عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 01-09-2009, 10:47 PM   #2
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

وقد علمت مما تقدم أن المستحب أن لا يزاد عن القنوت الوارد في حديث الحسن بن علي وقنوت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم فمن أين أحدث الناس الدعاء للسلطان ؟

فإن قيل: ورد عن السلف ما يدل على جواز ذلك، فجوابه: إن الوارد عنهم جوازه في خطب الجمعة لا في قنوت الوتر، وفرق بين الحالين، فإن هذا دعاء داخل صلاة فيقتصر فيه على الآثار كما تقدم نقله عن الإمام أحمد وابن تيمية وغيرهما .

ثم إن الدعاء للسلطان في الخطب مختلف في جوازه .

كتب عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه (( أما بعد، فإن ناساً من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة، وإن من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا جاءك كتابي فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم على المسلمين عامة ويدعوا ما سوى ذلك )) انتهى نقله من جلاء الأفهام [رقم492] .

قال صاحب المهذب (( وأما الدعاء للسلطان فلا يستحب، لما روي أنه سئل عطاء عن ذلك فقال إنه محدث، وإنما كانت الخطبة تذكيراًَ ))

قال النووي شارحاً لذلك (( وأما الدعاء للسلطان فاتفق أصحابنا على أنه لا يجب ولا يستحب، وظاهر كلام المصنف وغيره أنه بدعة إما مكروه وإما خلاف الأولى، هذا إذا دعا له بعينه، فأما الدعاء لأئمة المسلمين وولاة أمورهم بالصلاح والإعانة على الحق والقيام بالعدل ونحو ذلك، ولجيوش الإسلام فمستحب بالاتفاق . والمختار أنه لا بأس بالدعاء للسلطان بعينه إذا لم يكن مجازفة في وصفه ونحوها، والله أعلم )) انتهى من المجموع [4/521] .

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح [2/415] (( وقد استثني من الإنصات في الخطبة ما إذا انتهى الخطيب إلى كل مالم يشرع، مثل الدعاء للسلطان مثلاً .

بل جزم صاحب التهذيب بأن الدعاء للسلطان مكروه .
وقال النووي: محله إذا جازف، وإلا فالدعاء لولاة الأمر مطلوب اهـ .

ومحل الترك إذا لم يخف الضرر، وإلا فيباح للخطيب إذا خشي على نفسه، والله أعلم )) انتهى كلام الحافظ .

قال سمير: وفي كلام النووي رحمه الله ما يدل على أن بعض الخطباء كان يجازف في دعائه للسلطان، وحمل الكراهة على ذلك، ونص على أنه يدعى له بالصلاح والإعانة على الحق والقيام بالعدل، وهذا مما لم يقتصر عليه كثير من الخطباء اليوم، بل ربما تحول الدعاء عندهم إلى ثناء على السلطان وحمده وذكر إنجازاته، كما سمعنا هذا من بعضهم . كما أنه لم يقتصر على السلطان بل ذكر أعوانه ووزراءه وجنوده ... الخ . ثم لم يقتصر ذلك على الخطب حتى تعدى إلى القنوت في الوتر وليس لهم فيه سلف فيما أعلم، والله تعالى أعلم .

وفي قول الحافظ (( فيباح للخطيب إذا خشي على نفسه )) دلالة على فساد حال السلطان في ذلك الزمان حتى إنه ربما يكره الأئمة والخطباء على الدعاء له .

واعلم أن سلف هذه الأمة من الخلفاء الأخيار لم يكن يشهر الدعاء لهم في الخطب ولا في غيرها، مع صلاحهم وعدلهم واستقامة علانيتهم وسرائرهم وكانوا هم أفضل خلق الله على وجه الأرض في زمانهم، أعني الخلفاء الراشدين، ثم لما حصل التبديل والتغيير وفشا في الولاة الأثرة والجور، أكرهوا الخطباء على الدعاء لهم، ولم يزل الأمر يزداد ويكثر، كلما ابتعد الولاة عن تطبيق شرع الله والحكم به في أنفسهم وفي الناس وكلما زاد الجور والظلم على الرعية والأثرة بالأموال ومتاع الدنيا من دونهم، كلما زادوا رغبة في إظهار الدعاء لهم والثناء عليهم في كل محفل، حتى غدا ذكراً على ألسنة بعض المرتزقة المتنفذين الثناء على الولاة والدعاء لهم يلهمونه كما يلهمون النفس .

ولعل بعض الناس يستدل بما أثر عن البربهاري وغيره من إجازة الدعاء للسلطان، وهذا بعيد عما نحن فيه، إذ لم يقل هو ولا غيره إن ذلك يشهر في الخطبة والقنوت .

وكذلك ما أثر عن الفضيل بن عياض في الدعاء للسلطان لم يذكر أنه يشهر ذلك، بل حسب الداعي أن يدعو في خلوته مع نفسه لو أراد الاستنان بفعل بعض السلف، لا أن يشهر ذلك .

ثم كيف يسوغ التطويل في الدعاء للسلطان وقد علمت ما قاله الأئمة في التطويل في عموم الدعاء .

ولا ريب أن إحساس المصلين بالسآمة والملل والتضجر من التطويل في الدعاء للسلطان أشد وأكبر مما لو أمنوا على دعاء مأثور يشملهم ويعمهم.

ولو تأمل هذا الإمام الذي يطيل في دعائه للسلطان أن إطالته تلك قد تعكس المطلوب، لأنه يكره الناس على ما لا يريدون، وفي ذلك ما فيه لمن تدبر وتعقل .

وليجعل الداعي همته وهمه وشغله في اتباع السنة إرضاء لله لا إرضاء الناس .

ثم لم يواظب على ذلك في كل خطبة وقنوت مع أنه محدث، وقد نص الأئمة على ترك بعض السنن الثابتة أحياناً لئلا يظن وجوبها أو لغير ذلك من الأسباب، كما في قراءة السجدة والإنسان فجر الجمعة ؟ انظر المغني [3/252].

10- ومما أحدثه الأئمة في قيام رمضان دعاء ختم القرآن وقد فشت هذه البدعة في الناس وصاروا يتزاحمون على حضور (( الختم )) ما لا يفعلون مثله ولا نصيفه في السنن المؤكدات ولا في الواجبات، وكلما رأى الأئمة كثرة زحام الناس وطلبهم لحضور هذه البدعة كلما زادوا إصراراً على فعلها والمواظبة عليها والتفنن في اختراع الأدعية لها إرضاءً للعوام .

والمسألة، لولا اشتهارها في زماننا وذكرها في كتب الحنابلة، لما أطلت فيها الكلام، لأنه يقال فيها ما يقال في سائر المحدثات التي أحدثها الناس في العبادات .

وللعلامة الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله بحث نفيس ماتع في جزء لطيف سماه (( مرويات دعاء ختم القرآن )) قال في مقدمته (( وقد عهد من مدارك الشرع أن أمور العباد التعبدية توقيفية لا تشرع إلا بنص نصبه الله على حكمه مسلَّم الثبوت والدلالة لضمان الاتباع عن الابتداع ودرء الغلط والحدث )) .

ثم أطال في نقد مرويات هذا الدعاء وخلص إلى أنها كلها ضعيفة، سوى أثر مجاهد (( الرحمة تنزل عند ختم القرآن ))
وما ذكر عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان إذا أراد أن يختم جمع أهله ودعا. وهذا خارج الصلاة كما هو ظاهر .

ثم نقل الشيخ حفظه الله [ص 48] عن الإمام مالك أنه سئل عن الذي يقرأ القرآن فيختمه ثم يدعو، قال (( ما سمعت أنه يدعو عند ختم القرآن وما هو من عمل الناس )) .

واليكم هذه الفتوى

هل في السنة دعاء بعد ختم القرآن ؟

وليحذر الشيوخ والقراء والفقهاء من أن يكونوا ممن سن في الناس سنة سيئة فيحملوا وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة .

المصدر الشبكة الاسلاميه

سمير بن خليل المالكي

التعديل الأخير تم بواسطة لقاء ; 01-09-2009 الساعة 10:55 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة