[size=3.5]الحلقة
(6)
انتظار الفرج
1. يروى لأبي محجن الثقفي:
عسى فرجٌ يأتي به الله إنَّه ... له كلَّ يومٍ في خليقته أمر
عسى ما ترى ألاَّ يدوم وأن ترى ... له فرجاً ممَّا ألحّ به الدَّهر
إذا اشتدَّ عسرٌ فارج يسراً فإنَّه ... قضى الله أنَّ العسر يتبعه اليسر
2. قال الأضبط بن قريع:
لكلِّ ضيقٍ من الأمور سعه ... والمسى والصُّبح لا بقاء معه
3. قال آخر:
كن عن همومك معرضاً ... وكل الأمور إلى القضا
وابشر بخيرٍ عاجلٍ ... تنسى به ما قد مضى
فلربَّ أمرٍ مسخطٍ ... لك في عواقبه الرِّضا
4. كان يقال: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو.
5. قال الشاعر:
كن لما لا ترجو من الأمر أرجى ... منك يوماً لما له أنت راج
إنَّ موسى مضى ليطلب ناراً ... من ضياء رآه والَّليل داج
فأتى أهله وقد كلَّم الل ... ه وناجاه وهو خير مناج
وكذا الأمر كلَّما ضاق بالنَّا ... س أتى الله فيه ساعةً بالانفراج
6. قال منصور الفقيه: " وما عسرٌ لمنتظر الفرج "
7. قال آخر:
روِّح فؤادك بالرِّضا ... ترجع إلى روحٍ رطيب
لا تيأسنّ وإن ألحّ ... الدَّهر من فرجٍ قريب
8. قال آخر:
لعمرك ما كلُّ التَّعطل ضائرٌ ... ولا كلُّ مسعىً فيه للمرء منفعه
إذا كانت الأرزاق في القرب والنَّوى ... عليك سواءً فاغتنم لذَّة الدَّعه
وإن ضقت فاصبر يفرج الله ما ترى ... ألا ربّ ضيقٍ في عواقبه سعه
9. قال آخر:
ربَّما خير لامرئٍ ... وهو للأمر كاره
ربَّ خيرٍ أتاك من ... حيث تأتي المكاره
10. قال أحمد بن محمود، وقيل إنها لأحمد بن صالح:
إذا اشتملت على النَّاس الخطوب ... وضاق لما به الصَّدر الرَّحيب
وأوطنت المكاره واطمأنَّت ... وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانفراج الضِّيق وجهاً ... وقد أعيى بحيلته الأريب
أتاك على قنوطٍ منك غوثٌ ... يمنّ به الَّلطيف المستجيب
وكلُّ الحادثات إذا تناهت ... فموصولٌ بها الفرج القريب
ومولانا الإله فخير مولى ... له إحسانه ولنا الذُّنوب
11. وقال الشاعر:
لعمرك ما يدري الفتى كيف يتَّقي ... نوائب هذا الدَّهر أم كيف يحذر
يرى الشَّيء ممَّا يتَّقي فيخافه ... وما لا يرى ممَّا يقي الله أكبر
12. قال منصور الفقيه:
إذا الحادثات بلغن المدى ... وكادت لهنَّ تذوب المهج
وحلّ البلاء وقلّ الوفا ... فعند التَّناهي يكون الفرج
13. قال أبو العتاهية:
النَّاس في الدِّين والدُّنيا ذوو درجٍ ... والمال ما بين موقوفٍ ومختلج
من صاق عنك فأرض الله واسعةٌ ... في كلّ وجه مضيقٍ وجه منفرج
قد يدرك الرَّاقد الهادي برقدته ... وقد يخيب أبو الرَّوحات والدُّلج
خير المذاهب في الحاجات أنجحها ... وأضيق الأمر أدناه من الفرج
14. مما ينسب إلى الشافعي رضي الله عنه، وقيل إنها لسهل الوراق والله أعلم:
سيفتح بابٌ إذا سدّ باب ... نعم وتهون الأمور الصِّعاب
ويتَّسع الحال من بعد ما ... تضيق المذاهب فيها الرِّحاب
مع الهمّ يسران هوّن عليك ... فلا الهمّ يجدي ولا الاكتئاب
فكم ضقت ذرعاً بما هبته ... فلم ير من ذاك قدرٌ يهاب
وكم بردٍ خفته من سحابٍ ... فعوفيت وانجاب عنك السّحاب
ورزقٌ أتاك ولم تأته ... ولا أرّق العين منه الطِّلاب
وناءٍ عن الأهل ذي غربةٍ ... أتيح له بعد يأسٍ إياب
وناجٍ من البحر من بعد ما ... علاه من الموج طامٍ عباب
إذا احتجب النَّاس عن سائلٍ ... فما دون سائل ربِّي حجاب
يعود بفضلٍ على من رجاه ... وراجيه في كلِّ حين يجاب
فلا تأس يوماً على فائتٍ ... وعندك منه رضاً واحتساب
فلا بدّ من كون ما خطّ في ... كتابك تحبى به أو تصاب
فمن حائلٌ دون ما في الكتاب ... ومن مرسلٌ ما أباه الكتاب
15. قال محمد بن يسير:
إنّ الأمور إذا انسدّت مسالكها ... فالصَّبر يفتق منها كلَّ ما ارتتجا
لا تيأسنَّ وإن طالت مطالبةٌ ... إذا استعنت بصبرٍ أن ترى فرجا
أخلق بذي الصَّبر أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
16. قال محمد بن حازم الباهلي:
هوِّن عليك فكلّ الأمر ينقطع ... وخلّ عنك عنان الهمّ يندفع
فكلُّ همٍّ له من بعده فرجٌ ... وكل أمرٍ إذا ما ضاق يتِّسع
إنَّ البلاء وإن طال الزَّمان به ... فالموت يقطعه أو سوف ينقطع
17. قال آخر:
رأيت الأمر يبعد بعد قربٍ ... ويدنو الأمر بالقدر المسوق
فلا تفرح بأمرٍ إن تدانى ... ولا تيأس من الأمر السَّحيق
18. قال ابن المبارك:
ما أقرب الأشياء حين يسوقها ... قدرٌ وأبعدها إذا لم تقدر
19. قال آخر:
أحسن الظَّنّ بمن قد عوّدك ... حسناً أمس وسوَّى أودك
إنّ رباً كان يكفيك الَّذي ... كان بالأمس سيكفيك غدك
20. قال آخر:
رأيت العسر يتبعه يسار ... وقول الله أصدق كلِّ قيل
فلا تجزع وقد أعسرت يوماً ... فقد أيسرت في دهرٍ طويل
ولا تظنن بربِّك ظنّ سوءٍ ... فإنّ الله يأتي بالجميل
21. قال العطوي:
مستشعر الصّبر مقرونٌ به الفرج ... يبلى ويصبر والأشياء تنتهج
حتَّى إذا بلغت مقدور غايتها ... جاءتك تضحك عن ظلمائها السُّرج
فاصبر ودم واقرع الباب الَّذي طلعت ... منه المطامع فالمغرى به يلج
يقدِّر الله فارج الله وارض به ... ففي إرادته الغمَّاء تنفرج
22. قال هلال بن العلاء الرَّقّي:
هوِّن عليك مصائر الدُّ ... نيا تكن سبلاً فجاجا
لا تضجرنَّ بضيقةٍ ... يوماً فإنَّ لها انفراجا
23. قال أبو العتاهية:
هي الأيَّام والغير ... وأمر الله منتظر
أتيأس أن ترى فرجاً ... فأين الله والقدر
[/size]