عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 25-04-2007, 01:44 PM   #2
معلومات العضو
فاديا
القلم الماسي
 
الصورة الرمزية فاديا
 

 

افتراضي

ومن دلائل تكريم الله للإنسان أنه فتح له باب التقرب إليه أنى شاء ، ومتى شاء ،
يدعوه فيجده أقرب إليه من حبل الوريد ، دون وسيط أو شفيع

لا شك أن العبد العاقل يتأمل فيما بين يديه وفيما خلفه، فيعرف أن الذي أوجده واكرمه هو ربه،
وأن الرب له حق على عباده هذا الحق هو أن يتوجهوا إليه بقلوبهم، وأن يرفعوا إليه أكف الضراعة، وأن يسألوه حاجاتهم، وأن يتواضعوا لعظمته، وأن يعرفوا فضله عليهم، وأن يعترفوا بإنعامه.
هذا الحق الذي خلقهم لأجله هو عبادته التي أمر بها، وذكر أنها الحكمة من إيجادهم في قوله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ
أي: ما خلقهم ليتكثر بهم من قلة، ولا ليتعزز بهم من ذلة، فإنه الغني وهم الفقراء، ولكن خلقهم لعبادته، وأمرهم بتوحيده وطاعته.

فعل بهم الأول وهو خلقهم؛ ليفعلوا الثاني وهو العبادة، ومع ذلك فإنهم لا بد وأن يستعينوا به على أمورهم، يستعينوا به على ما خلقوا له وما أمروا به، ولذلك لما قال الله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ قال بعدها: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أي أنا لا نستغني عن إعانتك في كل شيء حتى في أمور العبادة، فإذا أردنا أن نتعبد لله تعالى، ونتقرب إليه بما يدل على العبودية وبما يدل على التذلل له والخضوع والتمسكن بين يديه؛
عرفنا أنه هو الذي يعين على ذلك وهو الذي يوفق على ذلك، ويسدد من أراد ذلك فنستعين بالله
فالله تعالى هو المستعان على كل شيء من أمور الدنيا ومن أمور الآخرة.

وإذا كان كذلك فإن العبد يشعر أولا بحاجته إلى الله تعالى وعدم استغنائه عن ربه طرفة عين،
فيسأل الله تعالى، ويعترف بعلمه فالله تعالى عليم بذات الصدور في السر والعلانية

و يشعر بأنه عبد مملوك متصرَّف فيه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، بل الذي يملك ذلك هو الله وحده، فهو الإله الذي خلقه وأوجده، وهو الذي خلق الخلق وسخر لهم وأنعم عليهم، فلا يستطيعون أن يتصرفوا لأنفسهم بل هو الذي يتصرف لهم كما يشاء. يهدي من يشاء ويضل من يشاء
كما في قول الله تعالى: ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)

ولكن الكثير ممن استهواهم الشيطان وزين لهم طريق وعرا يتمثل في البعد عن الدعاء والسعي والعمل وطلب الخوارق والمعجزات في الشفاء والحلول
قلبوا الحقائق ، فحولوا الإنسان من سيد سخر له الكون إلى عبد ذليل يتخبط ضائعا بين الطرق

وإبليس الذي أصبح شيطاناً رجيماً بعد امتناعه عن السجود لآدم، هو من يقود جنود الشر في حياة الإنسان، ويجعل الصراع محتدماً في العالم كله، وفي نفس الإنسان. والمنتصرون في المعركة، المخلصون من عباد الله، هم ثمار الكون الذين من أجلهم خلق وأصبح ميداناً لخلافتهم.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة