عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 19-05-2005, 12:50 PM   #8
معلومات العضو
جند الله
عضو موقوف

افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تكملة الرد السابق

يقول شيخنا الفاضل:

ثانياً : والسؤال المطروح : لماذا لم يقتحم هذا العالم جهابذة أهل العلم مع أنهم قد عالجوا حالات الاقتران الشيطاني كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الحهبذ ابن القيم – رحمهما الله - ، أم نحن أولى منهم في مثل هذا الأمر ؟؟؟


هناك أمور كثيرة لم يطرحها من سبق من العلماء، بسبب انشغالهم بقضايا عصرهم، كمحاربة بدع وضلالات الصوفية وتصحيح العقيدة، فالسحر في عصرهم لم ينتشر كما هو اليوم، ولم يكن لهم اهتمام بالمسألة بنفس قدر اهتمامانا نحن بها اليوم، والشاهد خلو المكتبة الإسلامية من مخطوطات ومدونات عن عالم الجن، وهذا أمر مدهش، ولأول مرة منذ 1400 سنة يصدر مصنف كبير عن عالم الجن كان هو الموسوعة التي قمتم فضيلتكم بتدوينها على مدار 12 سنة من الجهد الدؤوب، مما يؤكد أن اهتمامات أهل زماننا تختلف عن اهتمامات من سبقونا، ففي القرنين الثالث والرابع الهجري اجتهد العلماء في جمع وتدوين كتب الحديث، ومن قبل انشغلوا بجمع القرآن والفتوحات، وفي عصر آخر انشغلوا بالفقه وتدوين كتب المصطلح وأصول الفقه وغير ذلك، كل زمن يأتي بملماته التي تشغل العلماء،

ومنذ خروج يهود خيبر لم تقم لليهود قائمة مثل حالهم اليوم، والله يشهد أنهم سحرة اتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان من كتب السحر، وفضيلتكم تعلم تمام العلم أن دولة اسرائيل لم تكن تصل إلى ما وصلت إليه اليوم إلا بالسحر، ولن تسقط دولة إسرائيل ولن يتم سحقها وتمزيقها إربا إلا بمضاد السحر وهو علم الرقية، ولكنكم تحصرون العلوم الجنية في داخل إطار علاج الأمراض الجني، رغم ان هذا العلم صار له تطبيقات عصرية نحن المسلمون لا نعلم عنها شيء، فوقد بينت في جزئية بسيطة ذلك في ندوة بعنوان (سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية - وهل كان للسحر أثر في ذلك) وهذا هو الرابط

http://www.ruqya.net/forum/showthread.php?t=1660

وكون أن بعض العلماء عالجوا بعض حالات المس والسحر لا يعني أنهم كانوا متفرغين لهذا الأمر كما اضطرتنا الظروف المعاصرة لهذا التفرغ، والشاهد أن الإمام أحمد وابن تيمية أخطئا في جواز جلد المصروع بالنعل والعصى، وقد شرحت خطأهما في مقال سابق تحت جزئية بعنوان (مشروعية الضرب باليد) وهذا الخطأ ليس دليلا يهز مكانة العالمين الجليلين إطلاقا، ولكنه شاهد أن المسألة لم تحظى منهم بالدراسة والاهتمام بها بقدر كاف، بل كانت ممارستهم للعلاج ممارسة عابرة غير متخصصة.
وهذا هو الرابط

http://www.ruqya.net/forum/showthread.php?t=1680

وهذا عبد الله ابن مسعود أطلع على شيء من أمور الجن ليلة لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجن، وهذا إن دل فيدل على أن الأصل في الاطلاع الإباحة وليس المنع، وإذا جاء المنع فلمقتضيات حسب ضوابط ومسوغات شرعية:

عن ابن مسعود قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم انصرف فأخذ بيد عبد الله بن مسعود حتى خرج به إلى بطحاء مكة فأجلسه، ثم خط عليه خطًا، ثم قال: (لا تبرحن خطك، فإنه سينتهي إليك رجال، فلا تكلمهم فإنهم لا يكلمونك)، قال: ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أراد، فبينا أنا جالس في خطي، إذ أتاني رجال كأنهم الزط، أشعارهم وأجسامهم، لا أرى عورة، ولا أرى قشرًا، وينتهون إلي ولا يجاوزون الخط، ثم يصدرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان من آخر الليل، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاءني وأنا جالس، فقال: (لقد أراني منذ الليلة)، ثم دخل علي في خطي، فتوسد فخذي، فرقد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رقد نفخ، فبينا أنا قاعد ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوسد فخذي، إذا أنا برجال عليهم ثياب بيض الله أعلم ما بهم من الجمال، فانتهوا إلي، فجلس طائفة منهم عند رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطائفة منهم عند رجليه، ثم قالوا بينهم: ما رأينا عبدًا قط أوتي مثل ما أوتي هذا النبي، إن عينيه تنامان، وقلبه يقظان، اضربوا له مثلاً، مثل سيد بنى قصرًا، ثم جعل مأدبة، فدعا الناس إلى طعامه وشرابه، فمن أجابه أكل من طعامه وشرب من شرابه، ومن لم يجبه عاقبه، أو قال: عذبه، ثم ارتفعوا، واستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك، فقال: (سمعت ما قال هؤلاء؟ وهل تدري من هؤلاء؟) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (هم الملائكة، فتدري ما المثل الذي ضربوا؟)، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (المثل الذي ضربوا الرحمن تبارك وتعالى، بنى الجنة ودعا إليها عباده فمن أجابه دخل الجنة، ومن لم يجبه عاقبه أو عذبه).()

وفي الأثر أن عمر بن الخطاب سأل الشيطان عن صفة خلقهم فقال: إني لأراك ضئيلا شخيتًا، كأن ذريعتيك ذريعتا كلب، فكذلك أنتم معشر الجن أم أنت من بينهم كذلك؟ إذا يجوز البحث والتقصي عن خصائص عالم الجن، ولو قمنا بجمع تجارب المعالجين وخبراتهم عن عالم الجن لخرجنا بمجلدات حافلة بمعلومات هائلة عن عالم الجن لم ترد في مصدري التشريع الإسلامي، فهل نبطل هذه المعلومات التي ثبتت لعدم ورودها فيهما؟

فعن الشعبي قال: قال عبد الله بن مسعود لقي رجل من أصحاب محمد رجلا من الجن فصارعه فصرعه الإنسي، فقال له الإنسي: إني لأراك ضئيلا شخيتًا، كأن ذريعتيك ذريعتا كلب، فكذلك أنتم معشر الجن أم أنت من بينهم كذلك؟ قال: لا والله، إني منهم لضليع، ولكن عاودني الثانية، فإن صرعتني علمتك شيئا ينفعك، قال: نعم، قال: تقرأ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ قال: نعم، قال: فإنك لا تقرؤها في بيت إلا خرج منه الشيطان له خبج كخبج الحمار، ثم لا يدخله حتى يصبح، قال أبو محمد: الضئيل؛ الدقيق، والشخيت؛ المهزول، والضليع؛ جيد الأضلاع، والخبج؛ الريح.()


وقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ليلة لقاءه بالجن وأطلعهم على آثارهم وآثار نارهم، ولو كان الاطلاع على أمور الجن وخصائصهم محظور لما فعل النبي ذلك، بل هذا شاهد على أن مطالعة أحوال عالم الجن وعجائبهم سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك سنة عن نبي الله سليمان، ولو كان الأمر ق توقف عند عهد النبوة والرسالة لما اكتشف عمر كما في الأثر بعضا من خصائص خلق الشيايطن، وهذا يفيد أن اكتشاف الجديد عن عالمهم مستمر غير متوقف.

عن عامر قال سألت علقمة هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن قال فقال علقمة أنا سألت ابن مسعود فقلت هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن قال لا ولكنا كنا مع رسول الله ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب فقلنا استطير أو اغتيل قال فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء قال: فقلنا يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فقال: (أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن) قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم وسألوه الزاد فقال: (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف لدوابكم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم).()


ثم تقول فضيلتكم:

ثالثاً : أما تعتقد أخي الحبيب بأن رسول الله قد دلنا على خير عظيم لمقارعة السحر والسحرة ، ولو كان هناك أدنى خير من اقتحام هذا العالم وفيه مصلحة شرعية وفائدة للمسلمين لدلنا عليه رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه 0


والله لا أنكر أن حبيبي وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغ الرسالة وأدى الأمانة، لكن هل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء عن عام الجن أم ذكر بعض وسكت عن بعض؟ بكل تأكيد سكت عن بعض الأمور لم يذكرها، وهنا يتبادر سؤال مهم هل ما ذكره صلى الله عليه وسلم كان على سبيل المجاز أم الحصر؟

هو أوجز صلى الله عليه وسلم ولم يحصر، والإيجاز يتضمن إمكان وجود خصائص أخرى لم تذكر، والشاهد أننا كل يوم نكتشف أعاجيب جديدة عن عالم الجن، فهل ننكر ما اكتشفناه من أمور لجديدة أنه لم يرد بخصوصه نص؟ لو أن النبي صلى الله عليه وسلم حصر كل المعلومات عن عالم الجن لكان الجواب بعدم جواز الإقرار بأي جديد لم يرد في السنة، إذا فما لم يرد إلا على سبيل المجاز لا الحصر يفيد إمكانية اكتشاف الجديد، وإمكانية اكتشاف الجديد تضيف إلى العلم الجديد، وقد أمرنا بطلب العلم ولو في الصين، حتى الشيطان علم أبو هريرة فضل آية الكرسي، وأجازه النبي صلى الله عليه وسلم في المعلومة، وسكت النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية الحصول على المعلومة؟، ولو كان الحصول على علم من الجن محرما لنهى البي صلى الله عليه وسلم أبو هريرة على هذا، وهذا في حد ذاته يدخل في سنة الإقرار، ولكن بشروط وضوابط وليس على إطلاقه.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله r قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال: فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟) قال قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال: (أما إنه قد كذبك وسيعود)، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا هريرة ما فعل أسيرك؟) قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال أما إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم لا تعود ثم تعود قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت ما هو قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال: (ما هي؟)، قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، وكانوا أحرص شيء على الخير فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟)، قال: لا قال: (ذاك شيطان).()

فأبو هريرة رضي الله عنه لما كان يحرس تمر المدينة التقى الشيطان ثلاث ليال، وفي كل ليلة يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخاطب شيطان، ولو كان مثل هذه المواجهة محرمة لمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك.

تنبه معي لجواز تلقي العلم عن الجن: قال أبو هريرة (قلت يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله) فقوله يعلمني تفيد التعلم، فماذا كان رد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعلم تمام العلم أنه شيطان فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: (ما هي؟)، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ما هي، وهذا شاهد على جواز تلقي العلم عن الجن، ولكن بشرط عرض ما يتعلق بأمور الدين والعقيدة على الكتاب والسنة، أما الأمور المتعلقة بخصائص الجن واحوالهم، فهي أمور ظنية احتمالية تثبت بالتجريب والمراس، كما ثبت لعمر ابن الخطاب في الأثر السابق.

وتقول فضيلتكم

رابعاًَ : اعلم يقيناً أن القرآن والسنة سلاح لا تقوى عليه السحرة ولا الشياطين مهما علو في المرتبة والكفر ، واعلم يقيناً بأن الحق جل وعلى يقول في محكم كتابه : ( إن الله سيبطله ) ، وتأكد بأن السلاح القوي والفعال والأساس هو القرآن والسنة ، وليس اقتحام عالم الجن بما فيه من غرائب وعجائب 0

هذه قاعدة أصولية لا خلاف حولها، لكن كما أن الله سيبطل السحر فإن الله سيشفي المرضى، وإن كان الله هو الذي سيبطل السحر ويشفى المرضى إذا فلا حاجة للطب والتدواي، وهذا مخالف للشرع، إذا فالطب والتدواي هما أسباب لقدر الله تعالى بالشفاء، أي أن العلم سبب في التداوي، إذا فالدواء سبب والشفاء قدر، ولا يصح بحال الخلط بين الأسباب والأقدار، الأخذ بالأسباب الشرعية متعلق بالخلق، أما القدر فمتعلق بالخالق، والأسباب جالبة للقدر، كما ان الدعاء يرد القدر، وإلا دخلنا في مسألة تعجيزية.

إذا لا بد من العلم والخبرة بالسنن الكونية لحصول الشفاء وإلا دخلنا في مهاترة لا يعلم إلا الله مداها، وفضيلتكم لم تعارضني في هذا بل أنت في آخر كلامك تقر بصحة وجهة نظري فتقول:

خامساً : لا زلت أقول بأن هذا لا يتعارض مطلقاً مع البحث والتقصي في تأثيرات عالم الجن والشياطين على عالم الإنس ، بل على العكس من ذلك تماماً فنحن معاشر المعالجون مطالبون بالدراسة والبحث والتقصي لما يخدم المصلحة الشرعية العامة للإسلام والمسلمين 0


إذا فالمسألة ليس حولها خلاف بإذن الله تعالى، ولكن توضيح وجهة النظر لا أكثر.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة