عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 24-03-2005, 06:28 PM   #1
معلومات العضو
د.عبدالله
اشراقة ادارة متجددة

Thumbs up المعالجة النفسية عبر التاريخ ( 8 ) الإسلام والعلاج بالقرآن !!!

عندما أطل الإسلام على العالم ينشر نوره السماوي الخالد ، أنكر كافة العادات والتقاليد التي كانت معروفة في المحيط الإسلامي ، وجاء بما هو أهم منها وأجل شأنا ذلك هو الاستشفاء بالقرآن الكريم الذي فيه يقول الله تعالى : (( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا )) ... [[ سورة الإسراء ــ آية 82 ــ ]] .
ويذهب بعض المفسرين إلى أن الغرض من الشفاء في هذه الآية يعني الشفاء من الأمراض الذي هو من خواص آيات الشفاء الست التي هي : (( ويشف صدور قوم مؤمنين )) ... [[ سورة التوبة ــ آية 15 ــ ]] . و (( شفاء لما في الصدور )) ... [[ سورة يونس ــ آية 57 ــ ]] .
و (( فيه شفاء للناس )) ... [[ سورة النحل ــ آية 69 ــ ]] . و (( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ... )) ... [[ سورة الإسراء ــ آية 82 ــ ]] . و (( وإذا مرضت فهو يشفين )) ... [[ سورة الشعراء ــ آية 80 ــ ]] . و (( قل هي للذين آمنوا هدى وشفاء )) ... [[ سورة الحج ــ آية 30 ــ ]] . قال السبكي وقد جربت كثيرا . وعند القشيري أنه مرض له ولد أيس من حياته ، فرأى الله تعالى في منامه فشكا له سبحانه ذلك ، فقال له : أجمع آيات الشفاء واقرأها عليه ، أو اكتبها واسقه فيه ما محيت به ، ففعل فشفاه الله .
ويقول الألوسي : ( والأطباء معترفون بأن من الأمور والرقي ما يشفي بخاصية ******ة . وكان ابن سيرين لا يرى بأسا بالشيء من القرآن يعلقه الإنسان كبيرا أو صغيرا مطلقا ، وهو الذي عليه الناس قديما وحديثا في سائر الأمصار .
ويرى فريق من المفسرين أن (( من )) في الآية الكريمة السابقة ليست للتبعيض وانما هي للجنس كما في قوله تعالى : (( فاجتنبوا الرجس من الأوثان )) . ومن هؤلاء المفسرين الإمام فخر الدين الرازي . وهاك ما قاله في هذا الصدد ، وهو قول يفيض معرفة وعلما وفصاحة وبلاغة ، يقول رحمه الله : (( واعلم أن القرآن شفاء من الأمراض ال******ة ، وشفاء أيضا من الأمراض الجسمانية ، أما كونه شفاء من الأمراض ال******ة فظاهر ، وذلك لأن الأمراض ال******ة نوعان : الإعتقادات الباطلة ، والأخلاق المذمومة . أما الإعتقادات الباطلة فأشدها فسادا الإعتقادات الفاسدة في الإلهيات والنبوات والمعاد والقضاء والقدر ، والقرآن كتاب مشتمل على دلائل المذهب الحق في هذه المطالب ، وإبطال المذاهب الباطلة فيها . ولما كان أقوى الأمراض ال******ة هو الخطأ في هذه المطالب والقرآن مشتمل على الدلائل الكاشفة عما في هذه المذاهب الباطلة من العيوب الباطنة لا جرم كان القرآن شفاء من هذا النوع من المرض ال****** .
ويقول أيضا : (( وأما الأخلاق المذمومة فالقرآن مشتمل على تفصيلها ، وتعريف ما فيها من المفاسد ، والإرشاد إلى الأخلاق الفاضلة الكاملة والأعمال المحمودة ، فكان القرآن شفاء من هذا النوع من المرض ، فثبت أن القرآن شفاء من جميع الأمراض ال******ة )) .
وعن شفاء الأمراض الجسمانية فيقول : (( وأما كونه شفاء من الأمراض الجسمانية فلأن التبرك بقراءته يدفع كثيرا من الأمراض . ولما اعترف الجمهور من الفلاسفة وأصحاب الطلمسات بأن لقراءة الرقي المجهوله والعزائم التي لا يفهم منها شيء آثار عظيمة في تحصيل المنافع ودفع المفاسد ، فلأن تكون قراءة القرآن العظيم ، المشتمل على ذكر جلال الله وكبريائه ، وتعظيمه الملائكة المقربين ، وتحقيره المردة والشياطين سببا لحصول النفع في الدين والدنيا من باب أولى . ويتأكد ما ذكرنا بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله تعالى .
وأما كونه رحمة للمؤمنين فاعلم أن بينا أن الأرواح البشرية مريضة بسبب العقائد الباطلة والأخلاق الفاسدة . والقرآن قسمان بعضهما ما يفيد الخلاص من شبهات الضالين وتمويهات المبطلين ، وهو الشفاء , وبعضهما ما يفيد تعليم كيفية اكتساب العلوم العالية ، والأخلاق الفاضلة ، التي بها يصل الإنسان إلى جوار رب العالمين . والإختلاط بزمرة الملائكة المقربين ، وهو الرحمة .
ولما كان إزالة المرض مقدمة على السعي في تكميل موجبات الصحة لا جرم بدأ الله تعالى في هذه الآية بذكر الشفاء ، ثم اتبعه بذكر الرحمة )) .
ويضيف إلى ذلك قوله : (( واعلم أنه تعالى لما بين كون القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين بين كونه سببا للخسار والضلال من حق الظالمين ، والمراد به المشركون . وإنما كان ذلك لأن سماع القرآن يزيدهم غيضا وغضبا ، وحقدا وحسدا ، وهذه الأخلاق الذميمة تدعوهم إلى الأعمال الباطلة ، وتزيدهم في تقوية تلك الأخلاق الفاسدة في جواهر نفوسهم . ثم لا يزال الخلق الخبيث النفساني يحمل على الأعمال الفاسدة ، والإتيان بتلك الأعمال يقوي تلك الأخلاق . فبهذا الطريق يصير القرآن سببا لتزايد هؤلاء المشركين الضالين في درجات الخزي والضلال والفساد والنكال )) .
ونصوص الآيات الكريمة التي نطالعها في القرآن تكون لدينا فكرة واضحة يستشف منها أنها قد تكون نعمة ورحمة لأبناء الإنسانية من جهة ، وقد تكون نقمة لأبناء البشر من جهة ثانية ، إنسجاما مع وجهات نظرهم إليها وإيمانهم بما تضمنته من أفكار وآراء ، فالمؤمنون يطمئنون إلى كتاب الله ، الذي يبين لهم صحة الجسم والنفس والخلق ، والمشركون يكفرون به ، ولا ترتاح نفوسهم إليه ، فيسلكون تجاهه مسلك العناد والمكابرة ، وتتحرك في أنفسهم الأحقاد ، وتطغى عليهم إنفعالاتهم المريضة ، فلا يزدادون إلا ضلالا وفسادا ، ولا غرو فالنعمة للرجل خير ورحمة ، ولعدوه شر ونقمة .
ويروي لنا السمرقندي الحكاية التالية التي يستدل منها على صحة ما نوهنا عنه أعلاه قال : (( روى النظامي العروض السمرقندي عن الإمام أبي بكر الدقاق قال : أصيب رجل من أعيان نيسابور بالقولنج 2 ــ 5 هجرية ، فاستدعاني لعلاجه ، ففحصته وشغلت بعلاجه ، وقمت بما فتح الله علي به من أنواع العلاج المناسبة لتلك الحالة ، ولكن لم تبد على المريض علامات الشفاء ، ومر على مرضه ثلاثة أيام ، وفي وقت العشاء رجعت إلى منزلي وأنا معتقد أن المريض سيقضي نحبه منتصف الليل ، ثم أخذتني سنة من النوم وأنا أشعر بالألم ، واستيقظت في الصباح وليس لدي شك في أن المريض قد قضى ، وصعدت إلى سطح البيت ، ووليت وجهي نحو بيت المريض ، وأنصت ، فلم أسمع صراخا يدل على وفاته ، فقرأت سورة الفاتحة موليا وجهي نحو ذلك البيت ثم قلت : إلهي وسيدي ومولاي لقد قلت في كلامك المبرم وكتابك المحكم : (( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين )) .
ولقد حلت بي الحسرة على ذلك الشاب ، الذي يستمتع بأسباب النعيم ، وقد امتلأت نفسه آمالا وأماني . ثم توضأت ودخلت المصلى ، وصليت النوافل ، وإذا بشخص يقرع باب الدار ، فالتفت فإذا هو البشير يقول : إفتح ! فقلت : ماذا حدث ؟ قال : لقد استراح المريض الآن . فعلمت أن ذلك ببركة الفاتحة ، وأن هذه الجرعة من الصيدلية الربانية .
فكانت هذه تجربة حسنة لي . وقد وصفت هذه الجرعة عدة مرات فجاءت موافقة ، وتم بها الشفاء ولذا يجب أن يكون الطبيب صادق الإعتقاد ، وأم يولي أوامر الشرع ونواهيه ما تستحق من تعظيم وإجلال )) . وللحديث بقية .......

(( من كتاب في سبيل موسوعة نفسية / الدكتور مصطفى غالب ))

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة