كلما تذكرت حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شعرت بحزن عظيم وتمنيت أن أنخلع من يومي وأعود إلى أمسي كي أستعد لغدي.
عن علي بن أبي طالب يقول : إنا لجلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ طلع مصعب بن عمير ما عليه إلا بردة مرفوعة بفرو...... ثم قال أنتم اليوم خير أم إذا غدت عليكم قصعة وراحت أخرى ويغدو أحدكم في حلة ويروح في أخرى وتسترون بيوتكم كما تستر الكعبة ؟ ....ثم قال لأنتم اليوم خير منكم يومئذ .
ونحن في غمرة الحياة ويطاف علينا بأحسن المأكول والمشروب والملبوس والمركوب ،
فهل خطانا على حذو خطاهم
هاهم الصحابة رضي الله عنهم وبعد أن بسطت عليهم الدنيا وسيقت إليهم كنوز كسرى قيصر لم يركنوا إلى الدنيا بل تفرغوا لنشر دين الله في الأرض ولعبادته ولنشر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك يشتد بكاؤهم عندما يذكرون أيام الجوع والفقر وتمنوا أنهم ماتوا وقتها.
هذا الذي أبكى ابن عوف رضي الله عنه عندما حضر فطوره وهو صائم فقال قتل مصعب وهو خير مني فكفن في نمرة إذا غطي رأسه بدت رجلاه وإن غطيت رجلاه بدا رأسه وأخشى أن أكون ممن عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا.
يارب عفوك لا تأخذ بزلتنا * واغفر أيا رب ذنباً قد جنيناه
كان النعمان بن مقرن أميراً على كسكر فكتب إلى أمير المؤمنين عمر بن الحطاب ضي لله عتهم مثلى ومثل كسكر كمثل رجل شاب إلى جنبه مومسة تلون له وتعطر فأنشدك الله لما عزلتني عن كسكر وبعثتني إلى جيش من جيوش المسلمين
أمير متربع على كرسيه يحن إلى أمسه فيسقط في ميدان نهاوند.
فهل حاك في صدورنا ونحن نرفل في حياتنا الدنيا مثل الذي حاك في صدورهم ......