عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 07-02-2009, 09:56 PM   #4
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

وما تدري نفس ماذا تكسب غدا .

وما تدري نفس بأي أرض تموت
.
وهذه يُمكن أن يعرف منها علامات وأمارات بأشياء يُسبشر بها ولا يُجزم بها ولا يُعوّل عليها .
وقد ورد في تفسير قوله تعالى : ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) أنها الرؤيا الصالحة .
وقال عليه الصلاة والسلام : لم يبق من النبوة إلا المبشرات . قالوا : وما المبشرات قال : الرؤيا الصالحة . رواه البخاري .
وفي الحديث الآخر : قالوا :يا رسول الله وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُـرى له . رواه أحمد وغيره .
وقال عليه الصلاة والسلام : الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .
وأول ما بُدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح . كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها .
ومن هذا الباب – أعني باب الرؤى – ما يقع لبعض الصالحين أنه يرى في المنام رؤيا فيُقال لـه تلحق بنا – مثلاً – بعد ثلاث ، وما أشبه ذلك .
أو أن يرى رؤيا فتُأوّل على أنه يأتيه مال في يوم كذا أو بعد أسبوع أو شهر وما اشبه ذلك
فكل هذا من الأشياء التي يُستبشر بها ولا يُعوّل عليها كما تقدّم . فهي مُبشّرات .

وقد روى ابن المبارك في كتاب الجهاد عن ثابت البناني أن فتى غزا زمانا وتعرض للشهادة فلم يصبها فحدث نفسه فقال: والله ما أراني إلا لو قفلت الى أهلي فتزوجت قال ثم قَالَ في الفسطاط ( أي نام عند الظهيرة ) ثم أيقظه أصحابه لصلاة الظهر فبكى حتى خاف أصحابه أن يكون قد أصابه شيء ، فلما رأى ذلك قال إني ليس بي بأس ، ولكنه أتاني آت وأنا في المنام فقال : انطلق إلى زوجتك العيناء ( واسعة العين ) قال فقمت معه فانطلق بي في أرض بيضاء نقية ، فأتينا على روضة ما رأيت روضة قط أحسن منها ، فإذا فيها عشر جوار ما رأيت مثلهن قط ولا أحسن منهم ، فرجوت أن تكون إحداهن ،
فقلت : أفيكن العيناء ؟ قلن : هي بين أيدينا ونحن جواريها . قال : فمضيت مع صاحبي فإذا روضة أخرى يضعف حسنها على حسن التي تَرَكْت ، فيها عشرون جارية يضاعف حسنهن على حسن الجواري اللاتي خلّفت ، فرجوت أن تكون إحداهن ، فقلت : أفيكن العيناء ؟ قلن : هي بين أيدينا ونحن جواريها حتى ذكر ثلاثين جارية . قال : ثم انتهيت الى قبة من ياقوتة حمراء مجوفة قد أضاء لها ما حولها ، فقال لي صاحبي : ادخل . فدخلت ، فإذا امرأة ليس للقبة معها ضوء ،
فجلست فتحدثت ساعة فجعلت تحدثني فقال صاحبي : اخرج انطلق . قال : ولا أستطيع أن أعصيه . قال : فقمت فأخَذَتْ بطرف ردائي فقالت أفطر عندنا الليلة ، فلما أيقظتموني رأيت إنما هو حلم ، فبكيت ف، لم يلبثوا أن نودي في الخيل . قال : فركب الناس فما زالوا يتطاردون حتى إذا غابت الشمس وحل للصائم الإفطار أصيب تلك الساعة وكان صائما .
فهذا من هذا الباب لا أنه يُجزم له بالموت تلك الساعة وذلك اليوم في ذلك المكان .
وكم تعرّض سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه للقتل ولم يُقتل بل مات على فراشه
ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها . كما قال عليه الصلاة والسلام .
ومما يلحق بهذا الباب – أعني باب علم الغيب – مايدّعيه بعض الناس من علم النجوم ، وما يُسمّونه بالأبراج ، وما يتعلّق بذلك مما يزعمونه من غنى أو فقر أو مرض .

وهذه كلُّها من أمور الجاهلية كما في قوله صلى الله عليه وسلم : أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة رواه مسلم .
وقال ابن عباس : خلال من خلال الجاهلية : الطعن في الأنساب ، والنياحة والاستسقاء بالأنواء كما في صحيح البخاري .
قال قتادة رحمه الله تعالى : إن الله تبارك وتعالى خلق هذه النجوم لثلاث خصال جعلها زينة السماء ، وجعلها يهتدي بها ، وجعلها رجوما للشياطين ،
فمن تأوّل فيها غير ذلك فقد قال برأيه ، وأخطأ حظه ، وأضاع نصيبه ، وتكلّف ما لا علم له به ، وإن ناسا جهلة بأمر الله تعالى قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة مَنْ غرس بنجم كذا وكذا كان كذا ، و مَنْ ولد بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ولعمري ما من نجم إلا يُولد به القصير والطويل والأحمر والأبيض والحسن والدميم ،
وما علم هذه النجوم وهذه الدابة وهذه الطير شيئا من الغيب ... ولعمري لو أن أحداً علم الغيب لعلم آدم الذي خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء وأسكنه الجنة يأكل منها رغدا حيث شاء ونُهيَ عن شجرة واحدة فلم يزل به البلاء حتى وقع بما نهي عنه ، ولو كان أحد يعلم الغيب لعلم الجن حيث مات سليمان بن داود عليهما السلام فلبثت تعمل حولا في أشد العذاب وأشد الهوان لا يشعرون بموته فما دلّهم على موته إلا دابة الأرض تأكل من منسأته أي نأكل عصاه ،
فلما خرّ تبينت الجن أن لو كانت الجن تعلم الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ، وكانت الجن تقول مثل ذلك : إنها كانت تعلم الغيب ، وتعلم ما في غد ، فابتلاهم الله عز وجل بذلك ، وجعل موت نبي الله عليه الصلاة والسلام للجن عظة ، وللناس عبرة . اهـ .

وقد كان سلفُ هذه الأمة ينهون عن تعلّم علم النجوم لأنه يدعوا إلى الكهانة والسحر والشعوذة ، وربما نُسب إليها شيء من الأفعال .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما لمولاه كُريب : يا غلام إياك والنظر في النجوم فإنه يدعو إلى الكهانة .
وإذا علم أيضا أن النفع والضر بيد الله لم يلجأ إلا إلى الله ، ولم يطلب الشفاء إلا من الله ، وهو مع ذلك مأمور بفعل الأسباب المباحة .
يُتبع

التعديل الأخير تم بواسطة لقاء ; 07-02-2009 الساعة 10:06 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة