عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 09-12-2009, 12:27 PM   #7
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

جميع ذلك وعلى كل ما خلقه ويخلقه لما له فيه من الحكم والغايات المحمودة المقصودة بالفعل وأما نفاة الحكمة والأسباب من مثبتي القدر فهم في الحقيقة لا يثبتون له حمدا كما لا يثبتون له الحكمة فإن الحمد من لوازم الحكمة والحكمة إنما تكون في حق من يفعل شيئا لشيء فيريد بما يفعله الحكمة الناشئة من فعله فأما من لا يفعل شيئا لشيء البتة فلا يتصور في حقه الحكمة وهؤلاء يقولون ليس في افعاله وأحكامه لام التعليل وما اقترن بالمفعولات من قوى وطبائع ومصالح فإنما اقترنت بها اقترانا عاديا لا أن هذا كان لأجل هذا ولا نشأ السبب لأجل المسبب بل لا سبب عندهم ولا مسبب البتة إن هو إلا محض المشيئة وصرف الإراة التي ترجح مثلا على مثل بل لا مرجح أصلا وليس عندهم في الأجسام طبائع وقوى تكون أسبابا لحركاتها ولا في العين قوة امتازت بها على الرجل يبصر بها ولا في القلب قوة يعقل بها امتاز بها عن الظهر بل خص سبحانه أحد الجسمين بالرؤية والعقل والذوق تخصيصا لمثل على مثل بلا سبب أصلا ولا حكمة فهؤلاء لم يثبتوا له كمال الحمد كما لم يثبت له أولئك كمال الملك وكلا القولين منكر عند السلف وجمهور الأمة ولهذا كان منكرو الأسباب والقوى والطبائع يقولون العقل نوع من العلوم الضرورية كما قاله القاضيان أبو بكر بن الطيب وأبو يعلى بن الفراء وأتباعهما وقد نص أحمد على أنه غريزة وكذلك الحارث المحاسبي وغيرهما فأولئك لا يثبتون غريزة ولا قوة ولا طبيعة ولا سببا وأبطلوا مسميات هذه الأسماء جملة وقالوا إن ما في الشريعة من المصالح والحكم لم يشرع الرب سبحانه ما شرع من الأحكام لأجلها بل اتفق اقترانها بها أمرا اتفاقيا كما قالوا نظير ذلك في المخلوقات سواء والعلل عندهم أمارات محضة لمجرد الاقتران الاتفاقي وهم فريقان أحدهما لا يعرجون على المناسبات ولا يثبتون العلل بها البتة وإنما يعتمدون على تأثير العلة بنص أو إجماع فإن فقدوا فزعوا إلى الأقيسة الشبيهة

كتاب طريق الهجرتين، الجزء 1، صفحة 197.
 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة