عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 01-09-2006, 10:21 AM   #2
معلومات العضو
عمر الليبي

افتراضي

وهنا مقتطفات من الشيخ محمد الفيفي حول هذه المسألة

ويحسن بنا الآن أن نتعرف على بعض الأخطاء التي تحصل عند وقوع الطلاق، منها:

أن الغالب عند بعض الأزواج والمتعارف عليه عند أكثر القبائل والمجتمعات أنه إذا طلق الرجل امرأته فإنه يذهب بها إلى أهلها، وهذا ليس بصواب، بل هو عين الخطأ، فإن الرجل إذا طلق امرأته الطلقة الأولى أو الثانية فإنه لا ينبغي له أن يخرجها من بيتها، ولا تخرج هي؛ لقوله تعالى:

{وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ**. قال ابن عبد البر في الاستذكار

(ج6 - ص160):


وأجمعوا أن المطلقة طلاقاً يملك فيه زوجها رجعتها أنها لا تنتقل من بيتها. ا.هـ. وقال الشوكاني في السيل الجرار (ج2 - ص391): فإن السلف فهموا من هذه الآية أنها في الرجعية؛ لقوله عز وجل في آخر الآية: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا**.وليس الأمر الذي يُرجى إحداثه إلا الرجعة. ا.هـ.


وقال الجصاص في أحكام القرآن (ج5 - ص348): فيه نهيٌ للزوج عن إخراجها، ونهيٌ لها من الخروج، وفيه دليل على وجوب السُّكنى لها ما دامت في العدة؛ لأن بيوتهن التي نهى الله عن إخراجها منها هي البيوت التي كانت تسكنها قبل الطلاق، فأمر بتبقيتها في بيتها. ا.هـ.


بل قال بعض أهل العلم: إنه يجب عليها أن تبقى وأن تتجمل وتتزين وتتشرف لزوجها؛ لعله أن يغير رأيه فيراجع، ولذلك قال تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا**.


أما ما يفعله بعضهم اليوم من الذهاب بالزوجة إلى أهلها فهذا يوسع دائرة الخلاف، فبدل أن تكون بين شخصين فإنها تصبح بين أسرتين، ويتسع الخرق على الراقع، وربما صعب علاجه إذا أصبحت الحال كهذه، وربما إن حصل إصلاح وإرجاع للزوجة إلى زوجها فربما كان ذلك بشروط تعجيزية كإهداء الذهب والأموال إلى الزوجة أو أقاربها من أجل الترضية، أضف إلى ذلك ما يحصل من إراقة ماء الوجه وإدخال الشفاعات من أجل إعادة الحياة الزوجية إلى ما كانت عليه. بينما كان بإمكان الزوج أن يراجع زوجته دون هذه الضريبة الباهظة، وذلك بما أعطاه الله من حق في مراجعة الزوجة، وذلك بأحد أمرين:

1- إما أن يجامع بنيَّة الرجعة.

2- وإما أن يُشهد شاهدين استحباباً بأنه قد راجع زوجته فلانة.

ولا يشترط في المراجعة إذْن الزوجة ولا ولي أمرها، وذلك لأن المرأة في أثناء العدة - إذا كانت الطلقة أولى أو ثانية - ما تزال زوجة لزوجها ولا تحتجب عنه كما تفعل بعض النساء عندما تسمع كلمة الطلاق، فإن الله قد سمَّى الرجل بعد طلاقه لإمرته بعلاً؛ حيث قال تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ**، ولذلك فإن المرأة ترث زوجها إن مات أثناء العدة، وهو يرثها إن هي ماتت أثناء العدة. ومما يدل على أن المرأة تعتبر زوجة أثناء العدة أنه لا يجوز للزوج أن يتزوج أختها ما دامت زوجته المطلقة في عدتها حتى تنتهي؛ لأن الجمع بين الأختين محرم بنص القرآن {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ**؛ إذ لو لم نعتبرها زوجة لأجزنا للزوج أن يتزوج أختها، فدلَّ عدم الجواز على أن المرأة أثناء العدة تعتبر في حكم الزوجة.


وهكذا أيضاً فإن الذي تحته أربع نسوة وطلَّق واحدة منهن؛ فإنه لا يجوز له أن يتزوج الخامسة حتى تنتهي عدة المطلقة، وذلك لأن الشرع اعتبرها زوجة أثناء العدة.
ولذلك ربما استعجل بعض الجهال بعد أن يطلق امرأة من نسائه الأربع إلى الزواج من أخرى ولم تنتهِ عدة المطلقة، وهذا أمر محرم ومنكر عظيم. قال سماحة العلامة ابن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى (22- 178):

لا يجوز له الزواج بامرأة رابعة قبل انتهاء عدة الزوجة الرابعة التي طلقها إذا كان الطلاق رجعياً بإجماع المسلمين؛ لأن المطلقة الرجعية لها حكم الزوجات، أما إذا كان الطلاق بائناً ففي جواز نكاح الخامسة خلاف بين العلماء، والأحوط تركه حتى تنتهي عدة المطلقة. ا.هـ.

ومن الأخطاء: إن مما يزيد الأمر مرارة والطين بلة أن بعض مَن يطلِّق لا يكلف نفسه عناء السؤال خشية أن يفرق بينه وبين زوجته، فيؤثر السكوت على هذا دون أن يستفتي في هذه القضية التي يعني التساهل فيها أنه ربما بقي مع امرأة لا تحل له سنين طويلة على هذا الحال والعياذ بالله.

وهذا وأمثاله ليسوا معذورين؛ فإن الله تعالى يقول: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ**، والبعض منهم إن سأل فإنه يصوغ السؤال بالصيغة التي تُوهم المفتي ليُفتي له بالفتوى التي هو يبحث عنها، فإن المفتي يفتي على نحو ما يسمع من حال السائل، وقد تكون الحقيقة خلاف ذلك.

والبعض منهم يبحث عن العلماء والمشايخ الذين في الغالب يكون في فتاواهم نوع من الفسحة والتوسع اللذين يفرح بهما هؤلاء؛ لأنها وافقت هوى في قلوبهم، بل إن وجد بعضهم شدة في الفتوى من الشيخ أو العالم فإنه لا يزال به يستجدي عطفه وشفقته لعله أن يتراجع عن هذه الفتوى إلى ما هو أرفق بالمستفتي، وربما تركه وذهب إلى غيره حتى يجد الفتوى التي تلائمه وتوافق هواه وبُغيته.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يوفقهم إلى طاعته والعمل بمرضاته، وأن يرزقنا الفقه في الدين والثبات عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة