عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 19-08-2005, 09:00 AM   #13
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الأخ المكرم ( مشارك 1 ) حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

أرجو أخي الحبيب أن تقبل ما سوف أعرضه عليكم بصدر رحب وسعة أفق ، فقد لاحظت من خلال كلامكم تميع في فهم المصطلحات الشرعية وعدم العمق في الفهم الشرعي لكثير مما تكتبون ، ولذلك فسوف أقدم لكم بياناً كاملاً واضحاً عن المسألة برمتها كي تتضح لكم الفكرة وتعم الفائدة بإذن الله عز وجل :

أولاً : أبدأ معكم في المصطلح اللغوي والشرعي للبدعة كي يكون الانطلاق إلى ما بعد ذلك بين واضح المعالم فأقول وبالله التوفيق :

أولاً : خطورة البدعة وأثرها على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم :

إن من أنجع الوسائل وأنفعها في دحر كيد الشيطان ، صحة العقيدة وسلامتها ، وقوامة المنهج المستقى من الكتاب والسنة 0 وانحراف العقيدة والابتداع فيها ، أعمال يستأنس لها الشيطان فيغذيها في المجتمع ويؤجج نارها 0

* ثانياً : المعنى اللغوي والإصطلاحي للبدعة :

البدع : جمع بدعة 0
تعريفها اللغوي : وهي في اللغة الأمر المستحدث ، كما قال سبحانه : ( قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنْ الرُّسُلِ 000 ) ( سورة الأحقاف - جزء من الآية 9 ) 0 أي : لم يأت بجديد لم يأتوا به 0
وشرعا : هو الأمر المستحدث في الدين 0
* ثالثاً : أدلة تحريم البدعة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم :
يقول تعالى في محكم كتابه : ( 000 فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ 000 ) ، ( سورة النور – جزء من الآية 63 ) 0

يقول ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره : ( أي : عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سبيله ومنهاجه ، وطريقته وسنته وشريعته ، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله ، فما وافق ذلك قبل ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله ، كائنا من كان 0 أي : فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا ، ( 000 أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ 000 ) ( سورة النور – جزء من الآية 63 ) 0 أي : في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة ، ( 00 أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 00 ) في الدنيا ، بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك ) ( تفسير القرآن العظيم - 3 / 296 - 297 ) 0


* الأثر الثابت عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – مع أولئك النفر الذين كانوا يسبحون ويحمدون ويكبرون جماعات في المسجد فقال لهم : ( من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا عبدالله بن مسعود 000 عدوا عليكم سيئاتكم إما أنكم جئتم بأهدى مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أنكم قد ابتدعتم في الدين000 ولا أرى إلا تلك )( ذكره الألباني في كتابه النصيحة – ص 280 ) 0

* عن عائشة – رضي الله عنها – حيث قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ، ما ليس منه فهو رد ) ( متفق عليه ) 0

قال المناوي : ( من أحدث " أي أنشأ واخترع وأتى بأمر حديث من قبل نفسه ، في أمرنا شأننا أي دين الإسلام ، ولا يخلو عنه شيء من أقوالنا ولا من أفعالنا ، " فهو رد " أي مردود على فاعله لبطلانه ، وفيه تلويح بأن ديننا قد كمل وظهر كضوء الشمس بشهادة : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دبنا ) ( جزء من سورة المائدة – الآية 3 ) 0 أما ما عضده عاضد منه بأن شهد له من أدلة الشرع أو قواعده فليس برد ، بل مقبول كبناء مدارس وتصنيف علم وغيرها 0 وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده 0 قال النووي : ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به لذلك 0 وقال الطوفي : هذا يصلح أن يكون نصف أدلة الشرع ) 0 ( فيض القدير – باختصار – 6 / 36 ) 0) 0

* قال صلى الله عليه وسلم : ( وإياكم ومحدثـات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) ( صحيح الجامع 2549 ) 0

* قال صلى الله عليه وسلم : ( أنا فرطكم على الحوض ، وليختلجن رجال دوني فأقول : ربي أصحابي 0 فقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) ( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب الرقاق ( 53 ) – برقم ( 6576 ) – وكتاب الفتن ( 3 ) برقم 7049 ) 0

* رابعاً : أقوال أهل العلم عن البدعة وخطورتها على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم :

* عن أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- في أول خطبة خطبها قال : ( إنما أنا متبع ولست بمبتدع) 0

* عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَدَعَ بِدْعَتَهُ ) ( ضعيف الجامع 29 ) .

* وقال - رضي الله عنهما - : ( إن أبغض الأمور إلى الله البدع ) 0

* عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : ( إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته ) ( صحيح الترغيب – 54 ) 0

* قال سفيان الثوري : "البدعة أحب إلى إبليس من المعصية ، المعصية يتاب منها، والبدعة لا بتاب منها ) .

قال ابن الكمال : ( الإحداث إيجاد شيء مسبوق بزمان ) 0

وقال الطيبي : ( وفي وصف الأمر بهذا إشـارة إلى أن أمر الإسلام كمل واشتهر وشاع وظهر ظهورا محسوسا ) 0

قال ابن منظور : ( والبدعـة : الحدث وما ابتدع من الدين بعد الإكمال ) 0

قال ابن السكيت : ( البدعة كل محدثة 0 وفي حديث عمر - رضي الله عنه – في قيام رمضان : ( نعمت البدعة هذه ) 0

قال ابن الأثير : ( البدعة بدعتان : بدعة هدى وبدعة ضلال ، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار ، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه رسوله فهو في حيز المدح ) 0

قال الدكتور الشيخ ابراهيم بن محمد البريكان – حفظه الله - : ( ليس في البدعة هدي بل كلها ضلالة ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " وكل بدعة ضلالة ) 0

قال الهراس في مقدمته على كتاب "السنن والمبتدعات" للشقيري : ( أنه لا شيء أفسد للدين ، وأشد تقويضا لبنيانه من البدع ، فهي تفتك به فتك الذئب بالغنم ، وتنخر فيه نخر السوس في الحب ، وتسري في كيانه سريان السرطان في الدم ، أو النار في الهشيم ) 0 ( السنن والمبتدعات - ص 3 ) 0

* خامساً : قولهم : ( من سن في الإسلام سنة حسنة 000 ) ( أخرجه الإمام مسلم في كتاب الزكاة والعلم ) :

لا يجوز اطلاق البدعة عليها للأسباب التالية :

أولاً : لأنه والحالة هذه إما مصلحة مرسلة أو عقد شرعي فهو من السنة 0

ثانياً : وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف ، فهو من الأفعال المحمودة ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ، سماها سنة لأنها سن بها حال ما جاء قبلها مما ماثلته من الشرع 0

ثالثاً : نها مما عمل به النبي – صلى الله عليه وسلم – والفاعل أحياها بعد نسيانها 0

* سادساً : قول عمر بن الخطاب : ( نعمت البدعة هذه ) :

أولاً : قول عمر - رضي الله عنه - محمول على البدعة اللغوية لا الشرعية ( تعريفها اللغوي : وهي في اللغة الأمر المستحدث ) وهذا يرد على من ادعى بدعيتها شرعا 0

ثانياً : أن فعل عمر بالنسبة لنا سنة لما ثبت من حديث العرباض بت سارية – رضي الله عنه - : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ) ( صحيح الجامع 2549 ) 0

لذلك سنها وتركها خشية الفرضية عليهم ، إنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس لها ، ولا كانت في زمن أبي بكر ، وإنما عمر – رضي الله عنهما – جمع الناس عليها وندبهم إليها فبهذا سماها بدعة ، وهي على الحقيقة سنة للحديث المذكور 0 ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر ) ( صحيح الجامع 1142 ) 0

* سابعاً : تعقيب على قولهم ( بدعة هدي ) :

قلت : وقد تقصدت من عرض كلام صاحب لسان العرب تحت هذا العنوان فيما يتعلق " ببدعة الهدي " أن كثيرا من الناس اليوم ينادون بمثل ذلك دون فهم أو إدراك أو معرفة للعواقب الوخيمة التي قد تترتب على هذا النقل ، بل الأشد من ذلك أن بعض المحسوبين على أهل العلم أخذ ينادي بذلك ، بل وصل به الأمر إلى الدفاع عنه في المحافل والمجالس 0

ونشر ما يسمى ببدعة الهدي يؤدي إلى اضمحلال الأصول الشرعية ناهيك عن الفروع ، ولن يعد بالمقدور بعد ذلك معرفة السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من البدعة والمحدثة فتتميع الأمور وتنتكس الفطر ، وقد قيض الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة أعلاما للدفاع عن العقيدة والمنهج ، وإحياء سنة المعصوم صلى الله عليه وسلم وإماتة البدعة في مهدها ، وممن تصدر لذلك الأمر في عصرنا الحاضر العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - ، والعلامة محدث بلاد الشام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - ، فجزاهما الله وجزى كل من تصدر لذلك الأمر عنا وعنكم وعن سائر المسلمين خير الجزاء 0

* ثامناً : أنواع البدعة :

وقد تكون البدعة :

1)- بدعة حقيقية : وهي ما استحدث في الدين أصلا ووصفا كالاحتفال بالمولد النبوي وأربعين الميت ونحو ذلك من أمور أخرى 0

2)- بدعة إضافية : وهي ما استحدث في الدين بوصفه دون أصله كالذكر الجماعي بصوت واحد ومعلوم أن للذكر أصل شرعي لكنه لم يرد على هذه الهيئة والصفة 0

قال الشاطبي : ( فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله : أن الشريعة لم تتم ، وأنه بقي منها أشياء يجب أو يستحب استدراكها ، لأنه لو كان معتقدا لكمالها وتمامها من كل وجه ، لم يبتدع ، ولا استدرك عليها ، وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم 0
وقال : قال ابن الماجشون : سمعت مالكا يقول : من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنـة ، فقد زعـم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة ، لأن الله يقول : ( 000 الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ 000 الآية) ( جزء من سورة المائدة-الآية 3) فما لم يكن يومئذ دينا ، فلا يكون اليوم دينا ) ( الاعتصام - 1 / 49 ) 0

* تاسعاً : الاحتفال بالمولد النبوي ( نقلاً عن الشيخ صالح الفوزان ) :

وإن من جملة ما أحدثه الناس من البدع المنكرة الاحتفال بذكرى المولود النبوي في شهر ربيع الأول , وهم في هذا الاحتفال على أنواع :

أولاً : منهم من يجعله مجرد اجتماع تُقرأ فيه قصة المولد , أو تقدم فيه خطب وقصائد في هذه المناسبة .

ثانياً : ومنهم من يصنع الطعام والحلوى وغير ذلك , ويقدمه لمن حضر.

ثالثاً : ومنهم من يقيمه في المساجد , ومنهم من يقيمه في البيوت .

رابعاً : ومنهم من لا يقتصر على ما ذكر , فيجعل هذا الاجتماع مشتملاً على محرمات ومنكرات من اختلاط الرجال بالنساء والرقص والغناء , أو أعمال شركية كالاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وندائه والاستنصار به على الأعداء وغير ذلك 0

وهو بجميع أنواعه واختلاف أشكاله واختلاف مقاصد فاعليه لا شك ولا ريب أنه بدعة محرمة محدثة أحدثها الشيعة الفاطميون بعد القرون الثلاثة المفضلة لإفساد دين المسلمين . وأول من أظهره بعدهم الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس أو أول القرن السابع الهجري , كما ذكره المؤرخون كابن خلكان وغيرهما.

وقال أبو شامة : وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين , وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره.

قال الحافظ ابن كثير في : ( البدية والنهاية : 13/137 ) في ترجمة أبي سعيد كزكبوري : ( وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاٌ هائلاً .. إلى أن قال : قال البسط : حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي , وعشرة آلاف دجاجة , ومائة ألف زبدية , وثلاثين صحن حلوى .. إلى أن قال : ويعمل للصوفية سماعاً من الظهر إلى الفجر ويرقض بنفسه معهم ) 0

وقال ابن خلكان في ( وفيات الأعيان : 3/274 ) : ( فإذا كان أول صفر زينوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة , وقعد في كل قبة جوق من الأغاني وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي , ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات (طبقات القباب) حتى رتبوا فيها جوقاً ) 0

وتبطل معايش الناس في تلك المدة ، وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم ... " إلى أن قال : ( فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيراً زائداً عن الوصف ، وزفها بجميع ما عنده من الطبول والأغاني والملاهي ، حتى يأتي بها إلى الميدان ... " إلى أن قال : " فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات بعد أن يصلي المغرب في القلعة ".

فهذا مبدأ حدوث الاحتفال وإحيائه بمناسبة ذكرى المولد ، حدث متأخراً ومقترنأً باللهو والسرف وإضاعة الأموال والأوقات وراء بدعة ما أنزل الله بها من سلطان .

والذي يليق بالمسلم إنما هو إحياء السنن وإماتة البدع، وألا يقدم على عمل حتى يعلم حكم الله فيه .

* حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي :

الاحتفال بمناسبة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ممنوع ومردود من عدة وجوه :

أولاً : أنه لم يكن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه . وما كان كذلك فهو من البدع الممنوعة 0

ثانياً : في الاحتفال بذكرى المولد تشبه بالنصارى ، لأنهم يحتفلون بذكرى مولد المسيح عليه السلام والتشبه بهم محرم أشد التحريم 0

ثالثاً : أن الاحتفال بذكرى مولد الرسول مع كونه بدعة وتشبهاُ بالنصارى وكل منهما محرم فهو كذلك وسيلة إلى الغلو والمبالغة في تعظيمه حتى يفضي إلى دعائه والاستعانة به من دون الله 0

رابعاً : إن إحياء بدعة المولد يفتح الباب للبدع الأخرى والاشتغال بها عن السنن 0

* مناقشة شبه مقيمي المولد :

هذا ، وقد يتعلق من يرى إحياء هذه البدعة بشبه أوهى من بيوت العنكبوت ، ويمكن حصر هذه الشبه فيما يلي :

أولاُ : دعواهم أن في ذلك تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم :

ثانياً : الاحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان :

ثالثاً : يقولون : إن في إقامة المولد إحياءً لذكرى النبي صلى الله عليه وسلم .

رابعاً : وقد يقولون : الاحتفال بذكرى المولد النبوي أحدثه ملك عادل عالم ، قصد به التقرب إلى الله !

خامساً : قولهم : إن إقامة المولد من قبيل البدعة الحسنة لأنه ينبئ عن الشكر لله على وجود النبي الكريم !

سادساً : وقالوا أيضاً : أنها أُحدثت أشياء لم يستنكرها السلف ، مثل : جمع القرآن في كتاب واحد ، وكتابة الحديث وتدوينه .

والجواب عن ذلك أن هذه الأمور لها أصل في الشرع فليست محدثة .

وجمع القرآن في كتاب واحد له أصل في الشرع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابة القرآن لكن كان مكتوباً متفرقاُ ، فجمعه الصحابة في كتاب واحد حفظأً له .

سابعاً : قد يقولون : إن الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم ينبئ عن محبته فهو مظهر من مظاهرها ، وإظهار محبته صلى الله عليه وسلم مشروع !

والجواب أن نقول : لا شك أن محبته صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين - بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه - ولكن ليس معنى ذلك أن تبتدع في ذلك شيئاً لم يشرعه لنا ، بل محبته تقتضي طاعته واتباعه ، فإن ذلك من أعظم مظاهر محبته ، كما قيل :

لو كان حبك صادقاً لأطعته000000000إن المحبّ لمن يحب مطيع

* عاشراً : قول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يتقدم بين يديه ، بل ينظر ما قال ، فيكون قوله تبعاً لقوله ، وعلمه تبعاً لأمره فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهـم بإحسان وأئمة المسلمين ، فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله ، ولا يؤسس ديناً غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإذا أراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول ، فمنه يتعلم وبه يتكلم وفيه ينظر ويتفكر ، وبه يستدل ، فهذا أصل أهل السنة ، وأهل البدع لا يجعلون اعتمادهم في الباطن ونفس الأمر ما تلقوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل على ما رأوه أو ذاقوه ، ثم إن وجدوا السنة توافقه وإلا لم يبالوا بذلك ، فإذا وجدوها تخالفه أعرضوا عنها تفويضا أو حرفوها تأويلاً ) ( مجموع الفتاوى – 13 / 62 – 63 ) 0

* حادي عشر : قول الشيخ عمر الأشقر - حفظه الله - :

يقول الدكتور عمر الأشقر : ( أعظم سبيل للحماية من الشيطان هو الالتزام بالكتاب والسنة علما وعملا ، فالكتاب والسنة جاءا بالصراط المستقيم ، والشيطان يجاهد كي يخرجنـا عن هذا الصراط ، قـال تعالى : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِى مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( سورة الأنعام - الآية 153 ) 0 ، وقد شرح الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية كما جاء عن ابن مسعود –رضي الله عنه- وبينها فقد ( خط صلى الله عليه وسلم خطا بيده ، ثم قال : (هذا سبيل الله مستقيما) وخط عن يمينه وشماله ثم قال : ( هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ) ثم قرأ : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطـِى مُسْتَقِيمـًا فَاتَّبِعـُوهُ ولا تَتَّبِعـُوا السُّبـُلَ فَتَفـَرَّقَ بِكُـمْ عَنْ سَبِيلـِهِ ذَلِكُـمْ وَصَّاكُـمْ بِـهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( سورة الأنعام - الآية 153 ) ( صحيح ابن ماجة 11 ) 0
فاتباع ما جاءنا من عندالله من عقائد وأعمال وأقوال وعبادات وتشريعات وترك كل ما نهى عنه يجعل العبد في حرز من الشيطان ) ( عالم الجن والشباطين – ص 128 ) 0

وبعد هذا العرض الموجز فلا بد من إدراك مدى خطورة البدعة وعواقبها ونتائجها وآثارها السيئة في المجتمع ، ويتضح كذلك أهمية الالتزام بمنهج الكتاب والسنة ، فيتخلق المسلم بأخلاق السلف ، ويحذو حذوهم ، ويسير على نهجهم ، وهذا يعطي صفاء ونقاء في النفس البشرية ، فتسمو بصاحبها ، وترفع من شأنه عند خالقه سبحانه ، وتقيه من كيد الشيطان وأتباعه 0

ثانياً : لا بد أخي الحبيب من وضع الضوابط في التفريق ما بين الأسباب الشرعية والاسباب الحسية في العلاج والاستشفاء ، وقد ذكرت ذلك مفصلاً في كتابي ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) على النحو التالي :

لا بد من الإشارة إلى مسألة هامة تتعلق بكافة الاستخدامات التي قد يعمد إليها المعالِجون في علاجهم للأمراض الروحية ، وهيَّ على نوعين :

1)- الأسباب الشرعية في العلاج والاستشفاء : وهيَّ كل ما ذكر نصاً صريحاً صحيحاً في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومثال ذلك : الرقية الشرعية ، زيت الزيتون ، الحبة السوداء ، ماء زمزم ، السنا مكي ، الحجامة ، ونحو ذلك من أمور أخر ثابتة بالنص الصريح الصحيح 0

2)- الأسباب الحسية في العلاج والاستشفاء : وهي كل ما لم يذكر في الكتاب والسنة من استخدامات حسية في العلاج والاستشفاء شريطة توفر بعض الشروط الهامة لذلك ومنها :

1)- إثباتها كأسباب حسية للعلاج والاستشفاء بإذن الله تعالى :

فالدواء لا بد أن يكون تأثيره عن طريق المباشرة لا عن طريق الوهم والخيال ، فإذا ثبت تأثيره بطريق مباشر محسوس صح أن يتخذ دواء يحصل به الشفاء بإذن الله تعالى ، أما إذا كان مجرد أوهام وخيالات يتوهمها المريض فتحصل له الراحة النفسية بناء على ذلك الوهم والخيال ويهون عليه المرض وربما ينبسط السرور النفسي على المريض فيزول ، فهذا لا يجوز الاعتماد عليه ولا إثبات كونه دواء ، وأما الضابط لكل ذلك فهو التجربة والممارسة من قبل أهل العلم الشرعي الموثوقين المتمرسين الحاذقين في صنعتهم الملمين بأصولها وفروعها 0

2)- عدم الاعتقاد فيها :

ولا يجوز بأي حال من الأحوال الاعتقاد في هذه الاستخدامات وأنها تؤثر أو تنفع بنفسها أنما هي أمور جعلها الله سبحانه أسبابا للعلاج والاستشفاء بإذنه تعالى 0

3)- خلوها من المخالفات الشرعية :

بحيث لا تحتوي كافة تلك الاستخدامات على أمور محرمة شرعا ، أو قد ورد الدليل بالنهي عنها 0

4)- سلامة الناحية الطبية للمرضى :

ومن الأمور الهامة التي يجب أن تضبط كافة تلك الاستخدامات مراعاة سلامة الناحية الطبية ، فلا يجوز مطلقا اللجوء إلى ما يؤدي لأضرار أو مضاعفات نسبية للمرضى ، وقد ثبت من حديث ابن عباس وعبادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) ( السلسلة الصحيحة 250 ) وكل ذلك يؤكد على اهتمام المعالِج بالكيفية الصحيحة للاستخدام لما يؤدي إليه من نتائج فعالة وأكيدة بإذن الله تعالى ، وكذلك لعلاقتها الوطيدة بسلامة وصحة المرضى ، ومن هنا كان لا بد للمعالِج من إيضاح بعض الأمور الهامة للمرضى والمتعلقة بطريقة الحفظ والاستخدام ، وهي على النحو التالي :

أ - الكمية المستخدمة 0
ب- طريقة الاستخدام الصحيحة والفعالة 0
ج - طريقة الحفظ الصحيحة 0
د - فترة الاستخدام 0

ويستطيع المعالِج الاستعانة بالمراجع الطبية أو المتخصصة في هذا الجانب ، لمعرفة تلك المعلومات وتقديمها للمرضى ، بحيث يكون مطمئنا على النتائج الفعالة والأكيدة ، دون التخبط في طرق استخدام الأدوية الطبيعة آنفة الذكر ، أو الكيفية الخاصة بها ، والتي قد تؤثر بشكل أو بآخر على صحة وسلامة المرضى 0 والأولى أن يقوم المعالِج بإرشاد المرضى لمراجعة أهل الخبرة والدراية ممن حازوا على إجازات علمية في الطب العربي ليقدموا لهم المعلومات الصحيحة والدقيقة عن كيفية الاستخدام 0

5)- عدم مشابهة السحرة والمشعوذين :

ومن ذلك الإيعاز للمرضى باستخدام بعض البخور التي تشابه العمل الذي يقوم به السحرة والمشعوذون في طرق علاجهم ، مما يؤدي بالآخرين لنظرة ملؤها الشك والريبة للرقية والعلاج والمعالِج 0

6)- عدم المغالاة :

ومن الأمور التي لا بد أن يهتم بها المعالِج غاية الاهتمام في كافة الاستخدامات المتاحة والمباحة هو عدم المغالاة فيها بحيث يصرف الناس عن الأمر الأساسي المتعلق بهذا الموضوع وهو الرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة 0

7)- عرض كافة تلك الاستخدامات على العلماء وطلبة العلم :

وهذا مطلب أساسي يتعلق بكافة الاستخدامات ، حيث أن بعض الأمور تتضمن دقائق وجزئيات قد تخفى عن الكثيرين وقد تحتوي في طياتها على أمور منافية للعقيدة أو مخالفات شرعية لا يقف على حقيقتها ولا يحدد أمرها إلا العلماء الربانيين 0

ثالثاً : ولذلك قولكم عن السدر جاء مجانباً للصواب ، فاستخدام السدر من الأسباب الحسية في العلاج والاستشفاء لتوفر الضوابط المذكورة آنفاً وبخاصة أن علماء الأمة نقلوا ذلك كما أشرت لكم في ردي السابق 0

رابعاً : عودة لما ذكر من قبلكم – وفقكم الله للخير فيما ذهبتم إليه – من حيث رش السدر على القبر وإزاحة التراب عن القبر :

1)- لا بد أن نعلم أن السحر يقع ضمن الأمور الشرعية التي حذرنا منها الشارع بل جعل مصير الذي يذهب للسحرة والمشعوذين والعرافين الكفر والعياذ بالله ، وبالتالي فإن العلاج لهذا الداء لا بد أن ينطلق من الشريعة السمحة ، ويمكن استخدام الأسباب الحسية في علاج هذا الداء بالضوابط المذكورة آنفاً 0

2)- ولا بد من وعي أن أحكام الجنائز والقبور هيَّ مما جاء به الشارع الحكيم ، وبالتالي فلا بد من التقيد بكافة ما ورد في الشريعة بخصوص أحكام الجنائز والمقابر والقبور بالنصوص الدالة على ذلك ، فلو قلنا على سبيل المثال لا الحصر : هل يجوز أن نزرع نبتة على قبر ، يقال لا يجوز ذلك لأنه بدعة حقيقية لم ينص الشارع على فعله بالأصل ، فلو قيل بأن الرسول صلى الله عليه وسلم وضع عوداً على قبر وقال لعل الله أن يخفف عنهما ( الذي لا يتنزه من بوله ، وصاحب الغيبة ) قلنا بأن هذا الفعل مخصوص برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبالتالي فأية أحكام متعلقة بالمقابر وزيارتها لا بد أن تأتي من الشارع الحكيم ، أو أن تصدر من علم من أعلام الأمة العاملين العابدين ، حيث أنهم من أصحاب القياس والاجتهاد والاستنباط ، ومن هنا طالبتك بالدليل أو أن تأتينا بقول لأحد علماء الأمة لمثل ما جئت به ، وهذا حق الجميع حيث أننا لا نريد أن تتميع الأمور ويأتينا كل شخص ليدعي أنه جرب فنفع ، وهذا الكلام مردود عليه بالنصوص النقلية الصريحة الصحية من الكتاب والسنة ، أما إن كان المقصود الأسباب الحسية في العلاج والاستشفاء فنقول نعم بالضوابط المذكورة آنفاً 0

خامسأ : مع الإشارة إلى مسألة هامة حيث أنني في معرض ردي على الأخت الفاضلة ( وسن ) ، ذكرت لها أقوال علماء الأمة في مسألة التعامل مع القبور التي يوجد بداخلها السحر استناداً إلى أقوال علماء الأمة كما ذكر آنفاً 0

سادساً : أما أنكم – وفقكم الله لكل خير – قد نقلتم عني نقلاً عاماً بأنني ( ابتدع في الدين ) ، فالكلام العام لا يجوز إطلاقه ويجب عليكم أن تحددوا المسألة التي تحدثت فيها دون المستند الشرعي ودون أن يكون معي الدليل ، ولو حصل ذلك حقاً ، فتأكد أخي الحبيب ( مشارك 1 ) بأنني سوف أقبلكم على رأسكم لأنكم قد صححتم لي مسألة قد ابتدعت فيها حقاً ، ولكن يقيني أنني ما تكلمت في مسألة من مسائل الرقية الشرعية والأمراض الروحية إلا ومعي الدليل من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة ، ومع ذلك فالموقع موجود وكتاباتي موجودة ، فإن وقفتم على مثل هذا القول المبتدع ، فجزاكم الله خيراً وأحسن إليكم ، وأقول لكم آنذاك ما قالته أم حكيم بنت الحارث – رضي الله عنها – لعمر بن الخطاب : ( اتق الله يا عمر ) , فقام إليها أحد الحاضرين يريد لطمها, فمنعه عمر وقال له : ( دعها تقول , فوالله لا خير فيهم إن لم يقولوها , ولا خير فينا إن لم نسمعها ) .

وكان يقول – رضي الله عنه وأرضاه - : ( أحب الناس إلي من أهدى إلي عيوبي ) 0

أرجو بارك الله فيكم أن تبحثوا المسألة وتدرسوها دراسة علمية شرعية متأنية وأن تعودوا للعلماء العاملين العابدين فأنتم من أرض الحرمين أرض العلماء ، بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم ، وزادكم الله من فضله ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة