الموضوع: عواقب الظلم
عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 03-04-2012, 10:12 AM   #1
معلومات العضو
فاديا
القلم الماسي
 
الصورة الرمزية فاديا
 

 

افتراضي عواقب الظلم

ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "قصص عن عواقب الظلم"، والتي تحدَّث فيها عن الظلمِ وعواقبه الوخيمةِ في الدنيا والآخرة، وذكر العديدَ من القصص والعِبَر التي تُبيِّن عواقِبَ الظلَمَة في الدنيا.

مما جاء فيها :

الخطبة الأولى

الحمد لله وحده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِهِ.

أما بعد، فيا أيها المُسلمون:

إن الحياة الطيبةَ لا تكونُ إلا بتقوى الله - جل وعلا -، وإن السعادةَ في الدارَين لا تحصُلُ إلا بالتمسُّك بتلك التقوى، فاستمسِكوا بتقوى الله - جل وعلا - ليلاً ونهاراً، سرًّا وجهرًا.

إخوة الإسلام:

من أصول الإسلام: مُحاربةُ الظلمِ بشتَّى صوره ومُختلَف أشكاله، وإن المُتتبِّع لأحوال الناس مع ظهور حبِّ الدنيا وتمكُّنها في النفوس يجِدُ مُمارساتٍ تحمِلُ الظلمَ لآخرين في نفوسهم وأعراضهم وأموالهم، وإن أعظمَ ما يحمي الإنسانَ من الظلمِ ويدرأُ عنه شُرورَ الوقوع فيه: تذكُّر عاقبتَه الوخيمة في الدنيا، ومآلَه الشنيعَ في الآخرة.


إخوة الإسلام:

يجبُ أن نعلمَ أن التسلُّط على الخلقِ وظُلمَهم مسلكٌ يُؤدِّي بصاحبه إلى أشنعِ حالٍ وأسوأِ مآلٍ، سنةٌ لا تتبدَّلُ ولا تتحوَّلُ، وإن مصارعَ الظلمَة في القديمِ والحديثِ لأصدقُ برهانٍ، وأعظمُ بيانٍ لمن كان له قلبٌ أو ألقَى السمعَ وهو شهيدٌ.

معاشر المسلمين:

إن دعوةَ المظلوم سهامٌ لا تُخطِئ، وسلاحٌ على الظالمِ لا يُبقِي وإن طالَ الدهرُ، قال - صلى الله عليه وسلم - لمُعاذ بن جبلٍ - رضي الله عنه - حين بعثَه إلى اليمن: «.. واتَّقِ دعوةَ المظلومِ؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجابٌ»؛ متفق عليه.

وفي "السنن" بسندٍ حسنٍ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «دعوةُ المظلومِ تُحمَلُ على الغَمام، وتُفتحُ لها أبوابُ السماوات، ويقول الربُّ - جل وعلا -: وعزَّتي! لأنصُرنَّكِ ولو بعد حينٍ».

وإن من سُوء عاقبةِ الظلمِ أن دعوةَ المظلومِ مُستجابةٌ حتى ولو من الفاجرِ أو الكافرِ؛ روى أحمد في "مسنده" بسندٍ حسنٍ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُردُّ دعوةُ المظلومِ ولو كان فاجِرًا ففُجورُه على نفسه».

وفي حديثٍ آخر عنده - رحمه الله - بسندٍ حسنٍ: «اتَّقوا دعوةَ المظلوم وإن كان كافرًا؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجابٌ».

وصدقَ القائلُ حينما قال:

لا تظلِمنَّ إذا ما كنتَ مُقتدرًا

فالظلمُ ترجِعُ عُقباهُ إلى النَّدَمِ


تنامُ عيناك والمظلومُ مُنتبِهٌ

يدعُو عليكَ وعينُ الله لم تنَمِ


فاتَّقِ الله يا مَن لا تُقيمُ لدماءِ المُسلمين حُرمة، ولا لأعراضهم صيانة، ولا لأموالهم وزنًا وحماية.


فيا مَن تظلِمُ وتبطِشُ! تذكَّر موقِفَك بين يدَي الله - جل وعلا -، واخشَ على نفسِكَ من دعوةِ صالحٍ تسري بليلٍ والناسُ نِيامٌ، إن لم تكن خائفًا من موقفِكَ من الله - جل وعلا -.


أخي المُسلم:


الظالمُ إذا تبِعَ هواه انطلَقَ لسانُهُ بما يهوَى، وانطلَقَت جوارِحُه بما تهوَى نفسُه الأمَّارة. فقال سعدٌ: اللهم إن كان كاذِبًا فأعمِ بصرَه، وأطِل فقرَه، وعرِّضْه للفتن. قال عبدُ الملك - راوي الحديث -: فأنا رأيتُه يتعرَّضُ للإماءِ في السِّكَكِ، فإذا قيل له: انتَهِ يا أبا سَعدة! قال: كبيرٌ فقيرٌ مفتونٌ أصابَتني دعوةُ سعدٍ.

يا مَن ينسَى دعوةَ المظلوم! لتكُن مثلُ هذه الأمثِلَة زاجِرًا لك ورادِعًا لنفسك عن ظُلم الخلق في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم.


فيا مَن تظلِمُ الناسَ! اللهُ أكبرُ عليك، إن الظالمَ تدورُ عليه الدوائرُ، وتحُلُّ به المثُلاتُ وإن طالَ الدهرُ، وامتدَّ الزمانُ؛ يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إن اللهَ ليُملِي للظالمِ حتى إذا أخَذَه لم يُفلِتْهُ»، ثم قرأَ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود: 102].

فكُن - أيها المُسلمُ - مُتباعِدًا عن ظُلم الخلقِ، مُحاذِرًا النَّيْلَ منهم بقولٍ أو فعلٍ أو إعانةٍ على ظُلمٍ.

أقولُ هذا القولَ، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

أحمدُ ربي وأشكُرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ.

أما بعد، فيا أيها المسلمون:

وصيةُ الله لنا جميعًا هي وصيةُ الله لأولين والآخرين، وهي: تقواه - جل وعلا -، ولُزومُ طاعته، والبُعد عن معاصِيهِ.

يا مَن يظلِمُ الناسَ في أموالهم فيأخُذها قهرًا، أو يمنَعُ دَينًا، أو يحبِسُ حقًّا، يا مَن يُماطِلُ الناسَ في أموالهم! اسمَع هذه المواعِظ، وكُن لنفسِك خيرَ واعِظٍ قبل أن تحُلُّ بك دعوتُهم، وتُحيطَ ببدنِكَ أو مالِك أو ولدك عاقبةُ نجواهم لخالقهم؛ ففي الحديثِ القُدُسيِّ: «يا عبادي! إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُهُ بينكم مُحرَّمًا، فلا تظالَموا».

ثم إن اللهَ - جل وعلا - أمرَنا بما تزكُو به حياتُنا، وتسعَدُ به أُخرانا، ألا وهو: الإكثارُ من الصلاةِ والسلامِ على الحبيبِ النبيِّ.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على سيدِنا ونبيِّنا وحبيبِنا وقُرَّةِ عيوننا: نبيِّنا محمدٍ، .

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة