عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 05-06-2005, 02:22 AM   #3
معلومات العضو
ناصح أمين
اشراقة ادارة متجددة
 
الصورة الرمزية ناصح أمين
 

 

افتراضي

( شروط الأخوة في الله )

أخي الكريم .. أختي الكريمة ..
اعلم أن المسلم إذا ابتعد عن إخوانه وانقطع عنهم فتلك من أعظم العقوبات ، قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : "ضياع العالم أن يكون بلا إخوان " [ السير 10 / 42 ] وإذا تأملت عقوبة الثلاثة الذين خلِّفوا ـ رضي الله عنهم ـ في غزوة تبوك ما كانت إلا بانقطاعهم عن إخوانهم واحتجابهم عنهم ، ولا غروى ولا عجب فإن المؤمن بلا إخوان كالعضو المبتور من الجسد ، والغريب من ليس له حبيب وحلية المرء كثرة إخوانه ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد شبه المؤمن للمؤمن بالجسد الواحد يشد بعضه بعضا فقال " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " [ البخاري ، ح 5665 ] لذلك كان لابد أن يكون لهذه الأخوة الإيمانية شروطا وضوابط لا تستقيم ولا تتحقق إلا بها ، وإن من ينشد أخوَّة شروطها وفق هواه فهو كمن ينشد الماء في السراب ومن أهم هذه الشروط التي تنبني عليها الأخوة ما يلي :
1. أن تكون خالصة لله عز وجل ، مجردة من المقاصد المادية الدنيوية ، وكلما تخيل المسلم الأجر العظيم الذي يمنحه الله عز وجل للمتحابين فيه ازداد من ذلك العمل تقربا لله تعالى ، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :" أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله على مدرجته ملكا , فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال : أريد أخا لي في هذه القرية ، قال : هل لك عليه من نعمة تربها ؟ قال : لا ، غير أني أحببته في الله ـ عز وجل ـ قال : فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه "[رواه مسلم ، ح 2567 ]. فهنيئا ثم هنيئا له بهذه المنزلة الرفيعة , فهلا جددنا النوايا لنفوز بهذا الأجر العظيم
2. اقترانها بالإيمان والتقوى ، فمن تأمل الكثير من الآيات القرآنية التي تحث على الأخوة في الله وجدها مقرونة بالإيمان والتقوى فمن ذلك قوله تعالى " إنما المؤمنون إخوة " [ الحجرات آية 10 ] وقد بين الله عز وجل تبدد العلاقات وانفكاك الروابط إلا ما كان عماده التقوى فقال " الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " [ الزخرف آية 67 ] والإيمان والتقوى من أقوى الوسائل لدوام هذه الرابطة وعدم انقطاعها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل " [ البخاري ، ح 5523].
3. التعاون على البر والتقوى ، وهو الهدف الأول من عقد الأخوة , واختلاله يؤذن بزوالها وتحولها خاصة إذا ما خلت من تقوى الله ـ عز وجل ـ فقد تجر إلى التعاون على الإثم والعدوان " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " [ المجادلة آية 9 ] ورعاية لهذا الهدف النبيل فإنه يلزم اختيار الأخ والصديق على هذا الأساس ، بحيث يكون معينا على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإن أقل ما يستفيده الأخ من أخيه الإنكفاف بسببه عن المعاصي ، رعاية للصحبة وتنافسا في الخير ، وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله " لولا القيام بالأسحار ، وصحبة الأخيار ، ما اخترت البقاء في هذه الدار " .
4. التكافل والتباذل والتضحية والتعاون على ضرورات المعيشة وحاجاتها والاستعانة على نوائب الدهر ، ممتثلين في هذا قوله عليه الصلاة والسلام :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"[ البخاري ، ح 5665] وإنما يحتاج الإنسان إخوان العشرة لوقت العسرة ورحم الله القائل :

وكل أخٍ عند الهوينى ملاطف ولكنما الإخوان عند الشدائد
قال القاسم بن محمد رحمه الله " قد جعل الله في الصديق البار المقبل عوضا من ذي الرحم العاقل المدبر " [ السير 5/75 ] وما أعظم مسألة موسى عليه الصلاة والسلام حين طلب من ربه أن يجعل معه أخاه هارون وزيرا .
5. أن تكون قائمة على النصح في الله عز وجل ، ولأهمية هذا الشرط , وحمل الرعيل الأول ومن بعدهم على الاعتناء به ، فقد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة على هذا الأساس ، قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم " [ رواه البخاري ، ح 1336] .
6. الالتزام بمنهج الإسلام وتعاليمه ، فالأخوة ثابتة والمحبة راسخة ، ما دام الأخ ملتزما بمبادئ الدين وأحكام الشريعة ، فإن بدَّل وغيَّر ، زالت الأخوة وتلاشت المحبة ، قال عليه الصلاة والسلام :" ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه " [ رواه البخاري ، ح 1357 ].
7. أن الأخوة رباط المجتمع وعماده ، وصمام أمانه , وسر قوته ، ويوم يكون المؤمنون جسدا واحدا فإنه يستحيل لقوة بشرية اختراقهم وتفريقهم ، ويوم يتحقق ذلك نرى النتائج الطيبة المثمرة كما حققها الرعيل الأول حين نشروا الإسلام في أنحاء المعمورة وانبثقت عنهم حضارة الإسلام .

يتبع
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة