عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 10-06-2007, 07:47 AM   #1
معلومات العضو
د.عبدالله
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي &( ضريبة كبيرة )&&

بقلم :د. بسام درويش



ما بين مطرقة مصاعب الحياة اليومية وضغوط العمل وسندان الحياة العائلية يدفع معظمنا ضريبة كبيرة قد لا ينتبه إليها إلا بعد فوات الأوان، حيث لا ينفع الندم بعد ذلك.


يضع كل واحد منا هدفاً أو جملة أهداف نصب عينيه، ويحاول في أقصى سرعة ممكنة، وبأقصر الطرق الوصول إليها، وفي زحمة الحياة اليومية المتسارعة يأخذنا الشغل وتأسرنا المشاغل، وننسى أنفسنا، ونتناسى الأشخاص الأعزاء من حولنا.


بعد مرور سنوات على زواجه استطاع ان يحقق اسماً في عالم المال والحياة العملية، وبات معروفاً من قبل الكثيرين ممن يعملون في التجارة، ولا يتحدثون إلا بلغة المال، الأرقام تتراقص أمام أعينهم، وتبدو جلية واضحة في مجالسهم وأحاديثهم الهاتفية، ورسائلهم النصية القصيرة.


رجل الأعمال هذا، ربح الكثير من الأموال خلال سنوات معدودة، ولكنه خسر نفسه، إذ باتت المسافة الكائنة بينه وبين زوجته تزداد تدريجياً، كلما زادت أرباحه كبرت تلك المسافة، وخسر الكثير بتساقط الأوراق عن شجرة العلاقات الإنسانية والتي يستفيء بظلها المحبون.


في الصباح، لا وقت لديه حتى لارتشاف فنجان قهوة مع من يحب.


ولأن أوقات العمل ليست لها حدود، فقد كان يمضي النهار بكامله ما بين المكتب، والاجتماعات، وغداء العمل، وفي كثير من الأحيان، ينهي يومه بتناول العشاء لإنهاء صفقة كان قد بدأها في الصباح.


وبعد ان يرخي الليل سدوله، يعود بعد منتصف الليل ليتحدث باختصار عن تلك الصفقة، والأرباح المتوقعة، وأسعار الأسهم، ثم يمضي الليل في أحلامه.


حاولت زوجته كثيراً ان توضح له أن المال وسيلة وليس غاية بحد ذاته، ولكنه لم يكتشف ذلك إلا بعد فوات الأوان، حينما عاد بذاكرته إلى الوراء، تبين له انه لم يعد قادراً على التواصل مع المقربين من حوله، من زوجته الى أفراد عائلته وحتى رفاق الحي، وزملاء الدراسة.


تبين له أن المال الكثير الذي كسب لن يعوضه عن العلاقات الإنسانية الصادقة البعيدة عن المصالح التي لا تشترى بالمال.


حاول ان يرمم ما يستطيع ترميمه من بقايا مشاعره المتجمدة والمتكسرة، ولكنه لم ينجح، لأن المشاعر لا يمكن التحكم بها وتشغيلها أو تعطيلها بكبسة زر، أو نقرة «ماوس»، أو عن طريق «الريموت كونترول».


المشاعر تحتاج إلى رعاية يومية، إلى كلمات دافئة ولمسات توقظ القلب المتعب من غفوته.


ما بين مصالحه التجارية المتزايدة ورغبته في إنعاش حياته العائلية، وجد نفسه تائهاً بين الطرقات، غارقاً في محيط الحياة المادية تتقاذفه الأمواج بعيداً.


تذكر ذات مرة ما قالته له زوجته، «إن المال لا يشتري السعادة». هذه الكلمات كانت بمثابة جرس إنذار وضوء ينير الطريق، ولكنه لم يكترث، فابتعد كثيراً عن عائلته، وتصدعت جدران المنزل الذي لم يعد قادراً على احتمال الآهات، فخسر عائلته.


همسة: «المال وسيلة وليس غاية، والسعادة الحقيقية تنبع من القلب ولا يمكن للمال أن يشتريها».


مجلة الصحة أولا .

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة