عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 19-07-2010, 08:47 AM   #2
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

الخطبة الثانية:


الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر،

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر،

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر، وعلى التابعين لهمبإحسان ما بدا الفجر وأنور، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى،
واعلموا أن للزكاة موضع لا يصح أن تصرف إلا فيه،
فمن صرف الزكاة في غير مصارفها التي فرضها الله عز وجل

فإن زكاته لا تقبل ولا تبرأ بها ذمته،

ألا وإن من المصارف التي فرضها الله أن تصرف إليها الزكاة

من كانوا فقراء أو مساكين؛
وهم الذين لا يجدون ما ينفقون على أنفسهم وأهليهم،
فمن كان لا يجد ما ينفق على نفسه وأهله أ
و كان يجد شيئاً لا يكفي فإنه يعطى كفايته التي تكفيه هو وعائلته

لمدة سنة؛ لإزالة فقرهم حتى يأتي الدور الذي تجب فيه الزكاة مرة أخرى،
هكذا قال أهل العلم،

فإذا كان عند الإنسان راتب ولكن راتبه لا يفي بمتطلبات حياته

هو وعائلته فإنه في هذه الحال يجوز أن يعطى من الزكاة ما يكفيه؛
لأنه فقير محتاج،

وإذا كان عند الإنسان راتب يكفيه للكسوة وللأكل والشرب وللسكنى ولكنه محتاج إلى الزواج فإنه يعطى ما يتزوج به

ولو كثر حتى لو بلغ أربعين ألفاً

أو أكثر أو أقل فإنه يعطى من الزكاة؛

لأن الحاجة إلى الزواج حاجة ملحة، بل هي من الضروريات أحياناً،

ومن المواضع التي تصرف الزكاة إليها الغرماء؛
وهم المدينون الذين في ذممهم أطلاب للناس ولا يستطيعون وفاءها، فهؤلاء يوفى عنهم من الزكاة ولو كثرت ديونهم،

ولكن كيف نوفي عنهم؟ هل نعطيهم المال ليدفعوه إلى من يطلبهم؟ أم نذهب نحن إلى الطالب فنعطيه المال؟
الأحسن أن نذهب نحن إلى الطالب ونعطيه المال ونقول له:

هذا المال من دينك الذي تطلبه زيداً،

وفي هذا الحال تبرأ ذمة المطلوب، نعم،
لو فرضنا أن المطلوب إنسان ثقة وصاحب دين

يحب براءة ذمته من الدين وهو موثوق

ويستحي أن نذهب نحن ونقضي دينه ففي هذه الحال نعطيه؛

لأننا واثقون منه، واثقون من أن يدفع دينه إلى غريمه الذي يطلبه،

أما إذا كان الإنسان غير موثوق منه ونخشى إذا أعطيناه ليوفي أن يأكله ولا يوفي دينه
فإن الأفضل والأولى أن نقضي دينه نحن كما وصفنا آنفاً،

ومن أصناف أهل الزكاة الذين تدفع
إليهم الجهاد في سبيل الله،

فيجوز للإنسان أن يصرف زكاته في المجاهدين في سبيل الله، وهم الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا؛

لأن الله تعالى يقول في سورة التوبة: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]،

ولا يجوز للإنسان إذا كان له دين على فقير لا يجوز له أن يسقط من دينه ويحتسبه من الزكاة؛

لأن هذا إبراء لا إعطاء، والله - عز وجل - أمرنا بالإعطاء،

فقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103]،

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل وقد بعثه إلى اليمن: "أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم"(12)،

ومن أبرأ غريمه من دينه فإنه لم يعطه،

وعلى هذا فيجب التنبه لهذه المسألة؛ لأن كثيراً من الناس يظن أن ذلك جائز وليس بجائز،

أي: أنه لا يجوز إذا كان لك شخص تطلبه دين

وهو فقير لا يجوز أن تسقط عنه شيئاً من الدين وتحتسبه من الزكاة،
ولا يجوز كذلك أن تقضي دين عن ميت من الزكاة؛

لأن الزكاة إنما هي للأحياء وليست للأموات،

والميت الذي خلف تركة يجب أن يقضى دينه من تركته،

فإن لم يخلف تركة فإن الله - سبحانه وتعالى -

يقضيه عنه يوم القيامة إذا كان أخذ أموال الناس يريد أداءها؛
لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله"(13)،

ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم -

كان قبل أن يفتح الله عليه الفتوح إذا أتي بشخص ميت عليه دين ليس له وفاء كان لا يصلي عليه،

ويقول للصحابة صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح وكثرت الأموال عنده صار إذا قدم إليه الميت عليه الدين يقول - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم"(14)،

فيقضي دينه من المال الذي أتاه الله، ولو كانت الزكاة تدفع في دين الأموات لكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدفعها في دين هؤلاء الأموات الذين يموتون أو الذين ماتوا قبل أن يفتح الله عليه.

أيها المسلمون،
إن بعض أهل العلم حكى إجماع أهل العلم على أنه لا يقضى من الزكاة دين على ميت، والإجماع في الواقع ليس بصحيح،
بل هناك خلاف، ولكن جمهور أهل العلم ومنهم المذاهب الأربعة على أنه لا يقضى دين الميت من الزكاة،

فلا تتهاونوا في هذا الأمر، ولا تخاطروا في زكاتكم، والميت أمره إلى الله عز وجل، والأحياء أحق أن تقضى ديونهم من الزكاة.
أيها المسلمون، اعلموا

"أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في دين الله بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار"(15)، "فعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار"،

وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم يعظم الله لكم بها أجراً، فإن "من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرة"،
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطناً، اللهم توفنا على ملته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم اسقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، .....
المصدر

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة