عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 23-09-2009, 08:48 PM   #2
معلومات العضو
أحمد محمد علي

I15

وسئل الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله تعالى ـ عن الذي يبغض اللحية، ويقول: وساخة. هل هو مرتد؟

فأجاب: إن كان يعلم أنه ثابت عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ فهذا استهزاء بما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ فيُحرى أن يحكم عليه بذلك(10).اهـ .

وقال أيضا ـ رحمه الله تعالى ـ في شأن طلبة المدارس، الذين يسمون علم التوحيد: علم التوحيش :

لا شك أن مثل هؤلاء متجنون على الشريعة الإسلامية وعلومها. وهذا مما يدل على استخفافهم بالدين، وجرأتهم على رب العالمين .

ومن أطلق هذه المقالة على علم التوحيد، الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب، وهو يعلم معناها؛ فلا شك أنه مرتد .

لكن ينبغي معرفة الفرق بين الحكم على شخص بعينه بالكفر، وبين أن يقال: من فعل كذا وكذا، أو قال كذا وكذا؛ فهو كافر، لأن الشخص المعين لا بد من إثبات صدورها منه باختياره، وكونه مكلفا بالغا عاقلا...(11)اهـ .
ومن الأسئلة المطروحة على " اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " سؤال يقول:

ما حكم من استهزأ ببعض المستحبات، كالسواك، والقميص القصير، وبالشرب جالسا؟
الجواب: من استهزأ ببعض المستحبات، كالسواك، والقميص الذي لا يتجاوز نصف الساق، والقبض في الصلاة، ونحوها مما ثبت من السنن؛ فحكمه: أنه يبين له مشروعية ذلك، وأن السنة عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ دلت على ذلك؛ فإذا أصر على الاستهزاء بالسنن الثابتة: كفر بذلك، لأنه بهذا يكون متنقصا للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولشرعه، والتنقص بذلك كفر أكبر ـ كما تقدم في جواب السؤال السابق ـ. .

والسؤال السابق لهذا السؤال هو:

ما حكم ساب الدين إن كان جاهلا، هل يعذر بجهله أم أنه لا عذر بالجهل في هذه المسألة؟ وهل إذا كان مقصده سب الشخص نفسه، فجرى على لسانه سب دينه، هل يعذره هذا من الكفر، أم ماذا؟ وما أقوال السلف في هذا الأمر؟

الجواب: سب الله، أو سب كلامه، أو شيء منه: كفر. وكذا سب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أو سنته، أو شيء منها، أو سب دين الشخص إذا كان دينه الإسلام؛ فيجب أن يبين له الحكم إذا كان مثله يجهل ذلك، فإن أصر على السب فهو: كافر مرتد عن ملة الإسلام، فإن تاب وإلا قتل، لقوله تعالى: ( قل أ بالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) .

وأما من سب شخصا مسلما لذاته، فجرى على لسانه دين ذلك الشخص، بدون قصد، وإنما هو محض خطأ منه، فإن مثله لا يكفر، ولكن يوصى بالتحرز والحذر بكلماته، حتى لا يقع في الكفر وهو لا يشعر(12) . اهـ.

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز ـ حفظه الله تعالى ـ سؤالا يقول:
أرى كثيرا من الشباب إذا رأوا الشباب المحافظ على صلاته، ودينه؛ يستهزؤون به.. ويتكلمون عن الدين باستهتار وعدم مبالاة؛ فما القول في ذلك؟ وهل تجوز مجالستهم، والمرح معهم في أوقات ليس فيها صلاة؟

فأجاب : الاستهزاء بالإسلام، أو بشيء منه؛ كفر أكبر ... ومن يستهزئ بأهل الدين، والمحافظين على الصلوات، من أجل دينهم ومحافظتهم عليه، يعتبر مستهزئا بالدين، فلا تجوز مجالسته، ولا مصاحبته، بل يجب الإنكار عليه، والتحذير منه، ومن صحبته، وهكذا من يخوض في مسائل الدين بالسخرية والاستهزاء يعتبر كافرا، فلا تجوز صحبته، ولا مجالسته، بل يجب الإنكار عليه، والتحذير منه، وحثه على التوبة النصوح، فإن تاب ـ فالحمد لله ـ وإلا وجب الرفع عنه إلى ولاة الأمور، بعد إثبات أعماله السيئة بالشهود العدول حتى ينفذ فيه حكم الله، من جهة المحاكم الشرعية (13) .

وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم الاستهزاء بأهل الخير والصلاح، فأجاب ـ حفظه الله تعالى ـ :

هؤلاء الذين يسخرون بالملتزمين بدين الله المنفذين لأوامر الله فيهم نوع نفاق لأن الله قال عن المنافقين : ( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات، والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم ) (14) . ثم إن كانوا يستهزؤون بهم من أجل ما هم عليه من الشرع فإن استهزاءهم بهم استهزاء بالشريعة والاستهزاء بالشريعة كفر. أما إذا كانوا يستهزؤون بهم يعنون أشخاصهم وزيهم بقطع النظر عما هم عليه من اتباع السنة فإنهم لا يكفرون بذلك لأن الإنسان قد يستهزئ بالشخص نفسه بقطع النظر عن عمله وفعله لكنهم على خطر عظيم والواجب تشجيع من التزم بشريعة الله ومعونته وتوجيهه إذا كان على نوع من الخطأ حتى يستقيم على الأمر المطلوب (15) .


وسئل الشيخ عبد الرحمن الدوسري عن حكم من يرمي الإسلام والمسلمين بالرجعية؟
فأجاب : هو مستدرك على الله في حكمه، منتقص لدينه،مستهين بعزته، معرض عن الاقتداء برسوله إلى الاقتداء بالغربيين الكفرة، فهو ملحد ... إلى أن قال:


وإنما رجوعه ـ أي الإسلام ـ إلى الماضي في العقيدة والإيمان بوحي الله لفظا واعتقادا وتطبيقا، آمرا بإيثار الله ورسوله في المحبة على غيرهما.


فمن وصفه بالرجعية لهذه الأسباب؛ فهو كافر عقلا و شرعا، إذا عاند بعد التفهيم…( 16)ا هـ .


وقال الشيخ حمود التويجري في كتابة ((دلائل الأثر على تحريم التمثيل بالشعَر)) عندما تكلم على الأثر على مسألة الاستهزاء بمن أعفى لحيته من المسلمين ـ ما حاصله ـ :


وهذا الصنيع من الحمقى أعظم من تمثيلهم باللحى بكثير، لاشتماله على أنواع من المحرمات، ومن أعظمها وأشدها خطرا سبعة أشياء:


أحدها: أذية خيار المسلمين بالسخرية منهم، والإزدراء بهم، وذلك إثم و فسق…

الثاني: مشابهة قوم لوط في عيب البرآء بغير عيب، قال تعالى: (وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) [الأعراف:82] .


الثالث: الاستهزاء بسنة من سنن النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ ، وسنن الأنبياء و المرسلين قبله. وقد أطلق جمع من العلماء القول بردة من استهزأ بشيء من دين الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أو رد سنة من السنن الثابتة عنه...


الرابع: بغض سنة من سنن النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ الثابتة عنه من فعله و أمره. فإن الاستهزاء باللحى، وضرب المثل القبيح لها، فرع عن بغضها، وبعض ما أمر به النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ من إعفائها، ودليل ظاهر على ذلك. وقد حكى شيخ الإسلام ابن تميمة ـ رحمه الله ـ الاتفاق على تفكير من أبغض الرسول ـ صلى
الله عليه وسلم، أو أبغض ما جاء به...
الخامس: مشاقة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومعارضة أمره، وذلك أن الاستهزاء باللحى، وضرب المثل القبيح لها، وعيب أهلها، وتعييرهم بها، من أعظم ما ينفر الناس عن امتثال أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بإعفائها، ومخالفة المشركين، ويصدهم عن الفطرة التي فطـر الله عليهـا رسولــه ـ صلـى الله عليـه وسـلم ـ ...


السادس: أن الاستهزاء بالذين يعفون اللحى يستلزم الاستهزاء بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكونه إمام المعفين، وهم إنما أعفوا لحاهم امتثالا لأمره، واتباعا لهديه. والاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم كفر لا شك فيه...


السابع: ما يتضمنه مثلهم القبيح، وما يلزم عليه في حق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وحق غيره من الأنبياء ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ . فيقال للحمقى: ما تقولون في لحية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. ولحية الخليل إبراهيم
ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، هل هي داخلة فيما ضربتموه من المثل للحى أم لا؟
فإن قالوا بدخولها؛ فذلك كفر صريح .. وإن لم يقولوا بدخولها؛ فذلك كفر صريح .. وإن لم يقولوا بدخولها؛ طولبوا بالفرق بين المتبوعين والأتباع، ولن يجدوا إلى الفرق سبيلا .. اهـ باختصار (17) .


وقال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، في كتابه " الحد الفاصل بين الإيمان والكفر " :


فالاعتراض على شعيرة ما ممن شعائر الإسلام ؛ هو في الحقيقة اعتراض على المشرع سبحانه تعالى؛ وهذا هو الكفر.


فمن قال مثلا عن السعي بين الصفا والمروة: امرأة سعت بين جبلين من جبال مكة، وما شأننا نحن بهذا؟ ... ولا شك أن هذا الاعتراض على هذه المناسك هو كفر بحكمة المشرع، وعلمِه سبحانه وتعالى، وهذا هو الكفر المخرج من الملة ـ والعياذ بالله ـ .


فالاستهزاء بإعفاء اللحية، أو الصلاة، أو الحجاب الشرعي للمرأة، أو المسجد، أو الكعبة، أو الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : هو كفر بالله تبارك وتعالى.


فكل ما ينسب إلى الله من أمر ونهي؛ فذاتُ الاستهزاء به، والاعتراض عليه: كفر، ونقض للإيمان.


وأعني بالذات ما ينسب إلى الله من شيء، كالكعبة، والمسجد.


فالاستهزاء بالمسلم لإسلامه: كفر، لا يتأتى هذا من مسلم أبدا...


ومن هذا الباب ـ أيضا ـ معاداة المؤمن لأجل تدينه، وفتنته ليرجع عن دينه؛ وهذا كفر، وصد عن سبيل الله تبارك وتعالى ...اهـ (18) .


وقال أيضا في نواقض الإيمان:


الثالث: الاستهزاء بالمسلم لإسلامه، ومعاداته لتدينه ..


قال : وقد يكون الاستهزاء بالمسلم من أجل إسلامه، فيُستهزأ به لتمسكه بشعيرة من شعائر الإسلام، أو لعمله عملا من أعمال الإيمان، وهنا ينصرف الاستهزاء إلى الدين، ويكون هذا العمل كفرا ...(19)اهـ .
*ومن هنا يعلم خطر اللسان، ويوقَف على مدى شره إن لم يُحفظ، إذ ِالمسلم قد يخرج من دائرة الإسلام بلسانه.


وصدق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما قال: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب" متفق عليه من حديث أبي هريرة.


وروى مالك، والترمذي، عن بلال بن الحارث أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "... وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغتْ، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه".
وفي حديث معاذٍ ـ الطويل ـ وفيه، قال صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟" قلت: بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه، قال: " كُف عليك هذا " قلت: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: " ثكلتك أمك؟ وهل يكب لناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.


* وقبل أن نختم هذه الكلمة نقول:


لا يجوز لأحد غير العلماء أن يكفر المسلمين، ويحكم على أعيان منهم بالكفر، في مثل هذه المسائل الخفية، وذلك لأن بعض العامة وطلبة العلم المبتدئين قد يسمع هذه الأحكام، ثم ينصب نفسه حاكما على العباد، يكفر هذا، ويفسق ذاك، وهو جاهل بأحكام التكفير وشروطه.
ومن هنا قلنا: لا يجوز الخوض في مثل هذه الأمور إلا للعلماء. وحسْبُ العامي أن يعلم خطر جريمة الاستهزاء بأهل الخير لصلاحهم، فيكف لسانه عن أذيتهم، وينصح من رآه يقع فيهم، ويخبره بالحكم المتقدم، والله يكتب له الأجر والثواب.

  • وختــامــا:

أزف بشرى لمن صبر من أهل الصلاح على ما أصابه من أذى واستهزاء؛ فإن العاقبة للمتقين ( وليحمص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين) .


وهـذه البشــرى هـــي ما جــاء فــي آخــر سـورة " المـطفـفـين" وآخــر ســـورة " المؤمنون " حيث يقول الله سبحانه وتعالى:


( إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ـ وإذا مروا بهم يتغامزون ـ وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين ـ وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ـ وما أرسلوا عليهم حافظين ـ فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون ـ على الأرائك ينظرون ـ هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ) [ المطففين: 29-36] .
قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسير هذه الآيات:


يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين أي: يستهزؤون بهم، ويحتقرونهم، وإذ مروا بالمؤمنين يتغامزون عليهم أي: محتقرين لهم (وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين)أي: وإذا انقلب أي: رجع اشتغلوا بالقوم المؤمنين يحقرونهم ويحسدونهم ( وإذا قالوا إن هؤلاء لضالون)أي: لكونهم على غير دينهم قال الله تعالى: (وما أرسلوا عليهم حافظين)أي: وما بُعث هؤلاء المجرمون حافظين على هؤلاء المؤمنين ما يصدر منهم من أعمالهم، وأقوالهم، ولا كلفوا بهم؟ فَلِم َاشتغلوا بهم وجعلوهم نصب أعينهم، كما قال تعالى: ( اخسؤوا فيها ولا تكلمون ـ إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ـ فاتخذتموهم سِخْريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ـ إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون )ولهذا قال ههنا: (فاليوم)يعني يوم القيامة (الذين آمنوا من الكفار يضحكون)أي: في مقابلة ما ضحك بهم أولئك ( على الأرائك ينظرون) أي: إلى الله عز وجل في مقابلة من زعم فيهم أنهم ضالون؛ ليسوا بضالين، بل هم من أولياء الله المقربين ينظرون إلى ربهم في دار كرامته، وقوله تعالى: (هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون؟)أي: هل جوزي الكفار على ما كانوا يقابلون به المؤمنين من الاستهزاء والنقيص أم لا؟ يعني: قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكمله.اهـ .


وعندما يراجع الكفارُ ربنا سبحانه وتعالى في الخروج من النار، يقول الله سبحانه وتعالى موبخا لهم، ومبينا سبب حبسهم في النار:


( قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون ـ إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ـ فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ـ إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائــزون) [ المؤمنون: 108ـ111] .


وإلى هنا نأتي إلى ختام ما أردنا الكلام فيه، سائلين الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وأفعاله الحميدة أن يجعلنا من المخلصين له في كل أقوالنا وأفعالنا. وأن يحفظنا وإخواننا المسلمين من معرة اللسان، وسوء العاقبة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.



كتبه
عبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم
15/ 7/1410هـ






















































بسم الله الرحمن الرحيم





الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله. وبعد:


فهذه أبيات أنشأتها تصويرا لحال كثير من المجتمعات التي يوجد فيها نخبة من المصلحين والصالحين، الذين يدأبون لجلب الخير والسعادة إلى العباد والبلاد، فيواجهون من قبل هذه المجتمعات بالاستهزاء والسخرية، وتنفير الناس عنهم، بأساليب الكذب والدجل وإلصاق المفتريات، وتشويه السمعة، وتضخيم السقطات ... زاعمين ـ بلسان حالهم ـ أن التقدم والرقي يكون بالتخلي عن كثير من أمور الدين، ومسايرة مواكب الحضارة الغربية، وما علم هؤلاء ـ هداهم الله ـ أننا قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة من غيره أذلنا الله. وكفى بالتاريخ شاهدا.


قد عــال ميـزان الفضـائــل فيــنـــا
وتغــــيرت فطــــر الـهدايــة حينــا
بينـا يُـرى الإنســـان منــا قائــمــــــا
لله يـحتســـب العبـــادة دينـــــــا
إذ بالنـفــوس تعـــافـــه وتــود لـــــو
أن دام في قيـد الذنوب رهينـــا
وإذا اللسان يكيل شتـمــــا نحـــوه
ويفـوه بالقـول الــردي مُهيـــنـــــا


*****
وكذا"الجرائد"قد تولت كـبر مـــا
يلقـــى الدعــاة من الأذية فينـــا
في كــل صبـــح تستهـــل كأنــهـــا
رأس الأبالس، تحمـل التـأبيــنــا
فتقـــول فـي قــوم هــداة آمنــوا:
تـلك العصـائب شوهت نادينــا
رجعوا إلى الأمر القديم فأظهــروا
عجبــــا يؤخـــر فـِكـــرنا و بنيــنـــا

*****
فتلــقف الغُمــــر السقيـــم مقالهـــــا
وهــذى به فــي معشــر نــائينــــا
قال اسمعوا يا معشـري من ناصـح
يبغــــي التـقـــدم للبـــلاد قمينـــا
خرجت شريذمـة قليــل جمعـهـــــا
حدثاء ســــن عقــلهــــا ما زينـــــا
جعلوا التشدد في الديانة هـمـهـم
فأتـــوا بفعـــل منكــر يــؤذيــنـــــا
فرضواالحجاب على النساءوأسبلوا
شعـر الـوجوه وأوسعوا التخبينــا
فاحذر مجالسهم وأقذع شتــمــهــم
واعلـــم بأن جهودهـــم تردينــــا
واحفظ عيالك عنهــم في مــــأمــن
لا يـبــلـــغـــوه بأجنــح تخفــينــــا
فالديــــن يســر والسمــاحة ركـــنــه
والله يــرحــــم رحمـــــة تغـــرينــا
من ذا ينـــازع آيــة فــي وحـــيـــه
تنعى الـــمحـــرم زينــة تلهـيــنــــا
فـدع التشــدد والتقــعــر جانــــبــا
واخضــع لظــل حضــارة تؤوينــا
واجعل ممـاشاة الرقي فـريـضــــة
تلفي التقــدم عنـــد ذا يضفــينـــا



هــذا كـــلام الفـَدم عنـد نصيحـــه
أوحــاه شيــطـــان إليـــه مـبيـنـــا


فاحمد إلهك أيها المحفـــوظ مـن
هـذا الـهــراء وسلــه لا يطغيـنــــا
ما عيب قــوم بالهــدايـــة والتقـــى
إلا بــألــســـن مــعــشـــر عاتـــيـنـــا
ولقـــد أبـــان اللـــهُ فــي تنزيــلـــــه
كـفـــرَ المعــــير فــتيـــة ًهاديــنــــا
وأراد بالــتــعــيـــيـــر ذم هـــدايــــة
فـُطـــــروا عـليــها حـقبـــة وسنينــا
فانظـر "بــراءة"و"النســاء" وقبلهــا
ثـانِ الكتـــاب، وبعدها"ياسينـــا"
واقـــرأ تفاســـير الأئمـــة عنــدهــا
تلفـــي مقــالـــي صادقـــا ويقينـــا
وتـــرى كـــلام الهــازئين جريـمــة
قامـت على غمــر، وكان دفينـــا


*****
يا ســاخـرون مـن الدعــاة سمعتـم
حكمـــا غليظــا جــاء من بارينـــا
فـإن انتهيتـــم فالسعــادة خلفكــم
وإن استبحتـــم فالشقـــاء قريـنـــا
أومـــا علمتـــم أن بـاعــث عـــزنــــا
ذاك الكتـــاب وســـنــة تهــدينــــا
فبهـــا أقمنــــا للحضــــارة معـلـمــــا
وبهـــا فتحنـــا فــارســـا والصينــــا

وبهــــا نشـــرنا العلـــم في أرجائهـــا
حتى تعالــى كالجبـــال رصينــــا

واليـــوم لـــمـــا للكتـــاب نبــذتــــم
صـــار الهـــوان مخيمـــا كاسينـــا
هـذا هـو الســـر الوحيــد لنقصكـم
وكمالِ سادة قومنـــا الماضينــــا






عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم































































فهرس الرسالة




الموضوعالصفحة


المقدمة .................................................. .............................. 1

الإشارة إلى ظاهرة خبيثة بدأت تنتشر ............................................. 2
الإخبار عن هذه الظاهرة .................................................. ......... 2
أسباب انتشار ظاهرة الاستهزاء بأهل الخير........................................ 3إخبار الله سبحانه أن هذه الظاهرة من أسلحة الشيطان ........................ 3
الآيات القرآنية المخبرة عن هذه الظاهرة على صنفين: ........................ 3
الصنف الأول .................................................. ....................... 4
الصنف الثاني .................................................. ...................... 4
الكفار في هذا العصر وراء إحياء هذه الظاهرة .................................. 6
تقريـــر الشيـــخ عبـــد الرحمـــن الدوســـري: أن الاستعمـــار ركـــز علـــى
تشويـــــــــه سمعـــــــة الديـــــــــن .................................................. .. 6
من خطط حكماء صهيون: الحط من كرامة أهل الدين ....................... 6
كلام الميداني حول جهود كفار العصر في تشويه صورة الإسلام .............. 7
وصف الأستاذ حسني عثمان خطة المستعمرين في الفصل بين علماء الأمة الإسلامية وعامتها .................................................. ................... 7
تحليل النقول السابقة عن العلماء والمفكرين .................................... 7
حكم المستهزئ بأهل الخير والصلاح ............................................ 8
القسم الأول من أقسام الاستهزاء:الاستهزاء بالمسلم لأجل عيب خلقي فيه. 8
القســــــــم الثانـــــــي مـن أقســـام الاستهـــزاء: الاستهـــزاء بالمسلـــم لأجـــل
إسلامــــه وتدينه .................................................. ................... 8
موانع تكفير من قام به القسم الثاني .............................................. 8
المانع الأول: أن نكون جاهلا بأن ما استهزأ به من الشريعة ................... 9
المانع الثاني: أن لا يقصد باستهزائه ذات العبادة ............................ 9
من لم يتوفر فيه المانعان السابقان كفر وارتد .................................. 9
الأدلة على ذلك: .................................................. ............... 9
الدليل الأول: آية (قل أ بالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون) ............... 9
سبب نزول الآية .................................................. ................ 9
ما أفاده سبب النزول .................................................. .......... 10
نقل كلام الإمام أبي بكر الجصاص على هذه الآية ......................... 10
التعليق على كلامه .................................................. ............. 11
نقل كلام الإمام ابن العربي على هذه الآية .................................. 11
نقل كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في نواقض الإسلام ....... 11
نقل كلام شيـــــخ الإســـلام ابــن عبــد الوهــــاب في كتابــه التوحيـــــــــد
حول هذه الآية .................................................. ................ 11
نقل كلام الشيخ سليمان بن عبد الله في شرح كتاب التوحيد .............. 11
نقل كلام الشيخ عبد الرحمن بن حسن في تعليقه على كتاب التوحيد.... 12
نقل كلام الشيخ عبد الرحمن السعدي في تعليقه على كتاب التوحيد ...... 12
نقل كلام العلامة محمد رشيد رضا على هذه الآية ........................... 12
الدليل الثاني: آية التوبة ( الذين يلمزون المطوعين. .) ..................... 13
سبب نزول هذه الآية .................................................. .......... 13

الدليل الثالث: آية النساء ( وقد نزل عليكم في الكتاب ).................... 13
كلام الشيخ الشوكاني على هذه الآية وفيه سبب نزولها ..................... 14
كلام الإمام محمد رشيد رضا، على قولـــه تعالى: ( إنكم إذا مثلهم)وفيـــه
التحذير من مجالسة المستهزئين ................................................ 14
التعليق على الآيتين السابقتين .................................................. 14
التحذير من التشبه بالكفار. وحكم التشبه بهم ................................. 15
وقفة عيد قوله تعالى: ( إنكم إذا مثلهم) ........................................ 15
قد يكون المسلم المستهزأ به وليا لله، فيتضاعف جرم المستهزئ به ........ 15

لما قال أبو بكر لبعض الصحبة كلمة قد يلمس منها الإيذاء، قـــــــــال لــــه
ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" لئن أغضبتهم لقد أغضبت ربك" فما حال من
يلقي على المؤمنين كلاما أشد من ضرب السيوف في هذه الأيام..؟!!..... 15
الاستهزاء بالمسلم فيه إيذاء له بغير حق ....................................... 16
العقل يأبى أن يسخر مسلم من أخيه لأجل صلاحه .......................... 16
فتاوى العلماء بكفر من استهزأ بالمؤمن لأجل إيمانه ........................ 16
كلام العلامة الفقيه ابن حجر الهيتمي الشافعي ............................... 16
كلام أحد الأئمة الحنفية ـ لم يسم ـ ............................................. 17
تعليق ابن حجر الهيتمي على كلام العالم الحنفي ........................... 17
كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب............................................. 18
فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم ................................................. 18
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ................................. 19
فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز .................................................. . 20
فتوى العلامة محمد بن صالح بن عثيمين ..................................... 20
فتوى الشيخ عبد الرحمن الدوسري ........................................... 21
كلام الشيخ حمود التويجري .................................................. .. 21
كلام الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق........................................... 22
التحذير من خطر اللسان .................................................. ....... 23
النهي عن التصدر لمسائل التكفير إلا للعالم بشروطه وحدوده .............. 24
تسلية من صبر من أهل الخير على ما أصابه من أذى بما ذكره الله فــــي
آيتي سورتي المطففين والمؤمنون ............................................ 24
قصيدة للكاتب حول قضية الاستهزاء........................................... 27































الهوامش:


(1) " الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة " : ص 81، الطبعة الثانية.


(2) الخطر اليهودي " بروتوكولات حكماء صهيون " ترجمة محمد خليفة التونسي : ص: 187. وإن كان الكلام هنا يتناول : رجال الدين النصراني؛ إلا هذه البروتوكولات لما قضت على النصارى، وجهت للمسلمين أيضا، فتكون عامة في علماء المسلمين، وفي رجال الدين النصارى. فليتنبه.


(3) " أجنحة المكر الثلاث" : ص 191-192 .


(4) " المشايخ والاستعمار " : ص 7، الطبعة الثانية. وقد أجاد مؤلفه في عرض الصور الواقعة ـ التي وراءها أيد الاستعمار ـ للإطاحة بمشايخ المسلمين من أعين العامة، حتى يبقى المسلمون بدون قائد في أمور الدين، ومن ثم تتجاذبهم كلاب الغرب حيث شاؤوا.


(5) قبل إسلامه ـ رضي الله تعالى عنه ـ .


(6) (2/362) من النسخة الملحقة بكتابه " الزواجر " .


(7) المصدر السابق : ص 372-373 . ولم يسم ابن حجر هذا العالم الحنفي.


(8) " الدرر السنية " : (8/106).


(9) المصدر السابق : (8/103).


(10) " فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " : (11/195) "باب حكم المرتد".


(11) المصدر السابق : (11/194). وانظر الجزء الأول من الفتاوى: ص 175 بعنوان " الاستهزاء بأهل الدين ".


(12) " فتاوى اللجنة الدائمة " للشوارفي : ص 141-142.


(13) ينظر " مجلة الدعوة " : عدد (978).


(14) سورة التوبة : آية 79.


(15) المجموع الثمين من فتاوى العلامة الشيخ محمد بن عثيمين : (1/65).


(16) " الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة " : ص 61-64.


(17) " دلائل الأثر على تحريم التمثيل بالشعَر " : ص73-77.


(18) " الحد الفاصل بين الإيمان والكفر " : ص 40-41.


(19) المصدر السابق: ص51.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة