عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 09-11-2006, 06:09 AM   #18
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي




بارك الله فيكم أخي الحبيب ( الإسلام اسلام ) ، وأحسن إليكم في الدارين ، إذن السؤال الأساس المطروح هو :

( ولكن لو تأملنا الحديث لوجدنا أن النب عليه السلام ظل ستة أشهر بدون رقية بل تطبب بالحجامة , وحين لم تجد الحجامة نفعا معه عليه السلام دعا ربه , ولكن ما قرأعلى نفسه القرءان ليسترقي به ) 0

قلت وبالله التوفيق : قد يجاب على ذلك من عدة أوجه :

الأول : سبق أنه قد ذكرت بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم بأنه مسحور طيلة تلك الفترة والتي قيل بأنها ستة أشهر 0

( لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي الحجة ودخل المحرم من سنة سبع ، جاءت رؤساء اليهود إلى لبيد بن الأعصم ، وكان حليفاً لبني زريق ، وكان ساحراً ، فقالوا له : يا ابن الأعصم أنت أسحرنا ، وقد سحرنا محمداً فلم نصنع شيئاً ، ونحن نجعل لك جعلاً على أن تسحره لنا سحراً ينكؤه – أي يوجعه - ، فجعلوا له ثلاثة دنانير ، وقد ساعد اليهود على تدبير مكيدتهم أن غلاماً من اليهود كان يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة من أسنان مشطه وأعطاها اليهود الذين قاموا بدورهم بإعطاء ذلك لابن الأعصم فتولى سحر الرسول صلى الله عليه وسلم ثم دس السحر في بئر لبني زريق يقال له ذروان ، فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتثر – أي تساقط - شعر رأسه ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، وجعل يدور ولا يدري ما عراه ، فيبنما هو نائم إذ أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال أحدهما للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب ؟ قال : من طبه 0 قال : لبيد بن الأعصم ، قال : وبم طبه ؟ قال : بمشط ومشاطة ، قال : وأين هو ؟ ، قال : في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان ، فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم مذعوراً ، وقال يا عائشة : أما شعرت إن الله أخبرني بدائي ثم بعث رسول الله علياً والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف ، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه ، وإذا فيه وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى المعوذتين ، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة ، فقام كأنما نشط من عقال ، وجعل جبريل يقول : باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعين ، الله يشفيك ، فقالوا يا رسول الله أفلا نأخذ الخبيث نقتله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنا فقد عافاني الله وشفاني وخشيت أن أثير على الناس منه شراً وأمر بها فدفنت ) ( أنظر بتصرف : زاد المسير – 271 ، 272 / 9 ، الجامع لأحكام القرآن – 254 / 20 ، فتح الباري – 226 / 10 ، المجموع شرح المهذب للنوي – 242 ، 243 / 19 ، أسباب النزول للشيخ أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري – 346 ، 347 – أنظر صحيح البخاري بشرح الكرماني – 21 / 43 ) 0

ثانياً : أن الأمر جاء من السماء بدليل حديث :

( كان رجل [ من اليهود ] يدخل على النبي ، [ وكان يأمنه ] ، فعقد له عقدا ، فوضعه في بئر رجل من الأنصار ، [ فاشتكى لذلك أياما ، و في حديث عائشة : ستة أشهر ) ] ، فأتاه ملكان يعودانه ، فقعد أحدهما عند رأسه ، و الآخر عند رجليه ، فقال أحدهما : أتدري ما وجعه ؟ قال : فلا ن الذي [ كان ] يدخل عليه عقد له عقدا ، فألقاه في بئر فلان الأنصاري ، فلو أرسل [ إليه ] رجلا ، و أخذ [ منه ] العقد لوجد الماء قد صفر [ فأتاه جبريل فنزل عليه بــ المعوذتين ) ، و قال : إن رجلا من اليهود سحرك ، و السحر في بئر فلان ، قال : ] فبعث رجلا و في طريق أخرى : فبعث عليا ) [ فوجد الماء قد اصفر ] فأخذ العقد [ فجاء بها ] ، [ فأمره أن يحل العقد و يقرأ آية ] ، فحلها ، [ فجعل يقرأ و يحل ] ، [ فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة ] فبرأ ، و في الطريق الأخرى : فقام رسول الله كأنما نشط من عقال ) ، و كان الرجل بعد ذلك يدخل على النبي فلم نشط من عقال ) ، و كان الرجل بعد ذلك يدخل على النبي فلم يذكر له شيئا منه ، و لم يعاتبه [ قط حتى مات ] ) ( حديث صحيح - الألباني - السلسلة الصحيحة - برقم 2761 ) 0

ثالثاً : والحديث السابق وكثير من روايات عائشة تدل وتبين على مشروعية الرقية وإليكم دليل ذلك :

1)- لدغت رجلا منا عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل : يا رسول الله ! أرقى ؟ قال : ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه ) ( صحيح الجامع 6019 ) 0

قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله : ( وفي الحديث استحباب رقية المسلم لأخيه المسلم بما لا بأس به من الرقى ، وذلك ما كان معناه مفهوما مشروعا ، وأما الرقى بما لا يعقل معناه من الألفاظ ، فغير جائز 0 قال المناوي : وقد تمسك ناس بهذا العموم ، فأجازوا كل رقية جربت منفعتها ، وإن لم يعقل معناها ، لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي إلى شرك يمنع ، وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه ، فيمنع احتياطا 0
قلت : - والكلام للشيخ الألباني – رحمه الله - ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمح لآل عمرو بن حزم بأن يرقى إلا بعد أن اطلع على صفة الرقية ، ورآها مما لا بأس به ، بل أن الحديث بروايته الثانية من طريق أبي سفيان نص في المنع مما لا يعرف من الرقى ، لأنه صلى الله عليه وسلم نهى نهيا عاما أول الأمر ، ثم رخص فيما تبين أنه لا بأس به من الرقى ، وما لا يعقل معناه منها لا سبيل إلى الحكم عليها بأنه لا بأس بها ، فتبقى في عموم المنع فتأمل !
وأما الاسترقاء - وهو طلب الرقية من الغير ، فهو وإن كان جائزا ، فهو مكروه ، كما يدل عليه حديث ( هم الذين لا يسترقون 000 ولا يكتوون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون ) ، متفق عليه ) ( سلسلة الأحاديث الصحيحة - 1 / 2 / 844 ) 0

2)- عن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال : ( كنا نرقي في الجاهلية ، فقلنا : يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال : اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك ) ( صحيح الجامع - 1048 ) 0

قال المناوي : ( " اعرضوا علي رقاكم " جمع رقية بالضم وهي العوذة ، والمراد ما كان يرقى به في الجاهلية ، استأذنوه في فعله فقال " اعرضوها علي " أي لأني العالم الأكبر المتلقي عن معلم العلماء ومفهم الحكماء فلما عرضوا عليه قال " لا بأس بالرقى " أي هي جائزة " ما لم يكن فيه " أي فيما رقي به " شرك " أي شيء يوجب اعتقاد الكفر أو شيء من كلام أهل الشرك الذي لا يوافق الأصول الإسلامية فإن ذلك محرم ومن ثم منعوا الرقى بالعبراني والسرياني ونحو ذلك مما يجهل معناه خوف الوقوع في ذلك ) ( فيض القدير – 1 / 558 ) 0

3)- عن عائشة - رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما لصبيكم هذا يبكي ؟ هلا استرقيت له من العين ) ( صحيح الجامع – 5662 ) 0

4)- عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : ( كان يأمر أن نسترقي من العين ) ( متفق عليه ) 0

قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( أي يطلب الرقية ممن يعرف الرقى بسبب العين ، وفي الحديث مشروعية الرقية لمن أصابه العين ) ( فتح الباري – باختصار – 10 / 201 ) 0

5)- عن أم سليم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة ، فقال : ( استرقوا لها ، فإن بها النظرة ) ( متفق عليه ) 0

قال البغوي : ( قال إبراهيم الحربي : " سفعة " هو سواد في الوجه ، ومنه سفعة الفرس سواد ناصيته ، وعن الأصمعي : حمرة يعلوها سواد ، وقال ابن قتيبة : لون يخالف لون الوجه ، وقوله : " يعني من الجن " ، وقيل : من الإنس ، وبه جزم أبو عبيد الهروي ، قال الحافظ : والأولى أنه أعم من ذلك ، وأنها أصيبت بالعين ، فلذلك أذن صلى الله عليه وسلم في الاسترقاء لها ) ( شرح السنة - 12 / 163 ) 0

قال النووي : ( قوله : رأى بوجهها سفعة فقال : " بها نظرة فاسترقوا لها " يعني بوجهها صفرة 0 أما السفعة فبسين مهملة مفتوحـة ثم فاء ساكنة ، وقد فسرها في الحديث بالصفرة ، وقيل سواد ، وقيل : أخذة من الشيطان ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – باختصار – 13 ، 14 ، 15 / 354 ) 0

6)- عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال : رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية ، وقال لأسماء بنت عميس : ( مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة ) قالت : لا ، ولكن العين تسرع إليهم ، قال : " ارقيهم " قالت : فعرضت عليه فقال : " ارقيهم " ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام ( 60 ) - برقم 2198 ) 0

قال النووي : ( قوله صلى الله عليه وسلم : " ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة ؟ " بالضاد المعجمة أي نحيفة ، والمراد أولاد جعفر – رضي الله عنه - ) ( صحيح مسلم بشرح النووي - 13،14،15 / 355 ) 0

قال القرطبي : ( وفيه أن الرقى مما يستدفع به البلاء ، وأن العين تؤثر في الإنسان وتضرعه ، أي تضعفه وتنحله ، وذلك بقضاء الله تعالى وقدره ) ( الجامع لأحكام القرآن - 9 / 226 ) 0

7)- عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا رقية إلا من عين أو حمة ، أو دم ) ( متفق عليه ) 0

قال البغوي : ( والمراد من " الحمه " سم ذوات السموم ) ( شرح السنة – 12 / 163 ) 0

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ : ( قال الخطابي : ومعنى الحديث 0 لا رقية أشفى وأولى من رقية العين والحمه 0 وقد رقي النبي صلى الله عليه وسلم ورقى ) ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد – ص 91 ) 0

قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( بخصوص حديث عمران بن حصين : وأجيب بأن معنى الحصر فيه أنهما أصل كل ما يحتاج إلى الرقية ، فيلتحق بالعين جواز رقية من به خبل أو مس ونحو ذلك ، لاشتراكهما في كونها تنشأ عن أحوال شيطانية من إنسي أو جني ، ويلتحق بالسم كل ما عرض البدن من قرح ونحوه من المواد السمية ، وقيل المراد بالحصر معنى الأفضل ، أي لا رقية أنفع كما قيل : لا سيف إلا ذو الفقار ) ( فتح الباري – باختصار - 10 / 196 ) 0

قال المناوي : ( " لا رقية إلا من عين أو حمة " أي لا رقية أولى وأنفع من رقية العيون أي المصاب بالعين ومن لا رقية من لدغة ذي حمة والحمه سم العقرب وشبهها وقيل فوعة السم وقيل حدته وحرارته وزاد في رواية أو دم أي رعاف يعني لا رقية أولى وأنفع من الرقية المعيون أو ملسوع أو راعف لزيادة ضررها فالحصر بمعنى الأفضل فهو من قبيل لا فتى إلا علي فلا تعارض بينه وبين الأخبار الآمرة بالرقية بكلمات الله التامات وآياته المنزلات لأمراض كثيرة وعوارض غزيرة وقال بعضهم معنى الحصر هنا أنهما أصل كل ما يحتاج إلى الرقية فيلحق بالعين نحو خبل ومس لاشتراكهما في كونهما تنشأن عن أحوال شيطانية من إنسي أو جني وبالسم كل عارض للبدن من المواد السمية ) ( فيض القدير - 6 / 426 ) 0

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ : ( قال المصنف : عن حصين بن عبد الرحمن ، قال : " كنت عند سعيد بن جبير ، فقال : أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ فقلت أنا ، ثم قلت : أما أني لم أكن في صلاة ، ولكني لدغت 0 قال : فما صنعت ؟ قلت : ارتقيت 0 قال : فما حملك على ذلك ؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي ، قال : وما حدثكم ؟ قلت : حدثنا عن بريده بن الحصيب أنه قال : " لا رقية إلا من عين أو حمة " قال : قد أحسن من انتهى إلى ما سمع 0
قوله : " قد أحسن من انتهى إلى ما سمع " أي من أخذ بما بلغه من العلم وعمل به فقد أحسن ، بخلاف من يعمل بجهل ، أو لا يعمل بما يعلم ، فإنه مسيء آثم 0 وفيه فضيلة علم السلف وحسن أدبهم ) ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد – باختصار – ص 86 ، 91 ) 0

رابعاً : خاصية الرقية بسورة البقرة والمعوذتين لعلاج السحر :

لما ثبت من حديث أبو أمامة الباهلي – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقرؤوا القرآن . فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه . اقرؤوا الزهراوين : البقرة وسورة آل عمران . فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان . أو كأنهما غيايتان . أو كأنهما فرقان من طير صواف . تحاجان عن أصحابهما . اقرؤوا سورة البقرة . فإن أخذها بركة . وتركها حسرة . ولا يستطيعها البطلة . قال معاوية : بلغني أن البطلة السحرة . وفي رواية : مثله . غير أنه قال : وكأنهما في كليهما . ولم يذكر قول معاوية : بلغني ) ( حديث صحيح – الإمام مسلم – المسند الصحيح – برقم 804 ) 0

وقد ثبت من حديث بريدة بن خصيب الأسلمي – رضي الله عنه أنه قال : ( كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة قال ثم سكت ساعة ثم قال تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب فيقول له هل تعرفني فيقول ما أعرفك فيقول أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك وإن كل تاجر من وراء تجارته وإنك اليوم من وراء كل تجارة فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والده حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا فيقولان بم كسينا هذا فيقال بأخذ ولدكما القرآن ثم يقال اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها فهو في صعود ما دام يقرأ هذا كان أو ترتيلا ) ( اسناده حسن على شرط مسلم - - ابن كثير – تفسير القرآن العظيم 1 / 53 ) 0

وقد ثبت من حديث أبو أمامة الباهلي – رضي الله عنه – أتنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقرؤوا القرآن ؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ، إقرؤوا الزهراوين : البقرة وآل عمران ، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان ، أو كأنهما فرقان من طير صواف ، يحاجان عن أصحابهما ، اقرؤوا سورة البقرة ؛ فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولا تستطيعها البطلة ) ( حديث صحيح – صحيح الجلمع 1165 )

قال ابن منظور : ( والبطلة : السحرة ، مأخوذ منه ، وقد جاء في الحديث : ولا تستطيعه البطلة ، قيل : هم السحرة ) ( لسان العرب – 11/56

قال معاوية: بلغني أنَّ البطلة السحرة.ومعاوية هو ابن سلام.

وأما بخصوص الرقية بالمعوذتين فقد سبق الإشارة الى ذلك من خلال البحث السابق 0

ومن هنا جاء التوجيه الشريف بقراءة هذه السورة العظيمة من المشرع سبحانه وتعالى إلى المبلغ ، وبالتالي أصبحت لنا شرعاً وقد ثبت لهذه السورة أثر عظيم ونفع جليل في علاج السحر وإبطاله 0

رابعاً : ولو قال قائل وما أدراكم بأن الرقية كانت معروفة عند رسول الله ولكنه لم يلجأ لها ولم يبينها خلال شهور سحره صلى الله عليه وسلم :

قلنا بأن الإجابة قد تكون خاصة برسول الله صلى اله عليه وسلم ، ومن خلال تتبع الأحاديث التالية :

1)- عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عرضت علي الأمم ، فرأيت النبي ومعه الرهط ، والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي وليس معه أحد ، إذ رفع لي سواد عظيم ، فظننت أنهم أمتي ، فقيل لي : هذا موسى وقومه ، ولكن أنظر إلى الأفق ، فإذا سواد عظيم ، فقيل لي : أنظر إلى الأفق الآخر ، فإذا سواد عظيم ، فقيل لي : هذه أمتك ، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ، هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ، ولا يتطيرون ، ولا يكتوون ، وعلى ربهم يتوكلون ) ( متفق عليه ) 0

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ : ( قال شيخ الإسلام ابن تيمية " ولا يرقون " هذه الزيادة وهم من الراوي ، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : " ولا يرقون " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن الرقى : " من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه " " صحيح الجامع - 6019 " ) ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد - ص 94 ) 0

2)- عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سبعون ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب : هم الذين لا يكتوون 000 ولا يسترقون ، ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) ( صحيح الجامع – 3604 ) 0

قال المناوي : ( " سبعون ألفا من أمتي " يعني سبعون ألف زمرة بقرينة تعقبه في خبر مسلم بقوله زمرة واحدة منهم على صورة القمر " يدخلون الجنة بغير حساب " ولا عذاب بدليل رواية ولا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا " هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون " ليس في البخاري " ولا يسترقون " قال ابن تيمية وهو الصواب وإنما هي لفظة وقعت مقحمة في هذا الحديث وهي غلط من بعض الرواة فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الوصف الذي استحق به هؤلاء دخولها بغير حساب تحقيق التوحيد وتجريده فلا يسألون غيرهم أن يرقيهم " ولا يتطيرون " لأن الطيرة نوع من الشرك " ) ( فيض القدير - 4 / 92 ) 0

3)- عن ابن عباس ، وعمران بن حصين ، وأبي هريرة - رضي الله عنهم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب ، هم الذين لا يسترقون ، ولا يتطيرون ، ولا يكتوون ، وعلى ربهم يتوكلون ) ( متفق عليه ) 0

قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين : ( أورد بعض العلماء إشكالا على هذا الحديث وقال : إذا اضطر الإنسان إلى القراءة أي أن يطلب من أحد أن يقرأ عليه مثل أن يصاب بعين أو بسحر أو أصيب بجن 000 هل إذا ذهب يطلب من يقرأ عليه يخرج من استحقاق دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب ؟
فقال بعض العلماء : نعم هذا ظاهر الحديث وليعتمد على الله وليتبصر ويسأل الله العافية 0
وقال بعض العلماء : بل أن هذا فيمن استرقى قبل أن يصاب أي بأن قال اقرأ علي أن لا تصيبني العين أو أن لا يصيبني السحر أو الجن أو الحمى فيكون هذا من باب طلب الرقية لأمر متوقع لا واقع وكذلك الكي ) ( شرح رياض الصالحين - 2 / 512 ) 0

4)- عن المغيرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من اكتوى أو استرقى ، فقد برئ من التوكل ) ( صحيح الجامع - 6081 ) 0

قال المناوي : ( لفعله ما يسن التنزه عنه من الاكتواء لخطره ، والاسترقاء بما لا يعرف من كتاب الله لاحتمال كونه شركا ، أو هذا فيمن فعل معتمدا عليها لا على الله ، فصار بذلك بريئا من التوكل ، فإن فقد ذلك لم يكن بريئا منه ) ( فيض القدير - 6 / 82 ) 0

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في تعقيبه على حديث ( سبعون ألفا000) : ( فهؤلاء من أمته ، وقد مدحهم بأنهم لا يسترقون ، والاسترقاء أن يطلب من غيره أن يرقيه ، والرقية من نوع الدعاء ، وكان هو صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه وغيره ، ولا يطلب من أحد أن يرقيه ، ورواية من روى في هذا : لا يرقون ضعيفة ، فهذا مما يبين حقيقة أمره لأمته بالدعاء ، أنه ليس من باب سؤال المخلوق الذي غيره أفضل منه 0 فإن من لا يسأل الناس بل لا يسأل إلا الله أفضل ممن يسأل الناس - ومحمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد- آدم ) ( مجموع الفتاوى – 1 / 328 ) 0

* قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( في هذه القصة – يعني قصة سحر الرسول صلى الله عليه وسلم - مسلكي التفويض وتعاطي الأسباب ، ففي أول الأمر فوض وسل لأمر ربه فاحتسب الأجر في صبره على بلائه ، ثم لما تمادى ذلك وخشي من تماديه أن يضعفه عن فنون عبادته جنح إلى التداوي ثم الى الدعاء ، وكل من المقامين غاية في الكمال ) ( فتح الباري – 10 / 228 ) 0

* قال الخطابي : ( المراد من ذلك ( يعني حديث سبعون ألفا 00 ) ترك الاسترقاء على جهة التوكل على الله والرضا بقضائه وبلائه وهذه أرفع درجات المحققين للإيمان ) ( أعلام السنن للخطابي – مخطوطة – لوحة ( 396 ) – نقلا عن أحكام الرقى والتمائم – ص 44 ) 0

* قال القاضي عياض : ( وهذا هو ظاهر الحديث ألا ترى قوله : " وعلى ربهم يتوكلون " ) ( إكمال المعلم – مخطوطة – لوحة ( 62 ) – نقلا عن أحكام الرقى والتمائم – ص 44 ) 0

فإن كان القول في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فما بالك والحديث عن قدوة الخلق صلوات ربي وسلامه عليه ، والمعنى يتجلى من قول العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – حيث يقول :

* سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله – السؤال التالي : ( هل الرقية تنافي التوكل ؟ )

فأجاب : ( التوكل هو صدق الاعتماد على الله عز وجل في جلب المنافع ودفع المضار ، مع فعل الأسباب التي أمر الله بها ، وليس التوكل أن تعتمد على الله بدون فعل الأسباب ، فإن الاعتماد على الله بدون فعل الأسباب طعن في الله عز وجل وفي حكمته تبارك وتعالى ، لأن الله تعالى ربط المسببات بأسبابها 0 وهنا سؤال من أعظم الناس توكلا على الله ؟؟؟
الجواب هو الرسول – عليه الصلاة والسلام – وهل كان يعمل الأسباب التي يتقي بها الضرر ؟ الجواب نعم ، كان إذا خرج إلى الحرب يلبس الدروع ليتوقى السهام ، وفي غزوة أحد ظاهر بين درعين أي لبس درعين كل ذلك استعدادا لما قد يحدث ، ففعل الأسباب لا ينافي التوكل إذا اعتقد الإنسان أن هذه الأسباب مجرد أسباب فقط لا تأثير لها إلا بإذن الله تعالى ، وعلى هذا فالقراءة قراءة الإنسان على نفسه 0 وقراءته على اخوانه المرضى لا تنافي التوكل وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرقي نفسه بالمعوذات ، وثبت أنه كان يقرأ على أصحابه إذا مرضوا 0 والله أعلم ) ( فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين - 1 / 141 ، 142 ) 0

وقال – رحمه الله - : ( أي لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم لما يلي :-
1- لقوة اعتمادهم على الله 0
2- لعزة نفوسهم عن التذلل لغير الله 0
3- ولما في ذلك من التعلق بغير الله ) ( القول المفيد على كتاب التوحيد - 1 / 97 ) 0

أرجو أن تكون الصورة قد اتضحت جلياً أخي الحبيب ( الإسلام اسلام ) ، زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة