[عبد الغني رضا]

السلم عليكم ورحمة الله وبركاته

أخى أختى كيف تصلح حالك؟
هلم الى الدخول على الله ومجاورته فى دار السلام بلا نصب ولا تعب ولا عناء بل من اقرب الطرق واسهلها ، وذلك انك فى وقت بين وقتين وهو فى الحقيقة عمرك ، وهو وقتك الحاضر بين ما مضى وما يستقبل ،
فالذى مضى تصلحه بالتوبه والندم والاستغفار ، وذلك شيئ لا تعب عليك فيه ولانصب ولا معاناة ، وانما هو عمل قلب ، وتمتنع فيما يستقبل من الذنوب ، وامتناعك ترك وراحة ، ليس هو عمل بالجوارح يشق عليك معاناته ، وانما هو عزم ونيه جازمه تريح بدنك وسرك ؛ فما مضى تصلحه بالتوبه ، وما يستقبل تصلحه بالامتناع والعزم والنيه ، وليس فى الجوارح فى هذين نصب ولا تعب ،ولكن الشأن فى عمرك وهو وقتك الذى بين الوقتين فان اضعتهاضعت سعادتك ونجاحك وان حفظته مع اصلاح الوقتين اللذين قبله وبعده بما ذكرت نجوت وفزت بالراحة واللذه والنعيم ،
وحفظه اشق من اصلاح ما قبله وما بعده، فان حفظه ان تلزم نفسك بما هو اولى وبها انفع لها واعظم تحصيلا لسعادتها ، وفى هذا تفاوت الناس اعظم تفاوت فهى والله ايامك الخاليه التى تجمع فيها الزاد لميعادك اما الى الجنه واما الى النار
فان اتخذت اليها سبيلا الى ربك بلغت السعاده العظمى والفوز الاكبر فى هذه المده اليسيره لانسبه لها الى الابد ، وان اثرت الشهوات والراحات واللهو واللعب ،أِنقَضت عنك بسرعة وأعقبتك الالم العظيم الدائم الذى مقاساته ومعاناته أشق واصعب وأدوم من معاناة الصبر عن محارم الله والصبر على طاعته ومخالفته الهوى لأجله

كتاب الفوائد لابن القيم الجوزيه رحمه الله تعالى