عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 25-10-2005, 08:25 AM   #3
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الأخ الحبيب ( rachidsk ) حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

أقدم لكم القول الفصل في هذه المسألة على النحو التالي :

تلك المسألة مما اختلف فيه أهل العلم ، فمنهم من أباح ذلك كالإمام مالك في رواية عنه ، والشافعي ، وابن وهب ، ومنهم من منع ذلك نظرا للتبديل الذي وقعوا فيه ، فلا يؤمن أن يرقوا بما هو محرم ، كالإمام مالك في رواية ، والربيع بن سليمان وهو المفهوم من قول عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – 0

ولدراسة هذه المسألة دراسة موضوعية متأنية لا بد أولا من عرض الآثار التي اعتمد عليها الموافقون والمخالفون لذلك ، وهي على النحو التالي :

* دليل الموافقين :

عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها ، فقال : ( عالجيها بكتاب الله ) ( أخرجه ابن حبان في صحيحه - برقم ( 1419 ) ، أنظر السلسلة الصحيحة 1931 ) 0

قال الربيع : ( سألت الشافعي عن الرقية فقال : لا بأس أن يرقى بكتاب الله ، وما يعرف من ذكر الله 0 قلت : أيرقي أهل الكتاب المسلمين ؟ فقال : نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله أو ذكر الله ، فقلت : وما الحجة في ذلك ؟ قال : غير حجة ، فأما رواية صاحبنا وصاحبك فإن مالكا أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبدالرحمن أن أبا بكر دخل على عائشة وهي تشتكي ويهودية ترقيها فقال أبو بكر : ارقيها بكتاب الله فقلت للشافعي : فإنا نكره رقية أهل الكتاب ، فقال : وأنتم تروون هذا عن أبي بكر ولا أعلمكم تروون عن غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خلافه وقد أحل الله جل ذكره طعام أهل الكتاب ونساءهم وأحسب الرقية إذا رقوا بكتاب الله مثل هذا أو أخف ) ( الأم - 7 / 228 ، والبيهقي – 9 / 349 ، والأثر رواه ابن أبي شيبة – 7 / 408 ، ومالك في الموطأ – 2 / 943 بسند صحيح ) 0

قال الزرقاني : ( ارقيها بكتاب الله : القرآن إن رجى إسلامها ، أو التوراة إن كانت معربة بالعربي ، أو أمن تغييرهم لها ، فتجوز الرقية به ، وبأسماء الله وصفاته ، وباللسان العربي ، وبما يعرف معناه من غيره 0 بشرط اعتقاد أن الرقية لا تؤثر بنفسها ، بل بتقدير الله 0 قال عياض : اختلف قول مالك في رقية اليهودي والنصراني المسلم وبالجواز قال الشافعي 00) ( شرح الموطأ - 4 / 417 ) 0

قال الباجي : ( ارقيها بكتاب الله عز وجل : ظاهره أنه أراد التوراة ؛ لأن اليهودية في الغالب لا تقرأ القرآن ، ويحتمل والله أعلم أن يريد بذكر الله عز اسمه ، أو رقية موافقة لما في كتاب الله تعالى ، ويعلم صحة ذلك بأن تظهر رقيتها ، فإن كانت موافقة لكتاب الله عز وجل أمر بها ، وما لم يكن على هذا الوجه ففي المستخرج عن مالك : لا أحب رقى أهل الكتاب وكرهه ، وذلك والله أعلم إذا لم تكن رقيتهم موافقة لما في كتاب الله تعالى ، وإنما كانت من جنس السحر ، وما فيه كفر مناف للشرع ) ( المنتقى شرح الموطأ - 7 / 261 ) 0

* دليل المخالفين :

عن زينب امرأة عبدالله ، قالت : كانت عجوز تدخل علينا ترقي من الحمرة ، وكان لنا سرير طويل القوائم 0 وكان عبد الله ، إذا دخل ، تنحنح وصوت 0 فدخل يوما ، فلما سمعت صوته احتجبت منه 0 فجاء فجلس إلى جانبي 0 فمسني فوجد مس خيط 0 فقال ما هذا ؟ فقلت : رقي لي فيه من الحمرة 0 فجذبه وقطعه ، فرمى به وقال : لقد أصبح آل عبدالله أغنياء عن الشرك 0 سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ( صحيح الجامع 632 ) قلت : فإني خرجت يوما فأبصرني فلان – وفي رواية فلان اليهودي - فدمعت عيني التي تليه 0 فإذا رقيتها سكنت دمعتها0وإذا تركتها دمعت 0 قال : ذاك الشيطان 0 إذا أطعته تركك ، وإذا عصيته طعن باصبعه في عينك 0 ولكن لو فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خيرا لك وأجدر أن تشفين 0 تنضحين في عينك الماء وتقولين : أذهب البأس0 رب الناس 0 اشف ، أنت الشافي0 لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما ) ( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب المرضى ( 20 ) – برقم 5675 ، وكتاب الطب ( 38 ، 40 ) – برقـم 5742 ، 5743 ، 5750 )0

* أقوال أهل العلم :

قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( قال المازري : اختلف في استرقاء أهل الكتاب فأجازها قوم وكرهها مالك لئلا يكون مما بدلوه ، وأجاب من أجاز بأن مثل هذا يبعد أن يقولوه ، وهو كالطب سواء كان غير الحاذق لا يحسن أن يقول والحاذق يأنف أن يبدل حرصا على استمرار وصفه بالحذق لترويج صناعته 0 والحق أنه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ) ( فتح الباري - 10 / 197 ) 0

قال النووي : ( قال المازري : واختلفوا في رقية أهل الكتاب ، فجوزها أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - وكرهها مالك خوفا أن يكون مما بدلوه 0 ومن جوزها قال : الظاهر أنهم لم يبدلوا الرقى ، فإنهم لهم غرض في ذلك بخلاف غيرها مما بدلوه ) ( صحيح مسلم بشرح النووي - 13 ، 14 ، 15 / 341 ) 0

سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – السؤال التالي : هل تجوز رقية النصراني واليهودي للمسلم ؟؟؟

فأجاب – رحمه الله - : ( إذا لم يكن من أهل الحرابة وكانت من الرقية الشرعية فلا بأس بذلك ) ( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين – 373 ) 0

ثم سئل – رحمه الله – هل تجوز رقية أهل الكتاب للمسلم إذا كان يقرأ من التوراة والإنجيل المحرف ؟؟؟

فأجاب – رحمه الله - : ( لا يجوز ذلك ، أما إن كان بالدعاء والقرآن فلا بأس بذلك ) ( المرجع السابق – ص 373 ) 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن جواز رقية أهل الكتاب للمسلمين ؟؟؟

فأجاب – حفظه الله – : ( قد ذكر العلماء أنه لا يجوز استخدام غير المسلمين في الطب لعدم الأمانة وأطال في ذلك ابن مفلح في ( الآداب الشرعية ) لأن غير المسلمين يضمرون العداء لأهل الإسلام ، ويخاف أن يوقعوا بهم الضرر لأن عداوتهم لا يرجى زوالها ، ومعلوم أن تأثير الرقية يقوى ويضعف بحسب قوة الراقي ، فإن كان الراقي غير تقي لم تفد رقيته ، فإن كلام الله تعالى إنما يستفيد منه أهل الإيمان والتقوى ولهذا كان العلاج بالقرآن يتفاوت بتفاوت صفات الراقي فمتى كان عاصيا أو فاسقا أو مبتدعا لم تفد رقيته لنقص إيمانه ويقينه ، فكيف بما إذا كان يهوديا أو نصرانيا أو مشركا أو خارجا عن الدين ، فقد ورد في الأثر ( رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه ) فعلى هذا لا يجوز الذهاب إلى الكفار للعلاج عندهم بالرقية مخافة أن رقيتهم بالشركيات والحروز واستحضار الشياطين أو بكلمات لا يعرف معناها مما يخاف أنه محرم ) ( المرجع السابق – 374 ) 0

قال الشيخ عطية محمد سالم – رحمه الله - : ( نقل عن المازري قوله : اختلف في استرقاء أهل الكتاب فأجازها قوم وكرهها مالك لئلا يكون مما بدلوه ، وأجاب عنه بأن ذلك كالطب الذي لا يقبل التبديل 00 أقول : وهو ما عليه الطب اليوم ، فهو عمل إنساني محض لا يتأثر بمبدأ اعتقادي ولا مسلك سياسي ولا يختص بجنس دون جنس ، فموضوع الطب هو جسم الإنسان أيا كان جنسه أو مبدؤه 00 فكذلك الطب المعنوي فإنه إن صح لأهل الكتاب من الرقية شيء وكانت بكتاب الله وبذكره فإنهم لا يستطيعون تبديلها لأنهم إن بدلوها لا تؤدي المطلوب وتبطل رقاهم بالكلية ، ولم يعد أحد يلتفت إليهم 00 ) ( العين والرقية والاستشفاء من القرآن والسنة – ص 65 – 66 ) 0

قال الأخ فتحي الجندي – حفظه الله - : ( مما يزكي الخلاف ويجعلنا نميل إلى المنع ، أنه قد يؤدي إلى الكثير من المفاسد ، وهذا معلوم بالضرورة إلى بعض الغموض والاجمال في قوله ( ارقيها بكتاب الله ) 0

وقال أيضا ( استقراء نصوص الشريعة ، وما علل به أهل العلم كراهة رقى أهل الكتاب – بمعنى تحريمها – مع استقراء واقع أهل الكتاب اليوم يقتضي التحريم ، قال تعالى : ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) ( سورة البقرة - الآية 120 ) وقال تعالى : ( وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ) ( سورة الممتحنة - الآية 2 ) ، فبغضهم للإسلام والمسلمين ثابت بالنص ، ظاهر للعيان - سيما في هذه الأيام أيام غربة الإسلام - وإيمانهم بالجبت والطاغوت ثابت كذلك بنص القرآن 0
قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤلاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ ءامَنُوا سَبِيلا ) ( سورة النساء - الآية 51 ) 0
يضاف إلى ذلك أن في الذهاب إليهم تعظيم لأمرهم 0 وفيه تلبيس على العوام : منهم ومن غيرهم ، في أن الشفاء يأتي على أيديهم ، وأن المسلمين في حاجة إليهم لما يرجى على أيديهم من الخير ، مما يدل – في نظر العوام : على أنهم يدينون بدين حق ، إن لم يكن أفضل من الإسلام فهو على الأقل مثله ! وهذا فيه ما فيه 0
أما قياس هذا على حل طعامهم ونسائهم فشتان ، فهذا قياس مع الفارق ، سيما مع غلبة الكفر ، وغربة الإسلام في هذا الزمان ، فلا يقاس عليه زمان : ( حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ( سورة التوبة - الآية 29 ) 0
باختصار فإباحة هذا الأمر يجر إلى الكثير من المفاسد والمحرمات أولها : تمييع قضية الولاء والبراء ، حيث يقع البعض في حبهم ، بل وربما تفضيلهم على المسلمين ، والتلبيس على العوام ، وتمكين الكفرة من ( التكفير ) الذي يسمونه زورا ( التبشير ) تحت ستار تقديم الخدمات الطبية والإنسانية بزعمهم ) ( النذير العريان - ص 104 - 106 ) 0

قلت : وبعد هذا العرض لهذه المسألة فالراجح بل الصحيح هو المنع درأ للمفاسد المترتبة عن ذلك الأمر ، والذي أراه اغلاق هذا الباب بالكلية والحذر من نشر ذلك أو إقراره في العصر الذي نعيش فيه للأسباب التالية :

أ - إن في الكتاب والسنة ، وما تضمناهما من آيات محكمات ، وأدعية مأثورة ، ما يغنينا عن ذلك 0

ب- قد يؤدي ذلك لاعتقاد العامة وأهل القبلة بقيمة ديانة أهل الكتاب ، مع ما اكتنفها من تبديل وتحريف يفوق بكثير التحريف إبان عصر الإمام الشافعي والمروزي رحمهما الله 0

ج- إمكانية أن يكون هذا العمل مدخلا من قبل أهل الكتاب للدعوة لليهودية والنصرانية ، مستغلين بذلك الجهل العظيم السائد في بلاد المسلمين ، علما بأن كتبهم السماوية المحرفة قد تؤثر بطريقة أو بأخرى في علاج الأمراض الروحية بزعمهم ، بسبب ما تضمنته هذه الكتب من بقايا لم يجر عليها تبديل أو تحريف حتى عصرنا الحاضر ، ومعلوم اليوم العداء الشديد من قبل النصارى واليهود وتربصهم بالمسلمين ودينهم ، فيجب على المسلم أن يلجأ للكتاب والسنة والآثار الصحيحة الثابتة المأثورة عن الصحابة والتابعين وسلف الأمة ويترك ما سواها 0

هذا ما تيسر لي أخي الحبيب ( rachidsk ) ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة