عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 03-10-2005, 10:26 AM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الأخ الحبيب ( أبو محمد ) حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

لا تعارض فيما ذكر في موقعنا هذا وما تفضل به الشيخ ( محمد بن صالح المنجد ) ، أولاً أريد أن أرفق لكم نصاً مقتبساً عن مسألة التابعة كي تتضح الصورة :

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء
   الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

بخصوص سؤالك أختي المكرمة ( أم حسين ) بخصوص ما يسمى بـ ( العهود السليمانية السبعة ) ، اعلمي رعاك الله أخية أن هذا المصطلح مرتبط ارتباطاً وثيقاً بنوع من أنواع الاقتران يسمى ( اقتران التابعة ) أو ( أم الصبيان ) ، ولكي أقدم لك شرحاً دقيقاً عن تلك العهود فلا بد أن أعرج على ذلك النوع من الاقتران كي تكتمل الصورة لديك ، ولدى قرائنا الأعزاء في هذا المنتدى الطيب 0

وأبدأ بتعريف للتابعة حيث يقول ابن منظور : ( والتابعة : الرئي من الجن ، ألحقوه الهاء للمبالغة أو لتشنيع الأمر أو على إرادة الداهية 0 والتابعة : جنية تتبع الإنسان 0 وفي الحديث : أول خبر قدم المدينة يعني من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم امرأة كان لها تابع من الجن ؛ التابع ههنا : جني يتبع المرأة يحبها 0 والتابعة : جنية تتبع الرجل تحبه 0 وقولهم : معه تابعة أي من الجن ) ( لسان العرب - 8 / 29 ) 0

وتسمى كذلك ( أم الصبيان ) وأما المعنى الخاص بها من جهة السحر والسحرة فقد يختلف قليلا عن المعنى السابق ، هذا وقد أفرد السحرة في كتبهم الشيطانية أبوابا للتعريف بهذا النوع وأوردوا حول هذا الموضوع كثيراً من الخرافات والخزعبلات والهرطقات وادعاء الأكاذيب على نبي الله سليمان بن داوود - عليه السلام - وقالوا :

( بأن التابعة عجوز شمطاء تهدم الدور والقصور وتقلل الرزق بالليل والنهار وتخلف الربا والأشرار 0 فما أن علم بها سليمان حتى أمر بجرها بالسلاسل والأغلال وعذبها عذابا شديدا وقال لها : كيف نخفف عنك العذاب والشر كله منك 0 فقالت : يا نبي الله : أنا التابعة التي أخلي الديار وأنا معمرة الهناشير والقبور وأنا التي مني كل داء ومضرة ، نومي على الصغير فيكون كأن لم يكن وعلى الكبير بالأوجاع والأمراض والعلل والبلاء العظيم والفقر وأسلط عليه ما لا يقدر عليه ، ونومي على المرأة عند الحيض أو عند الولادة فتعقر ولا يعمر حجرها ، ونومي على التاجر في تجارته بعد الفرح بالربح فيها فيخيب ويخسر ، وأخذت تعدد ألوانا وأصنافا من العذاب والبلاء التي تمتحن بها عباد الله ، وقد أعطته العهود والمواثيق - العهود السليمانية السبعة - وأن من علقها فإنها لا تقربه في نفسه أو أهله أو ماله ) ( الرحمة في الطب والحكمة – بتصرف واختصار – 195 ، 196 ) 0

وبالمناسبة فهذا الكتاب من أخطر كتب السحر وهو ينسب للإمام السيوطي - رحمه الله - ولا اعتقد مطلقاً أنه من تأليفه ، فالكتاب يزخر بالسحر وهذا الكتاب وكتاب ( شمس المعارف الكبرى ) لأحمد البينوني من أخطر كتب السحر على الإطلاق ، فنسأل الله العافية والسلامة في الدنيا والآخرة 0

وقد يلجأ السحرة في علاج هذا النوع من أنواع الاقتران بالإيعاز للمريض بذبح حيوان أسود وغالبا ما يكون من الضأن أو الغنم ونحوه دون أن يذكر اسم الله عليه ويوضع في حفرة ويغطى بالتراب ، ومن ثم يتلو الساحر بعض العزائم الكفرية التي تحتوي على طلاسم فيها تقرب وعبادة للأرواح الخبيثة لرفع المعاناة والبلاء 0

قلت : وهل يعقل مثل هذا الكلام عاقل ، إن المتصرف في هذا الكون والذي يملك الأمر والنهي هو الحق سبحانه وتعالى ، وادعاء مثل تلك الأفعال كفر محض ومناقض لتوحيد الربوبية الذي هو العلم والإقرار بأن الله رب كل شيء ومليكه والمدبر لأمور خلقه جميعهم 0

فهذا الكون بسمائه وأرضه وأفلاكه وكواكبه ودوابه وشجره ومدره وبره وبحره وملائكته وجنه وإنسه ، خاضع لله مطيع لأمره الكوني كما قال تعالى : ( وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ) ( سورة آل عمران – الآية 83 ) 0

فإذا حقق العبد هذا التوحيد عرف بأن كل شيء بأمر الله ، فلا يقع أمر ولا يحل خير أو يرتفع شر إلا بأمره - سبحانه وتعالى - وهذا يجعل العبد يدعوه سبحانه في كل نائبة 0

قال تعالى : ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( سورة يونس – الآية 107 ) 0

وكافة تلك العهود والتي تدعى بـ ( العهود السليمانية السبعة ) تزخر بالكفر والشرك وفيها لجوء واستغاثة بغير الله سبحانه ، وتحتوي على كثير من الطلاسم والعزائم التي لا يفقه معناها ، وكذلك تحتوي على رسوم للنجوم والمربعات والأحرف وأسماء الجن ونحو ذلك من كفر وشرك صريح 0

وأما طريقة العلاج المتبعة من قبل السحرة والتي تقوم على الذبح للجن والشياطين فهي عين الشرك ، وقد تم إيضاح هذه النقطة في كتابي ( القول المُعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) تحت عنوان ( الشرك - شرك النية والقصد ) 0

إن الإسلام يسمو بتعاليمه عن كافة تلك الممارسات والأفعال الشيطانية الخبيثة ، والإسلام شرع الشرائع في كافة نواحي ومجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية ونحو ذلك ، وكل ذلك لتحقيق سعادة البشرية في الدارين الدنيا والآخرة 0

والذي يتمشى مع عقيدة أهل السنة والجماعة أن صرع الأرواح الخبيثة حقيقة أثبتها الشرع وأيدها النقل والعقل والتواتر 0

وهذا النوع وأعني به ( اقتران التابعة ) من إيذاء الجن للإنس نوع كسائر الأنواع ، إلا أنه يختص بالمرأة فقط وادعاء السحرة بأن التابعة قد تدخل في كثير من مجالات الحياة فتفسد على الناس أحوالهم ومعايشهم ادعاء باطل ، والذي يعلمه المعالجون بالرقية الشرعية المتمرسون الحاذقون بخصوص هذه المسألة وبحثهم وتقصيهم لها ، بأن التابعة غالبا ما تكون نوع من أنواع إيذاء نساء الجن لنساء الإنس باتباع طرق شيطانية خبيثة تعتمد في مجملها على محاولة قطع الذرية والإنجاب ، أو محاولة إيذاء الجنين وحصول إسقاط لدى المرأة ، أو محاولـة إيذاء الوليد بطرق شيطانية متنوعة ، ويقتصر الإيذاء على هذا الجانب فقط دون أن يؤثر على كافة مجالات الحياة الأخرى كما يدعي السحرة والمشعوذون 0

وهذا الأسلوب قد يؤدي إلى إيذاء المرأة بإحدى الوسائل التالية :

أ)- منع الحمل من أساسه : ويلجأ نساء الجن غالبا في هذا النوع من أنواع الاقتران باتباع طرق شيطانية خبيثة لمحاولة منع الحمل من أساسه بكيفية لا يعلمها إلا الله ، حيث أن ( التابعة ) لا تقترن بجسد المريضة ولا تدخل فيها ، والذي يترجح لي في هذه المسألة بأن يكون التأثير الأساسي في هذا النوع نتيجة للعزائم والطلاسم المستخدمة والله أعلم 0

ب)- الإجهاض المبكر : ويحصل ذلك في فترة الحمل المتقدمة التي تقدر بثلاثة أشهر ، وفي هذه الحالة تشعر المرأة الحامل بأعراض غير طبيعية ، ومن ذلك رؤية أمر مفزع في النوم كاعتداء من قبل كلب أسود أو عض المريضة في يدها أو ساقها أو اعتداء رجل أو وزغ أو حمار أو بعير ونحو ذلك ، أو الشعور بضربة على بطن المريضة أثناء نومها ، وغالبا يكون ذلك من قبل بعض النسوة ، أو حدوث نزيف مستمر دون تحديد أسباب طبية معلومة لذلك ، وينتج عن كافة تلك المظاهر إجهاض مبكر لدى المرأة الحامل 0

ج)- الإجهاض المتأخر : ويحصل ذلك بعد فترة حمل الثلاثة أشهر الأولى ، وتشعر المرأة الحامل في هذا النوع بكافة الأعراض المذكورة في النوع السابق 0

د)- إيذاء المولود : وقد يحصل ذلك الإيذاء من الأرواح الخبيثة بعد الولادة بطرق شيطانية متنوعة ، وقد يؤدي ذلك إلى حصول أمراض متنوعة دون أن تتحدد الأسباب العضوية لذلك ، ودون تشخيص تلك الأمراض لدى المستشفيات والمصحات والأطباء الأخصائيين 0

ولا بد من التفريق بين هذا النوع وهو( اقتران التابعة ) وسحر العقم وعدم الإنجاب ، وأوجز تلك الفروقات بالأمور التالية :

1)- اقتران التابعة غالبا ما يتأتى من نساء الجن دون رجالهم ، أما بالنسبة لسحر العقم وعدم الإنجاب فقد يتأتى بواسطة الجن رجالا ونساءً أو بواسطة طرق سحرية متنوعة 0

2)- اقتران التابعة لا تظهر من خلال الرقية الشرعية أية أعراض لمرض الصرع والسحر ونحوه ، أما بالنسبة لسحر العقم أو منع الإنجاب فتظهر أعراض على المريض وخاصة عند قراءة آيات السحر 0

3)- اقتران التابعة لا يظهر من خلال تشخيص الحالة المرضية أية أعراض طبية ، أما بالنسبة لسحر العقم وعدم الإنجاب فتظهر التحاليل نتائج غير ثابتة ومتذبذبة من فترة لأخرى 0

4)- ما يميز هذا النوع من أنواع الاقتران - اقتران التابعة - رؤية منامات مفزعة لكلاب أو قطط أو حيوانات سوداء تعض المريض أو تنهش من لحمه ، أو رؤية نساء يطلبن الجنين أو المولود أو رؤية امرأة تضرب المريضة على بطنها فيحصل لها نزيف وإسقاط ، أما بالنسبة لسحر العقم وعدم الإنجاب فقليلا ما تلاحظ مثل تلك الأعراض 0

بعض الوقفات الهامة المتعلقة بـ ( اقتران التابعة ) وآثاره ونتائجه :

1 )- لا بد للمسلم من الاعتقاد الجازم بأن مقاليد الأمور بيد الله سبحانه وتعالى وتحت تقديره ومشيئته ، وكافة نواحي الإيذاء المذكورة آنفا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تؤثر إلا بإذن الله سبحانه وتعالى 0

2)- إن العقيدة والمنهج الصحيح يحتم على المسلم الصادق تتبع الحق ومعالجة هذه المشكلة من منظور إسلامي بحت ، دون اللجوء إلى السحرة والمشعوذين والعرافين لما تحتويه طرقهم من خطر عظيم على العقيدة والمنهج والدين 0

3)- والشريعة الإسلامية لم تترك المسلم دون وقاية أو حصانة لمعالجة كافة الأعراض الناتجة عن الأمراض الروحية كالصرع والسحر والعين والحسد ، بل قدمت له كافة السبل والوسائل الشرعية والحسية المباحة لمعالجة ذلك ، كما وفرت كذلك السبل الكفيلة بوقاية الإنسان من كافة تلك الأمراض دونما استثناء 0

4)- إن طريق الخلاص من كافة تلك الأمراض - الأمراض الروحية - يعتمد أساسا على التوجه إلى الله سبحانه وتعالى والمحافظة على الفرائض والنوافل والذكر والدعاء ، وكذلك المحافظة على الطاعات والبعد عن المعاصي 0

5)- يجب على المسلمة التأكد أولا من سلامة الناحية الطبية وذلك من خلال مراجعة المستشفيات والمصحات والطبيبات المسلمات للتأكد ، بأن الأعراض الخاصة بمنع الحمل خارجة عن نطاق الطب العضوي المادي المحسوس 0

6)- لا تختلف طريقة علاج هذا النوع من أنواع الاقتران عن كافة الأنواع الأخرى ، وبإمكان القارئة الكريمة مراجعة ذلك في كتابي ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) تحت عنوان ( كيف يعالج الإنسان نفسه ) 0

7)- ومن الأمور التي تنصح المسلمة باستخدامها حال تعرضها لهذا النوع من أنواع الاقتران ، طريقة استخدام المداد المباح بالزعفران ونحوه ، والتي سبق الإشارة إليها في كتابي ( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين ) تحت عنوان ( استخدام المداد المباح كالزعفران ونحوه ) ، وقد تم بحث هذه المسألة بحثا دقيقا مفصلا ومذيلا بأقوال العلماء الأجلاء ، وكانت الخلاصة من هذا البحث أن استخدام هذه الطريقة في العلاج هو خلاف الأولى ، وخلاف الأولى من أقسام الجواز ، فلا يرى بأس باستخدام ذلك ، ويفضل متابعة الاستخدام لهذه الطريقة طيلة فترة الحمل ، فإنها مجربة ونافعة بإذن الله تعالى 0

هذا من جهة ، أما من الجهة الأخرى فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لك ولأختك ، حيث علمت مما ذكر آنفاً أن تلك العهود فيها من الكفر والشرك ما الله به عليم ، وعليك أن تتوبي وأختك إلى الله سبحانه وتعالى توبة نصوح ، وتصحيحاً لمعلوماتك حيث قلت أنني قد ذهبت إلى شيخ ، وهذا ساحر مشعود نسأل الله أن يرد كيده إلى نحره وأن يقينا شره إنه سميع مجيب ، أما بالنسبة لتلك العهود فأنصحك أتن تأخذيها إلى أحد المعالجين المتمرسين أصحاب العلم الشرعي كي يقوم باتلافها حسب ما هو معهود 0

أرجو أختي الفاضلة أن أكون قد أجبت على سؤالك فيما يتعلق بهذا الموضوع ، كما أرجو أن يكون مصطلح ( التابعة ) أو ( أم الصبيان ) قد اتضح لك ، وعلمت أن كل ذلك من هرطقة السحرة والمشعوذين والعرافين ، نسأل الله أن يقينا شرورهم ، وأن يرد كيدهم إلى نحورهم إنه سميع مجيب الدعاء 0

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني

فقصد الشيخ من الإجابة هو التحذير من موافقة الرعاع على مسألة ما جاء في العهود السليمانية والذبح لغير الله كما يفعل كثير من الجهلة ، وطرق أبواب السحر والشعوذة في سبيل علاج هذه الظاهرة 0

أما إيذاء الجن والشياطين فحاصل ولا ينكره عاقل وهو مشاهد محسوس عند أثبات المعالجين 0

وقد ثبت من حديث أبو هريرة - رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه باصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم ، ذهب يطعن فطعن الحجاب ) ( صحيح الجامع 4516 ) 0

قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( قال القرطبي : هذا الطعن من الشيطان هو ابتداء التسليط ، فحفظ الله مريم وابنها منه ببركة دعوة أمها حيث قالت : " وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " ( سورة آل عمران - الآية 36 ) ، ولم يكن لمريم ذرية غير عيسى ) ( فتح الباري - 6 / 368 ) 0

وقال – رحمه الله - : ( طعن صاحب " الكشاف " في معنى هذا الحديث وتوقف في صحته فقال : إن صح هذا الحديث فمعناه أن كل مولود يطمع في إغوائه الشيطان إلاّ مريم وابنها فإنهما كانا معصومين ، وكذلك من كان في صفتهما ، لقوله تعالى : ( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ ) ( سورة ص - الآية 82 ، 83 ) قال : واستهلال الصبي صارخاً من مس الشيطان تخييل لطمعه فيه كأنه يمسه ويضرب بيده عليه ويقول : هذا ممن أغويه 0 وأما صفة النخس كما يتوهمه أهل الحشو فلا ، ولو ملك إبليس على الناس نخسهم لامتلأت الدنيا صراخاً 0 انتهى 0
وكلامه متعقب من وجوه ، والذي يقتضيه لفظ الحديث لا إشكال في معناه ، ولا مخالفة لما ثبت من عصمة الأنبياء ، بل ظاهر الخبر أن إبليس ممكن من مس كل مولود عند ولادته ، لكن من كان من عباد الله المخلصين لم يضره ذلك المس أصلاً ، واستثنى من المخلصين مريم وابنها ، فإنه ذهب يمس على عادته فحيل بينه وبين ذلك ، فهذا وجه الاختصاص ، ولا يلزم منه تسلطه على غيرهما من المخلصين 000
وقد أورد الفخر الرازي هذا الإشكال وأجمل الجواب أن الحديث خبر واحد ورد على خلاف الدليل ، لأنَّ الشيطان إنما يغوي من يعرف الخير والشر ، والمولود بخلاف ذلك 00 الخ 0
والجواب عن إشكال الإغواء حاصله أن ذلك جعل علامة في الايتداء على من يتمكن من إغوائه والله أعلم ) ( فتح الباري - 8 / 268 ) 0

قال الأستاذ عبدالكريم نوفان عبيدات : ( فقد أثبتت هذه الأحاديث أن الشيطان له تأثير على أجسام الإنس ، وذلك بدفع الشيطان للولد ، وطعنه ساعة الولادة بحيث يصرخ من ذلك ، وأن ذلك يعم كل مولود كما يدل عليه قوله عليه السلام : ( ما من مولود 000 ) ، وقوله : ( كل إنسان تلده أمه 000 ) ، ولم يستثن من ذلك الدفع والطعن إلا عيسى ابن مريم عليه السلام وأمه ، استجابة لدعاء أم مريم ) ( عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة - ص 309 ) 0

قلت : تنوعت الأحاديث التي تدل بأوضح بيان على التأثيرات التي قد يحدثها الشيطان ويستطيع من خلالها أذية الإنسان ، وكافة تلك التأثيرات تؤخذ على ظاهرها حقيقة لا مجازا ، وهي أمور حسية واقعة بكنه وكيف لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ، ومن هذه التأثيرات طعن الشيطان في جنب بني آدم حين ولادته ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " حين يولد " والمقصود من الحديث أن الطعن يحصل عند الولادة ، وغلبة الظن أنه يحصل قبل خروج المولود لهذه الحياة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " ذهب يطعن فطعن الحجاب " ومعنى الحجاب هو المشيمة المحيطة بالجنين التي تحميه وتحفظه بإذن الله تعالى ، قال الحافظ بن حجر في الفتح " فطعن في الحجاب " أي في المشيمة التي فيها الولد ( 6 / 470 ) ، " وقول الحافظ " المشيمة التي فيها الولد " دليل على أن الطعن يحصل حين مرحلة الولادة وقبل خروج الجنين لهذه الحياة ، بدليل وجود الولد داخل المشيمة وليس خارجها كما أشار لذلك الحافظ بن حجر ، وهذا يدل على أن الشيطان يستطيع النفاذ لباطن الأم وأن يحدث مثل هذا التأثير الحقيقي من خلال الطعن بالإصبع وبكاء المولود نتيجة لمثل ذلك الفعل ، وهذا الأمر يعم كل مولود كما دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من مولود 000 ) ، وقوله : ( كل إنسان تلده أمه 000 ) ، ويدل كذلك على أن الطعن الوارد في الحديث طعن حقيقي لا مجازي يحدث أثرا وتأثيرا وهو ابتداء التسليط من الشيطان ، وعموما فإن الحديث يدل على نفاذ الشيطان لباطن الإنسان وتأثيره وإيذائه له ، ومن هنا لا يستبعد أن يحدث أي تأثيرات أخرى كالمس والصرع ونحو ذلك من أمور أخرى والله تعالى أعلم 0

قال الشيخ علي بن حسن عبدالحميد - بعد أن ساق الأدلة الصحيحة لإثبات الصرع والمس : ( فهذا تأثير زائد على مجرد الوسوسة ، متعد إلى الإيذاء البدني ، فماذا يقول منكروا المس والصرع ؟! هل يؤولون ويعطلون ؟! أم هل يردون وينكرون ؟! أم هل سيستجيبون ويرجعون ؟! ومن أعياه شيطانه عن القناعة بالأدلة كلها مجتمعة ، فصارت عنده مرفوضة ممتنعة ، مسربا إليها شبهاته ، وممررا عليها آهاته وآفاته 000 لتكون خاتمتها عنده ردا ، ونهايتها في ذهنه صدا 000 فإني ناصح أمين : أن يأتي إلى بعض الصالحين، ليقرأ عليه آيات من الكتاب المبين ، ( فلعله ) من الممسوسين ، أو الملبوسين ( ! ) 0 ولا عدوان إلا على الظالمين ) ( برهان الشرع في إثبات المس والصرع - 139 ، 140 )

فإن كان للجن والشياطين القدرة على النفاذ إلى أجساد البشر فمن باب أولى التحكم في الأجهزة العضوية والتي قد يتأتى منها بعض الأمراض العضوية أو حصول اسقاط ونحوه ، أو التأثير بعدم حصول الحمل من أساسه ، مع التنبه لمسألة في غاية الأهمية وهي أن كل ذلك لا ينفذ إلا بتقدير الله الكوني لا الشرعي ، وأورد لكم أخي الحبيب حديثاً صحيحاً يؤكد ما أشرت إليه آنفاً :

روى أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أسماء : ( أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة 0 قالت : فخرجت ، وأنا متم - أي مقاربة للولادة - ، فأتيت المدينة ، فنزلت بقباء ، فولدته بقباء ، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوضعه في حجره ، فدعا بتمرة ، فمضغها ، ثم تفل في فيه ، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : ثم حنكه بالتمرة ، ثم دعا له وبرك عليه ، وكان أول مولود ولد في الإسلام – للمهاجرين بالمدينة - ، قالت : ففرحوا به فرحا شديدا ، وذلك أنهم قيل لهم :إن اليهود قد سحرتكم ، فلا يولد لكم ) ( متفق عليه ) 0

وهذا الحديث فيه دلالة واضحة على أن السحر قد يحدث تأثيرا لمنع الحمل بين الزوجين بإذن الله القدري الكوني لا الشرعي 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن إمكانية أن يكون العقم لدى الرجل أو المرأة بسبب السحر ؟؟؟

فأجاب – حفظه الله - : ( الأصل أن العقم من تقدير الله تعالى وخلقه ، كما قال تعالى : ( وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ) ( الشورى – 50 ) ، وقال عن زكريا : ( وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا ) ( مريم – الآية 5 ) ، فالله سبحانه قدر أن بعض خلقه لا يولد له ، سواء من الرجال أو من النساء ، وقد يوجد لشيء من ذلك علاج مؤثر بإذن الله تعالى ، فيزول العقم بواسطة بعض الأدوية والعقاقير ، وقد يكون خلقة أصلية لا تؤثر فيه العلاجات 0 وقد يكون العقم بسبب عمل شيطاني من بعض السحرة والحسدة ، فيعمل أحدهم للرجل أو المرأة عملاً يبطل به أسباب الإنجاب ، وذلك بحيل خفية تساعده عليها الشياطين ، أو أن نفس الشيطان الملابس له يعمل في إبطال تأثير الوطء في الحبل ، سواء من الرجل أو المرأة ، فالشياطين الملابسة للإنس لهم من التمكن في جسم الإنسان ما أقدرهم الله عليه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) ( متفق عليه ) فعلى هذا يعرف أنه عمل سحرة بتجربة الإنجاب في شخص آخر ، فإذا كان الرجل له أولاد من امرأة أخرى ، والمرأة لها أولاد من رجل آخر ، عرف أن توقف الولادة بسبب هذا العمل فيسعى في علاجه بالرقى والتعوذات والأدعية النافعة ، وكثرة ذكر الله تعالى ، وتلاوة القرآن ، والتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة ، والتنزه عن المحرمات والمعاصي ، وتنزيه المنزل عن آلات اللهو والباطل ونحو ذلك مما تتسلط به الشياطين ، وتتمكن من التأثير في الإنسان ، ويسبب بعد الملائكة عن المنازل التي تظهر فيها المعاصي ، وبهذه الإرشادات يخف تأثير السحرة بإذن الله تعالى ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة – 184 ، 186 ) 0

أما ما تفضلت به اللجنة الدائمة من قولها : ( " لقد أحسنتَ بامتناعك من الذهاب مع خالتك - أم زوجتك - إلى الرجل الذي يدعي علم الكتاب ؛ لأنه كاهن ، وأحسنت أيضا بسؤالك أهل العلم للتحقق من الصواب ، وعليك أن ترقي نفسك وزوجتك ومن ترزق من الأولاد بالرقية الشرعية ، فتقرأ على كل منهم فاتحة الكتاب والمعوذات الثلاث : " قل هو الله أحد " ، وسورة " الفلق " ، وسورة " الناس " تكرر المعوذات ( ثلاث مرات ) وتنفث عقب كل مرة في كفيك وتمسح بهما الوجه وما أقبل من البدن ، وتدعو بهذا الدعاء : " أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامَّة ومن كل عين لامَّة " ، وننصحك بشراء كتاب " الأذكار النووية " للإمام النووي ، وكتاب " الكلم الطيب " لابن تيمية ، وكتاب " الوابل الصيب " لابن القيم ، فإن فيها كثيراً من الأذكار النافعة والرقى الشرعية " انتهى . ) ( فتاوى اللجنة الدائمة - 1 / 619 ، 620 ) .

فهذا ما نسعى إليه في منتدانا الحبيب وهو التحذير من السحر والسحرة وهذا يؤكد على مسألة العلاج بالرقية الشرعية ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة