عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 30-12-2009, 07:41 PM   #2
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

[6] تربية الطفل على الاستسلام لله وطاعة رسوله:

لا بد أن يوضح الوالدان للأطفال منذ نعومة أظفارهم أن الاستسلام لأحكام الدين وأوامره واجب؛ لأن الإسلام مشتق من الاستسلام، وأنه ليس لهم أن يقيسوا الدين بعقولهم وآرائهم، لأن العقل له حد ينتهي إليه،وكثيرًا ما تخطئ العقول وتعجز عن تفسير جميع أمور الدين، ويجب أن يوضحوا لهم أن المسلم الحقيقي هو الذي ينفذ أوامر الشرع دون معرفة السبب الذي خفي عليه.

ويقول الأستاذ محمد قطب في منهج التربية الإسلامية، 2/124 ـ 126: 'وجميل جدًا أن يقتنع الطفل بحكمة ما يفعل، لأن ذلك أيسر للتنفيذ القلبي، وأرجى للثمرة من التنفيذ بغير اقتناع، ولكن أن يكل الوالدان تنفيذ الحق إلى الاقتناع به فهذا أمر لا يأتيه إلا من سفه نفسه؛ حيث إن منهج التربية الإسلامية يقوم ابتداءً على طاعة الله التي هي طاعة تسليم سواء علم الإنسان الحكمة أم لم يعلم، وسواء اقتنع بها عقله أم لم يقتنع. يقول الله تعالى: **وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ** [الأحزاب:36]،
فليوضحا للطفل بأنه من حق المسلم أن يسأل:
لماذا؟ فإذا علم أنه أمر الله ورسوله فقد انتهى السؤال ووجبت الطاعة وليس معنى هذا هو التحكم الفارغ من الأبوين لمجرد الإلزام بالطاعة وتعويد الطفل عليها، فذلك حري أن ينتهي به على التمرد والاستكانة وكلاهما فاسد إنما معناه أن يتحرى الوالدان القصد في الأوامر'
لذا فمن الصفات الهامة التي ينبغي على الوالدين زرعها في نفوس الأطفال مسألة طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يبدأ في ذلك منذ الطفولة المبكرة، ويقصا عليهم من القصص ما يناسب إدراكهم، وسنهم، وفهمهم، ومن ذلك قصة هاجر رضي الله عنها حين تركها إبراهيم عليه السلام في واد غير ذي زرع ومعها طفلها إسماعيل في مكة، وليس فيها يومها عشب ولا شجر ولا بئر ولا نهر ولا حيوان ولا بشر، ولما أراد أن يذهب ويتركها هناك قالت له: أتتركنا هنا وليس هنا ماء ولا طعام ؟ هل أمرك الله بهذا ؟ فقال إبراهيم:
نعم، فقالت إذن لا يضيعنا وأيضًا قصة إسماعيل مع أبيه إبراهيم يوم الذبح، وغيرها من القصص التي تعمق مفهوم روح الامتثال والطاعة في نفوس الأطفال.

[7] تنشئة الأطفال على عبادة الله عز وجل وأداء الشعائر الدينية:

العبادة هي الوسيلة الفعالة لتربية القلب؛ لأنها تعقد الصلة الدائمة بالله عز وجل، والشعائر التعبدية كالصلاة والصوم والزكاة والحج الحكمة الأساسية منها ربط العبد بربه وتمتين الصلة به، أما إذا ضعفت الصلة بالله عز وجل فسوف تذبل النفس وتضمر، ويهبط الإنسان، ويسلك في حياته ما يشبع جسده، ويحبس نظره، وآماله على هذه الأرض وهذه الحياة الدنيا وتعويد الطفل شعائر العبادة وفي مقدمتها الصلاة يكون عن طريق التربية بالعادة، فهي تتحول بالتعويد إلى عادة لصيقة لا يستريح حتى يؤديها، وكذلك الحال في جميع أنماط السلوك الإسلامي، وكل الآداب والأخلاقيات الإسلامية والأبوان المسلمان يعودان الطفل هذه العادات بالقدوة، والتلقين، والمتابعة، والتوجيه، حتى إذا اكتمل نموه يكون قد اكتمل تعوده العادات الإسلامية.

والتعويد لا يتم بسهولة، بل يحتاج إلى جهد، ولكنه بعد أن يتم يصبح أمرًا سهلاً ينفذ بأيسر جهد، أو بغير جهد، وتكوين العادة في الصغر أيسر من تكوينها في الكبر، ومن أجل هذه السهولة في تكوين العادة في الصغر،
يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتعويد الأطفال الصلاة قبل موعد التكليف بها بزمن كبير، حتى إذا جاء وقت التكليف كانت قد أصبحت عادة بالفعل، وجميع آداب الإسلام وأوامره سائرة على هذا المنهج، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدد لها زمنًا معينًا كالصلاة، فكلها تحتاج إلى تعويد مبكر، وكلها تحتاج بعد فترة من الوقت إلى الإلزام بها إن لم يتعودها الصغير من تلقاء نفسه.

[منهج التربية الإسلامية، محمد قطب، 2/145ـ148].

ولكن على الوالدين أن يأخذا فائدة العادة ويتجنبا ضررها، وذلك بأن يكونا هما مستشعرين للقيم والمبادئ الإسلامية من وراء سلوكهما اليومي، ولا يكونا مؤدبين لهذا السلوك بطريقة آلية، وخاصة في الصلاة التي هي عنوان الإسلام.

[8] الإيمان بالغيب:

الأطفال عادة يقوم إدراكهم على الملموسات، ويعتريهم الشك فيما لا تراه عيونهم، لذلك يجب على الوالدين إدراك ذلك والتعرف على مكونات نفوس الأطفال فيحصل معهم نوع من التدرج في الأمور الدينية من الملموس إلى الغيبي، ويحاولان الوصول إلى إقناع الأطفال بما يعرضانه عليهم متخذين لذلك الوسائل والأساليب المناسبة.

ومن أفضل الوسائل والأساليب التي تقرب المعنى الغيبي إلى أذهان الأطفال ما استخدمه القرآن الكريم ومنها:

أ] تشبيه الغيبيات بأمور محسوسة ملموسة تقرب المعنى،
مثل: أطعمة الجنة في قوله تعالى: **مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ...** [محمد:15].

ب] تشبيه الغيبيات بغيبيات لها في الأذهان صورة معينة يمكن الإنسان من تخيلها وتصورها، كتصوير شجرة الزقوم: **طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ** [الصافات:65]، فالعرف جار بأن الشيطان مثال للبشاعة والقبح.

فضرب الأمثال من الأسباب التربوية الهامة التي على الوالدين أن يلجآ إليها؛ لأنها تلعب دورًا هامًا في تقريب المعنى لذهن الطفل، ورسم صورة ولو مختلفة قليلاً عن الواقع تقريبية، تكون أفضل من ترك الطفل يشط بخياله بعيدًا عن الواقع.

[9] الحذر من الوقوع في المخالفات العقدية:

على الوالدين أن يبعدا الأطفال عن الخرافات، والأساطير، والخزعبلات، والأوهام التي يهذي بها أهل الشعوذة، والدجل، والسحر، والكهانة، والعرافة، وغيرها وأن يغرسا في أذهانهم أن الركون إلى أهل البدع من الكبائر التي قد تحبط عمل المؤمن، وتهدد آخرته، لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم: ' من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ' أخرجه مسلم، كتاب الإسلام، باب تحرم الكهانة وإتيان الكهان، رقم 223.

وأن يوضحا لهم أنه لا يوجد أحد من البشر قادر على أن يعلم الغيب، لأن هذا العلم استأثر الله به لنفسه، قال تعالى: **عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً[26]إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً** [الجـن:26ـ27].

وأيضًا يوضحان لهم أنه لا يجوز الحلف والقسم بغير الله، وأن هذا شرك أصغر، مثل 'وحياتك' و'النبي' 'بذمتك' 'بأمانتك'، 'بشرفك' وغير ذلك من أنواع القسم الدارجة على الألسن، لقوله صلى الله عليه وسلم: ' من حلف بغير الله فد كفر أو أشرك ' صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم 1241.

ومن الأخطاء في العقيدة التي يجب أن يتجنبها الوالدان في البداية؛ ومن ثم يجنباها الأطفال:

إقامة الأعياد البدعية لعيد الميلاد، وعيد الأم، ونحو ذلك، ويبنيان لهم أن الحكمة من وراء ذلك:

1ـ إنها بدعة لم تشرع.

لأهل الإسلام عيدين في السنة لا غير، عيد الفطر، وعيد الأضحى.

هذه الأعياد مشابهة للكفار، من أهل الكتاب وغيرهم في إحداث أعياد لم تشرع.

[10] غرس روح الاعتزاز بالإسلام:

ينبغي على الوالدين أن يغرسا في نفوس الأطفال منذ الصغر شعور العزة بالإسلام، وأنهم يجب أن يتميزوا عن الكفار في كل أمر، في المظهر والمخبر والغاية وفي الآمال، وأن يستشعروا أنهم ينتسبون إلى أمة موصولة بالله، وهي تسير على هدي الله، وتملك ما لا تملكه سائر البشرية وهو كتاب الله، ومنهج الله، ونور الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما عليهما أن يعلموهم منذ الصغر أن أمتهم تواجه من أعدائها أعتى الحملات، وأعنف الهجمات، فتنهب خيراتها، ويشرد أبناؤها، وتستحيل حرمانها، وتهتك شرفها، وتستباح أراضيها.. إلخ، ولذلك فهي تنتظر من كل أبنائها بنين وبنات أن يكون كل فرد منهم على ثغرة من ثغورها، فيسد الخلل، ويجبر الضعف ويكمل النقص ويعينها على نوائب الدهر.
م.ن
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة