عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 20-05-2008, 10:57 AM   #1
معلومات العضو
أزف الرحيل
إشراقة إدارة متجددة

Icon41 و دخلت المستشفى!

و دخلت المستشفى!

.
.



متّعني الله بالصحة والعافية، والحمد لله، حتى أنني لم أدخل المستشفى، ولم أعرفه فعلا25 عاما من حياتي، ولله الحمد والشكر..

كانت تصيبني عوارض خفيفة، أذهب بسببها للمستوصف، أو عيادة الأسنان، ولا تستدعي الذهاب للمستشفى أبدا؛ إلا إن كان ذهابي للطوارئ لخياطة جرح، ولكني ولله الحمد لم أعرف المستشفيات معرفة حقيقية في تلك الأيام أبدا، ولله الحمد..

أصاب أحد أفراد أسرتي وهو طفل صغير، مرض حير الأطباء، ثم قرّروا أخيرا بعد اكتشاف علته إجراء عملية له، وبعد إجراء تلك العملية، ذهبت أنا كمرافقة لهذا الصغير في قسم جراحة الأطفال..

ودخلت المستشفى..
شعرت بجو كئيب منذ دخولي للغرفة التي بها قريبي، وحزنت عليه، ولكني تذكرت أن الطبيب طمأننا وبشرنا خيرا، فحمدت الله..
نام الصغير بجانبي، ولم يشك من أي ألم ولله الحمد..
أما أنا فلم يأتني النوم!
كيف لي أن أنام هنا!
إنه مكان غريب علي، وهؤلاء الممرضات المزعجات أصوات ثرثرتهن وضحكاتهن تملء القسم، فغرفتنا كانت بجوار الرسبشن..

فتحت الستارة، فرأيت المرافقت قد تجمعن..
إنها عادتهن، يتجمعن ويسهرن، ويتجاذبن أطراف الحديث..
نظرت إحداهن لي، ورحبت بي، وعزمتني على فنجال قهوة، فرحبت بالفكرة، فأنا لا أريد النوم..
اقتربت منهن وقد فتحن جميع ستائر الغرفة، ونظرت وإذا بكل من على الأسرة أطفالا!

تركت المرافقات المتحلقات في جلسة ودية وسط أرض الغرفة، واتجهت لذلك الطفل المستيقض على سريره، سألته عن علّته!
إنه طفل لم يتجاوز ال11 من عمره، مصاب بشلل نصفي، إثر حادث مروري، أفقده الحركة!
قال لي ذلك الطفل بالحرف الواحد عندما سألته كم له في المستفى خلاص المستشفى صار بيتي، لي فيه6 شهور)!
أحزنني كثيــــرا منظره، ونظراته، إنه طفل كباقي الأطفال، ينظر للصحيح منهم حوله وهم يلعبون، ويتألم على حاله..
كان عنده أمل كبير بأنه سيمشي يوما ما، نسأل الله أن يشفيه..
نظرت إيه، فأدركت أن المشي، والحركة نعمة من الله..
الحمد لله..

نظرت إلى جواره فكانت على السرير المجاور الطفلة مها، إنها نائمة، وستجرى لها عملية في اليوم التالي..

جاءنا من الغرف المجاورة صراخ طفل رضيع، قطّع قلبي بكاؤه المستمر، سألت عنه، فعرفت أنه طفل رضيع عمره10 أشهر، ستُجرى له عملية في الصباح، والدكتور منعه من أن يشرب الرضاعة!
كانت أمه تدور به في القسم لكي ينام، ولكن بكاؤه لم ينقطع!
يريد أن يرضع..

نظرت في الغرفة حولي كان معنا طفل رضيع عمره شهر واحد فقط، إنه يبكي بكاء مؤلم، لقد أجريت له عملية قبل يومين، لا أدري لماذا أحزنني منظر أمه التي تحمله ولا تدري كيف تتصرف معه!

نمت واستيقضت وصراخ ذلك الطفل في الغرفة المجاورة ذو العشرة أشهر، لم ينقطع!
أشفقت عليه وعلى أمه، ولكني عدت للنوم ثانية، وعندما استيقضت في الصباح، سألت عن الطفل فلم أعد أسمع صراخه، قالوا هو الآن في غرفة العمليات وأمه هي من تبكي الآن!

وهكذا كانت الحالات التي في قسم الأطفال عندما رافقت هناك، طفل ساقه مهشمة..
وآخر رأسه كبير كبير كبير بشكل يثير الدهشة، مصاب باستسقاء في رأسه..
وآخر مصاب بالسرطان، ولا يعرف طعما للنوم..
وهذا جلده كله محروق..
وهذه لم تُعرف علّتها وهي تبكي وتتصرع من الألم حتى تأخذ مهدءات وتنام!

وكل يوم تأتي حالة أغرب!

أدركت نعمة الله عليّ، وعرفت جيداً معنى هذا القول الحكيم..

الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يراها إلا المرضى

الحمد لله الذي أدخلني المستشفى في تلك الأيام؛ حتى أدرك نعمه عليّ فأحمده عليها سبحانه.

الحمد لله على نعمة الصحة والعافية، هل تفكرت في فضل الله عليك!

هل تفكرت في الصحة!
إنها نعمة من أعظم النعم، فلله الحمد والشكر.

هل تأملت معي هذا الحديث:
( من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)!، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.


احمد الله، ولا تعصه بما أنعم عليك، وتذكر أنك معافى، بينما المستشفيات تضج بالمرضى، إذا استكبرت نفسك، فاذهب في زيارة خاطفة للمستشفى؛ حتى تدرك عظيم فضل الله عليك، فكم في هذه المستشفيات من مصائب، عافاك الله منها.

احمد الله على العافية، وقل الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا.

الحمد لله على نعمه التي لا تحصى ولا تعد،
ونسأل الله أن يشفي مرضى المسلمين.
آميــــن.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة