عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 15-05-2005, 12:06 PM   #1
معلومات العضو
جند الله
عضو موقوف

Arrow فترة النقاهة وأهميتها في حياة المريض بعد مرحلة العلاج والاستشفاء !!!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


النقاهة Convalescence

إن فترة النقاهة هي من أهم وأخطر مراحل العلاج، وإن الإهمال خلالها قد يعرض المريض إلى (انتكاس Relapse)، ويكبده مشاق معاودة العلاج، أو التنقيب عن علاج بلا نقاهة! والأخطر في الأمر أن الانتكاسة قد تكون خفية الأعراض غير ظاهرة، فيبدو المريض بعافية وصحة جيدة، ومع إجراء جميع الاختبارات تأتي النتائج سلبية، وقد يتم إغلاق الجسد على هذا النحو، ورغم ذلك قد لا تظهر أعراض الانتكاس أحيانًا، وهذا أمر خطير خلاف إذا ظهرت بعض المؤشرات التحذيرية، أو العلامات الواضحة ذات الدلالة القوية على عودة المريض إلى سابق عهده بالمرض، بل في بعض الأحيان تكون الانتكاسة أشد ضراوة من المرض نفسه، بسبب أهداف الانتقام من المعالج في شخص المريض، والتي قد لا تظهر أعراضها في أثر إغلاق الجسد، وربما ظهرت بعد ذلك بفترة زمنية طويلة، يكون المريض فيها قد اطمأن على سلامته، واستكانت نفسه واطمأنت بالشفاء، ولا يدري أن إهمال فترة النقاهة قد خلف وراءه كارثة أشد ضراوة من علته السابقة.

يظن الكثيرين أن وصولهم إلى مرحلة الاختبارات سلبية النتائج هو نهاية المطاف، وأن هذا علامة على الشفاء، وأن الأمر قد انتهى عند هذا الحد، وفي واقع الأمر أن الاختبارات سلبية النتائج ليست مؤشرًا يدل على سلامة جسد المريض من وجود الجن، بقدر ما يدعونا ذلك للحذر، والبحث بتؤدة عن مسلك جديد للشيطان يتحرك من خلاله، ففترة الهدوء والسكينة ما بعد العلاج، هي فترة ترقب وتربص من الشيطان، فإن كان قد مات أو قتل، فإن أعوانه ومن حرضوه على فعلته من أسياده خارج الجسد، لا يزالون على قيد الحياة، في انتظار فرصة جديدة للانقضاض عليه، فسلسلة الشياطين لن تنتهي، خاصة وأن فيهم المنظرين إلى قيام الساعة، والحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع أنه ليس هناك ثمة شفاء كامل من المس، لأن الإنسان ممسوس بصفة دائمة، (الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم من العروق)، وهذا لحكمة الاختبار والابتلاء، ولكن الفارق هو السلامة من تخبط الشيطان وعبثه بجسد ابن آدم، وهذا هو الهدف الرئيسي من العلاج، فلا يعاود الشيطان الكرة على المريض مرة أخرى بالتخبط، وإن كان يتحرك في جسده، وهذا حال جميع الناس بلا استثناء، لقول النبي r: (ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن)، وعليه فلا نستطيع إنكار وجود الشيطان في جسد كل منا، ولكن الفارق بين السليم والسقيم منا هو وجود التلبس والتخبط الظاهر، وهذا ما يستدعي تدخل الطبي الروحي لتخليص المريض من شكواه.

ليتعرض المريض في أثر معتقده الخاطئ لانتكاسة، ويتغافل عن أن الشيطان كائن خفي عاقل، ليضع أسباب انتكاسته على عاتق المعالج وحده، ويزعم جهلاً أن المعالج لم يقم بدوره المنوط به على أكمل وجه، وأنه خدعه، والحقيقة أن المريض قد خدع نفسه، فما إن يتم إغلاق جسد حتى يتفلت من زمام الالتزام بالورد القرآني، ويتخلص من كلفة التحصين وترديد الأذكار، وكأن مصلحته من الله تعالى قد قضيت، وشكره على هذا قد كافئ نعمة الشفاء، ولا شيء عليه بعد ذلك إلا الاستمتاع بالصحة والعافية، وهذا في حقيقة الأمر هزل، إن ظن المريض ذلك، بل إن مسئوليته في أثر الشفاء أشد أهمية من أثناء مكابدة المرض، لأن الشيطان يتربص به الدوائر، فإذا ما غفل عن ذكر الله تعالى، أو ظهر منه بادرة تقصير، انقض عليه الشيطان ونال منه ما لم يناله من ذي قبل.

في بعض الأحيان يفر من الجسد أشد وأقوى المجموعات العاملة فيه من الشياطين، وبكل تأكيد يتم ذلك تحت مظلة من الأسحار، كحصانة تحميهم من أية مخاطر قد تحدق بهم لحظة الفرار، ولأنهم لا زالوا في خضم قوتهم، فالفرصة متاحة لديهم للفرار الآمن، ولمعاودة الكرة مرة ثانية، فهناك أسيادهم في انتظارهم لمحاكمتهم محاكمة ظالمة جزاء ردتهم، وإنزال أقصى عقاب بهم يفوق ما اقترفوه من الردة تحت تأثير العذاب الشديد، وفي مقابل العفو عنهم يمنحونهم فرصة ثانية لإصلاح أخطاءهم، والثأر من غريمهم المعالج بالطبع قبل المريض، فيستغلون جهل الناس بطباع الشياطين وعاداتهم وخصائص قدراتهم، فيخيلون إليهم أن المريض لا يزال على حاله فلم يشفى بعد، وذلك بظهور أعراض مرضية أشد من ذي قبل، فيبدو الأمر وكأن حالته قد ازدادت سؤًا في أثر العلاج، فيجعلون مسؤولية ما يعدونه فشلاً لا انتكاسة على عاتق المعالج، وكأن المريض الحمل الوديع الذي وقع بين براثن المعالج الجاهل والشيطان الرجيم‍! وليس السب هو إهمال المريض وجهله، وكل المرضى ليسوا على هذا النحو من السفاهة، بل هناك من يقدر معالجه، ويمتثل لنصائحه في غيابه، وهؤلاء يجتازون فترة النقاهة بسلام وأمان وبلا أدنى منغصات.

ولأن معاودة اختراق الجسد، ودخوله مرة ثانية ليس بالأمر الهين على الشيطان، فهناك فارق جوهري بين الدخول والمكث في الجسد تحت طائلة سحر ذاتي يمكن للشيطان من الجسد، وبين مجرد الدخول لغرض مؤقت وعابر، فلا يدوم مكثه كثيرًا، فالشيطان يستغل أدنى هفوة من المريض ليقتحم جسده بسلام، لذلك فلا بد من المتابعة وموالاة الطاعات والعبادات، بل ربما أكثر من فترة العلاج، وذلك لتعويض أدنى هفوة قد تبدر من المريض أثناء فترة النقاهة، والتي قد تتيح الفرصة لمعاودة الشيطان مرة ثانية، على الأقل على سبيل الشكر لله تعالى، وحمده على نعمة الشفاء، وهذا يدعم إغلاق الجسد، ويعزز الحصانة ويشددها على المريض تمامًا.

عمومًا وعلى أي حال أرى أن فترة ثلاث أشهر هي فترة متواضعة للنقاهة، خاصة وأن مخططات الشياطين وشراكهم يتم تنفيذها على مدار سنوات طويلة، فلا بأس من مواصلة نفس منهج العلاج طيلة ثلاثة أشهر، ولكن بلا عقد جلسات، على أن تكون بتواصل وبغير تقطع، وإلا بدأ المريض هذه الفترة من جديد، خشية أن يكون قد اعتراه شيئًا خلال فترة الانقطاع، ولو دام الانقطاع يومًا، وعلى المريض أن يقضي هذا اليوم إن مر عليه بسلام، وعمومًا فتكثيف جرعة القرآن في فترة النقاهة ضرورة ملحة، فلا بأس من أن يضاعف الورد في اليوم التالي، ولا مانع من إجراء كشف دوري للاطمئنان على السلامة من الانتكاس ولو مرة كل شهر طوال فترة النقاهة.

ويجب أن يراعى أن يكون التوقف عن الورد القرآني تدريجيًا، فمن الخطأ أن يتم ذلك دفعة واحدة، ولكن أنصح بالتحول التدريجي من أداء الورد القرآني حسب تحديد المعالج المختص، إلى الورد القرآني بنظام ختم المصحف الشريف من أوله إلى آخره، فكأنك فتحت بذلك بابًا بينك وبين الله تعالى، ثم تركته مفتوحًا للشيطان يلج منه وقتما شاء، ولكن حول الباب المفتوح بينك وبين الله تعالى من باب تلاوة ورد علاجي محدد، إلى باب تلاوة ورد مفتوح لختم المصحف الشريف، والفارق بينهما أن الأول مقيد بكم محدد من سور معينة لا تتغير، والآخر ورد متغير حسب ترتيب المصحف الشريف، بحيث تستطيع ختمه قي فترة من ثلاثة أيام إلى شهر إن شئت.

إن عبور مرحلة النقاهة بسلام ليس ضمانًا لعدم الانتكاس في مرحلة ما بعد النقاهة، ولكنها عبورها بسلام يعد ضمانًا لنجاح العلاج بصورة نهائية، فمن الممكن إذا تعرض المريض بعد شفاءه لأسباب المس عاد إليه الداء، ربما أشد مما سبق، وهذا ما يجب أن يضعه المريض في اعتباره، خاصة وأنه صار هدفًا للشياطين، وعرضة لتجديد الأسحار إذا علم المسحور لأجله أن المريض قد شفي بفضل الله تعالى، إذًا فالشفاء لا يعد حصانة ضد الإصابة بالمس مرة أخرى، فإن كانت التحصينات تفيد بشكل أو آخر في تعويذ الشخص المعافى من معاودة الإصابة مرة أخرى، إلا أن التحصينات لا تشكل ضمانًا ضد الإصابة، إذا ما تم اختراقها بأحد نواقض مقتضياتها، وهذا هو ما يجب أن يحافظ عليه المريض طيلة فترة النقاهة، وكذلك فيما بعدها، وإن المعالج لا يملك أن يقدم للمريض ضمانات على غيبيات تدرك ظنيًا لا حسيًا، لذلك فلا نملك مطلقًا أن نطالب المعالج بأية ضمانات، بقدر ما نحن مطالبين بالالتزام بنصحه واتباع توجيهاته في ضوء خبرته.

وهناك حكمة بالغة الأهمية ترجى من فترة النقاهة، وهي استرجاع ما فر من الشياطين لقتلهم داخل الجسد، وللتخلص من أسحارهم المتعلقة والمرتبطة بجسد المريض، فتعرض المريض إلى ما يبدو أنه انتكاسة، ربما يكون مؤشرًا إلى أن الحالة لم يستكمل شفاؤها بعد، وهذا ليس عن تقصير من المريض، أو إهمال المعالج، ولكنها ضرورة تحتمها مراوغة الشيطان، واستدراكًا لمخططاته وألاعيبه التي لا حصر لها، فالشياطين الذين فروا تحت حماية أسحارهم، قد يتعسر على الجن المسلمين اقتيادهم للمحاكمة الشرعية على ما اقترفوه من جرائم، ولكن يمكن محاصرتهم باستمرار مواظبة المريض على الورد القرآني، وتضييق الخناق عليهم حتى يرتدوا إلى جسد المريض، وهناك يسهل التخلص منهم على يد المعالج، أو على يد الجن المسلم، فهناك من الشياطين من لا يصح تقديمهم للمحاكمة، وهذا لعظم خطورتهم على الإنس أو الجن المسلمين، ووجوب سرعة القضاء عليهم، والتخلص منهم نهائيًا، فليس كل شيطان يصلح لأن يقدم إلى محاكمة شرعية، لذلك تكون هذه الانتكاسة عارضة وليست بصفة دائمة، فلا داعي للقلق على سلامة المريض.

(_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _)

يجب دائمًا أن نتوقع حدوث انتكاسة، فلا نستخف بظهور علامات ولو كانت طفيفة، ولا مانع من وجود علامات صارخة تعبر عن انتكاسة صريحة، فيجب أن لا نفجع حتى ولو بدا الأمر وكأن الحالة لم تشفى على الإطلاق، فمن المفترض أن لا يتكرر هذا الأمر بعد عقد جلسة علاج فورية، وهذا تبعًا لقدر تفريط المريض، ووفقًا لسرعة التعامل مع الحالة، والأمر بحاجة إلى ضبط الأعصاب، والتريث في اكتشاف ردود الأفعال ودراستها، والهدف من ذلك تحديد ما إذا كانت الحالة لم تشفى بالفعل، أم أنها مجرد انتكاسة لا تخرج عن نطاق الانتكاسات الاعتيادية كم أسلفنا الذكر، وبالتالي ستختلف طريقة تناول المعالج لهذه المظاهر والعلامات، وكشف العلاقة بينها وبين ما ورد من مظاهر مختلفة أثناء فترة العلاج، ربما وجد تفسيرًا لما قد جد أمامك من علامات، وهذا سيجعلك تقيم الانتكاسة بصورة مقاربة إلى الواقع بحد كبير، مما سوف سيقلص من حجم المواجهة ضد الشيطان، أما في حالة اكتشاف عدم شفاء الحالة، فالأمر بحاجة إلى إعادة بناء تقييم الحالة المرضية، وكذلك تقييم منهج العلاج الملائم.

وفي بعض الأحيان يتخلف عن الشياطين المندحرة لفيف منهم، متسترين تحت حماية أسحار خفية غير منظورة، وبالتالي لا يستطيع الجن المسلم الكشف عن وجودهم والتصدي لهم، وهذا بحاجة لبعض الوقت حتى تضعف هذه الأسحار، ويظهر كل ما كان خفيًا، وهذه الأسحار الخفية يتم إخفاؤها بشياطين شديدة القوة والبأس، وذلك بحاجة إلى بعض الوقت من مواصلة الورد القرآني، ولكي يتحقق لنا إضعاف هذه الأسحار، والتصدي لكل المستفيدين منها، وذلك يعني ضمنيًا؛ أن فترة النقاهة تعد ازدواجية المفعول، من جهة التحصين والتنقية، أي من كل ما قد تخلف عن المعارك التي دامت طيلة فترة العلاج، سواء كانت ثغورًا مكن اختراقها، أو مخلفات حرب تعد نواة لتجديد الإصابة الانتقامي.

في حالة التعرض للانتكاسة يجب تتبع الثغور سواء المتعلقة بالجسد أو المريض، أو المتعلقة بأسلوب العلاج، ففي كثير من الأحيان يكون هناك قصور في منهج العلاج، والسبب سعة رقعة التعامل مع الجن والشياطين، في مقابل محدودية المعلومات، وقصور المناهج العلمية المدروسة عن عالم الجن والشياطين، خاصة أنه لا يوجد سبق معلن إلى هذا الفرع من العلوم الهامة حتى عصرنا الحالي، حيث كان ولا يزال سرًا قاصرًا تداوله على السحرة، وشيوعه بين من تروج عليهم الخرافات والخزعبلات من السفهاء الذين لا يقدرون قيمة ما بين أيديهم من معلومات خطيرة، حيث يتعاملون معها على جانب كبير من الرهبة والجزع، بدون أن يكون للعقل دور في فرز هذه المعلومات وتمحيصها، لذلك يجب أن لا نستهين بما لديهم من معلومات وأساطير، فلا يوجد دخان بلا نار، بل يجب إخضاعها للبحث المنهجي العلمي، والدراسة الشرعية الحصيفة.

هذا ما أعلم والله تعالى اعلى وعلم


التعديل الأخير تم بواسطة جند الله ; 15-05-2005 الساعة 04:37 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة