عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 28-10-2012, 07:17 PM   #1
معلومات العضو
عبد الغني رضا

افتراضي واستدار الزمان (التاريخ الهجري)

واستدار الزمان (التاريخ الهجري)

بدر بن نادر المشاري

إهداء...
إلى المعتزين بتاريخ أمتهم المجيد..
إلى من يبتغون درب أسلافهم الرشيد..
إلى من أُعجبوا بثقافة الغرب فأرَّخوا بتاريخهم..
إلى أمة الإسلام أهدي هذه الكلمات..
وأقول تنبّهي..
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى**
محمد رسولنا صلى الله عليه وسلم لاينطق عن الهوى؛بل هو نبي معصوم كل كلمة منه دين،وكل جملة منه سنة؛ فالجد منهجه، والحق مقصده، والإصلاح أمنيته، هو الذي أوتي جوامع الكلم، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم فتأمل قبسًا من قبسات النبوة ** إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ** (13-14) [الطارق: 13، 14]
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ. السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ"
رواه البخاري.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ؛ ؛ ؛
إذن لمحمد صلى الله عليه وسلم
ففي شهر ربيع الأول من العام الثالث عشر من البعثة وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرًا من مكة البلد الأول للوحي وأحب البلاد إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، خرج من مكة مهاجرًا بإذن ربه بعد أن أقام بمكة ثلاث عشرة سنة يبلّغ رسالة ربه ويدعو إليه على بصيرة فلم يجد من أكثر قريش وأكابرهم سوى الرفض لدعوته والإعراض عنها والإيذاء الشديد له صلى الله عليه وسلم ومن آمن به حتى آل الأمر بهم إلى التخطيط و المكر والخداع لقتله صلى الله عليه وسلم حيث أجمع كبراؤهم في دار الندوة وتشاوروا ماذا يفعلون برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوا أصحابه يهاجرون إلى المدينة وأنه لابد أن يلحق بهم ويجد النصرة والعون من الأنصار الذين بايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه أبناءهم ونساءهم وحينئذ تكون له الدولة على قريش فقال عدو الله أبو جهل: الرأي أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابًّا جلدًا ثم يعطى كل واحد سيفًا صارمًا ثم يعمدوا إلى محمد فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه ونستريح منه فيتفرق دمه في القبائل فلا يستطيع بنو عبد مناف (أي: عشيرة النبي ( صلى الله عليه وسلم أن يحاربوا قومهم جميعًا فيرضون بالدية فنعطيهم إياها مكرًا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن ويمكرون ويمكر الله بهم كما قال تعالى:** وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ** [لأنفال: 30]
فأعلم الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بما أراد المشركون وأذن له بالهجرة.
ومن ذلك الحين كلما استدار الزمان و استقبل المسلمون عامًا إسلاميًّا هجريًّا جديدًا تذكروا أجلَّ مناسبة عظيمة في الإسلام وهي هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة الذي بها كوّن دولة إسلامية في بلد إسلامي مستقل يحكمه المسلمون.

الهجرة هجرتان
هذه قصة الهجرة وهذا الزمان استدار و يستدير، والهجرة هجرتان: الأولى هجرة قلبية إلى الله بعبادته وحده لا شريك له وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم باتباعه وفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه كما قال : صلى الله عليه وسلم "وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ" رواه البخاري، وهذه الهجرة ملازمة للمسلم طوال حياته لا يتركها أبدًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :" عَنْ أَبِي هِنْدٍ الْبَجَلِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ وَقَدْ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ فَتَذَاكَرْنَا الْهِجْرَةَ وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ انْقَطَعَتْ، وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ لَمْ تَنْقَطِعْ فَاسْتَنْبَهَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: مَا كُنْتُمْ فِيهِ فَأَخْبَرْنَاهُ وَكَانَ قَلِيلَ الرَّدِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا" رواه أحمد.
والهجرة الثانية هجرة بدنية وهي تتضمن الهجرة القلبية و هي الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، و تجب عند الحاجة إليها إذا لم يستطع المسلم إظهار دينه في بلاد الكفر ** وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ** [ النساء: 100] .

إذًا يا كل مسلم:
هاجِر من المعتقدات الباطلة والشرك بالله ، إلى تصحيح ذلك بالتوحيد الخالص الذي لاتشوبه شائبة.
هاجِر من ظلمة العصيان إلى نور الطاعة والإيمان.
هاجِر من كثرة الإقبال على اللذات والشهوات، إلى الخوف من مقام الرب ونهي النفس عن الهوى.
هاجِر من الجهل والقسوة، إلى العلم ونور البصيرة والرحمة.
هاجِر من الفوضوية والشتات في الأوقات، إلى التنظيم والترتيب والحرص على سائر اللحظات في طاعة رب الأرض والسموات.
هاجِر من إفلات الجوارح والأعضاء لتفعل ماتشاء، إلى ضبطها وحفظها عن الحرام وتحصينها بما أمر به الله.** وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ** [ الإسراء:36]
"باختصار"
هاجِر عن كل مانهى الله عنه ويبغضه، إلى كل ما أمر الله به ويرضاه.

فرقت بين الحق والباطل
من المعلوم أنه في بداية الإسلام لم يكن التاريخ السنوي معمولاً به حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب في السنة الثالثة أو الرابعة من خلافته أي سنة ست عشرة أو سبع عشرة من الهجرة، ومناسبته أن الصحابي الجليل أبا موسى الأشعري رضي الله عنه كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ فجمع عمر رضي الله عنه الصحابة رضي الله عنهم فاستشارهم فيقال إن بعضهم قال: أرِّخوا كما تؤرخ الفرس بملوكها كلما هلك ملك، أرِّخوا بولاية من بعده. فكره الصحابة ذلك فقال بعضهم: أرَّخوا بتاريخ الروم فكرهوا ذلك. فقال بعضهم: أرِّخوا من مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال آخرون: من مبعثه، وقال آخرون: من مهاجره فقال عمر رضي الله عنه : الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرِّخوا بها فأرِّخوا من الهجرة واتفقوا على ذلك.

نبدأ بالمحرم
تشاور عمر رضي الله عنه مع الصحابة رضي الله عنهم من أي شهر يكون ابتداء السنة فقال بعضهم: من شهر رمضان؛ لأنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن، وقال بعضهم: من ربيع الأول؛ لأنه الشهر الذي قدم فيه النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرًا، واختار عمر وعثمان وعلي أن يكون من المحرم؛ لأنه شهر حرام يلي شهر ذي الحجة الذي يؤدي المسلمون فيه حجهم الذي به تمام دينهم والذي كانت فيه بيعة الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم والعزيمة على الهجرة؛ فبدأ بالسنة الإسلامية الهجرية من الشهر المحرم الحرام ** إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ **  [ التوبة: 36] .

أمة متبوعة
استعمر ت النصارى بعض البلاد وأرغمت أهلها أن يتناسوا تاريخهم الإسلامي الهجري فأرَّخوا بالتاريخ الميلادي، وبعد أن أزال الله عنهم هذا الكابوس المستعمر وظلمه وتجبره لم يعد هناك عذر بالبقاء على التاريخ الميلادي الذي لا يمت إلى ديننا بصلة.
والأمة الإسلامية يجب أن تجعل لنفسها وجودًا وكيانًا مستقليْن مستمديْن من روح الدين الإسلامي، وأن تكون متميزة عن غيرها؛ في كل ما ينبغي أن تتميز به من الأخلاق والآداب والمعاملات وغيرها لتبقى أمة بارزة مرموقة لا تابعة لغيرها هاوية في تقليد من سواها تقليدًا أعمى لا يجرُّ إليها نفعًا ولا يدفع عنها ضررًا، وإنما يظهر بمظهر الضعف والتبعية وينسيها ما كان عليه أسلافها، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
** أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا ** [ النساء: 139]

شهور العام
من نعم الله وتيسيره أن جعل الحساب الشرعي العربي مبنيًّا على شهور هلالية لها علامة حسية يفهمها الخاص والعام، وهي رؤية الهلال في المغرب بعد غروب الشمس، فمتى رُئي الهلال فقد دخل الشهر المستقبل وانتهى الشهر الماضي، وبذلك نعرف أن ابتداء التوقيت اليومي من غروب الشمس لا من زوالها؛ لأن أول الشهر يدخل بغروب الشمس وأول الشهر هو أول الوقت وهذه الشهور الهلالية هي مواقيت للناس كلهم بدون تخصيص كما قال تعالى: ** يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ ** [البقرة: 189]

الشهور الوهمية
إن غير الشهور الهلالية هي شهور وهمية بنيت على غير المشروع والمعقول والمحسوس من الأشهر الإفرنجية المختلفة حتى أصبح بعضها ثمانية وعشرين يومًا، وبعضها واحدًا وثلاثين والبعض بين ذلك، ولا يعلم لهذا الاختلاف سبب حقيقي معقول؛ فهي شهور وهميــة اصطلاحيــة غير منضبطة كره أهل العلم قديمًا وحديثًا - وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم- التأريخ بما عند أولئك العجم والروم والقبط.
وقد سئل الإمام أحمد- رحمه الله- : إن للفرس أيامًا وشهورًا يسمونها بأسماء لا تعرف، فكره ذلك أشد الكراهة، ويُروى عن مجاهد أنه كان يكره أن يقال: أذار ماه وغير أحمد ومجاهد كثير من العلماء.
بل طلب أكثر من مرة من المؤرخين بها إعادة النظر في الشهور الإفرنجية وتغييرها وقوبلت بالرفض والمعارضة من قبل الأحبار والرهبان ونحن أحق منهم بالتمسك بتاريخنا الإسلامي الهجري.

لا تهنئة ولا عيد
لن نرضى أبدًا بتغيير هذا التاريخ الإسلامي الهجري على أن لا نجعل فيه ما لم يكن من ديننا وشرعنا بشيء فنحن أمة متعبدة لا نشرّع شيئاً من العبادات والمواسم الدينية إلا ما كان ثابتًا بأمر ربنا أو بفعل وقول وإقرار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أو عمله الخلفاء الراشدون والصحابة المهديون، فإن الخلق إنما أمروا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، فمن تعبَّد الله بما لم يشرعه الله ولا رسوله؛ فعمله مردود عليه؛ لقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم :" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، ومن ذلك التهنئة والاحتفال وإقامة الأعياد لدخول عام أو انقضائه، فهذه الأعمال ليست من السنة في شيء ** وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ** [سورة الحشر : 7] .
فكل عمل ليس له أصل في الشرع ولم يقم عليه دليل من السنة؛ فهو ابتداع المضلين، وهو من السبل المتفرقة التي تتفرق بمن اتبعها عن سبيل الله ** وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ** [الأنعام: 153].

الواجب علينا
يجب علينا أن نعلم أنه ليست الغبطة بكثرة الشهور والسنين وإنما الغبطة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه، فكثرة السنين خير لمن أمضاها في طاعة الله، وشر على من أمضاها في معصية الله، وخيركم من طال عمره وحسن عمله، وشركم من طال عمره وساء عمله؛ فعلينا أن نستقبل أيامنا وشهورنا وأعوامنا بطاعة ربنا ومحاسبة أنفسنا وإصلاح ما فسد من أعمالنا ومراقبة من ولَّانا الله تعالى عليه من الأهل والزوجات والأولاد بنين وبنات وأقارب ومن له حق علينا، وأن نتذكر أن لله في تعاقب الشهور والأعوام وتوالي الليالي والأيام حكمة بالغة فإن الله جعل الليل والنهار خزائن للأعمال ومراحل للآجال يعمرها الناس بما يعملون من خير وشر حتى ينتهوا إلى آخر أجلهم قال الله تعالى : ** إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ ، هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون، إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ ** [يونس: 4 -6]
ومن رحمته بعباده أن جعل لهم ليلاً ونهارًا وجعل لكل منهما آيتين: آية النهار وهي الشمس، وآية الليل وهي القمر،جعل الليل ليسكنوا فيه، والنهار مبصرًا؛ ليبتغوا فيه فضلاً من الله ويطلبوا فيه معايشهم، وجعل كل نهار يتجدد بمنزلة الحياة الجديدة يستجد فيه العبد قوته ويستقبل عمله، ولذلك سمَّى الله النوم بالليل وفاة، واليقظة بالنهار بعثًا فقال تعالى: ** وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ** [الأنعام:60] ، ومن حكمته ورحمته أن جعل الشمس والقمر حسبانًا ففي الشمس معرفة الفصول وفي القمر حسبان الشهور ، حتى جعل السنة اثنا عشر شهرًا من يوم خلق السموات والأرض وهذا عدد أشهر العام الإسلامي الهجري. منها أربعة حرم.

الأشهر الحرم
وهي أربعة؛ لقوله تعالى: ** مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ** [التوبة:36]، ثلاثة منها متوالية وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم والرابع فيها مفرد وهو رجب بين جمادى وشعبان، والسنة فيها اثنا عشر شهرًا، ويستدير الزمان بها، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ. السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ" رواه البخاري.

أشهر الحج
هي المعلومات كما قال الله تعالى:** الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ** [البقرة: 197]، وهي شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة.

يتبع
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة