بسم الله الرحمن الرحيم
بورك فيك أخي الفاضل، فهذا الموضوع من أهم ما يمكننا التحدث فيه باستمرار وبدون ملل، وحديثنا فيه ينبغي أن يكون من باب التحذير والنهي، لأن الغضب هو باب عظيم وثغرة كبيرة يدخل منها الشيطان الرجيم إلى قلوب وعقول المسلمين بخاصة لكي يفسد ذات البين، ويخلق المشاكل التي تتحول إلى عقبات كبيرة في طريق الإصلاح والوحدة والتآلف.
وليس غريباً أن نجد العشرات من الأحاديث النبوية تتحدث عن هذه الآفة وتبين سلبياتها ومضارها على النفس والجسد والمجتمع على حد سواء ، فأضرار الغضب على الجسم كثيرة وخطيرة ، ليس المقام ذكرها هنا ، ولكننا نود الإشارة إليها لخطورتها وما تؤدي إليه من أمراض مستعصية مثل ارتفاع الضغط الدموي وأمراض القلب والأعصاب وقد يؤدي ذلك في بعض الأحيان إلى شلل نصفي أو كلي.
ثم أمراض روحية حيث أن الشيطان يدخل في جسد ابن آدم عن طريق الغضب " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم" ،فيوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم الغاضب بالوضوء ساعة غضبه لكي يطفئ نار الغضب ، من هنا يتبين أن الشيطان هو السبب الرئيسي في إشعال نار الغضب، ولا يطفئ النار إلا الماء.
بالإضافة إلى الأمراض الاجتماعية التي تتمثل في خلق الخصومات بين أفراد المجتمع بل بين أفراد الأسرة الواحدة مثل الحقد والتباغض والحسد وحب الانتقام وغيرها كثير، وهي أمراض أو آفات تقضي على كل معالم الوحدة والتآلف والحب الذي يدعو إليه ديننا الحنيف، لكي يتكون ذلك المجتمع القرآني الذي يؤثر غيره على نفسه، وبه قامت تلك الحضارة الاسلامية العظمى التي ما زالت البشرية تحن إليها.
وقد ركزت في موضوعك على ضرورة امتصاص الزوجة لغضب الزوج، وقد نسيت أن المسألة متبادلة، بحيث أن أغلب المواقف اليوم هو الموقف الذي تقف فيه الزوجة غاضبة ولا نجد زوجاً يفهم حالتها ويقدر ضعفها في حالة الغضب هاته، مما يؤدي بالتالي إلى نشوء خصامات وعداءات بين الزوجين، تكون فيها الزوجة الضحية الأولى بالرغم من أنها هي التي تسببت في هذا. ثم يأتي الأولاد والمجتمع كضحية ثانية وثالثة.
فنحن بحاجة إلى رجال يفقهون ما يسببه الشيطان ويخططه في حالات الغضب، فهدفه الأول هو هدم الأسرة من خلال زرع أسباب تافهة تدعو كلا الزوجين إلى الغضب ثم عدم الصبر ثم محاولة الانتصار للرأي والهوى، وأخيراً إشعال نار الفتنة داخل البيت تأكل الأخضر واليابس.
فالمرأة ضعيفة في حالات الغضب أكثر من الرجل ،والمطلوب من الرجل الحكيم أن يمسك بزمام الأمور بأن يبادر إلى كظم الغيظ والانسحاب من المعركة الفخ التي نصبها لهما الشيطان منتصراً على هواه أولاً ثم على الشيطان ثانياً ، فالمسألة أكبر وأخطر من أن نعتبرها مجرد انتصار شخصي، بل هي انتصار للحق وإزهاقاً للباطل والهوى، فماذا بعد الحق إلا الضلال ؟
أسأل الله أن يهدينا لأفضل الأعمال واصلحها ، وأن ينصرنا على أهوائنا وشياطيننا وذلك بكظم الغيظ وإطفاء نار الغضب باستحضار تبعات هذه الآفة الخطيرة علينا وعلى مجتمعاتنا . آمين