عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 10-12-2012, 09:16 AM   #1
معلومات العضو
فاديا
القلم الماسي
 
الصورة الرمزية فاديا
 

 

Smile صاحب الأكتاف الباردة



من المضحك طبعا ترجمة المصطلح النفسي " the cold shoulders " الى معناه العربي الحرفي
وربما من وجهة نظري فإن أقرب واوضح تفسير لها في العربية هو ( مرحلة الشرنقة ) ، ولكنه يبدو غير واضحا ، الا بعد شرحه وتفصيله
ولهذا، اخترت تفسيرها بترجمة حرفية ، لننتبه جميعا الى نوع من صفات التعامل بين الناس والتي تكشف فيما وراءها جذور نفسية عميقة
ولكي نتذكر كذلك ان علماء النفس يعتبرون ما وراء هذا التعامل حالة نفسية تحتاج الى الشرح والتحليل وازالة كافة الستائر عنها

انها شكل من أشكال " لغة الجسد " ، والاكتاف الباردة هي استعارة بالانجليزية والعربية كناية عن ( التجاهل المتعمد ) ، او ( لعبة الصمت )
وربما نعتقد ان من يمارسون هذا التعامل هم شخصيات ( على مستوى عالي من الكفاءة والاهمية )
لا يملكون دقيقة من وقتهم الذهبي للإجابة او الرد على شخص ( نكرة مثلك)
خاصة ان ( الغموض ) الذي تفترضه طريقة التعامل هو ما يولّد لدى البعض الشعور انهم امام ( شخصية مهمة )
دعونا نُسقط اوراق التوت لنكتشف صبيانية تلك الشخصية .

وضروري ان نركز الى انني أقصد ( تعمد التجاهل والصمت وعدم الرد )
وليس ذلك التجاهل الذي نتج عن نزاع او سوء تفاهم بين اثنين ، او عداء معين ، او اتفاق بين طرفين بقطع عرى التواصل . وليس حتى ذلك التجاهل الناتج عن ميل الشخص الذاتي الى عدم المبالاة والاكتراث بالطرف بالمقابل . وليس ذلك الصمت المبني على عدم الرغبة في الجواب والتحسس من الآخرين بدواعي الخجل والارتباك
اذ ان كل هذا من السهل تمييزه واعتبار أسبابه الواضحة .

لقد اكتشف علماء النفس هذا المصطلح النفسي في وقت سابق واستعملها الكثير من خبراء علم النفس في تفسير نفسية الأطفال وردود فعلهم وتصرفاتهم تجاه الكبار المحيطين واكتشفوا ان الطفل يستعمل هذه الحيلة للضغط على اهله في تنفيذ رغباته ، او عندما لا يعجبه امر معين ويرفض داخليا الانصياع له . او لاستفزاز مشاعر الذنب لدى من حوله ، فيرضخون لمطالبه ، او لتوضيح اهميته وتميزه واختلافه عن الآخرين بوضع قناع الصمت.

وهذا أول ما يدلنا على شخصية اصحاب الأكتاف الباردة الذين لا زالت جيناتهم تحتفظ بميكافيلية هذه التصرفات الطفولية .......فهم باختصار يفتقدون الى النضج .
لأن الانسان الواعي الناضج يستطيع المواجهة والرد ولا يتوانى عن التواصل الصحي مع البشر من هم حوله ، اذا شعر بضرورة هذا التواصل في اثبات آدميته وانسانيته .

أصحاب الأكتاف الباردة هم أشخاص مرتبكين مضطربين ، يفتقدون الى الأمان ، ويسعون بكل طرقهم ان يلتفت اليهم الآخرون ولا يهملوهم او يهملوا اهميتهم ،ما زالوا يعانون " عقدة الترك " التي نمت بداخلهم خلال بعض الصدمات في طفولتهم تعرضوا فيها الى الاهمال وعدم الاكتراث بوجودهم .

يميلون الى معاقبة الطرف الآخر / بلا أسباب / بالتجاهل المتعمد لمحاولاته التواصل معهم
ويدل هذا على نزعتهم العدوانية المتطرفة فهم يميلون الى اغتيال من حولهم معنويا ، واشعار الطرف المقابل بعدم اهميته ، عدم وجوده ، عدم استحقاقه للحظة توقف واهتمام .
وفي الواقع : فهذا ما يشعرون به تجاه انفسهم ، ويميلون الى نقل هذا الشعور الذي يعذبهم الى الآخرين
الى من قاده النصيب ان يكون في طريقهم

وسرعان ما يشعر الطرف المقابل ازاء هذا النوع من التعامل ، بعدم اهميته وعدم وجوده
وربما يبدأ في تحليل نفسه اعتقادا ان الخطأ يكمن فيه هو ، وربما يميل الى الاعتذار المتكرر عن امور لم يخطئ فيها فقط للتخلص من هذه المعاملة الذهنية المرهقة .
وربما يتوتر ويصرخ مرارا ويوجه الاتهامات لصاحب الكتفين الباردتين ، وذلك كرد فعل طبيعي لمشاكل الكرامة واحترام النفس التي تصيب الشخص من هذا التعامل .
وقد يشعر بالذنب عن أشياء فعلها ولم يفعلها ، قالها ولم يقلها
انه الاضطراب النفسي والشك الذاتي المنعكس...... في أصعب مراحله.

وهذا هو بالضبط ما يريده صاحب الاكتاف الباردة
أن يملك خيوطك المطاطية فيستفز مشاعرك بالطريقة التي يريد دون ان يوجه لك كلمة واحدة
ان تشعر بالذنب حيال حقوقه الوهمية التي انت مقصر في ادائها
ان تعتذر
ان ترجو وتتوسل
ان تصبح في انتظار " كلمة الرحمة " او " دقة الرحمة " او " رسالة الرحمة " منه
ان تدور حياتك في فلكه ، ومشاعرك وتصرفاتك لإرضائه
ان تشك في ذاتك وفي مدى اهليتك ، وفي كل تصرف لك او كلمة منك
ان تمشي على " قشور البيض" في تعاملك معه وتحذر ان تكسرها

سيشعر وقتها بالارتفاع ، سيشعر كم هو مهم ، سيشعر كم هو مسيطر على مشاعر من حوله، وقيمته لديهم

السيطرة ... هي ما يتوق اليها صاحب الاكتاف الباردة ، وهي هدفه الأساسي
لأن السيطرة والتحكم هو ما يخفي ارتباكاته واضطراباته وشعوره بعدم اهميته ، وشعوره بفقدان الامان

وكلما احتاج الى المزيد من " تأكيدات وجوده " كلما اتبع سياسية الاكتاف الباردة والتجاهل ، فجأة ، وبلا مقدمات .



اذا كنت الطرف المقابل ، والذي يستقبل المعاملة الباردة ، فماذا تفعل
عليك اولا ان تتذكر انك تتعامل مع مضطرب نفسيا ، يفتقد الى الامان والثقة بالنفس
فلا تفعل ما يريده منك حتى لا تغذي شعوره المريض بالانتصار والفوقية

ولا تشعر بأي مشاكل لاحترام النفس او الكرامة الشخصية ، فأنت تعرف من انت
وتعرف ان اشكال التعامل الانساني تكون بالتواصل المثمر
وان الاحترام في العلاقات يفرض علينا عدم اهمال اي سؤال او طلب تفسير من محدثنا
وان الخطأ فيه وليس فيك .
وان احترام الناس وقيمتهم تتجلى فيما يفعلونه او ما يقولونه ، تتجلى في تصرفاتهم ومواقفهم


اذا اكتشفت انك تتلقى معاملة صامتة في اي مرحلة من مراحل تواصلك مع شخص مضطرب

لا تستعمل طريقة الاسترضاء المبالغ فيه والتلطف الزائد عن الحد لاسترضائه ودفعه الى الرد عليك ،
وسيطر على انفعالاتك ، لا تنفعل ولا تغضب ، فالأمر لا يستحق ، غضبك وانفعالك وتوسلك هو ما يرضيه ، فلا ترضي دوافعه المريضة
ولا تستعمل طريقة ( tit for tat ) ، أي لا تواجه صمته بصمت في المستقبل في موقف ما عقابا له ، فأنت لن تنزل الى مستوى مريض لا يحسن الاحترام المتبادل ، فلا تورط نفسك في لعبته .

باختصار ، كن أنت ، ولا تمارس أدوار ليست لك

اتركه في كهفه واخرج الى النور ، مبتسما ، وانطلق لمواصلة مشوار حياتك وروتينك اليومي ،
اتركه حيث اختار ان يقف ، واترك له القرار في ان يخرج من كهفه المظلم بالوقت والكيفية التي يريد
لست مضطرا الى قراءة أفكار الآخرين فأنت لست منجما ولا عرافا ، فلا تدخل في دوامات التفكير فيما يدور برأسه ، دعه في شرنقته التي احكمها حول نفسه ، ولا تتشرنق فيها، فقد اختار بنفسه ان يكون حشرة .
اتركه في جهنم التي وضع نفسه فيها ولا تعتقد انه لا يبذل جهدا كبيرا وطاقة خارقة لكي يظهر في هذا المظهر المتجمد
اتركه ليعرف ان ما من وسيلة للوصول الى ما يريد من السيطرة والتحكم الا عن طريق التعامل الانساني الواضح السبل .
وليس عن طريق الألعاب الذهنية المرضيّة .
كن متيقظا دوما حتى لا يستغفلك صاحب الأكتاف الباردة فتجد نفسك في زاوية ( معاملة صامتة ) ومعك الكثير من علامات الاستفهام، فهو ان شعر انك فقدت الأمل منه وسوف تغادره ، قد يرد عليك باقتضاب وبشكل موجز او يقول لك كلمة او كلمتين ، مما سيثيرك الى ان تحاول الاحتكاك به مجددا ليقول لك المزيد وتعود الى نفس الدوامة التي يريدك ان تبقى فيها .
كنت منتبها الى انه من الصعب ان يتغير بسهولة ، فهذا تركيب جيني ، فإن اختار ان يتشرنق ، وان خرج من شرنقته اخيرا ، فلا تنتظر ان يتحول الى فراشة طيبة ...
لا تغير مواقفك خلال التعامل معه بل كن ثابتا على رأيك بلا تشنج ودون انفعال ، هذا الارتباك واستمرار التردد والانقلاب سيدله على انك مضطرب ومن السهولة السيطرة عليك والتحكم فيك
وثبات موقفك سيعلمه تفاهة ما يقوم به وعدم جدواه
فإما ان يعود الى طرق التعامل الانساني الصحيح وهو خير
واما ان يغادرك حقا ، فتتخلص من العابه الذهنية الصبيانية ..وهو خير أيضا
لأنك شخص جدير بالاحترام ومن حقك ان يكون التعامل معك على خير حال


التعديل الأخير تم بواسطة فاديا ; 10-12-2012 الساعة 01:27 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة