عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 09-11-2009, 06:19 PM   #1
معلومات العضو
إسلامية
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية إسلامية
 

 

I11 @ اعــتــرف بـالـخـطـأ..!!

د. طارق الحبيب




من ذا الذي لا يخطئ؟

ومن هو معصوم غير أنبياء الله ورسله؟

فالخطأ أمر طبيعي " كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"
( رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد والدارمي).


والعاقل من يسلم بالخطأ حال تبينه للصواب؛ بل ويشكر لصاحبه أن أرشده إليه، فذلك مما يكسبه ثقة الناس واحترامهم؛ فالاعتراف بالحق فضيلة، وإن كان صعباً لمن لم يروض نفسه عليه خاصة في المحافل وأمام الجموع، فهو يحتاج إلى شجاعة وقوة نفس، ومن اعتاده وجد له حلاوة تقارب حلاوة النصر ( أصول الحوار، ص 35 بتصرف).


والتسليم بالخطأ ميزة لا يقدر عليها كل أحد.

أما الدفاع عن الخطأ فكلنا تدعونا نفوسنا إليه، فهو فطرة وليس بحاجة إلى مران، والفَطِن من يُسلِّم بخطئه بسرعة وقبول صادق.


يقول صاحب كتاب "كيف تكسب الأصدقاء": "وإذا عرفنا أننا سنمنى بالهزيمة على أي حال أفليس من الأحجى أن نسبق نحن الشخص الآخر إلى التسليم بها؟

أليس من الأفضل أن نستمع إلى النقد الذي نوجهه نحن إلى أنفسنا بدلاً من أن ننصت إليه من شخص آخر؟

اذكر كل المثالب التي ترى أن الشخص الآخر يعتزم أو يريد أن يقولها عنك، وقلها عن نفسك قبل أن تسنح له الفرصة!! فأنت حينئذ تحبس الرياح عن شراعه. والأرجح أنه سيأخذ عندئذ التي هي أكرم ويقف منك موقف الرحيم العافي ويهون من عيوبك وأخطائك" .


ويمكن أن يُوظف الاعتراف بالخطأ بطريقة إيجابية في دعم العلاقة الأخوية مع من قد أخطأت عليه، مثلما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل حينما يلتقي "عبدالله ابن أم مكتوم" ـ رضي الله عنه ـ فيقول له: "أهلاً بالذي عاتبني فيه ربي".


ولو أصر محاورك على نقدك وتخطئتك بعد نقدك لنفسك واعترافك بالخطأ، فإن الناس سيكفونك مؤونة الرد عليه وربما إسكاته. وإن حدث أن تزامن خطأ منك مع خطأ صاحبك فسابقه بالاعتراف والاعتذار من ذلك الخطأ.


ولعلك بنظرة عجلى تقلب بها صفحات التاريخ تجد الشواهد على ذلك، فتلك المرأة التي أسلفنا خبرها مع عمر ـ رضي الله عنه ـ وذلك الرجل الذي سأل علياً ـ رضي الله عنه - فأجابه، فقال الرجل: ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كذا وكذا، فقال ـ رضي الله عنه ـ أصبتَ وأخطأتُ وفوق كل ذي علم عليم.


وقد يغالط المحاور عند خطئه، فيلجأ إلى أساليب دقيقة تنمّ عن كثير من البراعة، فهو يعيد صياغة كلامه الذي أخطأ فيه في كلمات طويلة وتعابير مؤثرة، يقدمها إلى مستمعه بوصفها برهاناً على صحة كلامه، وربما انخدع هذا الأخير بها في سهولة ويسر.



فلنعوّد أنفسنا على الصدق معها؛ لأن الإصرار على الخطأ يفقدنا احترام الناس لنا؛ بل واحترامنا لأنفسنا، ولنسلم بأخطائنا توهب لنا متعة لا نحس بها عند تبرئة النفس وإنكار الخطأ.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة