عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 30-12-2009, 07:31 PM   #1
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي * . * .. *طفلك وغرس الإيمان* . * .. *




طفلك وغرس الإيمان



الإيمان أهم وأعظم قضية يجب أن تغرس في نفوس الأبناء، فالإيمان حياة القلوب، وهو الأساس لأي بناء، والبناء بدون أساس كمنزل يريد أن ينقض يوشك أن يقع في أول لحظة.

وللصياغة الإيمانية للأطفال أسس ومنطلقات تصلح أن تكون علامات وأمارات يهتدى بها للوصول إلى المطلوب في تربية جيل منذ نعومة أظفاره على الإيمان بالله وتصديق الرسول وطاعته في كل صغير وكبير، فتكون تلك التربية بمثابة النور الذي ينمو مع الطفل يمصه مع اللبن من ثدي أمه.

معالم التربية الإيمانية للأطفال:

[1] تلقين الطفل التوحيد 'أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله' وفي ذلك يقول العلامة الإمام ابن القيم 'فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده، وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم، وهو معهم أينما كانوا'.

[تحفة المودود بأحكام المولود، ابن القيم، ص:164]

[2] الاهتمام بالقرآن الكريم:

'وينبغي لولي الصغيرة والصغير أن يبدأ بتعليمهما القرآن منذ الصغر، وذلك ليتوجها إلى اعتقاد أن الله تعالى هو ربهم، وأن هذا كلامه تعالى، وتسري روح القرآن في قلوبهم، ونوره في أفكارهم ومداركهم، وحواسهم، وليتلقيا عقائد القرآن منذ الصغر، وأن ينشآ ويشبا على محبة القرآن والتعلق به والائتمار بأوامره، والانتهاء عن مناهيه، والتخلق بأخلاقه، والسير على منهاجه'.

ولهذا يقول ابن خلدون: 'تعليم الوِلدان للقرآن شعار الدين، أخذ به أهل الملة، ودرجوا عليه في جميع أبصارهم لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن وبعض متون الأحاديث، وصار القرآن أهل التعليم الذي يبنى عليه ما يحصل بعد من الملكات'.

[مقدمة ابن خلدون 1/537، 538].

[3] غرس روح مراقبة الله في السر والعلن في نفوس الأطفال:

مراقبة الله عز وجل هي من أهم المعالم الإيمانية التي يستقيم بها قلب الطفل ومن ثم جميع جوارحه، وهي الأساس الذي يبعد الطفل عن كل المعاصي والمخالفات، وهي أيضًا المدخل الصحيح لتعميق روح الإخلاص في نفسية الطفل ولذا فالله تعالى يقول: **وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ** [الحديد:4]، وفي آية أخرى: **إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ** [آل عمران:5] ومن ثم يجب على الوالدين تعويد الأطفال مراقبة الله وهم يعملون، وهم يفكرون، وهم يضمرون أمرًا ما وإلى هذا المعلم المهم أشار المربي الأول عليه الصلاة والسلام حين سئل عن الإحسان فأجاب: 'أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك'.

[أخرجه البخاري، ك/ الأدب، ب/ المعاريض].

ومن النماذج الخالدة التي تعمق معلم مراقبة الله تعالى في كل صغيرة وكبيرة، قصة الأم مع ابنتها:

الأم تريد أن تخلط اللبن طمعًا في زيادة الربح، والبنت تذكرها بمنع أمير المؤمنين الأم تقول: أين نحن من أمير المؤمنين، إنه لا يرانا، وترد البنت بالجواب المفحم: 'إن كان أمير المؤمنين لا يرانا فرب أمير المؤمنين يرانا'.

[4] غرس روح الخشوع والعبودية لله:

الخشوع لله عز وجل يتم من خلال معرفة أمرين، الأمر الأول معرفة مقام الله عز وجل وأنه الرب الجليل الأكبر، ومعرفة مقام الإنسان وعجزه وإشفاقه وتقصيره
والأمر الثاني: أن الإنسان لا يستفز ولا تهدأ نفسه إلا بتمام الحب والذل لله عز وجل، ولكي نغرس الخشوع والعبودية في نفوس الأطفال لا بد أن نفتح بصائرهم على قدرة الله المعجزة، وملكوته الهائل الكبير في كل شيء، في الدقيق والجليل وفي الجامد والحي، وفي البذرة النابتة والشجرة النامية، فما يملك القلب إزاء ذلك إلا أن يخشع، ويهتز لعظمة الله، وما تملك النفس تجاه هذا إلا أن تحس بتقوى الله ومراقبته، وأن تشعر بكليتها وقرارة وجدانها بلذة الطاعة، وحلاوة العبادة لله رب العالمين.

ومن المستحسن أن يساعد الوالدان الأطفال على فهم الظواهر الكونية، ودور القدرة الإلهية فيها خلقًا وتنظيمًا وتصريفًا فالأطفال إذا تعلموا أن الشمس هي التي تبخر الماء، الرياح هي التي تسوق البخار، ونزول درجة الحرارة هو الذي يكشف ذرات الماء فتهطل مطرًا وغيرها من الظواهر الطبيعية المشاهدة ويراها الأطفال، فإذا ما استطاع الوالدان أن يبينا لهم أن تلك الظواهر لا تعمل وحدها، بل إن الله العظيم قد خلقها وهو الذي يسيرها ويحركها وأعطاها القدرة على ذلك والانتقال من المحسوس المشاهد إلى المعقول المغيب هو مسلك القرآن، وهو مما تتقبله عقول وقلوب الأطفال بسهولة ويمكن الوصول من خلاله إلى قضية الإيمان عن اقتناع وحجة وبرهان.

5] غرس روح الاستعانة بالله عز وجل:

الأطفال الصغار ضعاف البنية قليلو الحيلة، وقد تعرض لهم مشكلاتهم الخاصة بهم: نفسية واجتماعية ومدرسية وتختلف هذه المشكلات قوة وضعفًا وتخفيف آلام الأطفال لا يكون إلا بترسيخ روح الاستعانة بالله، وأن الله قادر على حل كل المشاكل، فالاعتماد عليه وطلب العون منه يحقق الاستقرار ونمو روح التوكل في نفوس الصغار وهذا الشعور يجعل الطفل في جميع حالاته مرتبط بالله تعالى، وهذا هو المسلك النبوي في تعليم الصغار هذه القضية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عباس وهو صغير.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة