعة أو نحو ذلك ، وعلى هذا فلا بأس ببيع هذا البيت والانتقال إلى بيت غيره ، ولعل الله أن يجعل الخير فيما ينتقل إليه ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الشؤم في ثلاث : الدار ، والمرأة والفرس " ( متفق عليه ) ، فبعض المركوبات يكون فيها شؤم ، وبعض الزوجات يكون فيهن شؤم ، وبعض البيوت يكون فيها شؤم فإذا رأى الإنسان ذلك فليعلم أنه بتقدير الله – عز وجل – وأن الله سبحانه وتعالى بحكمته قدر ذلك لينتقل الإنسان إلى محل آخر 0 والله أعلم ) ( فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين – 1 / 70 ، 71 ) 0

* قال المناوي - رحمه الله - في شرح الحديث : ( " إنما الشؤم " بضم المعجمة وسكون الهمزة وقد تسهل ضد اليمن إنما هو كائن " في ثلاثة " وفي رواية في أربع فزاد السيف " في الفرس " إذا لم يغز عليه أو كان شموسا أو جموحا ومثله البغل والحمار كما شمله قوله في رواية الدابة " والمرأة " إذا كانت غير ولود أو سليطة " والدار " ذات الجار السوء أو الضيقة أو البعيدة عن المسجد وقد يكون الشؤم في غيرها أيضا فالحصر فيها كما قال ابن العربي بالنسبة للسعادة لا للخلقة كذا حمله بعضهم وأجراه جمع منهم ابن قتيبة على ظاهره فقالوا النظير بهذه الثلاثة مستثنى من قوله لا طيرة وأنه مخصوص بها فكأنه قال لا طيرة إلا في هذه الثلاثة فمن تشاءم منها حل به ما كره وأيد بخبر الطيرة على من تطير قال المازري وقد أخذ مالك بهذا الحديث وحمله ولم يتأوله وانتصر له بحديث يحيى بن سعيد جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( فقالت : دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فذهب العدد وقل المال فقال دعوها ذميمة ) ( صحيح أبو داوود 3322 ) قال القرطبي ولا يظن بقائل هذا القول أن الذي رخص من الطيرة بهذه الثلاثة هو على نحو ما كانت الجاهلية تعتقده فيه وتفعل عندها وإنما معناها أنها أكثر مما يتشاءم به الناس لملازمتهم إياها فمن وقع في نفسه شيء من ذلك فله إبداله بغيره مما يسكن له خاطره مع اعتقاده أنه تعالى الفعال وليس لشيء منها أثر في الوجود وهذا يجري في كل متطير به وإنما خص الثلاثة بالذكر لأنه لا بد للإنسان من ملازمتها فأكثر ما يقع التشاؤم بها قال وأما الحمل الأول فيأباه ظاهر الحديث ونسبته إلى أنه مراد الشارع من فاسد النظر وفي معنى الدار الدكان والحانوت والخان ونحوها ، والمرأة تتناول الزوجة والسرية والخادم كما في المفهم ويشكل الفرق بين الدار ومحل الوباء حيث وسع في الارتحال عنها ومنع الخروج من محله وأجيب بأن الأشياء بالنسبة لهذه المعاني ثلاثة :
أحدها : ما لم يقع التأثر به ولا اطردت عادة عامة ولا خاصة به كلقي غراب في بعض الأسفار أو صراخ بومة في دار فلا يلتفت إليه وفي مثله قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لا طيرة 0
الثاني : ما يحصل به الضرر لكنه يعم ويخص ويندر ولا يتكرر كالطاعون فهذا لا يقدم عليه عملا بالأحوط ولا يفر منه لإمكان حصول الضرر للفار فيكون تنفيره زيادة في محنته وتعجيلا في هلكته 0
الثالث : سبب يخص ولا يعم ويلحق منه الضرر بطول الملازمة كهذه الثلاثة فوسع للإنسان الاستبدال عنها والتوكل على الله والإعراض عما يقع في النفوس منها من أفضل الأعمال كما ذكره بعض أهل الكمال ) ( فيض القدير – باختصار – 2 / 560 ، 561 ) 0

* قال النووي : ( اختلف العلماء في هذا الحديث ، فذهب الخطابي وكثير من العلماء ، إلى أن هذا الحديث في معنى الاستثناء من الطيرة ، أي أن الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها ، أو امرأة يكره صحبتها ، أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه ، وطلاق المرأة 0 وقال آخرون : شؤم الدار ضيقها ، وسوء جيرانها ، وأذاهم ، وشؤم المرأة عدم ولادتها ، وسلاطة لسانها ، وتعرضها للريب 0 وشؤم الفرس : أن لا يغزى عليها ، وقيل : حرانها وغلاء ثمنها 0 وشؤم الخادم سوء خلقه ، وقلة تعهده لما فوض إليه 0 وقيل المراد بالشؤم هنا عدم الموافقة 0 واعترض بعض الملاحدة بحديث لا طيرة على هذا ، فأجاب ابن قتيبة وغيره بأن هذا مخصوص من حديث لا طيرة إلا في هذه الثلاثة 0 قال القاضي : قال بعض العلماء : الجامع لهذه الفصول السابقة في الأحاديث ثلاثة أقسام - وذكر ما ذكره المناوي - رحمه الله - آنفا ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 383 ، 385 ) 0

* وقال مالك وطائفة : هو على ظاهره ، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سببا للضرر والهلاك بقضاء الله وقدره ، واستدلوا بحديث أنس - رضي الله عنه - أنه قال : ( قال رجل : يا رسول الله إنا كنا في دار كثير فيها عددنا ، وكثير فيها أموالنا ، فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا ، وقلت فيها أموالنا 0 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذروها ذميمة " ) ( صحيح أبو داوود 3322 ) 0

قال ابن الأثير في قوله " دعوها ذميمة " أي اتركوها مذمومة ، وإنما أمرهم بالتحول عنها إبطالا لما وقع في نفوسهم من أن المكروه إنما أصابهم بسبب الدار وسكناها ، فإذا تحولوا عنها انقطعت مادة ذلك الوهم ، وزال ما خامرهم من الشبهة والوهم الفاسد والله أعلم ) ( جامع الأصول – 7 / 641 ) 0

سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن التوفيق بين قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا طيرة ولا هامة ) وقوله : ( إن كانت الطيرة ففي البيت والمرأة والفرس ) ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا 0

فأجاب – رحمه الله - : ( الطيرة نوعان : الأولى : من الشرك ، وهي التشاؤم من المرئيات أو المسموعات ، فهذه يقال لها طيرة ، وهي من الشرك ولا تجوز 0
الثانية : مستثناة وهذه ليست من الطيرة الممنوعة ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح : ( الشؤم في ثلاث : في المرأة ، وفي الدار ، وفي الدابة ) وهذه هي المستثناة ، وليست من الطيرة الممنوعة ، لأن بعضهم يقول : إن بعض النساء أو الدواب فيهن شؤم وشر بإذن الله ، وهو شر قدري ، فإذا ترك البيت الذي لم يناسبه ، أو طلق المرأة التي لم تناسبه ، أو الدابة ايضا التي لا تناسبه فلا بأس ، فليس هذا من الطيرة ) ( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة – فتاوى العلماء – ص 142 ) 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين عن كيفية التوفيق بين الحديث الصحيح ( الشؤم في ثلاثة 000 ) وحديث الطيرة ( من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك ) ؟

فأجاب – حفظه الله – : ( أجاب عن حديث الشؤم في ثلاثة أئمة الدعوة رحمهم الله تعالى ، وكذا قبلهم مشاهير العلماء ، فقد نقل الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله في باب الطيرة من شرحه على كتاب التوحيد عن الخطابي أن هذا مستثنى من الطيرة أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره
صحبتها أو فرس أو خادم فليفارق الجميع ولا يقيم على الكراهة الخ 000 وقالت طائفة أخرى : الشؤم بهذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها ، أما من توكل على الله فلا تكون مشؤومة عليه ، فقد يجعل الله تعالى تشاؤم العبد سببا لحلول المكروه كما يجعل الثقة به والتوكل عليه من أعظم أسباب دفع الشر 0 وقال ابن القيم - رحمه الله - : إخباره صلى الله عليه وسلم بالشؤم في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها الله تعالى وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق أعيانا منها مشؤومة على من قاربها وسكنها وأعيانا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولدا مباركا يريان الخير على وجهه ويعطي غيرهما ولدا مشؤما يريان الشر على وجهه ، وكذلك ما يعطاه العبد من ولاية أو غيرها ، فكذلك الدار والمرأة والفرس ، والله سبحانه خالق الخير والشر والسعود والنحوس فيخلق بعض هذه الأعيان سعودا مباركة ويقضي بسعادة من قاربها وحصول اليمن والبركة له ، ويخلق بعضها نحوسا ينتحس بها من قاربها ، وكل ذلك بقضائه وقدره ، كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة كما خلق المسك وغيره من الأرواح الطيبة ولذذ بها من قاربها من الناس ، وخلق ضدها وجعلها سببا لألم من قاربها من الناس ، والفرق بين هذين النوعين مدرك بالحس ، فكذلك في الديار والنساء والخيل فهذا لون والطيرة الشركية لون انتهى ) ( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) 0

قلت : والظاهر من أقوال أهل العلم فيما يتعلق بهذه المسألة أنه قد وسع للإنسان من جراء ملازمته لتلك الأمور الثلاثة بالاستبدال عنها والتوكل على الله والإعراض عما يقع في النفوس ، لأن لا يؤدي مثل ذلك الأمر للوقوع في الشرك ، وهذا لا يعارض حديث " لا طيرة " بل يؤكده ، فالمسلم يعيش متيقنا بخالقه ، عالما أن مقادير الأمور تحت تقديره ومشيئته ، ولا يربط حياته بشؤم وطيرة ونحوه والله تعالى أعلم 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة