عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 08-10-2009, 09:31 PM   #1
معلومات العضو
إسلامية
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية إسلامية
 

 

Icon41 (( ** خــــواطـــــر وأخـــطـــار..! ** ))

للأستاذ / خالد عبداللطيف


إشارة قبل العبارة:


يا أهل الخواطر.. ارْبَعُوا على أنفسكم.. واجعلوا حروفكم لكم لا عليكم!


تأملت في العلاقة بين "الخواطر" و"الأخطار" فوجدت الأخيرة في كثير من الأحيان تتبع الأولى وتلحق بها، كما وجدت الأولى في أحيان أخرى تصدر عن الأخيرة. كيف؟! ولماذا؟!
إنها العلاقة الحتمية بين الذي نقوله والذي نعيشه.. إنها خواطرنا.. زفرة أسى، أو شهقة فرح... صيحة غضب، أو همسة عتاب... صرخة نكير، أو امتنان جميل..!


إنها "حروفنا" تتنفس الصعداء بدلاً منا أو تجاوباً معنا؛ بنظم شاعر.. أو سطور ناثر.. أو قصة.. أو طرفة. نعم.. حتى النكات المتداولة.. هي حروف يتنفس من خلالها قائلها وناقلها، بل وكذلك "ضحكة من يسمعها" إنه يتنفس ضحكاً..!


لكن.. ما الخطر في ذلك؟! هذا الخطر الذي يتبع الخواطر في كثير من الأحيان؟!
من ذلك ـ كمثال -: "مسودة" تفسد "مودة"!


حين يبوح امرئ في عجلة فتطيش حروفه في صفحة كتابه؛ في ردة فعل ثائرة تجاه حالة عابرة؛ ثم يدفعها إلى جهة نشر، أو إلى من تسبب فيها مباشرة؛ من صديق أو زميل أو رئيس أو مرؤوس، أو شريك حياة، أو رفيق درب، أو جهة أو هيئة، أو غير ذلك، فتقع الوحشة والجفوة، أو ما هو أشد، يتبعها الندم والحسرة!


ولو استقبل صاحب الخواطر من أمره ما استدبر.. لاكتفى بالإسرار وأمسك بزمام كلمته حال احتقانه؛ لكنه جهر بها فملكته وأسرته، ولات ساعة مندم!


وفي مأثور الحكمة المنسوبة إلى كتاب "كليلة ودمنة": "اجتمع في بعض الزمان ملوك الأقاليم من الصين والهند وفارس والروم؛ وقالوا: ينبغي أن يتكلم كل واحدٍ منا بكلمة تدون عنه على غابر الدهر. فقال ملك الصين: أنا على ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت. وقال ملك الهند: عجبت لمن يتكلم بالكلمة فإن كانت له لم تنفعه، وإن كانت عليه أوبقته. وقال ملك فارس: أنا إذا تكلمت بالكلمة ملكتني، وإذا لم أتكلم بها ملكتها. وقال ملك الروم: ما ندمت على ما لم أتكلم به قط، ولقد ندمت على ما تكلمت به كثيراً)!


فهذا في خواطر تفضي إلى أخطار. فماذا عن خواطر تصدر عن أخطار؛ نعياً أو نعتاً؟!
من عجيب ما جاء في ذلك شعراً: قول السهرودي "المقتول بتهمة الزندقة في زمن العباسيين"، وهو من بديع الجناس التام، إذ قال:
أَرى قدمي أَراقَ دَمي وَهانَ دَمي فَها نَدَمي!


وهكذا تصدر الخواطر عن الأخطار.. أو تتبع الأخطار الخواطر.. وما بين ذلك حالات وتحولات عديدة يعيشها أهل الخواطر:


فمنهم: صاحب يوميات.. تحولت ببؤسه ويأسه إلى "يوم مات"، فأضحى وصف "الوفيات" أقرب لها من "اليوميات"!!


ومنهم على النقيض: حامل "الفأل والبشارة" يهدي للقارئ أطيب الكلم والعبارة!


وآخرون بين ذلك؛ فيشقى أناس بهؤلاء، ويسعد آخرون بهؤلاء:
**فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ..** (الرعد/17).



فيا أهل الخواطر.. ارْبَعُوا على أنفسكم.. واجعلوا حروفكم لكم لا عليكم!
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة