عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 11-04-2014, 07:08 PM   #3
معلومات العضو
RachidYamouni
التصفية والتربية

افتراضي






إن علم أصول الحديث وقواعد اصطلاح أهله
لابد منه للمشتغل برواية الحديث،

إذ بقواعده يتميز صحيح الرواية من سقيمها، ويعرف المقبول من الأخبار والمردود،

وهو للرواية كقواعد النحو لمعرفة صحة التراكيب العربية،

فلو سمي منطق المنقول وميزان تصحيح الأخبار، لكان اسما على مسمى .

هذا- وقد كتب العلماء فيه من عصر التدوين إلى يومنا هذا نفائس ما يكتب :

من ذلك ما نجده في أثناء مباحث
( الرسالة ) للإمام الشافعي،
وفي ثنايا ( الأم ) له،

وما نقله تلاميذ الإمام أحمد في أسئلتهم له ومحاورته معهم

وما كتبه الإمام مسلم بن الحجاج في مقدمة صحيحه،

ورسالة الإمام أبي داود السجستاني إلى أهل مكة في بيان طريقته في سننه الشهيرة،

وما كتبه الحافظ أبو عيسى الترمذي في كتابه
( العلل المفرد )، في آخر جامعه، وما بثه في الكلام على أحاديث جامعه في طيات الكتاب :
من تصحيح وتضعيف وتقوية وتعليل .

وللإمام البخاري التواريخ الثلاثة،
ولغيره من علماء الجرح والتعديل من معاصريه ومن بعدهم بيانات وافية لقواعد هذا الفن،
تجيء منتشرة في تضاعيف كلامهم .

حتى جاء من بعدهم فجرد هذه القواعد في كتب مستقلة، ومصنفات عدة، أشار إلى أشهرها الحافظ ابن حجر العسقلاني في فاتحة شرحه لنخبة الفكر فقال :

فمن أول من صنف ذلك القاضي أبو محمد الرامهرمزي ( الحسن ابن عبد الرحمن الذي عاش إلى قريب سنة 360 )
في كتابه المحدث الفاصل،
لكنه لم يستوعب،

والحاكم أبو عبد الله النيسابوري ( محمد بن عبد الله بن البيع صاحب المستدرك على الصحيحين والإكليل والمدخل إليه في مصطلح الحديث وتاريخ نيسابور المتوفى سنة 405 )،
لكنه لم يهذب ولم يرتب،

وتلاه أبو نعيم الأصبهاني ( أحمد بن عبد الله الصوفي صاحب حلية الأولياء والمستخرج على البخاري وغيرهما المتوفى سنة 430 ) فعمل على كتابه مستخرجًا وأبقى أشياء للمتعقب،

وجاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي
( أحمد بن علي بن ثابت صاحب تاريخ بغداد وغيره، المتوفى سنة 463 فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه - الكفاية - وفي آدابها كتابا سماه - الجامع لآداب الشيخ والسامع - ،
وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردًا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر ابن نقطة
( محمد بن عبد الغني البغدادي الحنبلي المتوفى سنة 629 ) :
كُلُ مَنْ أنْصَفَ عَلِم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه .

ثم جاء بعدها بعض من تأخر عن الخطيب،
فأخذ من هذا العلم بنصيب،

فجمع القاضي عياض ( بن موسى اليحصبي الأندلسي المتوفى سنة 544 )
كتابا سماه - الإلماع -
وأبو حفص الميانجي جزءًا سماه
( ما لا يَسَعُ المحدِّثَ جهلهُ )...

إلى أن جاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح عبد الرحمن الشهرزوري نزيل دمشق المتوفى سنة 643 ) فجمع لما تولى تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية

– كتابه المشهور ( علوم الحديث )
الشهير بـ ( مقدمة ابن الصلاح ) فهذب فنونه، وأملاه شيئًا بعد شيء، فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب، واعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة، فجمع شتات مقاصدها، وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره، فلهذا عكف الناس عليه، وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر،
ومستدرك ومقتصر، ومعارض له ومنتصر . اهـ. كلام الحافظ رحمه الله تعالى .

فقد ظهر لك بشهادة الحافظ ابن حجر أن كتاب ابن الصلاح رحمه الله جمع شتات الكتب وعيونها، من كتب الخطيب الذي هو عائل علماء الفن بعده وغيرها ممن تقدمه وتأخر،

ومبلغ عناية العلماء بها نظمًا وشرحا واختصارًا، فممن نظمها الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي المتوفى سنة 806،

نظمها في كتابه ( ألفية الحديث ) وشرحها هو بنفسه، وكذلك شرحها بعده السخاوي .

وللحافظ العراقي المذكور شرح على كتاب ابن الصلاح، وممن اختصرها الإمام النووي الشافعي صاحب المجموع والروضة في فقه الشافعية وشرح صحيح مسلم وغيرها من الكتب النافعة، اختصرها في كتاب سماه ( التقريب )
شرحه السيوطي في كتاب سماه
( تدريب الراوي ).

ثم جاء الإمام ابن كثير الفقيه الحافظ المفسر
- الذي ستقف على تاريخ حياته فيما بعد- فاختصرها في رسالة لطيفة سماها
( الباعث الحثيث على معرفة علوم الحديث ) بعبارة سهلة فصيحة، وجمل مفهومة مليحة،

واستدرك على ابن الصلاح
استدراكات مفيدة .



_ تقديم كتاب الباعث الحثيث
بقلم الأستاذ الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة







___________



( يتبع ) ................



    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة