عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 05-08-2012, 04:52 AM   #2
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

منزلة المحاسبة :

بيان حكمها من كتاب الله ودليلها:

الدليل الأول:قال الله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ**الحشر 18
-قال العلامة السعدي –رحمه الله –في تفسيره (ص791):"وهذه الآية الكريمة أصل في محاسبة العبد نفسه وأنه ينبغي له أن يتفقدها فإن رأى زللا تداركه بالإقلاع عنه والتوبة النصوح والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه وإن رأى نفسه مقصر في أمر من أوامر الله بذل جهده واستعان بربه في تتميمه وتكميله واتقانه ويقايس بين منن الله عليه وإحسانه وبين تقصيره فإن ذلك يوجب له الحياء لامحالة والحرمان كل الحرمان أن يغفل العبد عن هذا الأمر ،ويشابه قوما نسوا الله وغفلوا عن ذكره والقيام بحقه وأقبلوا على حظوظ أنفسهم وشهواتها ..."
(الحكم الشرعي):قال ابن القيم في"اغاثة اللهفان"(ص77):
"وقد دل على وجوب محاسبة النفس قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ**الحشر 17قال قتادة :"مازال ربكم يقرَب الساعة حتى يجعلها كغد...والمقصود أن صلاح القلب بمحاسبة النفس.."
الدليل الثاني: قال تعالى :{وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا**الكهف 28.
قال قتادة :"أضاع نفسه وغُبن مع ذلك تراه حافظا لماله مضيعا لدينه "رواه ابن أبي الدنيا (محاسبة النفس)-راجع ابن كثير "التفسير ".
°فقه الآية:قد نهى الله –عزوجل –عن طاعة من ضيع محاسبة نفسه ،قال السعدي (425):"لأن طاعته تدعو إلى الاقتداء به ولأنه لا يدعو إلا لما هو متصف به "اهـ.
( الدليل الثالث )قال تعالى :{يوم تجد كل نفس ماعملت من خير محضر وماعملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا**آل عمران 30.
1- قال ابن القيم في "اغاثة اللهفان"(ص75):"فحق على الحازم المؤمن بالله واليوم الآخر أن لا يغفل عن محاسبة نفسه والتضييق عليها".اهـ
2- قال السعدي في تفسير الآية (ص105):"فإذا عرف العبد أنه ساع إلى ربه وكادح في هذه الحياة وأنه لابد أن يلاقي ربه ويلاقي في سعيه أوجب له أخذ الحذر والتوقي من الأعمال التي توجب الفضيحة والعقوبة والإستعداد بالأعمال الصالحة التي توجب السعادة والمثوبة"اهـ
(كلمات السلف في المحاسبة):
1-روى البخاري عن ابن مسعود قال : (إن المؤمن يرى ذبونه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذبوبه ).
2-روى ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس" بسند حسن عن عمر بن الخطاب قال : (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل توزنوا فإنه أهون عليكم في الحساب غدا تحاسبوا أنفسكم اليوم وتزينوا للعرض الأكبر).
3-روى مالك في الموطأ (1800)رواية الليثي عن أنس بن مالك قال سمعت عمر بن الخطاب وخرجت معه حتى دخل حائطا فسمعته يقول وبيني وبينه الحائط-أي البستان-:"عمر بن الخطاب أمير المؤمنين :بخ بخ والله لتتقيَن الله أو ليعذبنَك").
4-روى وكيع في الزهد وعلقه الترمذي في الجامع (2459)عن ميمون بن مهران قال لايكون العبد تقيَا حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه)ورواه كذلك ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس".
5-روى أبو نعيم في "الحلية"(2/157)عن الحسن البصري قال المؤمن قوَام على نفسه يحاسبها لله وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة)ورواه كذلك ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس".
6-روى البيهقي في "شعب الإيمان"(5459) عن الحسن البصري قال : (أيسر الناس حسابا يوم القيامة الذين حاسبوا أنفسهم في الدنيا فوقفوا عند همومهم وأعمالهم ،...وانما يثقل الـأمر يوم القيامة على الذين جازفوا في الأمر في الدنيا
أخذوها من غير محاسبة فوجدوا الله قد أحصى عليهم مثاقيل الذر وقرأ :{مال هذا الكتاب لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها** الكهف 49.
7-روى البيهقي في "شعب الإيمان"(5/244) عن بلال بن سعد يقول عباد الرحمن إن العبد ليعمل الفريضة الواحدة من فرائض الله –عزوجل-وقد أضاع ماسواها ،فمازال يُمَنيه الشيطان فيها ويزّين له حتى مايرى شيئا دون الجنة فقبل أن تعملوا فانظروا ماذا تريدون بها؟فإن كانت خالصة فأمضوها وإن كانت لغير الله فلا تشقوا على أنفسكم فلا شيء لكم فإن الله –عزوجل-لا يقبل من العمل –أي الصالح-إلا ماكان خالصا فإنه قال سبحانه :{من كان يريد العزّة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه**فاطر:10)*
8-نقل ابن كثير في تفسيره (4/575)في تفسير قوله تعالى :{ولا أقسم بالنفس اللوامة)القيامة :2 قال الحسن البصري لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه ،ماذا أردت بكلمتي ، ماذا أردت بأكلتي، ماذا أردت بشربتي، والفاجر يمضي قدما لايعاتب نفسه)رواه ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس".
-تحذير النبي –صلى الله عليه وسلم- من شر النفس ودعاء الله –عزوجل –بذلك:
1-عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :"دعوات المكروب :اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت "رواه أبو داود والبخاري في المفرد وحسنه الألباني في صحيح الأدب(1/369).
2-عن أبي هريرة يقول : قال أبوبكر الصديق-رضي الله عنه-يارسول الله !علمني شيئا أقوله إذا أصبحت وأمسيت،قال:قل :"اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والأرض ،ربّ كل شيء ومليكه أشهد أن لا اله إلا أنت ،أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه ،قله اذا أصبحت واذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك""وفي رواية :وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم"رواه البخاري في المفرد (1202/1204)وأبوداود وصححه الألباني في الصحيحة(2753).
فقه الحديثين:
-أمر النبي –صلى الله عليه وسلم- المسلم أن يستعيذ من شر نفسه في يومه وليلته ونومه وفيه دلالة على مراعاة
المسلم لنفسه في هذه الأوقات قال ابن القيم في الإغاثة (ص70)وقد أتفق السالكون إلى الله على اختلاف طرقهم وتباين سلوكهم على أن النفس قاطعة بين القلب والوصول الى الربّ)اهـ
-وقد أمر النبي –صلى الله عليه وسلم-المسلم أن يتبرأ منها عند اشتداد الأمور كما في دعاء المكروب :"ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين "وفي هذا دلالة على أنها خاذلة للعبد المسلم في كل حين حتى في وقت الكربة والشدة ،فكيف بالمسلم الذي ضيع محاسبتها فهي أشد خذلانا وقطعا لقلبه عن ربه .
قال ابن القيم-رحمه الله-في الإغاثة(70) : ) فإن الناس على قسمين قسم)ظفرت به نفسه فملكته وأهلكته وصار طوعا لها تحت أوامرها و(قسم)ظفروا بنفوسهم فقهروها فصارت طوعا لهم منقادة لأوامرهم ).
3-قال الله تعالى : (ونفس وماسواها فألهمها فجورها وتقوّاها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسّاها)الشمس 7.8.9
3/أ-قال السعدي (786){قد أفلح من زكاها**أي طهر نفسه من الذنوب ونقّـاها من العيوب ورقّـاها بطاعة الله وعلاّها بالعلم النافع والعمل الصالح).
3/ب-قال ابن القيم (48){قد خاب من دسّـاها**أي نقصها وأخفاها بترك عمل البرّ وركوب المعاصي

...........

(*) هذا الأثر يدل كما يأتي أن المحاسبة تشمل الطاعات والمعاصي ،بل حتى المباحات


 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة