كثرة البكتيريا ليست سبباً رئيسياً لالتهاب القولون
أشارت دراسة علمية إلى أن هناك اعتقادا شائعا خاطئا بأن زيادة أعداد الأجسام المضادة للميكروب السبحي بمفردها في الجسم تعني إصابة الطفل بالحمى الروماتيزمية. وأوضحت الدراسة أن هذا التفكير خاطئ لأن الإصابة بالحمى الروماتيزمية تعني إصابة القلب والمفاصل أو ظهور حركة لا إرادية في الذراعين أو الجسم أو ما يعرف بمرض “كوريه”. وتشير الدراسة إلى أن 20% من الأطفال الذين يصابون بالميكروب السبحي بالحلق يعانون من الحمى الروماتيزمية.
قال باحثون سويديون في دراسة نشرت في دورية (جوت) الطبية ان وجود عدد كبير بشكل غير معتاد من البكتيريا في الامعاء الدقيقة لا يبدو انه عامل رئيسي مؤثر في الاصابة بالقولون العصبي.
والقولون العصبي هو اضطراب معوي شائع تتنوع اعراضه بين الالم في البطن والاسهال والمغص والامساك. ومن المعتقد أنه ينجم عن نشاط زائد للاعصاب في الامعاء التي تتحكم في الحركة.
وقال المشرف على البحث الدكتور ماجنوس سيمرين “هذه البيانات لا تؤيد اضطلاع النمو الزائد لبكتيريا الامعاء الدقيقة كما يشار اليه في التشخيصات الاكلينيكية بدور مهم في اعراض القولون العصبي”.
واشار سيمرين وزملاؤه بمستشفى جامعة سالجرينسكا في جوتنبرج إلى ملاحظة معدل مرتفع لنمو زائد للبكتيريا لدى مرضى يعانون القولون العصبي لكن هذه الملاحظات استندت إلى اختبارات تقيس فقط بشكل غير مباشر مستويات البكتيريا.
ولهذا فانهم قيموا النمو الزائد للبكتيريا بالامعاء الدقيقة من خلال اختبار مباشر -وهو عمل مزرعة للبكتيريا بعينات اختبارية من الامعاء الدقيقة- بين 162 مريضا بالقولون العصبي و26 شخصا سليما. وكشفت هذه المزارع البكتيرية عن نفس معدل النمو الزائد للبكتيريا المعوية في كل من المجموعتين وهو 4 في المائة.
ولوحظت انماط غير معتادة لحركة الامعاء في 86 في المائة من المرضى الذين كان لديهم نمو زائد للبكتيريا وفي 39 في المائة من المرضى الذين لم يكن لديهم نمو زائد. ولاحظ الباحثون ايضا ان الانماط غير المعتادة للحركة لم تنبئ بشكل موثوق فيه بتغير مستويات البكتيريا في الامعاء الدقيقة.
ولا تعرف حتى الآن أسباب محددة لمتلازمة تهيج القولون irritable bowel syndrome أو ما يسمونه: القولون العصبي. إلا أن آخر تصور قدمه أحد الباحثين المختصين في حركة الجهاز الهضمي هو أن سبب أعراض تهيج القولون يعود إلى تكاثر البكتيريا في الأمعاء الدقيقة؛ إذ عادة ما تعيش البكتيريا في القولون بشكل عادي، لكنها عندما يزداد تكاثرها، وتنتشر لتصل إلى الأمعاء الدقيقة؛ تسبب الانتفاخ والغازات بعد الأكل، وتؤدي إلى تغير في التغوُّط مثل حالات الإسهال أو الإمساك، ونشوء ردود مناعية على شكل أعراض الإنفلونزا مع الشعور بالضعف والصداع، والآلام في العضلات والمفاصل بالإضافة إلى الشعور بالتعب المزمن.
وجاء في مجلة “جاما” الأمريكية أن البكتيريا الموجودة في الأمعاء، والتي قد يصل عددها إلى 100 تريليون، تتغذى على الطعام الموجود في الأمعاء، وتقوم بهضمه منتجة الغازات، وتنشأ هذه المشكلة الصحية عندما تقوم البكتيريا بذلك داخل الأمعاء الدقيقة التي عادة ما تكون خالية منها، أي من البكتيريا.
وقد أجريت دراسة مقارنة بإعطاء مجموعة من المرضى المصابين بمتلازمة تهيج القولون مضاداً حيوياً مع الأكل، وأعطي سكر لاكتولوز (وهو سكر صناعي) لأفراد المجموعة الأخرى من المرضى؛ فكانت النتيجة أن مجموعة المضاد الحيوي تحسن أفرادها بنسبة 75%. إذ قام المضاد الحيوي بالقضاء على البكتيريا الموجودة في الأمعاء وقلل عددها، وتكاثرها، ووجودها في الأمعاء.
إذاً عندما يزداد تكاثر البكتيريا في الأمعاء الدقيقة يؤدي إلى نفاذ البكتيريا إلى داخل الجسم عبر غشاء الأمعاء الدقيقة، مما يؤدي إلى تنبه الجهاز المناعي، وتواجد الأجسام المناعية في الأشخاص الذين يعانون من تهيج القولون، محدثة أعراضاً تشبه أعراض الإنفلونزا وبقية الأعراض مثل الشعور بالتعب.
وللكشف عن البكتيريا في الأمعاء يمكن عمل فحص النفس breath testس بعد إعطاء سكر لاكتولوز lactulose، ثم يقاس غاز الهيدروجين في هواء الزفير بعد 3 ساعات من تناول السكر، فقد وجد أن 84% من المصابين بمتلازمة تهيج القولون تزداد لديهم نسبة الهيدروجين مع هواء الزفير.
ولتقليل تخمر الطعام في الجهاز الهضمي يجب الانتباه والعناية بكل مرحلة من مراحل مرور الطعام في الجهاز الهضمي بداية من الفم، إذ يجب تصغير اللقمة، ومضغها جيدا حتى تصبح سائلة تقريبا ثم بلعها، والتقليل من تناول الماء أو المشروبات الغازية مع الأكل، لأنها تفسد عمل إنزيمات المعدة، فيفسد هضم الطعام، مما يؤدي إلى مرور طعام غير مهضوم للأمعاء، مما يؤدي إلى عدم قدرتها على امتصاصه، فيصبح جاهزا للبكتيريا التي تنتظر، فتتغذى وتتكاثر وتطلق الغازات، وتحدث الانتفاخات، أما المرحلة الأخيرة والأهم فهي الذهاب إلى الحمام يوميا في الصباح لإخراج الفضلات حتى لا تتخمر مدة أطول وتسبب مضاعفات صحية عديدة.